عناصر الخطبة
1/سرد تاريخي للعبة كرة القدم 2/تخطيط الأعداء لإلهاء المسلمين وأشهر وسائلهم في ذلك 3/إلهاء شباب الإسلام بكرة القدم 4/نظرة الإسلام للترويح عن النفس 5/دعم أعداء الإسلام للعبة كرة القدم 6/الأبعاد السلبية للعبة كرة القدم 7/ظاهرة ارتداء أبناء المسلمين للملابس الرياضية التي تحمل الشعارات الخاصة بالكفار وحكم ذلك 8/حكم سجود اللاعبين عند تسديد الهدفاقتباس
أيها المسلمون: الإسلام لم يحرم الترويح عن النفس من عناء ومشاق الحياة ببعض الرياضة التي تستروح بها القلوب، وتسعد بها النفوس، وتجدد الطاقات، وتنفع الأمة كلها. والإسلام لا يمنع تقوية الجسم بمثل هذه الرياضات، فهو يريد أن يكون أبناؤه أقوياء في...
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ...
أما بعد:
أيها المسلمون: حديثي اليومَ عن لعبةِ كرةِ القدم.
لعبة الكرة، رياضة قديمة كانت تمارس بطرق وحشية في الحضارات القديمة، فالصينيون كانوا يلعبونها، والمهزوم يُضرب بالسياط، ويكوى بالنيران.
والإنجليز، وهم أول من اخترع اللعبة بشكلها الحديث كانوا يمارسون اللعبة منذ ألف سنة بطريقة في غاية الوحشية والبربرية، إذ كانوا يلعبون الكرة برؤوس خصومهم بعد الانتصار عليهم، وشهدت سنة 1016م أول مباراة كرة قدم بين الإنجليز، وبرأس جندي دانماركي مقتول في الحرب بين البلدين.
ونظراً لخطورة هذه الرياضة أصدر ملك إنجلترا هنري الثاني قراراً يمنع ممارستها، ومعاقبة المخالف بالسجن، وذلك سنة 1154م، ثم عاد الملك إدوارد الأول، ومنع لعب الكرة سنة 1314م، بسبب انصراف الشعب الإنجليزي عن تعلم فنون الرمي بالسهام للعب الكرة.
وفي سنة 1401م أصدر هنري الرابع قراراً بمنع لعب الكرة بسبب خسارة إنجلترا في الحرب أمام فرنسا وبلجيكا، وقد عزا الهزيمة إلى لعب الكرة.
ورغم أن الإنجليز هم من اخترع اللعبة إلا أن ملوك إنجلترا هم أكثر من عاداها وحاربها، وحاول منعها بكل سبيل، لما فيها من الأضرار، وضياع الأوقات والأموال والطاقات.
ولما رأى الصهاينة أثرها وسرعة انتشارها، قرروا اعتمادها كبند من بنود السيطرة على العالم بأسره؛ فقد جاء في بروتوكولات حكماء صهيون الفقرة السابعة عشر: "إننا سنُغرق العالم في جنون المباريات الرياضية، حتى لا يصبح للأمم ولا للشعوب اشتغال بالأشياء العظيمة، بل ينزلون إلى مستويات هابطة ويتعودون على الاهتمام بالأشياء الفارغة، وينسون الأهداف العظيمة في الحياة، وبذلك يتمكن اليهود من تدميرهم".
لذلك ما نراه اليوم من جنون وهوس عالمي وعربي وإسلامي بلعبة كرة القدم، هو من ألاعيب اليهود الصهاينة الذين أقبلوا على شراء الأندية الكبرى، والمؤسسات الراعية للعبة، ودعموا المسابقات العالمية واللقاءات الدولية من أجل الترويج لهذه اللعبة الخطيرة.
ويكفي أن نعرف أن أول مرة تقام فيها مسابقة الدوري المصري كانت سنة 48م، أي في نفس السنة التي قام فيها الكيان الصهيوني الغاصب على أرض فلسطين.
أيها المسلمون: أعداء الأمة أيقنوا ومنذ زمنِ الحروب الصليبية الأولى أن المسلمين لن يُغلبوا في ميادين القتال المفتوحة، حيث القتال رجل لرجل، لأن المسلمين إذا تمسكوا بدينهم وشريعتهم وسنة نبيهم لن يستطيع أحد أن يصمد أمامهم؛ كما قال أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-: "كان لا يصمد لهم عدو في القتال فواق ناقة" أي قدر حلبها.
وهكذا حال من سار على نهج النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة -رضوان الله عليهم-، لذلك فكر أعداء الأمة في أنواع أخرى من الحروب على العالم الإسلامي، وهي الحروب والغارات التي تستهدف صرف المسلمين عن مصدر قوتهم، وهو دينُهم وعقيدتُهم.
ومن ثم فكر أعداء الأمة في نشر كل الوسائل والأمور التي من شأنها إلهاء المسلمين عن أصل قوتهم، وسر صمودهم، ومصدر عزتهم واستعلائهم أمام كل الفتن والحروب، فكان الغزو الثقافي والفكري، الذي أخذ أعداء الأمة في التخطيط والتدبير له منذ أواسط القرن التاسع عشر الميلادي، وأثناء الاحتلال الإنجليزي والفرنسي لبلاد الإسلام.
وكان موجهاً في الأصل لمعدن الأمة، وهم الشباب الذين كانت الحرب على أشدها من أجل احتلال عقولهم، وتغيير أفكارهم، وتوجهاتهم واهتماماتهم.
ومن ثم ظهرت وسائل الإلهاء والإغراء وتضيع الأوقات والقوات، وعلى رأس هذه الوسائل وأشهرها: لعبة كرة القدم التي أصبحت الآن، وبحق ملهاة الشعوب الأولى.
وإذا أردت -أخي الكريم- معرفة صحة ما ذكرته لك، فتوجه لأحد أولادك ممن يتابع المباريات واسأله عن أحد لاعبي الكرة الأجانب، وماذا يعرف عنه؟
سيجيبك إجابة سريعة وشاملة عن سيرة هذا اللاعب ومشواره الكروي، وأهم أهدافه، وأشهر مباراته، والفِرق التي لعب فيها، وتاريخ حياته العائلي والأسري، وكم مرة تزوج وكم عنده من الأولاد، وهكذا يعطيك وصفاً دقيقاً تفصيلياً عن حياة هذا اللاعب، وهو في منتهي السعادة بما يعلمه من سيرة وأخبار وحياة هذا النجم الكروي الذي ربما يرى فيه القدوة والمثال الذي يحتذى به.
ثم اسأله مباشرة عن سيرة أحد الصحابة الأطهار، أو الأئمة الأخيار، أو أحد القادة الأبطال، أو عظماء الرجال.
أجزم لك أنه سيتلعثم في الجواب، ويحور ويدور، وسيدخل طلحة في الزبير، وسعداً في سعيد، ومالك في الشافعي، وصلاح الدين في سيف الدين قطز، وهكذا.
هذا على فرض أنه يعرف شيئاً من سيرهم، وذلك كله لغياب التربية الإسلامية الصحيحة التي تجعل الشاب يصمد أمام الغزو الثقافي الذي يشنّه أعداء الأمة عليهم من حيث لا يدرون.
فيا شباب الإسلام الذين أنتم عماد الأمة وأملها، ورجاء المستقبل وأساسه: إن الشباب كان أول من بادر بالإيمان والتصديق، وأول من بادر بالدفاع عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وآمن به، وأول من بذل التضحيات وتحمل الصعاب وخاض البطولات من أجل إعزاز كلمة الدين، ونشره بين العالمين.
أترضون أن تكونوا ممن رأى بعينه وعاصر بجسده كل هذه النكبات التي تتعرض لها الأمة اليوم، وشاهد جراحها الغائرة في فلسطين وسوريا والعراق والشيشان وأفغانستان، ثم أنتم بالكرة تنشغلون، وعلى متابعتها في النوادي والمقاهي والبيوت من الأموال تنفقون؟!
من أجلها تتصارعون وتتدابرون، وربما تتشاحنون وتختلفون، ولبعضكم البعض تشتمون وتسبون، ولأعماركم وأوقاتكم النفيسة والغالية تضيّعون!.
ففي أي طريق أنتم تسيرون؟ ولربكم يوم القيامة ماذا ستقولون؟ وعلى ما سجله عليه الملائكة من لهو ولغو وعبث كيف تردون؟!
فاتقوا يوماً أنتم فيه إلى ربكم ترجعون.
أيها المسلمون: الإسلام لم يحرم الترويح عن النفس من عناء ومشاق الحياة ببعض الرياضة التي تستروح بها القلوب، وتسعد بها النفوس، وتجدد الطاقات، وتنفع الأمة كلها.
والإسلام لا يمنع تقوية الجسم بمثل هذه الرياضات، فهو يريد أن يكون أبناؤه أقوياء في أجسامهم وفى عقولهم وأخلاقهم وأرواحهم، ولكن وبمنتهى الصدق والأمانة هل لعبة الكرة الآن من جنس ما حث عليه الإسلام من الترويح والرياضة؟.
لعبة الكرة اليوم، وبفضل القوى الاستعمارية، أو قل الاستخرابية، وبدعم ودفع من الحركة الصهيونية، لم تعد مجرد رياضة فحسب، بل أصبحت بحق ملهاة الشعوب الأولى، وأداة من أعظم أدوات السيطرة والهيمنة، وغسيل الأدمغة، والاستيلاء على العقول.
تقام من أجلها مئات المسابقات سنوياً، وفي كل بقاع العالم بأسرها، بحيث لم يبق بيت وإلا دخلته اللعبة أما ممارسة أو مشاهدة، وينفق عليها سنوياً مئات المليارات من الدولارات مما يوازي ميزانية قارات بأكملها، وليس دول فحسب، وتضيع الطاقات، وتهدر الأوقات، وتبرز العصبيات مع كل مباراة أو مسابقة.
ويكفي أن تعرف أن ميزانية مباريات كأس العالم تقدر بـ 4 مليار دولار، وهو ما ينفق على مسابقة واحدة فقط!.
وتَدفع القنوات الفضائية في العالم العربي والإسلامي عشرات الملايين من الدولارات من أجل نقل مباريات كأس العالم فقط، التي خلبت العقول، وأعمت البصائر، فلم يبق صوت أعلى من صوت لعبة الكرة، بحيث ينشغل الناس بالتفكير في مباريات كأس العالم، وينسون مشاكلهم الحقيقية، ينسون مقدساتهم الأسيرة وقضاياهم الكبرى وأراضيهم المحتلة ودمائهم المستباحة وأعراضهم المنتهكة، والظلم والطغيان الذي عم البلاد والعباد.
هل ينكر عاقل هدر أموال الأمة بالمليارات على الكرة؟
بلغ إجمالي ما صُرف على مستوى الدول العربية فقط لشراء حقوق النقل من خلال القنوات الأرضية لإحدى المسابقات ستة وسبعين مليون دولار.
أي ما يكفي لبناء أعداد ضخمة من المنازل للمشردين الذين أصبحوا بلا مأوى في سوريا وفلسطين وغيرها.
هذا من غير الأموال التي تنفق لبناء المدرجات العملاقة، والملاعب الفارهة، التي تبلغ في بعض الدول الخليجية مئات الملايين من الدولارات، لو وجه نصفها لدعم الانتفاضة في فلسطين، لما بقي يهودي واحد على أرض الإسراء والمعراج، ولو أنفق ربعها للأزمة السورية لسقط النظام في شهر، ولكنها المأساة والمهزلة!.
خذ هذا المثال السريع لإحدى الدول العربية: وليس المقصود الدولة، لكنه مثال وهو ينطبق على غيرها، دولة نامية فقيرة كاليمن، تسعة أعشار سكانها تحت خط الفقر، فقد أَنفقت لبناء صالة الألعاب المغلقة ما يزيد على الملياري ريال! واشْتُرِيَتْ حقوقُ البث لنقل مباريات كأس العالم على القناة الأرضية في عدن فقط بمليون دولار!.
فقراء اليمن أحوج ما يكونون إليها، فعندما ترى شعباً بأكمله يموت جوعاً ومرضاً وعرياً، وأمواله تنفق من أجل الكرة؟ ألا يحرك ذلك فيك مشاعر الغضب؟.
لو أنفقت نصف هذه الأموال على فقراء اليمن، لما رأينا في الشوارع ولا المساجد متسولاً واحداً!.
إن مباريات كرة القدم اليوم تُعَدُّ صناعةً سياسية لإلهاء الشعوب، وصناعة ربحيةً لاستنزاف ثروات تلك الشعوب.
فهل تعلم بأن واردات الفيفا تقدر بـ 4 مليار دولار في السنة.
هذا عدا الأرباح الناتجة عن بيع مستلزمات الرياضة، والتي قدرت بـ 66 مليار دولار لعام 2009م.
بينما يبلغ حجم الإنفاق والواردات على صناعة الرياضة ككل بـ 430 مليار دولار، بالمقارنة مع 643 مليار لصناعة الأدوية والعقاقير.
علماً أن هذا المبلغ أكبر بكثير من مجموع الناتج القومي لأغلب دول العالم.
وكيف لو علمت بأن مصدر تدفق الأموال إلى الرعاة الرسميين لمباريات كأس العالم: الكوكاكولا والأديداس وماكدونالد، وبعض كبرى شركات مصانع الخمور في العالم.
أيها المسلمون: واليوم أخذت هذه اللعبة بعداً آخر غير ما سبق ذكره، وهو: البُعد العقدي بعدما انصرف أبنائنا، أو بالأحرى صُرفوا إلى متابعة الأندية الأجنبية، فبالأمس كانت متابعتهم للأندية والمباريات المحلية والعربية.
ولا شك أن في هذا شر وفساد، واليوم صار الأمر أشر وأفسد وأخطر، عندما اتجهوا لمتابعة الأندية والمباريات الأجنبية: الدوري الإسباني، والدوري الإنجليزي، وكأس الأمم الأوربية وغيرها، حيث أخذ الأمر بُعداً عقدياً خطيراً، من حبٍ لهؤلاء الكفار وإعجاباً بهم، وتعليقاً لصورهم، وحفظاً لأسمائهم، ومتابعةً لتفاصيل حياتهم، فضعف بذلك ومع مرور الوقت عقيدة الولاء والبراء، الذي هو أوثق عرى الإيمان، وهذا الحب والإعجاب، وإن كان كما يدّعيه البعض أنه في الظاهر، إلا أن له تأثيراً في الباطن والسلوك شعر به صاحبه أو لم يشعر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "المشابهة في الأمور الظاهرة تورث تناسباً وتشابهاً في الأخلاق والأعمال، ولهذا نُهينا عن مشابهة الكفار ومشابهة الأعاجم ومشابهة الأعراب، ونُهي كل من الرجال والنساء عن مشابهة الصنف الآخر كما في الحديث المرفوع: "من تشبه بقوم فهو منهم" ا. هـ[مجموع الفتاوى 22 / 154].
هذا، وقد أُمرنا ببغض الكفر وأهله، ولا يلتقي الإيمان بالله مع مودة الكفار في قلب مسلم، فكيف إذا كان الأمر أعظم من الود، كالحب والإعجاب والتعظيم لهؤلاء اللاعبين؟!
قال الله -تعالى-: (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[المجادلة:22].
أيها المسلمون: إن هذا الانشغال الكبير بمتابعة المباريات، والتفاعل المبالغ فيه معها، يدل على أن الأمة تحتاج المزيد والمزيد من التعليم والموعظة والتربية والدعوة.
فأسأل الله أن يصلح أحوالنا ...
أقول هذا القول ...
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه ...
أما بعد:
أيها المسلمون: إن مما عمت به البلوى في بلاد المسلمين مما له تعلق بلعبة كرة القدم، هذا الانتشار الهائل في الأعوام الأخيرة من ارتداء أبناء المسلمين للملابس الرياضية للأندية الأجنبية، والتي تحمل شعارات تلك الأندية، أو شعارات دولها.
ومما هو معلوم ومشاهد: أن كثيراً من هذه الشعارات لا تخلو من مخالفات شرعية، إما وجود صور أو رسومات محرمة.
والأخطر من ذلك كله وجود الصليب في شعارات بعض الأندية.
وكل هذه المصائب دخلت علينا بعد هذا الهوس الكروي في متابعة الأندية الأجنبية.
وأصبحت بلاد المسلمين سوقاً رائجةً لهذه الملابس بيعاً وشراءً وارتداءً.
ووصل الأمر أن بعض الآباء -هداهم الله- يشتري لأولاده مما يُعرف بالملابس الأصلية، والتي يصل سعر الفانيلة إلى 500 ريال، ولا يمكن الحصول عليها إلا بالحجز.
فما هو حكم الشرع في بيع وشراء وارتداء هذه الملابس؟.
أيها المسلمون: لا يخفى على عاقل الحال التي وصل إليها الناس في زماننا هذا، ومعهم المسلمون من الإدمان لكرة القدم، والتعلق بلاعبيها، والتعظيم لنواديها، فانتشار صور اللاعبين في كل مكان، والتسمي بأسمائهم، ولبس ملابس عليها أرقامهم، وتقليدهم في حركاتهم، ولعبهم، وتصرفاتهم.
كل ذلك، وغيره كثير من علامات ذلك الإدمان والتعلق والتعظيم لتلك اللعبة ولاعبيها.
ولا شك أن هذا يدل دلالة واضحة على تعلق المسلمين تبعاً للهمج الرعاع من غيرهم بتلك اللعبة.
وتدل على تعظيمهم لأولئك اللاعبين ونواديهم، ويغضون النظر عن كونهم كفار وفسقة يظهرون عوراتهم للناس، وعما يُنشر عن حياتهم من أحوال الفسق والمجون، بل لا يبالون بكونهم كفاراً!.
ولذا، فلا يجوز لمسلم أن يلبس قمصاناً فيها نوع تعظيم لأولئك الكفار أو نواديهم، فلا يجوز لمسلم أن يضع اسم لاعب كافر ولا ناديه ولا رقمه، كما لا يجوز له أن يضع على قميصه صورة أولئك اللاعبين أو أحدهم.
سئل علماء اللجنة الدائمة: ما حكم لبس الملابس الرياضية التي تحمل شعارات خاصة بالكفار، مثل الفنايل الرياضية التي عليها شعارات إيطاليا أو ألمانيا أو أمريكا، أو التي مكتوب عليها أسماء بعض اللاعبين الكفار؟.
فأجابوا: الملابس التي تحمل شعارات الكفار فيها تفصيل، كما يلي: إن كانت هذه الشعارات ترمز إلى ديانات الكفار كالصليب ونحوه.
ففي هذه الحالة لا يجوز استيراد هذه الملابس، ولا بيعها ولا لبسها.
وإن كانت هذه الشعارات ترمز إلى تعظيم أحدٍ من الكفار، بوضع صورته أو كتابة اسمه، ونحو ذلك؛ فهي أيضاً حرام -كما سبق-.
وإذا كانت هذه الشعارات لا ترمز إلى عبادة، ولا تعظيم شخص، وإنما هي علامات تجارية مباحة، وهي ما يسمى بـ "الماركات" فلا بأس بها[فتاوى اللجنة الدائمة (24/24- 25)].
وسئل فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-:
طُرحت في الآونة الأخيرة بعض البضائع عليها صور اللاعبين، فما حكم ذلك؟
فأجاب: أرى أن هذه البضاعة التي عليها صور اللاعبين؛ تُهجر وتقاطع؛ لأننا نسأل: ما فائدة الإسلام والمسلمين من بروز هذا اللاعب وظهوره على غيره؟
أعتقد أن كل إنسان سيكون جوابه بالنفي؛ لا فائدة من ذلك، فكيف نعلن عن أسماء هؤلاء وننشر صورهم، وما أشبه ذلك؟!
وكان الذي ينبغي أن يعدل عن هذا إلى مناصحة اللاعبين بالتزام الآداب الإسلامية؛ من ستر العورة، والمحافظة على الصلاة في الجماعة، وعدم التنافر فيما بينهم، وعدم التشاتم، وألا يستولي عليهم تعظيم الكافر إذا نجح في هذه اللعبة على غيره، هذا الذي ينفع، فأرى أن تهجر هذه البضاعة وتقاطع[مجموع فتاوى الشيخ العثيمين (12/جواب السؤال، رقم (258)].
وسئل الشيخ العثيمين -رحمه الله- أيضاً: ما تقولون فيما يفعله بعض الشباب من أبناء المسلمين اليوم في الألبسة التي يرتدونها للرياضة، وهي تحمل شعارات لدول كافرة، أو لبعض اللاعبين من الكفار، أو فيها شعارات تعصب لبعض الفرق الرياضية الكافرة إعجاباً بهم؟ هل هذا من موالاة الكفار، أفتونا -وفقكم الله-؟.
فأجاب: قد يكون هذا ليس من موالاة الكفار ظاهراً، لكن من فعله؛ فإن في قلبه من تعظيم الكفار ما ينافي الإيمان، أو كمال الإيمان.
والواجب علينا نحن المسلمين: أن نقاطع مثل هذه الألبسة، وألاّ نشتريها، وفيما أحل الله لنا من الألبسة شيء كثير؛ لأننا إذا أخذنا بهذه الألبسة؛ صار فيها عزٌّ للكفار، حيث أصبحنا نفتخر أن تكون صورهم أو أسماؤهم ملبوساً لنا، هم يفتخرون بهذا، ويرون أن هذا من إعزازهم وإكرامهم؛ هم يسلبون أموالنا بهذه الألبسة، مصانعهم حامية، وجيوبنا منفتحة لبذل الدراهم لهم، وهذا خطأ[اللقاء الشهري (2/السؤال، رقم (11)].
أيها المسلمون: كل هذه الفتاوى من العلماء للملابس التي تحمل شعار وصور وأسماء الكفار.
أما إذا كان الملبوس عليه صليب وهذا موجود في شعار عدد من الأندية، فالأمر خطير جداً.
فقد ورد النهي عن استعمال ما فيه صليب، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان ينقض ما فيه الصليب؛ فعن عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قالت: "إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَكُنْ يَتْرُكُ فِي بَيْتِهِ شَيْئاً فِيهِ تَصَالِيبُ إِلا نَقَضَهُ"[رواه البخاري].
سئلت اللجنة الدائمة عن المسلم الذي يلبس الصليب، فأجابت: إذا بُيِّن له حكم لبس الصليب، وأنه شعار النصارى، ودليل على أن لابسه راضٍ بانتسابه إليهم، والرضا بما هم عليه، وأصر على ذلك حُكِم بكفره؛ لقوله عز وجل: (وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)[المائدة: 51].
وفيه أيضاً إظهار لموافقة النصارى على ما زعموه من قتل عيسى -عليه الصلاة والسلام-، والله -سبحانه وتعالى- قد نفى ذلك وأبطله في كتابه الكريم، حيث قال عز وجل: (وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ)[النساء: 157] [فتاوى اللجنة الدائمة(2/119)].
وبناءً على ما تقدم من كلام أهل العلم، فلا يجوز بيع وشراء وارتداء الملابس الرياضية التي يوجد عليها صور اللاعبين وأسماءهم وأسماء الأندية وشعارها، ولا فرق في ذلك الحكم بين أن يبيعها المسلم جملةً أو مجزَّأة.
ومع تحريم لبس تلك القمصان التي تحمل أسماء أولئك اللاعبين، أو أسماء نواديهم، أو صورهم: فلو قدر لمسلم أنه صلى بها، فإن الصلاة لا تبطل إذا كان المصلي لابساً لها أثناء صلاته، فهي صحيحة مع الإثم.
وختاماً: هناك ظاهرة أصبحت تُفعل من قبل بعض اللاعبين عندنا، وهو أنه إذا أصاب هدفاً سجد لله شكراً على ذلك الهدف، وهذا لا يجوز؛ لأن سجود الشكر لا يكون إلا في عمل طاعة لله -عز وجل-، وكرة القدم بوضعها الحالي لا شك في حرمته، فلا يجوز سجود الشكر للتفوق في معصية.
اللهم ...
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم