عناصر الخطبة
1/تكريم الله للإنسان وبعض نعمه عليه 2/بعض إنجازات الإنسان العلمية في مجال الصناعة 3/واجباتنا تجاه الإنجازات الصناعيةاقتباس
هذه المراكب الجوية التي تجوب الفضاء من المشرق إلى المغرب، على متن الهواء، حاملة ما شاء الله من نفوس وأموال، تقطع المسافات البعيدة بتلك السرعة الهائلة، والارتفاع الشاهق، هي من صنع الإنسان بلا شك، ولكنها من ...
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الغني الأكرم، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إلى العرب والعجم، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تمسك بهديهم الأقوم، وسلم تسليما.
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله -تعالى-: واعلموا أن الله بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير، وإنه ما من شيء يحدث في السماوات والأرض إلا وهو عالم به سبحانه، مقدر له قبل خلق السماوات والأرض.
ولقد أبدع الله الكون وأتقنه: (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ)[النمل: 88].
وكرم الله بني آدم، وحملهم في البر والبحر، ورزقهم من الطيبات: (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ)[الجاثية:13]ٍ.
أخرجهم من بطون أمهاتهم لا يعلمون شيئا، ورباهم بالإدراك والعقل، فجعل لهم السمع والأبصار والأفئدة، وفتح لهم مدارك العلوم، فبحثوا فيما سخر الله لهم من ذلك، فاستخرجوا منه الأمور الغريبة ما بين ضروري وكمالي، ونافع وضار، وكل ما أوتوا من علم، أو قدرة، فإنما هو من الله -تعالى- لو شاء لسلبهم العلم، فكانوا جهالا، ولو شاء لسلبهم القدرة، فكانوا عاجزين، ولكنه تعالى من عليهم بالعلم والقدرة على وجه محدود، فمهما أوتوا من علم أو قدرة، فإنه يسير ويسير جدا بالنسبـة إلى عـلم الله وقدرتـه: (وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً)[الإسراء: 85].
ولقد كان من الأمور التي علم الله عباده، وأقدرهم عليها: علم الصناعة الذي بلغ في عصرنا مبلغا كبيرا، لا يتصوره أحد من قبل.
هذه المراكب البحرية التي تمخر عباب البحر بكل قوة وأمان، حاملة ما شاء الله -تعالى- من نفوس وأموال، تقطع المسافات الطويلة في أمن وطمأنينة، إنما حصلت هذه المراكب بما فتح الله على صانعيها من إدراك وفهم، وبما يسر الله لهم من المواد التي تركبت منها هذه المراكب وسارت بها.
وهذه المراكب الجوية التي تجوب الفضاء من المشرق إلى المغرب، على متن الهواء، حاملة ما شاء الله من نفوس وأموال، تقطع المسافات البعيدة بتلك السرعة الهائلة، والارتفاع الشاهق، هي من صنع الإنسان بلا شك، ولكنها من العلم الذي من الله به عليه والأمور التي سخرها له، ولو شاء الله -تعالى- ما فعلوه.
ومن الذي يتصور قبل ما حدث وشاهدناه بأعيننا أن هذه الطائرات الضخمة التي تحمل الفئام من الناس ستعلو فوق السحاب؟
ما كان واحد يتصور ذلك قبل حدوثه، وكل ما حدث من المصنوعات التي يطيقها البشر، فإنها لا تخرج عن علم الله وقدرته، فعلينا أن نعتبر بها على كمال الله علما وقدرة ورحمة، وأنه ما من كمال في المخلوق في علم أو قدرة أو غيرهما إلا وهو ناقص جدا بالنسبة ما لله من ذلك.
وعلينا: أن لا نفتن بذلك، ونعظم صانعي هذه الأمور بأكثر مما يستحقونه.
وعلينا: أن نترقب نتيجة ما حدث من تلك الصنائع: هل تكون خيرا للبشرية فتكون نعمة أو تكون شرا للبشرية فتكون نقمة؟.
كما أن علينا: أن نعلم علما يقينا بأن القرآن والسنة الصحيحة كلاهما من عند الله، وأن ما كان من عند الله، فهو حق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فلا يمكن أن يحدث شيء من المحسوس، أو أن يعلم شيء من المعقول يخالف ما جاء به الكتاب والسنة أبدا.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: قال الله -تعالى-: (وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)[النحل: 78].
وقال الله -تعالى- على لسان إبراهيم: (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ)[الصافات: 96].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم