عناصر الخطبة
1/عناية الشريعة بحفظ النفس وتحريمها للانتحار 3/نهي الشريعة عما يؤدي إلى الإضرار بالنّفس 4/كف الأذى عن الطرقات والتعاون في إماطة الأذىاقتباس
عبادَ الله: لقد اعتنتِ الشّريعةُ الإسلاميّةُ بحفظِ النّفسِ عنايةً فائقة، فشَرعتْ من الأحكامِ ما يُحقّقُ لها المصالحَ ويَدرأُ عنها المفاسد، فممّا جاءتْ به الشّريعةُ لتحقيقِ ذلك: تحريمُ الانتحار، وجاءَ النّهْيُ عن كلِّ سببٍ يؤدّي إلى...
الخطبة الأولى:
إنّ الحمدَ للهِ، نحمدُه ونستعينُه ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا من يهده اللهُ فلا مضلَّ له ومن يضللْ فلا هاديَ له وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه صلّى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا.
أمّا بعدُ: عبادَ الله: لقد اعتنتِ الشّريعةُ الإسلاميّةُ بحفظِ النّفسِ عنايةً فائقة، فشَرعتْ من الأحكامِ ما يُحقّقُ لها المصالحَ ويَدرأُ عنها المفاسد، فممّا جاءتْ به الشّريعةُ لتحقيقِ ذلك: تحريمُ الانتحار، قالَ تعالى: (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا)[النساء: 29]، وقالَ رسولُ اللهِ -صلى اللهُ عليه وسلم-: "مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ شَرِبَ سَمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا"، ومنه تحريمُ قتلِ النّفسِ المعصومة، قالَ تعالى: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)[النساء: 93]، وقالَ عليه الصّلاةُ والسّلام: "لَزوالُ الدُّنيا أهونُ على اللهِ من قتلِ رجلٍ مسلمٍ"، بل جاءَ النّهْيُ عن كلِّ سببٍ يؤدّي إلى الإضرارِ بالنّفسِ أو إهلاكِها، كرفعِ السّلاحِ على المسلمِ ولو كانَ مازحًا، قالَ رسولُ اللهِ -صلى اللهُ عليه وسلم-: "لا يُشِرْ أحَدُكُمْ إلَى أخِيهِ بِالسِّلاَحِ، فَإنَّهُ لاَ يَدْرِي لَعَلَّ الشَّيْطَانَ يَنْزِعُ فِي يَدِهِ، فَيَقَعَ فِي حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ" قالَ النّوويُّ -رحمه الله-: فيه تأكيدُ حُرمةِ المسلم، والنّهيُ الشّديدُ عن ترويعِه وتخويفِه والتّعرّضِ له بما قد يُؤذيه".
ومن ذلك حُرِّمَ التّسبّبُ في أذَى المسلمينَ في طرقاتِهم، كتَرْكِ الآبارِ والمجاري والحُفَرِ مكشوفةً بدونِ غطاءٍ، ممّا قد يُعرّضُ السّيّاراتِ والمُشاةَ للسّقوطِ فيها، وإعاقتِهم أو إزهاقِ أنفسِهم -نسألُ اللهَ العافية-.
فاتّقوا اللهَ -رحمكم الله-، ولنتعاونْ جميعًا على إزالةِ تلك المظاهرِ المؤذيةِ والتّبليغِ عنها، ففي ذلك أجرٌ عظيم، قالَ رسولُ اللهِ -صلى اللهُ عليه وسلم-: "وَتُمِيطُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ"، وقالَ عليه والصّلاةُ والسّلام: "مرَّ رجلٌ بغُصْنِ شجرةٍ على ظهرِ طريقٍ فقالَ: واللهِ لأُنَحِّيَنَّ هذا عن المسلمينَ لا يؤذيهم، فأُدخِلَ الجنَّة. قالَ تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)[المائدة: 2].
باركَ اللهُ لي ولكم بالقرآنِ العظيم، وبهديِ سيّدِ المرسلين، أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ مِن كلِّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفورُ الرحيم
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ على إحسانِه، والشكرُ له على توفيقِه وامتنانِه، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشأنِه، وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه الداعي إلى رضوانِه، صلى اللهُ وسلمَ وباركَ عليه وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه وإخوانِه، أبدًا إلى يومِ الدّين.
أمّا بعدُ: عبادَ الله: اتّقوا اللهَ حقَّ التقوى، واستمسكوا من الإسلامِ بالعروةِ الوُثقى، واحذروا المعاصي فإنّ أجسادَكم على النّارِ لا تقوى، واعلموا أنّ ملَكَ الموتِ قد تخطّاكم إلى غيرِكم، وسيتخطّى غيرَكم إليكم فخذوا حذرَكم.
الكيّسُ مَنْ دانَ نفسَه، وعملَ لمَا بعدَ الموت، والعاجزُ من أتبعَ نفسَه هواها، وتمنّى على اللهِ الأمانيّ.
إنّ أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ رسولِ الله، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وعليكم بجماعةِ المسلمينَ فإنّ يدَ اللهِ مع الجماعة، ومن شذَّ عنهم شذَّ في النّار.
اللهمّ أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذلَّ الشركَ والمشركين، ودمّرْ أعداءَ الدّين، وانصرْ عبادَك المجاهدينَ وجنودَنا المرابطين، وأنجِ إخوانَنا المستضعفينَ في كلِّ مكانٍ يا ربَّ العالمين، اللهمّ آمِنّا في أوطانِنا ودورِنا، وأصلحْ أئمّتَنا وولاةَ أمورِنا، وهيّءْ لهم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ يا ربَّ العالمين، اللهمَّ أبرمْ لأمّةِ الإسلامِ أمرًا رشدًا يُعزُّ فيه أولياؤُك ويُذلُّ فيه أعداؤُك ويُعملُ فيه بطاعتِك ويُنهى فيه عن معصيتِك يا سميعَ الدعاء.
اللهمّ ادفعْ عنّا الغَلاء والوَباء والرّبا والزّنا والزلازلَ والمحنَ وسوءَ الفتنِ ما ظهرَ منها وما بطن.
اللهمّ فرّجْ همَّ المهمومينَ، ونفّسْ كرْبَ المكروبينَ، واقضِ الدّينَ عن المدينينَ، واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين.
اللهمّ اغفرْ لنا ولوالدِينا وأزواجِنا وذريّاتِنا ولجميعِ المسلمينَ برحمتِك يا أرحمَ الرّاحمين
عبادَ الله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56]، ويقولُ عليه الصلاةُ والسلام: "من صلّى عليّ صلاةً صلى اللهُ عليه بها عشْرًا".
اللهمّ صلِّ وسلمْ وباركْ على عبدِك ورسولِك نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه أبدًا إلى يومِ الدّين.
وأقمِ الصلاةَ إنّ الصلاةَ تَنهى عن الفحشاءِ والمنكر، ولذكرُ اللهِ أكبرُ واللهُ يعلمُ ما تصنعون.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم