اقتباس
الوسطية كليات وقواعد
الشيخ أحمد بن حسن المعلِّم
تمثل الوسطية مفتاحاً للصراط المستقيم؛ لأن الصراط المستقيم سبيل بين سبيلين منحرفين، فكان مفتاح الاستقامة معرفة حقيقة الوسطية التي يسلم العبد بمعرفتها من الانحراف عن الصراط السوي، ويدخل إذا تحقق بها في صراط الأمة الوسط والفرقة الوسط، فمعرفة الوسطية هي معرفة الصراط المستقيم الذي أمر العبد أن يسأل الله إياه كل يوم بضع عشرة مرة في ركعات الفريضة، وهو أوجب دعاء وأنفعه وأعظمه، وكل ما يتعلق بالصراط المستقيم وضرورة الدعاء به يصدق على الوسطية، وتعتبر صفة من أعظم صفاته، من هنا كانت الوسطية من أعظم خصائص المنهج السلفي الذي يتمسك بأصول السلف وفهمهم للكتاب والسنة، وهذا قيد معتبر في التعامل مع نصوص الشرع، وكون الوسطية من خصائص هذا المنهج أن أمة الإسلام هي الأمة الوسط كما صرح بذلك الكتاب[1]، وقد نبهنا فيما مضى إلى أن السلف هم خير هذه الأمة منهجاً وطريقة، لذلك من رام الوسطية والاعتدال فليكن على منهج السلف في العقيدة والعمل، وبناء على ذلك وبعد وضوح المفهوم كان لزاماً على الباحث أن يبين قواعد وكليات الوسطية التي تشكل دلالاتها الرئيسة، وقد كان للعلماء في هذا السياق جهود كبيرة في تحديد هذه القواعد والكليات فنصوا عليها، وإن لم تكن في إطارها الكلي وإنما بثوها في ثنايا مؤلفاتهم ومصنفاتهم، وكان لشيخ الإسلام ابن تيمية عناية خاصة في التنبيه عليها، نَثَرها في كتبه ومصنفاته إما من خلال قواعد يؤكد عليها، أو في ثنايا مضامين كلامه، والواقع أن جل من صنف في هذا الباب كان عالة عليه في ذلك، وإنما أظهر ذلك رحمه الله من خلال بحثه العميق في نصوص الشرع ومحاولته استنطاقها وجعلها مرجعاً في كل قاعدة وكلية من كليات الدين، وليس ذلك غريباً عليه، فإن الذي يطلع على كلامه عن قرب يدرك عظم اهتمامه بنصوص الوحي ومقاصدها الكلية، فيمكننا أن نقرر في هذا السياق أن شيخ الإسلام أعاد الاعتبار من خلال ما رسمه إلى نصوص الوحي والانطلاق منها في إطار منهجية الاتباع والاقتداء، وعوداً إلى موضوع الوسطية، فإن هناك جملة من القواعد والكليات التي نطق بها مفهوم الوسطية، سنجعلها في ثنايا هذا المبحث.
المطلب الأول: الوسطية في أبواب الاعتقاد:
لقد كان من مقاصد دين الإسلام تصحيح العقيدة وتجريد التوحيد لله عز وجل، والناظر في نصوص الكتاب والسنة وأقوال أهل العلم يدرك جلياً عظم هذا المقصد، ولذلك تجد العلماء يؤكدون عليه من خلال تقريراتهم، آخذين بعين الاعتبار مقاصد الوحي الإلهي، ومن الآيات المركزية في هذا الباب قوله تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]، وقوله: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾ [النحل: 36] وهناك من الآيات الأخر التي تصب في نفس القصد، ولا ننسى أن ننبه على أن الآيات جاءت لتصحيح ذلكم الواقع الذي كان قبل البعثة حيث كان الشرك والانحراف متغلغلاً في كل جوانب الحياة، وقد جاء في صحيح مسلم من حديث عياض بن حمار المجاشعي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ذات يوم في خطبته: "إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني، يومي هذا. كل مال نحلته عبداً، حلال. وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم. وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم. وحرمت عليهم ما أحللت لهم. وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطاناً. وإن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم، عربهم وعجمهم، إلا بقايا من أهل الكتاب. وقال: إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك. وأنزلت عليك كتاباً لا يغسله الماء. تقرؤه نائماً ويقظان..."[2]، فهذا الحديث ينبيك عن حال البسيطة قبل مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولذلك لا غرابة بعد ذلك أن نجد القرآن المكي يخصص للتوحيد مساحة كبيرة جداً، وتمثلها عليه الصلاة والسلام في سيرته ودعوته فبقي يدعو إلى التوحيد كمقصد أكبر في العهد المكي ثلاثة عشر عاماً، يقول الشاطبي مقرراً هذا المقصد العظيم: "المقصد الشرعي من وضع الشريعة إخراج المكلف عن داعية هواه، حتى يكون عبداً لله اختياراً، كما هو عبد لله اضطراراً"[3].
إلا أنه وبعد انقضاء خير القرون اعترى جانب العقيدة في هذا الدين ما اعترى غيره من الانحراف عن المنهج الوسط العدل الذي أراده الله عز وجل في أبواب العقيدة، وتراوح هذا الانحراف بين الغلو والإفراط وبين التفريط والتقصير، وقد سلم الله من شاء من عباده المؤمنين من الانحراف إلى أحد هذين الطرفين، ورزقهم الاستقامة والعدل وطريق الأمة الوسط، وهم أهل السنة والجماعة والاتباع للكتاب والسنة بفهم الصحابة - رضي الله عنهم -[4].
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "وهذه الفرقة الناجية: أهل السنة، وهم وسط في النحل، كما أن ملة الإسلام وسط في الملل، فالمسلمون وسط في أنبياء الله ورسله وعباده الصالحين، لم يغلوا فيهم كما غلت النصارى، فاتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله والمسيح ابن مريم، وما أمروا إلا ليعبدوا إلهًا واحدًا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون. ولا جفوا عنهم كما جفت اليهود، فكانوا يقتلون الأنبياء بغير حق، ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس، وكلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم كذبوا فريقًا وقتلوا فريقًا. بل المؤمنون آمنوا برسل الله وعزروهم ونصروهم ووقروهم وأحبوهم وأطاعوهم، ولم يعبدوهم ولم يتخذوهم أربابًا، كما قال تعالى: ﴿ مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ * وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 79-80].
ومن ذلك أن المؤمنين توسطوا في المسيح فلم يقولوا: هو الله، ولا ابن الله، ولا ثالث ثلاثة كما تقوله النصارى، ولا كفروا به، وقالوا على مريم بهتانًا عظيمًا، حتى جعلوه ولد بغية كما زعمت اليهود، بل قالوا: هذا عبدالله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول وروح منه. وكذلك المؤمنون وسط في شرائع دين الله، فلم يحرموا على الله أن ينسخ ما شاء، ويمحو ما شاء، ويثبت، كما قالته اليهود، كما حكى الله تعالى ذلك عنهم بقوله: ﴿ سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ﴾ [البقرة: 142]، وبقوله: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ ﴾ [البقرة: 91]، ولا جَوَّزوا لأكابر علمائهم وعبادهم أن يغيروا دين الله، فيأمروا بما شاؤوا وينهوا عما شاؤوا، كما يفعله النصارى، كما ذكر الله ذلك عنهم بقوله: ﴿ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 31]، قال عدي بن حاتم - رضي الله عنه -: قلت: يا رسول الله، ما عبدوهم؟ قال: "ما عبدوهم، ولكن أحلوا لهم الحرام فأطاعوهم، وحرموا عليهم الحلال فأطاعوهم". والمؤمنون قالوا: لله الخلق والأمر فكما لا يخلق غيره لايأمر غيره. وقالوا: سمعنا وأطعنا، فأطاعوا كل ما أمر الله به، وقالوا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ ﴾ [المائدة: 1]... وهكذا أهل السنة والجماعة في الفرق. فهم في باب أسماء الله وآياته وصفاته وسط بين أهل التعطيل الذين يلحدون في أسماء الله وآياته، ويعطلون حقائق ما نعت الله به نفسه، حتى يشبهوه بالعدم والموات، وبين أهل التمثيل الذين يضربون له الأمثال ويشبهونه بالمخلوقات. فيؤمن أهل السنة والجماعة بما وصف الله به نفسه وما وصفه به رسوله - صلى الله عليه وسلم -، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف وتمثيل. وهم في باب خلقه وأمره وسط بين المكذبين بقدرة الله، الذين لا يؤمنون بقدرته الكاملة ومشيئته الشاملة وخلقه لكل شيء، وبين المفسدين لدين الله الذين يجعلون العبد ليس له مشيئة ولا قدرة ولا عمل، فيعطلون الأمر والنهي والثواب والعقاب، فيصيرون بمنزلة المشركين الذين قالوا: ﴿ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ ﴾ [الأنعام: 148]. فيؤمن أهل السنة بأن الله على كل شيء قدير. فيقدر أن يهدي العباد ويقلب قلوبهم، وأنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فلا يكون في ملكه ما لا يريد ولا يعجز عن إنفاذ مراده، وأنه خالق كل شيء من الأعيان والصفات والحركات. ويؤمنون أن العبد له قدرة ومشيئة وعمل، وأنه مختار، ولا يسمونه مجبورًا، إذ المجبور من أُكره على خلاف اختياره، والله سبحانه جعل العبد مختارًا لما يفعله فهو مختار مريد، والله خالقه وخالق اختياره، وهذا ليس له نظير، فإن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله. وهم في باب الأسماء والأحكام والوعد والوعيد وسط بين الوعيدية، الذين يجعلون أهل الكبائر من المسلمين مخلدين في النار، ويخرجونهم من الإيمان بالكلية، ويكذبون بشفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين المرجئة الذين يقولون: إيمان الفساق مثل إيمان الأنبياء، والأعمال الصالحة ليست من الدين والإيمان، ويكذبون بالوعيد والعقاب بالكلية. فيؤمن أهل السنة والجماعة بأن فساق المسلمين معهم بعض الإيمان وأصله، وليس معهم جميع الإيمان الواجب الذي يستوجبون به الجنة، وأنهم لا يخلدون في النار، بل يخرج منها من كان في قلبه مثقال حبة من إيمان، أو مثقال خردلة من إيمان، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ادخر شفاعته لأهل الكبائر من أمته. وهم أيضًا في أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورضي عنهم وسط بين الغالية، الذين يغالون في علي - رضي الله عنه - فيفضلونه على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ويعتقدون أنه الإمام المعصوم دونهما، وأن الصحابة ظلموا وفسقوا، وكفروا الأمة بعدهم كذلك، وربما جعلوه نبيًا أو إلهًا، وبين الجافية الذين يعتقدون كفره، وكفر عثمان رضي الله عنهما، ويستحلون دماءهما ودماء من تولاهما، ويستحبون سب علي وعثمان ونحوهما، ويقدحون في خلافة علي - رضي الله عنه - وإمامته. وكذلك في سائر أبواب السنة، هم وسط؛ لأنهم متمسكون بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وما اتفق عليه السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان"[5].
المطلب الثاني: الوسطية في أبواب العلم والعمل:
مقرر عند علماء الأصول أن العلم الذي هو العلم المعتبر شرعاً ومَدَح الله ورسوله أهلَه على الإطلاق هو العلم الباعث على العمل الذي لا يدع صاحبه جارياً مع هواه كيفما كان، بل هو المقيد لصاحبه بمقتضاه، الحامل على قوانينه طوعاً أو كرهاً[6]، وهذه القاعدة دلت عليها كثير من النصوص الشرعية والآثار السلفية، من ذلك قوله تعالى: ﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 9]، وقوله: ﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴾ [الزمر: 23]، وقوله: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ﴾ [فاطر: 28]، وقد جاء في بعض الآثار عن السلف ما يراعي هذه القاعدة، فمن ذلك ما قاله الحسن: "الذي يفوق الناس في العلم جدير أن يفوقهم في العمل"، وقال علي - رضي الله عنه -: "يا حملة العلم اعملوا به، فإن العالم من علم ثم عمل ووافق علمه عمله"[7]، وما سواها كثير، ومن تلكم القواعد كذلك أن كل من ابتغى في تكاليف الشريعة غير ما شرعت له فقد ناقض الشريعة، وكل من ناقضها فعمله في المناقضة باطل، فمن ابتغى في التكاليف ما لم تشرع له فعمله باطل. أما أن العمل المناقض باطل، فظاهر، فإن المشروعات إنما وضعت لتحصيل المصالح ودرء المفاسد، فإذا خولفت لم يكن في تلك الأفعال التي خولف بها جلب مصلحة ولا درء مفسدة، وأما أن من ابتغى في الشريعة ما لم توضع له فهو مناقض لها[8]، بل يمكن القول إن العمل المخالف للشرع في نفسه مفسدة؛ لأنه مخالف أولاً، ولأنه منهي عنه ثانياً، ونهي الشارع إنما توجه لدفع المفاسد ودرءها، وهذا الذي عمل عملاً مخالفاً لقصد الشارع وأمره قد قارف مفسدة ظاهرة. قال شيخ الإسلام ابن تيمية مقرراً هذه القاعدة: "والناس لهم في طلب العلم والدين طريقان مبتدعان وطريق شرعي، فالطريق الشرعي هو النظر فيما جاء به الرسول والاستدلال بأدلته والعمل بموجبها فلا بد من علم بما جاء به وعمل به لا يكفي أحدهما، وهذا الطريق متضمن للأدلة العقلية والبراهين اليقينية فإن الرسول بين بالبراهين العقلية ما يتوقف السمع عليه والرسل بينوا للناس العقليات التي يحتاجون إليها كما ضرب الله في القرآن من كل مثل وهذا هو الصراط المستقيم الذي أمر الله عباده أن يسألوه هدايته.
وأما الطريقان المبتدعان فأحدهما طريق أهل الكلام البدعي والرأي البدعي؛ فإن هذا فيه باطل كثير وكثير من أهله يفرطون فيما أمر الله به ورسوله من الأعمال فيبقى هؤلاء في فساد علم وفساد عمل وهؤلاء منحرفون إلى اليهودية الباطلة، والثاني طريق أهل الرياضة والتصوف والعبادة البدعية وهؤلاء منحرفون إلى النصرانية الباطلة؛ فإن هؤلاء يقولون إذا صفى الإنسان نفسه على الوجه الذي يذكرونه فاضت عليه العلوم بلا تعلم وكثير من هؤلاء تكون عبادته مبتدعة بل مخالفة لما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيبقون في فساد من جهة العمل وفساد من نقص العلم حيث لم يعرفوا ما جاء به الرسول وكثير ما يقع من هؤلاء وهؤلاء. وتقدح كل طائفة في الأخرى وينتحل كل منهم اتباع الرسول، والرسول ليس ما جاء به موافقاً لما قال هؤلاء ولا هؤلاء: ﴿ مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [آل عمران: 67]، وما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أصحابه على طريقة أهل البدع من أهل الكلام والرأي ولا على طريقة أهل البدع من أهل العبادة والتصوف، بل كان على ما بعثه الله من الكتاب والحكمة، وكثير من أهل النظر يزعمون أنه بمجرد النظر يحصل العلم بلا عبادة ولا دين ولاتزكية للنفس، وكثير من أهل الإرادة يزعمون أن طريق الرياضة بمجرده يحصل المعارف بلا تعلم ولا نظر ولا تدبر للقرآن والحديث، وكلا الفريقين غالط بل لتزكية النفس والعمل بالعلم وتقوى الله تأثير عظيم في حصول العلم، لكن مجرد العمل لا يفيد ذلك إلا بنظر وتدبر وفهم لما بعث الله به الرسول، ولو تعبد الإنسان ما عسى أن يتعبد لم يعرف ما خص الله به محمداً - صلى الله عليه وسلم - إن لم يعرف ذلك من جهته، وكذلك لو نظر واستدل ماذا عسى أن ينظر لم يحصل له المطلوب إلا بالتعلم من جهته، ولا يحصل التعلم المطابق النافع إلا مع العمل به وإلا فقد قال الله تعالى: ﴿ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ﴾ [الصف: 5]"[9].
المطلب الثالث: الوسطية في الحكم على الرجال ونقد المخالف:
هذا المطلب يكاد يكون من أظهر المطالب المتعلقة بمفهوم الوسطية؛ لكون الحاجة ماسة إليه في واقعنا المعاصر، فقد اختلفت الآراء وتغايرت النفوس في الحكم على المخالف، وظهر الإفراط والتفريط، وتلاعبت الأهواء ورغبات النفوس بأصحابها في مواطن كان ينبغي فيها التغافر وتجاوز الهنات، ولعل ما أصاب الدعوة الإسلامية قبل سنوات من تهارج وفوضى في موضوعات الخلاف أثر تأثيراً كبيراً على مخرجاتها، فأقعدها وعطلها عن تحقيق كثير من مقاصدها، وكان يسع أطراف الخلاف أن يرجعوا فيه إلى أهله ممن أمر الله عز وجل ورسوله - صلى الله عليه وسلم - بالرجوع إليهم، وقبل ذلك كان يلزمهم الوقوف على تلكم النصوص الظاهرة التي تؤكد على العدل تارة والإنصاف تارة أخرى دون أن تغفل نصوص أخرى دالة على منهجية الموازنة، فهي منهجية قرآنية أصيلة، وعند الوقوف على مناهج العلماء من المتقدمين والمتأخرين يدرك الباحث عظم إنصافهم وعدلهم مع المخالفين لهم في الأصول، فضلاً عن الفروع، فما بالك بموقفهم ممن يخالفهم في الفروع التي يسع فيها الخلاف، ويكون دائراً بين الراجح والمرجوح والكل منتسب إلى منهج أهل السنة والجماعة ودعوة السلف، فما أحوجنا إلى فقه الخلاف ومعرفة قواعده، ولاشك أن البحث في مفهوم الوسطية يدفعنا دفعاً إلى بيان تلكم القواعد ودراسة فقه الخلاف وإن كان على سبيل الإجمال لا التفصيل فلهذا الأخير موضع آخر. ولا ريب أن الدعاة في أشد الحاجة إلى معرفة المنهج النقدي عند أهل السنة؛ وذلك لأنهم أمام النقد والتصحيح والمراجعة للسلبيات والانحرافات ثلاثة أصناف: الأول: فريق غلبت عليه المسامحة، والتنازلات عن التصحيح لقضايا مهمة، لا يمكن أن يصلح حال المسلمين إلا بإصلاحها، وأخذ في التنازل عن طلب إصلاحها، بل وانقطع عن ذلك، وأخذ ينفر ممن يريد التصحيح، وأصبح همه التنازل حتى عن مميزاته التي كان يتميز بها، وكسب أصحاب المخالفات عن طريق التنازلات، وليس بعجيب أن ينفر هذا الفريق من النقد والتصحيح. الثاني: فريق مقابل لا يتسامح في شيء، ويتناسى أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد وقع بينهم خلاف في بعض الأمور مع محافظتهم على صحة الاعتقاد، ولكن هذا الفريق لا يريد أن يقع بين الدعاة تفاوت في مسائل الاجتهاد، وهو بلا شك يطلب المستحيل. والثالث: وسط بين الفريقين لا يتسامح في تغيير منهج الاعتقاد، ويحمل الناس على الاعتقاد الصحيح عن طريق التربية والتعليم، وهدفه تحقيق صحة الاعتقاد على ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي الوقت نفسه يقر بوقوع الخلاف في مسائل الاجتهاد، ويحاول تصحيحها بغير شطط، ولا بأس باستمرار الخلاف فيها مع استمرار طلب الصواب حسب الإمكان والمناصحة للمخالف، ولا يؤثر بقاء مسائل الخلاف في مسيرة الدعوة، وفي بناء المجتمع الإسلامي[10].
وبناء على ذلك لا بد من القول تقريراً إنه ليس كل خلاف يعد مذموماً، فهناك خلاف أملاه الهوى قد يكون وليد رغبات نفسية لتحقيق غرض ذاتي أو أمر شخصي، وقد يكون الدافع للخلاف رغبة التظاهر بالفهم أو العلم أو الفقه. وهذا النوع مذموم بكل أشكاله، ومختلف صوره؛ لأن حظ الهوى فيه غلب الحرص على تحري الحق، والهوى لا يأتي بخير، فهو مطية الشيطان إلى الانحراف والضلال وقد يفضي بصاحبه إلى الكفر، قال تعالى: ﴿ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ ﴾ [البقرة: 87]، وبالهوى جانَبَ العدل من جانَبَهُ من الظالمين، قال تعالى: ﴿ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴾ [النساء: 135]... الخ ما يتعلق بآثار الهوى وثماره، وهناك خلاف أملاه الحق ودفع إليه العلم، واقتضاه العقل وفرضه الإيمان، كخلاف أهل الإيمان لأهل الكفر والشرك والنفاق، وخلاف أهل السنة لأهل البدعة والحدث في الدين، فهذا النوع من الخلاف لا يعد مذموماً بل يعتبر محموداً، وهناك خلاف يتردد بين المدح والذم، ولا يتمحض لأحدهما، وهو خلاف في أمور فرعية تتردد أحكامها بين احتمالات متعددة يترجح بعضها على بعض بمرجحات وأسباب، وهذا النوع من الخلاف يكون متردداً بين الراجح والمرجوح، والخطأ والصواب، إلا أنه قد يعتبر مزلة أقدام، إذ يمكن فيه أن يلتبس الهوى بالتقوى، والعلم بالظن، والمردود بالمقبول، ولا سبيل إلى تحاشي الوقوع في تلك المزالق إلا باتباع قواعد يحتكم إليها في الاختلاف، وضوابط تنظمه، وآداب تهيمن عليه، وإلا تحول إلى تنازع وشقاق وفشل، وهبط المتخلفان فيه عن مقام التقوى إلى درك الهوى، وسادت الفوضى، وذر الشيطان قرنه، ولا يخفى أن أصل هذا الخلاف يعد سائغاً، وهو الذي تنطبق عليه قاعدة لا إنكار في مسائل الخلاف إذا كان في دائرة الاجتهاد[11].
إن الأصل الذي تنطلق منه قاعدة الوسطية في هذا الباب يتضمن جملة من النصوص الشرعية ذات المقاصد المرعية، منها قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴾ [النساء: 135]، وقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة: 8]، وقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ﴾ [الحجرات: 12]، فهذه نصوص ظاهرة المعنى في التحلي بالعدل والإنصاف وحسن الظن عند تقويم الآخرين سواء كانوا مخالفين في الأصول أو في الفروع، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: " ومما يتعلق بهذا الباب أن يعلم أن الرجل العظيم في العلم والدين، من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى يوم القيامة، أهل البيت وغيرهم، قد يحصل منه نوع من الاجتهاد مقروناً بالظن ونوع من الهوى الخفي، فيحصل بسبب ذلك ما لا ينبغي اتباعه فيه، وإن كان من أولياء الله المتقين. ومثل هذا إذا وقع يصير فتنة لطائفتين: طائفة تعظمه فتريد تصويب ذلك الفعل واتباعه عليه، وطائفة تذمه فتجعل ذلك قدحاً في ولايته وتقواه، بل في بره وكونه من أهل الجنة، بل في إيمانه حتى تخرجه عن الإيمان وكلا هذين الطرفين فاسد ... ومن سلك طريق الاعتدال عظم من يستحق التعظيم وأحبه ووالاه، وأعطى الحق حقه، فيعظم الحق، ويرحم الخلق، ويعلم أن الرجل الواحد تكون له حسنات وسيئات، فيحمد ويذم، ويثاب ويعاقب، ويحب من وجه ويبغض من وجه، هذا هو مذهب أهل السنة والجماعة خلافاً للخوارج والمعتزلة ومن وافقهم"[12].
ولا يخفى على طالب الحق أن المرء لا يمكن أن تتمحض فيه السنة، أو الخير، أو الهدى، فكل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون، لذلك لا بد في هذا السياق من مرجعية يهتدي بها المرء في الموازنة، وهي متحققة في المنهجية القرآنية، والهداية النبوية، والآثار السلفية، قال تعالى: ﴿ وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [آل عمران: 75]، فالآية جاءت في سياق ذم بني إسرائيل وموقفهم من الدعوة الإسلامية، إلا أنه وفي خضم بيان المساوئ بين الله أن منهم من يلتزم أداء الأمانة وإرجاع الحقوق إلى أهلها، وهذا دال على منهج الموازنة الحق الذي ينبغي أن يستظهره المسلم في تعامله مع المخالف، وسياق الآية في التعامل مع أهل الكتاب وهم كفار بالنص والإجماع، فكيف بالتعامل مع المخالف من أهل الإسلام، أو من أهل السنة. كما يدل على هذه المنهجية حديث حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه -: "كان الناس يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخير، وكنت أسأله عن الشر، مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: (نعم). قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: (نعم، وفيه دخن). قلت: وما دخنه؟ قال: (قوم يهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر)"[13]، فالحديث أثبت الخيرية للبعض مع كونها اختلطت بالشر، وهذا يقتضي النظر إلى المخالف وفقاً لمنهج الموازنات الذي دلت عليه هذه النصوص، إلا أن الأمر لا يؤخذ على إطلاقه، بل لا بد من قيود، وقد نبه على ذلك كثير من أهل العلم، ومنهج السلف في هذا الباب هو اعتبار الغالب على المرء من الصواب أو الخطأ، قال الحافظ الذهبي: "ونحب السنة وأهلها، ونحب العالم، على ما فيه من الإتباع والصفات الحميدة، ولا نحب ما ابتدع فيه بتأويل سائغ، وإنما العبرة بكثرة المحاسن"[14]، ونفس المعنى قرره ابن رجب في قواعده: "والمنصف من اغتفر قليل خطأ المرء في كثير صوابه"[15]. وهذا المنهج قد احتدم حوله النزاع وغلا فيه طرفان، طرف ينكره بإطلاق ويعتبره منهجاً مبتدعاً، وآخر بالغ في إثباته وتوسع في تطبيقه حتى أذهب سطوة إنكار المنكر ونقْدَ من يستحق النقد، وكلا الطرفين غير صواب، والحق التوسط في ذلك والإقتداء بالأئمة العلماء الذين أصلوا منهج النقد تنظيراً، وأحسنوا فيه تطبيقاً، وهذا أمر لابد منه عندما نحاول أن نطبق منهج السلف في أي جانب من الجوانب، أن ننظر إلى أقوالهم وتصرفاتهم في آن واحد حتى لا نغلط عليهم أو ننسب إليهم ما ليس من منهجهم، حيث أن القصور في فهم المنهج يؤدي إلى ما يؤدي إليه الغلو والله الموفق.
[1] الوسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية، جمع وترتيب عبدالسلام بن محمد بن عبدالكريم، القاهرة، دار الفتوح الإسلامية، ط1، 1416هـ/1995م، ص9.
[2] أخرجه مسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار، رقم 2865.
[3] الموافقات في أصول الشريعة، أبوإسحاق الشاطبي، بيروت، دار الكتاب العربي، ط1، 1423 هـ/2002م، ص301.
[4] وكذلك جعلناكم أمة وسطًا، عبدالعزيز بن ناصر الجليل، الرياض، دار طيبة، ط1، 1425هـ/2004م، ص71.
[5] مجموع الفتاوى، مرجع سابق، ج3، ص370-375، وانظر أيضًا تفصيلًا لوسطية أهل السنة والجماعة في: الجواب الصحيح، ج2، ص135-154، الصفدية، ج2، ص310-313، منهاج السنة النبوية، ج5، ص 168-172.
[6] انظر: الموافقات، مرجع سابق، ص38.
[7] الموافقات، مرجه سابق، ص42.
[8] المرجع السابق، ص 402.
[9] منهاج السنة النبوية، شيخ الإسلام ابن تيمية، الرياض، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ط1، 1406هـ/1986م، ج5، ص 428-430.
[10] من مقدمة الدكتور عابد بن محمد السفياني على كتاب منهاج أهل السنة والجماعة في النقد والحكم على الآخرين، لندن، المنتدى الإسلامي، ط1، 1412هـ، ص8.
[11] أدب الاختلاف في الإسلام، د. طه جابر العلواني، هيرندن، المعهد العالي للفكر الإسلامي، 1413 هـ/1992م، ص 26-29 بتصرف.
[12] منهاج السنة النبوية، مرجه سابق، ج4، ص 543.
[13] أخرجه البخاري، كتاب الفتن، باب كيف الأمر إذا لم تكن جماعة، رقم 6673.
[14] سير أعلام النبلاء، الإمام الذهبي، بيروت، مؤسسة الرسالة، ط1، 1405هـ/1985م، ج20، ص46.
[15] قواعد ابن رجب، ابن رجب الحنبلي، مكة المكرمة، مكتبة الباز، 1999م، ص3.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم