عناصر الخطبة
1/ أثر البيت الصالح في التربية 2/ فضائل أم البراء أم سليم 3/ صور من إقدام البراء بن مالك وشجاعته 4/ بعض صفاته الخَلقية والخُلقية 5/ فضائله وزهادته 6/ خبر استشهاده 7/ الحاجة لدراسة سير أعلام النبلاء 8/ الإعلام وصناعة القدوات الفاسدة 9/ تمجيد الأميرة ديانا وغياب عقيدة الولاء والبراءاقتباس
ومن الصور الرائعة في إقدامه وشجاعته أنه لما استعصى على المسلمين الدخول على مسيلمة الكذاب، وقد تحصَّن بحديقته؛ أمر البراء أصحابه أن يحتملوه على ترس على أسنة رماحهم، ويلقوه في الحديقة، فاقتحم إليهم، وشدَّ عليهم، وقاتل حتى افتتح باب الحديقة فدخلها المسلمون؛ فجرح يومئذ أكثر من ثمانين جرحاً، أقام خالد بن الوليد عليه شهراً يداوي جراحه ..
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، وَمن اهتدى بهداهم، واستَنَّ بسنتهم إلى يوم الدين.
أما بعد:
فيا أيها الناس: اتقوا الله تعالى وأطيعوه، واحذرو نقمته فلا تعصوه؛ فإن الله تعالى ينذر ويعذر، ويرسل بالآيات تخويفاً، ثم يأخذ بغتة، والناس في غفلة: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) [هود:102].
أيها الإخوة المؤمنون: حينما يتربى الإنسان في بيئة صالحة فإنه يكون للصلاح أقرب، وعن الفساد أبعد؛ فحيثما يحتفّ به الطهر والنقاء فإن مسالك الشيطان تضعف، ومجاري الشهوات تضيق.
وإذا نفذ من خلالها شيء في حالة غفله سرعان ماتنبهه نفسه اللوّامة، فتُظْهِر أمامه هدايات الوحي الرباني فيؤوب إلى ربه تائباً منيباً، بخلاف من تجره نفسه إلى الفساد، وليس عنده من الوحي ما يُصلح حاله، وتحيط به بيئة تعج بالشهوات، وتطفح بالمنكرات؛ فإن هذا يوشك أن يغرق في المستنقعات الآسنة، وحظوظه في الخلاص والنجاة أقل وأضعف، إلا أن يتغمده الله برحمة من عنده؛ توقظه من رقدته، وتنبهه من غفلته فيسارع إلى طريق السعادة والفلاح.
نعم! البيئة لها أثرها، والأشخاص المحيطون بالإنسان يؤثرون فيه، فالوالدان يؤثران في أولادهم، والإخوان والأخوات يؤثر بعضهم في بعض، والمعلم يتأثر به طلابه، وكما أن الطيور على أشكالها تقع، فكذلك الأقران على أشكالهم يجتمعون.
وهذا مثل مضروب في سيرة رجل أخذ من الشجاعة أعلاها، وبلغ من الإقدام منتهاه؛ دفاعاً عن دين الله تعالى، وجهاداً في سبيله، وذلك حينما خالط الإيمان بشاشة قلبه.
تربى في بيت صالح، ترعاه أمٌ صالحة، تقدم إسلامها فكانت من السابقين، وكان صداقها إسلام زوجها، فما أغلاه وأعزه من صداق! فلاغرو أن يخرج هذا الفتى بشجاعة منقطعة النظير، وقد تربى على يدي تلك المرأة العظيمة.
أمُّ هذا الفتى هي: أم سليمٍ بنتُ مِلْحان الأنصارية. كانت في الجاهلية تحت مالك بن النضر، فلما أسلمت غضب عليها وخرج إلى الشام ومات هناك، فخطبها أبو طلحة فقالت له: أما إني فيك لراغبة، وما مثلك يُرَد؛ ولكنك كافر وأنا امرأة مسلمة، فإن تُسلم فلك مهري ولا أسألك غيره. فأسلم وتزوجها وحسن إسلامه. رواه النسائي.
روى ابنها أنس أن أبا طلحة خطبها قبل أن يُسلم، فقالت: يا أبا طلحة: ألستَ تعلم أن إلهك الذي تعبد نبت من الأرض؟ قال: بلى، قالت: أفلا تستحيي تعبد شجـرة؟! إن أسلمتَ فإني لا أريد منك صداقاً غيره، قال: حتى أنظر في أمري. فذهب ثم جاء فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. فقالت: يا أنس، زوج أبا طلحة، فزوَّجها. أخرجه ابن أبي شيبة والنسائي والحاكم وصححه. تُعدُّ -رضي الله عنها- من عقلاء النساء، أتت بابنها أنس وجعلته خادماً للنبي -صلى الله عليه وسلم- فخدمه عشر سنوات، وكانت امرأة شجاعة لاتهاب القتال، تغزو مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
ولها قصص مشهورة في ذلك، منها ما أخرجه ابن سعد بسند صحيح أن أم سليم اتخذت خنجراً يوم حنين، فقال أبو طلحة: يا رسول الله! هذه أم سليم معها خنجر، فقالت: اتخذته إذا دنا مني أحد من المشركين بقرت به بطنه. أخرجه ابن سعد وصححه الحافظ.
فلا عجب حينئذ أن يتأثر بها ابنها البراءُ بنُ مالكٍ حتى يكون من أشجع الناس؛ لأنه تربى في بيت الإيمان والشجاعة.
شهد -رضي الله عنه- أحداً وما بعدها، وبايع تحت الشجرة، وله مواقف مشهودة، وبطولات مشهورة، وقد بلغ من إقدامه وشجاعته أن عمر -رضي الله عنه- كتب إلى أمراء الجيش: لا تستعملوا البراء على جيش من جيوش المسلمين فإنه مهلكة من المهالك يقدم بهم. أخرجه الحاكم.
ومن الصور الرائعة في إقدامه وشجاعته أنه لما استعصى على المسلمين الدخول على مسيلمة الكذاب، وقد تحصن بحديقته؛ أمر البراء أصحابه أن يحتملوه على ترس على أسنة رماحهم، ويلقوه في الحديقة، فاقتحم إليهم، وشدَّ عليهم، وقاتل حتى افتتح باب الحديقة فدخلها المسلمون؛ فجرح يومئذ أكثر من ثمانين جرحاً، أقام خالد بن الوليد عليه شهراً يداوي جراحه.
وروى ابن سيرين عن أنس أن خالد بن الوليد قال للبراء يوم اليمامة: قم يا براء. قال: فركب فرسه، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا أهل المدينة لا مدينة لكم اليوم، وإنما هو الله وحده والجنة، ثم حمل وحمل الناس معه فانهزم أهل اليمامة، فلقي البراء محكّم اليمامة فضربه البراء وصرعه، فأخذ سيف مُحكّم اليمامة فضرب به حتى انقطع.
وفي رواية البغوي، قال البراء: لقيت يوم مسيلمة رجلاً يقال له: حمار اليمامة، رجلاً جسيماً بيده السيف أبيض، فضربت رجليه فكأنما أخطأته، وانعقر فوقع على قفاه، فأخذت سيفه وأغمدت سيفي، فما ضربت به ضربة حتى انقطع. ما هذه الشجاعة؟! وما هذه القوة؟! وما هذا الإقدام؟!.
ويضرب مثلاً أعظم حينما أنقذ أخاه أنساً من شراك العدو بعدما علقت به، فقد روى عبدالله بن أبي طلحة قال: بينما أنس بن مالك وأخوه البراء بن مالك عند حصن من حصون العدو، والعدو يلقون كلاليب في سلاسل محماة فَتَعْلَقُ بالإنسان فيرفعونه إليهم، فَعَلِقَ بعض تلك الكلاليب بأنس بن مالك فرفعوه حتى أقلوه من الأرض، فأتى أخوه البراء فقيل له: أدرك أخاك -وهو يقاتل الناس- فأقبل يسعى حتى نزا في الجدار، ثم قبض بيده على السلسلة وهي تدار، فما برح يجرهم ويداه تدخنان حتى قطع الحبل، ثم نظر إلى يديه فإذا عظامه تلوح قد ذهب ما عليها من اللحم، وأنجى الله -عز وجل- أنس ابن مالك -رضي الله عنه- بذاك. أخرجه الطبراني وحسنه الهيثمي.
لقد كان -رضي الله عنه- وأرضاه حسن الصوت، يحب الترنم والحداء، قال أخوه أنس: دخلت على البراء وهو يتغنى بالشعر، فقلت له: يا أخي، تتغنى بالشعر، وقد أبدلك الله به ما هو خير منه: القرآن؟ قال: أتخاف عليّ أن أموت على فراشي، وقد تفردّت بقتل مئة من المشركين، سوى مَن شاركت فيه! إني لأرجو ألا يفعل الله ذلك بي. أخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
وقد استجاب الله له فلم يمت على فراشه بل قتل في ساحات الوغى. وكيف لايستجاب له وقد عدّه النبي -صلى الله عليه وسلم- من مجابي الدعوة! ووصفه بأنه من الضعفاء الذين لا يؤبه لهم، وسبحان الله! كيف يكون بهذه الشجاعة والقوة والإقدام ومع ذلك يذكره النبي -صلى الله عليه وسلم- ضمن الضعفاء ومن لا يؤبه له! لولا أن البراء كان متواضعاً زاهداً في الدنيا، متقللاً منها، طيب القلب، حسن الخلق، جعل نفسه من عامة الناس وفقرائهم، ولم يَخفِ الناس شجاعته وقوته؛ لأنه لم يجعلها لإرهاب المسلمين بل لإرهاب أعدائهم. لذلك كان مُتَضعّفاً عند إخوانه، قوياً في مواجهة أعدائه. وهذا هو الوصف المذكور في التنزيل: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) [الفتح:29].
فيا لجمال تلك الصفة في البراء وإخوانه! حيـث لم يستعـل بقوتـه على الناس، أو يتسلط بشجاعته؛ بل شدد على نفسه في إخفائها عند إخوانه حتى أصبح لا يؤبه به، فلله دره! ما أملكه لنفسه! وما أقواه على أعداء الله تعالى!.
وكان -رضي الله عنه- مجاب الدعوة، روى أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "كم من ضعيف مستضعف ذي طمرين لايؤبه له، لو أقسم على الله لأبَرّه، منهم البراء ابن مالك".
وإن البراء لقي زحفاً من المشركين وقد أوجع المشركون في المسلمين، فقالوا له: يا براء إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لو أقسمت على الله لأبرك فأقسم على ربك". قال: أقسمتُ عليك رب لما منحتنا أكتافهم. فمنحوا أكتافهم. ثم التقوا على قنطرة السوس فأوجعوا في المسلمين، فقالوا له: يا براء أقسم على ربك، فقال: أقسمت عليك يا رب لما منحتنا أكتافهم وألحقني بنبي الله -صلى الله عليه وسلم-، فمنحوا أكتافهم وقتل البراء شهيداً. أخرجه الحاكم وصحَّحه، ووافقه الذهبي والترمذي وحسنه.
وكان ذلك يوم فتح تُسْتَر في خلافة عمر -رضي الله عنه- سنة عشرين من الهجرة النبوية.
فرضي الله عن هذا البطل الكرار، ورضي الله عن أمه أم سليم التي ربت فأحسنت التربية، فكانت هي وابنُها أنسٌ وابنها البراءُ من عظماء الإسلام، ومن مشاهـير التاريخ في الإيمان والخير، ورضي الله عن الصحابة أجمعين.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) [الأحزاب:23].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم...
الخطبة الثانية:
الحمد لله، حمداً طيباً كثيراً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، أحمده وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فيا عباد الله اتقوا الله تعالى، وأخلصوا له أعمالكم، واصدقوا في أقوالكم وأفعالكم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) [التوبة:119].
أيها الإخوة المؤمنون: لقد كان البراء -رضي الله عنه- بعيداً عن الأضواء وبريق الشهرة، حتى إنه كان رث الهيئة متواضعاً، من رآه لا يأبه به؛ لكنه كان في دين الله تعالى والجهاد في سبيله من أقوى الأبطال المشاهير.
كم نحتاج إلى تأمل هذه السيرة والاعتبار بها؟! في ظل اللهاث وراء الأضواء والشهرة! حتى ولو كانت شهرة في الرديء من الخلال، والمنحط من الأخلاق والصفات.
كم نحتاج إلى إبراز ودراسة أحوال ذلك البيت الصالح الذي خرّج أنساً والبراء على يدي مربية عظيمة كأم سليم! ونحتاج إلى ذلك أكثر، والتزوير الإعلامي العالمي على أشده في صناعة المنحطين رموزاً، وجعل شذاذ الآفاق عظماء.
وينخدع كثير من المسلمين بتلك الرموز المزورة، مع ذلك الزخم الإعلامي، الذي حول بغيّاً من بغايا بني الأصفر [الأميرة ديانا] إلى عظيمة من العظماء!.
وبعد هدوء الضجيج الإعلامي، وسكون العاصفة، وانجلاء الغبار، الذي غطى على العيون السادرة؛ فأصبحت ترى التزوير حقيقة، هل يصدق المسلم بل العاقل أن الرذيلة تتحول إلى فضيلة؟! وأن ارتماء المرأة في أحضان من تشاء من الرجال أضحى مدعاة للإعجاب والتصفيق؟!.
مساكين أولئك المخدوعون! خدعتهم كلمات جميلة عن معاناة المساكين والمضطهدين! وصور منتقاة من هنا وهناك! انخدعوا فظنوا أن الكفر ليس ذنباً، وربما ظنوا أن عبادة الصليب ليست كفراً، وظنوا أن الآيات القرآنية والأحاديث النبوية في أن عمل الكافر يحبط مهما عمل من خير ما دام كافراً، ظنوا أنها لا تنطبق على تلك الكافرة الفاجرة، (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا) [الفرقان:23].
(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ) [المائدة:17] (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ) [المائدة:73]، (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) [المائدة:72].
ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفس محمد بيده! لايسمع بي أحد من هذه الأمة لا يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار" أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ وَزْنًا * ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آَيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا) [الكهف:103-106].
أقلام تتسمى بالإسلام سجلت إعجابها بتلك الشخصية المرذولة، ناسية أو متناسية الوحي الرباني، والهدي النبوي. ويزيد من سوء تلك الأقلام أنها ما كتبت يوماً عن عظماء الإسلام! وأعلام الأنام! ألا كُسِرتْ تلك الأقلام؟!.
وإذا كان عذر أهل الكتاب أنهم ليس لهم في التاريخ، ولا عندهم من العظماء إلا بغايا ومحقورون! فما عذر أقلام أهل الإسلام، وتاريخهم مليء بالعظماء من الرجال والنساء؟!
إن هذا يجسد حجم المأساة، ويظهر عمق الهوة التي تتردى فيها أمة الإسلام في جوانب الأصول والمعتقدات، والأدبيات والأخلاقيات؛ حيث اهتزاز ركن الولاء والبراء، وانقلابُ الرذيلة والسفور والخيانات الزوجية إلى فضيلة ورقي وتقدم، فياللعار! وياللتبعية البغيضة، والانهزامية المقيتة! ما أفدح تلك الهزيمة النفسية! وما أشد وقعها على قلوب العقلاء والمتبصرين!.
هل زالت مآسي المسلمين حتى لم يبق مايتباكون عليه إلا مصرعُ سافرةٍ عاهرة من الإفرنج؟ أين الحديث عن مآسي النساء المسلمات في فلسطين وكشمير، والمسلمات في البوسنة اللائي ترملن وتيتم أطفالهن على أيدي أبناء دين تلك الهالكة؟ ذلك الدين المحرف المتطرف.
ما أقبح أهل التبعية والتقليد الأعمى وهم يتقمصون ثياب العدو الغالب مادياً، ويرددون أفكاره! حتى أصبحوا بمثابة الصدى لأقواله، والمحابر لأقلامه! أين هم عن كلام الله فليسمعوه: (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ) [المجادلة:22]، أين هم من هذه الآية الكريمة: (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) [المائدة:51]، ألا يخافون أن يحشروا معهم؟! والمرء مع مَن أحب، ومَن تشبَّهَ بقوم فهو منهم.
أسأل الله تعالى أن يحفظ قلوبنا من الزيغ والضلال، وأن يصلح أحوال المسلمين، ويردهم إليه رداً جميلاً.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم