عناصر الخطبة
1/حكمة تشريع الوضوء 2/وجوب العناية بالوضوء وتعلم أحكامه 3/صفة الوضوء الواجب 4/الدعاء بعد الفراغ من الوضوء.اقتباس
فعلى المسلمِ العنايةُ بالوُضوءِ فهو شرطٌ لصحّةِ الصّلاة، ولا يحافظُ عليه إلا مؤمن، مع ما يترتّبُ عليه من الأجرِ العظيم، فإنّه عبادةٌ عظيمةٌ تَكثرُ به الحسنات، وتُرفعُ الدّرجات، وتُكفّرُ السّيئات، حتّى تتساقطَ ذنوبُ المسلمِ أثناءَ الوُضوء، من....
الخطبة الأولى:
إنّ الحمدَ للهِ؛ نحمدُه ونستعينُه ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا، من يهده اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه، صلّى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا.
أمّا بعدُ: عبادَ الله: لقد أوجبَ اللهُ الوُضوءَ على من أرادَ الصّلاةَ رحمةً منه وفضلاً، فبه تتمُّ طهارةُ المسلمِ ظاهرًا وباطنًا، فيتطهّرُ من الأقذارِ والأوزار، حتّى يتهيّأَ لملاقاةِ ربِّه -جلَّ جلالُه-، قالَ -تعالى-: (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)[المائدة:6].
فعلى المسلمِ العنايةُ بالوُضوءِ فهو شرطٌ لصحّةِ الصّلاة، ولا يحافظُ عليه إلا مؤمن، مع ما يترتّبُ عليه من الأجرِ العظيم، فإنّه عبادةٌ عظيمةٌ تَكثرُ به الحسنات، وتُرفعُ الدّرجات، وتُكفّرُ السّيئات، حتّى تتساقطَ ذنوبُ المسلمِ أثناءَ الوُضوء، من أطرافِ شعرِه ومن تحتِ أظفارِه، ومن عينيهِ وأُذنيهِ ويديهِ ورجليه، حتّى يَخرجَ نقيّاً من الذّنوب، وهو سببٌ لمحبّةِ اللهِ -عزَّ وجلّ-، قالَ -تعالى-: (إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)[البقرة:222].
وصفةُ الوُضوءِ الواجبة، أنْ ينويَ بقلبِه الوُضوءَ ورَفْعَ الحدثِ واستباحةَ الصّلاة، من غيرِ أنْ يتلفّظَ بلسانِه، ثمّ يقولَ: بسمِ الله، والتّسميةُ قبلَ الوُضوءِ سنّةٌ مؤكّدة، ثمّ يغسلُ كفّيهِ ثلاثَ مرّات، وغَسْلُهما سنّةٌ إلا لمن استيقظَ من نومِه فهو واجب.
ثمّ يتمضمضُ وذلك بأنْ يُديرَ الماءَ في فمِه ثمّ يُخرجَه ثلاثًا، ثمّ يستنشقُ ويستنثر، وذلك بأنْ يَجتذِبَ الماءَ إلى أقصى أنفِه ثمّ يخرجَه ثلاثًا، ويبالغُ في الاستنشاقِ إلا أنْ يكونَ صائمًا، ويُسنُّ له أنْ يجمعَ بينَ المضمضةِ والاستنشاقِ بغَرْفةٍ واحدة، ويجوزُ له أن يَفصلَ بينَهما بغَرْفةٍ لكلٍّ منهما.
ثمّ يغسلُ وجهَه ثلاثًا، من منابتِ شعرِ الرّأسِ إلى ما انحدرَ من اللحْيَيْنِ والذَّقنِ طولاً، ومن الأُذُنِ إلى الأُذُنِ عرضًا، ثمّ يَغسلُ يديه من أطرافِ أصابعِه إلى المِرفقينِ ثلاثًا، ويُخلِّلُ بينَ أصابعِه بإدخالِ بعضِهم ببعض، ليتأكّدَ من وصولِ الماءِ بينَهم.
ثمّ يَمسحُ جميعَ رأسِه مرّةً واحدة، بأنْ يضعَ يديه مبلولتينِ بالماءِ على مُقَدَّمِ رأسِه، ويُمِرَّهما إلى قفاه، ثمّ يَردَّهما إلى المكانِ الذي بدأَ منه، والأذنانِ من الرّأسِ يَمسحُ باطنَهما وظاهرَهما، وذلك بأنْ يُدخلَ أُصبعيه السّبّابتينِ في أُذنيه، ويُديرَ إبهاميه على ظاهرِهما، ولا يأخذْ لهما ماءً جديدًا بلْ يمسحُهما بالماءِ العالقِ في يديه بعدَ مسحِ رأسِه.
ولا يُشرعُ له أنْ يمسحَ رقبتَه فإنّها ليستْ من أعضاءِ الوُضوء، ثمّ يَغسلُ رجليه مع الكعبينِ ثلاثًا، ويُخلّلُ بينَ الأصابع، وذلك بتمريرِ أحدِ أصابعِ يديه بينَ أصابعِ رجليه.
فاتّقوا اللهَ رحمكم الله، وأحسنوا وضوءَكم على الوجهِ المشروع بإسباغِه وإتمامِه، فقد رأى رسولُ اللهِ -صلى اللهُ عليه وسلمَ- في قَدَمِ أحدِ الصّحابةِ قَدْرَ ظُفْرٍ لم يُصبه الماءُ فأمرَه بإعادةِ الوُضوء، ومن صلى بذلك الوُضوءِ فعليه أنْ يُعيدَ الصّلاة، وفي الغالبِ أنّ مَنْ أحسنَ الوُضوءَ أحسنَ الصّلاة، فتوضّؤُوا بسكينةٍ من غيرِ عَجَلة، وتذكّروا أنّكم في عبادةٍ جليلة، فاحتسبوا أجرَها، واستشعروا خروجَ ذنوبِكم من أطرافِكم مع قطراتِ الماءِ بعدَ غسلِها.
ويُستحبُّ للمتوضّئِ عندَ الفراغِ من الوُضوءِ أنْ يقولَ ذلك الذّكرَ العظيم، الذي أرشدَ إليه الرّسولُ الكريم؛ حيثُ قالَ -عليه الصلاةُ والسّلام-: "ما منكم من أحدٍ يتوضَّأُ، فيُحسنُ الوُضوءَ، ثمّ يقولُ: أشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، اللهمّ اجعلْني من التّوابين، واجعلني من المتطهِّرين، إلا فُتِحَتْ له أبوابُ الجنَّةِ الثّمانيةُ، يَدخلُ من أيِّها شاء"؛ نسألُ اللهَ من فضلِه.
باركَ اللهُ لي ولكم بالقرآنِ العظيم، وبهديِ سيّدِ المرسلين، أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ مِن كلِّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفورُ الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ على إحسانِه، والشكرُ له على توفيقِه وامتنانِه، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشأنِه، وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه الداعي إلى رضوانِه، صلى اللهُ وسلمَ وباركَ عليه وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه وإخوانِه، أبدًا إلى يومِ الدّين.
أمّا بعد: عبادَ الله: اتّقوا اللهَ حقَّ التقوى، واستمسكوا من الإسلامِ بالعروةِ الوُثقى، واحذروا المعاصي فإنّ أجسادَكم على النّارِ لا تقوى.
واعلموا أنّ ملَكَ الموتِ قد تخطّاكم إلى غيرِكم، وسيتخطّى غيرَكم إليكم فخذوا حذرَكم، الكيّسُ مَنْ دانَ نفسَه، وعملَ لمَا بعدَ الموت، والعاجزُ من أتبعَ نفسَه هواها وتمنّى على اللهِ الأمانيّ.
إنّ أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ رسولِ الله، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وعليكم بجماعةِ المسلمينَ فإنّ يدَ اللهِ مع الجماعة، ومن شذَّ عنهم شذَّ في النّار.
اللهمّ أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذلَّ الشركَ والمشركين، ودمّرْ أعداءَ الدّين، وانصرْ عبادَك المجاهدينَ وجنودَنا المرابطين، وأنجِ إخوانَنا المستضعفينَ في كلِّ مكانٍ يا ربَّ العالمين.
اللهمّ آمِنّا في أوطانِنا ودورِنا، وأصلحْ أئمّتَنا وولاةَ أمورِنا، وهيّءْ لهم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ يا ربّ العالمين، اللهمَّ أبرمْ لأمّةِ الإسلامِ أمرًا رشدًا يُعزّ فيه أهلُ طاعتِك ويذلُّ فيه أهلُ معصيتِك ويؤمرُ فيه بالمعروفِ ويُنهى فيه عن المنكرِ يا سميعَ الدعاء.
اللهمّ ادفعْ عنّا الغَلا والوَبا والرّبا والزّنا والزلازلَ والمحنَ وسوءَ الفتنِ ما ظهرَ منها وما بطن، اللهمّ فرّجْ همَّ المهمومينَ ونفّسْ كرْبَ المكروبينَ واقضِ الدّينَ عن المدينينَ واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، اللهمّ اغفرْ لنا ولوالدِينا وأزواجِنا وذريّاتِنا ولجميعِ المسلمينَ برحمتِك يا أرحمَ الرّاحمين.
عبادَ الله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب:56]، ويقولُ -عليه الصلاةُ والسلام-: "من صلّى عليَّ صلاةً واحدةً صلى اللهُ عليه بها عشرًا".
اللهمّ صلِّ وسلمْ وباركْ على عبدِك ورسولِك نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه أبدًا إلى يومِ الدّين.
وأقمِ الصلاةَ إنَّ الصلاةَ تَنهى عن الفحشاءِ والمنكر، ولذكرُ اللهِ أكبرُ واللهُ يعلمُ ما تصنعون.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم