عناصر الخطبة
1/الأماكن العامة ملك مشاع ينبغي المحافظة عليها 2/من صور الفساد البيئي ومظاهره.اقتباس
إن ديننا عظيم، قد أمر بكل حسن مفيد ونهى عن كل قبيح مضر، وإنك لتعجب ممن يفتن بحضار الغرب، وبعض ما عندهم من ترتيب وتنظيم وخلق، وما درى المسكين أنهم أخذوا هذا عن ديننا، ولكنه يجهل دينه.
الخطبة الأولى:
أما بعد فيا أيها الناس: لقد خلق الله الأرض، وأسكن عليها الخلق، ويسر لهم سبل العيش الكريم فيها، وسخر بعضهم لبعض لتدوم الحياة بينهم؛ فالناس كلهم يسكنون الأرض، ويتجاورون فيها، وجعل سبحانه حقوقا للجار، وشدد في حق الجار، وجعل أماكن في الأرض مشاعة بين الناس ليست ملكا لأحد، وتكون ملكا للدولة، وتجعلها للجميع، كالشوارع، والمتنزهات في البراري وغيرها، وفرض سبحانه حقوقا على الناس في هذه الأماكن المشاعة حتى لا يؤذي بعضهم بعضا، وسن حقوقا للطرق، وجعل إماطة الأذى عن الطريق من شعب الإيمان، كل هذا ليشعر الإنسان أنه لا يعيش في الأرض لوحده، بل معه شركاء يجب عليه أن يحافظ على شعورهم وكرامتهم.
عباد الله: لقد أمر الشرع العباد بالمحافظة على الأماكن العامة التي يرتادها ويستفيد منها الجميع، فلا يجوز لك أن تلوث المكان الذي تجلس فيه في البرية، وتقوم منه وقد حولته إلى مجمع زبالة، حتى يتقزز الناس من الجلوس بعدك فيه، بل إنك لتجد الأطعمة قد أهينت ورميت وهي بحالة جيدة يتمناها من لا يجدها، إن هذا الخلق سيئ وتصرفاك به أمام أولادك غرس له في نفوسهم وهم على نهجك يسيرون، فما يضرك لو حملت معك كيسا للنفايات، ثم جمعت كل نفاياتك فيه إذا انتهيت من التنزه، ثم حملته معك لأقرب برميل للزبالة، وتكون بذلك قدوة حسنة للجميع، وتنل بذلك أجرا عظيما، وتسلم من إثم عظيم، ودعوات الناس عليك.
ثم قد جاء الشرع بالنهي عن التبول في أماكن جلوس الناس وفي ظلهم، أو في مياههم الراكدة، كل ذلك حفظا لمشاعرهم وكرامتهم، ونشرا للخلق الحسن بينهم؛ بل جاء الشرع بإماطة الأذى عن الطريق، ورتب عليه أجرا، بل دخل بسببه رجل الجنة، أخرج الشيخان البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك في الطريق، فأخَّره، فشكر الله له فغفر له".
كما أمرنا بغرس الأشجار ذات الظل والأشجار ذات الثمر ليستفيد منها الإنسان والحيوان، بل وبحفر الآبار وشق الطرق، وجعل ذلك من الأوقاف التي يجري أجرها على صاحبها بعد موته.
عباد الله: إن ديننا عظيم، قد أمر بكل حسن مفيد ونهى عن كل قبيح مضر، وإنك لتعجب ممن يفتن بحضار الغرب، وبعض ما عندهم من ترتيب وتنظيم وخلق، وما درى المسكين أنهم أخذوا هذا عن ديننا، ولكنه يجهل دينه.
معاشر المسلمين: تعلموا الدين وأخلاقه، وعلموه أولادكم، وانشروه بين الناس، فإن تلك الأخلاق أول ما تكون، تكون ثقافات، ثم تكون اعتقادات، ثم ينتشر الوعي بين الجميع.
اللهم جملنا باتباع السنة والتخلق بها يارب العالمين.
الخطبة الثانية:
أما بعد فيا أيها الناس: كثيرة هي العادات السيئة التي يقع فيها البعض، من ناحية البيئة والمحافظة عليها، وتكون مخالفة لآداب التنزه، فمن ذلك رمي المخلفات في الطرقات، كالمناديل، أو قطوف الدخان، أو علب المشروبات، أو ربما التنخم في الطرقات، ويزداد الأمر سوءا إذا رأيت من يركب سيارته عند بيته أو عند المسجد ثم يقوم بتنظيفها ورمي كل مخلفاتها بجوار السيارة ثم ينصرف، وكأنه يقول أنا ومن بعدي الطوفان، فكم في هذه الحركة من أذية، وأنانية، وسوء خلق، ينم على قلة للتربية.
ومن ذلك رمي كيس الزبالة بجوار باب البيت أو بجوار الحاوية وعدم وضعها داخل الصندوق، ثم تعبث بها الحيوانات، ويتسخ الطريق، ويؤذي المارة والسكان.
ومن ذلك وضع بقية الأرز والخبز للطيور، مما يسبب أذية للجيران، بحيث يبقى الحمام ونحوه على أسوار البيوت وفي السطوح وعلى المساجد وعدم ذهابه، وهذه أذية عظيمة يغفل عنها البعض ويظن أنه يكسب أجرا في إطعامه للحمام، وما علم هذا أنه غير قوانين حياة الحمام التي تصبح وتغدو وتطلب الرزق من بعيد ثم تعود لعشها، ومع هذا آذى جيرانه، حتى خرجت مؤسسات متخصصة في طرد الحمام عن البيوت والأسوار، ولا يعرف هذا إلا من عاناه وتعب منه.
ومنن أمثلة تلويث البيئة، ما يصنعه بعض من يقوم بالحفر للبناء، حيث يقوم بنقل مخلفاته إلى أرض جاره، أو أراض مجهولة المالك، وقد وضعت البلديات أماكن مخصصة لكب المخلفات البيئية، فلم المخالفة؟
وعلى ذلك فقس، فكل عمل يسبب الأذية للناس فتجنبه، حتى لا تكون من أهل هذه الآية؛ (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا).
اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت....
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم