عناصر الخطبة
1/ أحداث سوريا 2/ صمت العالم 3/ أحوال المسلمين هناك 4/ منح في ثنايا المحن 5/ بركة أرض الشام 6/ نصرة أهل الشام 7/ نصائح للشباب.اقتباس
لم تزل الأرض المباركة منذ عشرين شهراً تقريباً وهي تموج موج البحر بالأحداث الجسام، ولم يزل الظالم متمادياً في ظلمه، ولم تبرح أمم الأرض عن مواقفها فهي بين معين للظالم على ظلمه، أو ساكت أشبه ما يكون بالمعين، أو مذهول، أو عاجز عن العون إلا بمقدار لا يسد العوز الذي يعاني منه ذلك الشعب.
أيها الإخوة: لم تزل الأرض المباركة منذ عشرين شهراً تقريباً وهي تموج موج البحر بالأحداث الجسام، ولم يزل الظالم متمادياً في ظلمه، ولم تبرح أمم الأرض عن مواقفها فهي بين معين للظالم على ظلمه، أو ساكت أشبه ما يكون بالمعين، أو مذهول، أو عاجز عن العون إلا بمقدار لا يسد العوز الذي يعاني منه ذلك الشعب.
فهم بين شريد لاجئ على حدود دول الجوار في مخيمات أكثرها لا يقي من البرد القارس الذي ينزل عن درجة الصفر، ولا يؤوي من الصقيع والثلج وهطول الأمطار، فحالهم حال صعبة يراها القاصي والداني، ويرق لها حتى العدو، فإنا لله وإنا إليه راجعون! وحسبنا الله ونعم الوكيل!.
وبين خائف إما هُدم بيته وقطع مصدر رزقه، أو من يترقب ذاك المصير، وما من بيت إلا كُلم بحبيب أو قريب، فقد تجاوز مجموع القتلى ستين ألفاً، مع مئات الآلاف من المسجونين والمفقودين من الرجال والنساء والأطفال.
ولكن الله -تعالى- بفضله وقدرته وعونه أعان أهل الشام فحققوا خيرا كثيرا، وما كان لهذا الخير ليكون إلا بعد هذا البلاء، نعم! لقد ابتلي إخواننا هناك أشد البلاء وزلزلوا زلزالاً شديداً، وزاغت منهم الأبصار وبلغت القلوب الحناجر، ولكنها (سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا) [الأحزاب:62]، وهذا مصداق قول الله -سبحانه-: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) [البقرة:214].
أجل أيها الأحبة، هذه سنة الله -سبحانه وتعالى- في تربية عباده، إنه امتحان لهم يفوق الوصف، امتحان يزلزل القلوب الموصولة بالله، فيستبطئ المؤمنون النصر ويقولون: متى نصر الله؟! ويجيء الجواب بالنصر من الله -سبحانه- مباشرة فيقول: (ألا إن نصر الله قريب)، متى ما ثبتت هذه القلوب على المحن المزلزلة كما يدل على ذلك صدر الآية، نعم! إنه قريب مدخَر لمن يستحقونه، ولن يستحقه إلا الذين يثبتون حتى النهاية، الذين يثبتون في البأساء والضراء، والذين يصمدون للزلزلة الشديدة.
أيها الإخوة: لقد حققوا انتصارات باهرة أذهلت العالم ببركتها، وحرروا معظم البلاد من يدي الظلم والطغيان، وترتب على هذا الكر والفر قتلى نحتسب على الله المسلم منهم من الشهداء.
أحبتي: هذه الأرض المباركة عاث فيها الطغاة قتلاً وتشريدا وتعذيباً وحرقاً للأخضر واليابس، ولم يتورعوا عن المساجد ولا غيرها، فعلوا ذلك بالأرض المباركة وأهلِها التي ذكر الله بركتها في خمسة مواضع من كتابه الكريم كما ذكر ذلك شيخ الإسلام.
وملخص ما قال: الأولى: قَوْلُهُ -تعالى- فِي نهايةِ قِصَّةِ مُوسَى -عليه السلام-: (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ) [الأعراف:137].
وقَوْله -تعالى-: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ) [الإسراء:1]، وَحَوْلَهُ أَرْضُ الشَّامِ.
وقَوْله -تعالى- فِي قِصَّةِ إبْرَاهِيمَ: (وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ * وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ) [الأنبياء:71]، وَمَعْلُومٌ أَنَّ إبْرَاهِيمَ إنَّمَا نَجَّاهُ اللَّهُ وَلُوطًا إلَى أَرْضِ الشَّامِ مِنْ أَرْضِ الْجَزِيرَةِ وَالْفُرَاتِ.
وقَوْله -تعالى-: (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا) [الأنبياء:81]، وَإِنَّمَا كَانَتْ تَجْرِي إلَى أَرْضِ الشَّامِ الَّتِي فِيهَا مَمْلَكَةُ سُلَيْمَانَ.
وقَوْله -تعالى- فِي قِصَّةِ سَبَأٍ : (وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ) [سبأ:18]، ... بَيْنَ الْيَمَنِ مَسَاكِنِ سَبَأٍ، وَبَيْنَ مُنْتَهَى الشَّامِ مِنْ الْعِمَارَةِ الْقَدِيمَةِ كَمَا قَدْ ذَكَرَهُ الْعُلَمَاءُ.
فَهَذِهِ خَمْسةُ نُصُوصٍ وَصَفَهَا اللهُ بِأَنَّهَا الْأَرْضُ الَّتِي بَارَكْ فِيهَا.
وَأَيْضًا فَفِيهَا الطُّورُ الَّذِي كَلَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ مُوسَى، وَاَلَّذِي أَقْسَمَ اللَّهُ بِهِ فِي "سُورَةِ الطُّورِ"، وَفِي "سورة التِّينِ" بقوله: (وَطُورِ سِينِينَ) [التين:2].
وَفِيهَا الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى، وَفِيهَا مَبْعَثُ أَنْبِيَاء بَنِي إسْرَائِيلَ، وَإِلَيْهَا هِجْرَةُ إبْرَاهِيمَ، وَإِلَيْهَا مَسْرَى نَبِيِّنَا، وَمِنْهَا مِعْرَاجُهُ، وَبِهَا مُلْكُهُ وَعَمُودُ دِينِهِ وَكِتَابِهِ، وَطَائِفَةٌ مَنْصُورَةٌ مِنْ أُمَّتِهِ، وَإِلَيْهَا الْمَحْشَرُ وَالْمَعَادُ.
ومَمْلَكَة الْمَهْدِيِّ بِالشَّامِ، فَمَكَّةُ هِيَ الْأَوَّلُ وَالشَّامُ هِيَ الْآخِرُ فِي الْخَلْقِ وَالْأَمْرِ فِي الْكَلِمَاتِ الْكَوْنِيَّةِ وَالدِّينِيَّةِ.
وقال -رحمه الله-: وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ مُنَافِقِيهَا لَا يَغْلِبُون أَمْرَ مُؤْمِنِيهَا كَمَا رَوَاهُ أَحْمَد فِي الْمُسْنَدِ فِي حَدِيث؛ وَبِهَذَا اسْتَدْلَلْت لِقَوْمِ مِنْ الْقُضَاةِ وَغَيْرِهِمْ فِي فِتَنٍ قَامَ فِيهَا عَلَيْنَا قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْفُجُورِ وَالْبِدَعِ الْمَوْصُوفِينَ بِخِصَالِ الْمُنَافِقِينَ لَمَّا خَوَّفُونَا مِنْهُمْ فَأَخْبَرْتهمْ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَأَنَّ مُنَافِقِينَا لَا يَغْلِبُون مُؤْمِنِينَا.
وَقَدْ ظَهَرَ مِصْدَاقُ هَذِهِ النُّصُوصِ النَّبَوِيَّةِ عَلَى أَكْمَلِ الْوُجُوهِ فِي جِهَادِنَا لِلتَّتَارِ، وَأَظْهَرَ اللَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ صِدْقَ مَا وَعَدْنَاهُمْ بِهِ، وَبَرَكَةَ مَا أَمَرْنَاهُمْ بِهِ، وَكَانَ ذَلِكَ فَتْحًا عَظِيمًا مَا رَأَى الْمُسْلِمُونَ مِثْلَهُ مُنْذُ خَرَجَتْ مَمْلَكَةُ التَّتَارِ الَّتِي أَذَلَّتْ أَهْلَ الْإِسْلَامِ؛ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُهْزَمُوا وَيُغْلَبُوا كَمَا غُلِبُوا عَلَى بَابِ دِمَشْقَ فِي الْغَزْوَةِ الْكُبْرَى الَّتِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْنَا فِيهَا مِنْ النِّعَمِ بِمَا لَا نُحْصِيهِ: خُصُوصًا وَعُمُومًا.
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَاهُ، وَكَمَا يَنْبَغِي لِكَرَمِ وَجْهِهِ وَعِزِّ جَلَالِهِ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
الخطبة الثانية:
أيها الإخوة: أي إنسان -وإن كان كافرا- لَتتفطر كبده كمدا، وتريق عينه الدمع دماً لهول ما يرى من الصور المرعبة للمجازر والخراب والبطش والتنكيل، فقد خلت من قلوب فاعليه الظَلَمة الرحمة، هذا إن كانت لهم قلوب! فكيف بنا ونحن نرى ذلك يُفعل بإخواننا؟! فهم (لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ) [التوبة:10].
أيها الأحبة: أعلم علم اليقين أن ما في نفوسكم من الألم والحسرة على إخواننا... ولست بحاجة لأن أستجيش مشاعركم بنقل تلك الأخبار؛ لكني أحب -ونحن في زمن الانفتاح الإعلامي الضخم- أن أذكركم ببعض الأمور:
الأول: الدعاء لإخواننا، فهم بأمسِّ الحاجة إليه، ولن تعدم الأمة رجالاً مخلصين لو أقسموا على الله لأبرهم، فقد قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ" رواه البخاري، أي: لو حلف يميناً طمعاً في كرم الله بإبراره لأبره بحصول ذلك.
ادعوا لإخوانكم وألِحُّوا فإن الله يحب الملحين بالدعاء، ولا تستبطئوا الإجابة، ادعوا لإخوانكم في أوقات الإجابة وأحوالها في سجودكم وبين الأذان والإقامة وفي السحر وعند نزول المطر، وغيرها من مواطن الإجابة، وأفردوا بعض الأوقات لذلك.
وأنتم بدعائكم تتعبدون لله بأفضل عبادة، قال الشيخ السعدي: والعبد متعبد لله بدعائه سواء أجيب العبد إلى ما سأل عنه أو لم يجبْ؛ فإنه كسب العبادة لله بدعائه، كما لو صلى أو قرأ أو ذكر الله؛ فإن حصل مع هذه العبادة التي هي المقصود الأعظم مطلوبه، وإلا فهو غانم ومحصل لعبادة ربه.
فمن نعمة الله على العبد أن يأمره بالدعاء وتدفعه الحاجات والضرورات إلى سؤال الله لتحصل له هذه العبادة العظيمة، حتى كان بعض السلف يقول: إنه تكون لي الحاجة إلى الله فأدعوه فيفتح لي من لذيذ مناجاته ما أتمنى معه أن حاجتي لم تُقْضَ؛ لما أخشى من انصراف النفس عن هذه المناجاة والعبادة، ويقول بعضهم: لقد بورك لك في حاجة أكثرت فيها من قرع باب سيدك. اهـ؛ إذاً؛ أكثروا من الدعاء فأنتم في عبادة.
الأمر الثاني: لا تنسوا إخوانكم من الدعم المادي بالمواد العينية، فهيئة الإغاثة في عنيزة تستقبلها وتوصلها للاجئين السوريين في المخيمات... قال الله -تعالى-: (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) [سبأ:39].
وعن عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ -رضي الله عنه-، قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يَقُولُ: "كُلُّ امْرِئٍ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ" روه ابن حبان وغيره وهو صحيح.
الأمر الثالث: يظن بعض الشباب أن أهل الشام بحاجة للرجال فيحاول السفر إلى هناك، وربما عمل الحيل من أجل الوصول، وربما لم يخبر والديه ولم يستأذنهما، نقول لهؤلاء إن الشعب السوري وجيشه الحر بحاجة لدعمكم المادي، وقد علمتم طريقه، وبحاجة ماسة للدعم الأهم والأقوى وهو الدعاء؛ فأكثروا من الدعاء لهم، لعل الله أن يستجيب لكم فتسعدوا ويسعد إخوانكم.
أيها الأحبة: يقول بعض الشباب: أنا سأذهب للجهاد ولعل الله يرزقني الشهادة في سبيله، وهي مرتبة سامية ومنزلة عظيمة وعزيزة في هذا الزمان، نقول: نعم؛ إن الجهاد في سبيل الله ذروة سنام الإسلام، ولكن؛ ليعلم الجميع أن الحياة في سبيل الله خير من الموت في سبيله كما نقل ذلك عن جمع من أهل العلم.
ويدل على ذلك ما رواه عُبَيْدُ بْنُ خَالِدٍ السُّلَمِيِّ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: آخَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ رَجُلَيْنِ، قُتِلَ أَحَدُهُمَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثُمَّ مَاتَ الْآخَرُ فَصَلَّوْا عَلَيْهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَا قُلْتُمْ؟" قَالَوا: قُلْنَا: اللهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللهُمَّ ارْحَمْهُ، اللهُمَّ أَلْحِقْهُ بِصَاحِبِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "فَأَيْنَ صَلَاتُهُ بَعْدَ صَلَاتِهِ؟ وَأَيْنَ صِيَامُهُ أَوْ عَمَلُهُ بَعْدَ عَمَلِهِ؟ مَا بَيْنَهُمَا أَبْعَدُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ" رواه أحمد، وقال أحمد شاكر صحيح الإسناد، وعلق بقوله: بل هو فوق صاحبه بما فعل من الأعمال بعده، وبه ظهر فضيلة العمر إذا كان مع التوفيق.
ثم من ذهب وله والدان يحتاجانه أو لم يأذنا له فقد اختار الأدنى وترك الأعلى، فدرجة البر أعلى الدرجات كما قال الرسول للرجل: "الزم رجلها فثم الجنة".
ولما سئل الشيخ ابن باز -رحمه الله-، عن الذهاب للجهاد مع وجود الوالدين قال: جهادك في أمك جهاد عظيم، إلزم أمك وأحسن إليها، إلا إذا أمرك ولي الأمر بالجهاد فبادر، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "وإذا استنفرتم فانفروا"، وما دام ولي الأمر لم يأمرك فأحسن إلى أمك، وارحمها، واعلم أن برها من الجهاد العظيم، قدمه النبي -صلى الله عليه وسلم- على الجهاد في سبيل الله، كما جاء بذلك الحديث الصحيح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإنه قيل له: يا رسول الله، أي العمل أفضل؟ قال: "إيمان بالله ورسوله"، قيل: ثم أي؟ قال: "بر الوالدين"، قيل: ثم أي؟ قال: "الجهاد في سبيل الله" متفق على صحته، فقدم برهما على الجهاد.
وجاء رجل يستأذنه قال: يا رسول الله، أحب أن أجاهد معك، فقال له -صلى الله عليه وسلم-: "أحي والداك"؟ قال: نعم، قال: "ففيهما فجاهد" متفق على صحته.
وفي رواية أخرى قال -صلى الله عليه وسلم-: "ارجع فاستأذنهما فإن أذنا لك، وإلا فبرهما"، فهذه الوالدة ارحمها وأحسن إليها حتى تسمح لك، وهذا كله في جهاد الطلب، وفيما إذا لم يأمرك ولي الأمر بالنفير، أما إذا نزل البلاء بك فدافع عن نفسك وعن إخوانك في الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وبعد أيها الأحبة الأولياء والشباب: إن علينا أن نأخذ العبرة مما وقع لأبنائنا في أفغانستان والعراق وما حل فيهم من قتل بأسلوب غير سليم، أو تسليمهم للعدو ليفعل بهم ما شاء، أو الدفع بهم في عمليات انتحارية لا هدف لها، فعلينا بتقوى الله في أنفسنا وأهلنا.
اللهم وفق شبابنا للخير، ودلهم على الطريق المستقيم، وانصر إخواننا على من عاداهم...
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم