عناصر الخطبة
1/خصائص العشر الأواخر من رمضان 2/ أهمية النوافل للمسلم.اهداف الخطبة
الحث على استثمار العشر الأواخر بالطاعات .عنوان فرعي أول
خير الليالياقتباس
إنها العشر التي اختصها الله بالفضائل والأجور الكثيرة والخيرات الوفيرة.
الحمد لله الذي أتاح لعباده أوقات الفضائل ومواسم العبادة. ليتزودوا فيها من الأعمال الصالحة ويتوبوا إلى ربهم من الأعمال السيئة. وليضاعف لهم فيها الأجور.
ويعرضهم فيها لنفحات جوده وينزل عليهم فيها من رحمته وإحسانه. أحمده على نعمه وأشكره على جزيل إحسانه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شرع فيسر. ورحم غفر. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. كان يغتنم مواسم الفضائل ويحث على اغتنامها ويحذر من إضاعتها نصحاً للأمة وحرصاً على جلب الخير لها ودفع الشر عنها. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذي تمسكوا بهديه وساروا على سنته. وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد: أيها المسلمون اتقوا الله واعلموا أنكم تستقبلون عشراً مباركة هي العشر الأواخر من شهر رمضان المعظم. إنها العشر التي اختصها الله بالفضائل والأجور الكثيرة والخيرات الوفيرة. فمن خصائص هذه العشر: أن النبي –صلى الله عليه وسلم- كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره. وفي الصحيحين عنها قالت: كان النبي –صلى الله عليه وسلم- إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله. وهذا شامل للاجتهاد في هذه العشر بجميع أنواع العبادة من صلاة وقراءة قرآن.
وذكر لله بالتسبيح والتهليل والاستغفار والصدقة وغير ذلك. وفي هذين الحديثين وما جاء بمعناهما أن النبي –صلى الله عليه وسلم- كان يتفرغ للعبادة في هذه العشر.
فينبغي لك أيها المسلم أن تتفرغ فيها من أعمال الدنيا أو تخفف منها وتشتغل بالعبادة اقتداء بنبيك وطلباً للأجر وغفران الذنوب. ومن خصائص هذه العشر المباركة: الاجتهاد في قيام الليل وتطويل الصلاة بتطويل القيام فيها والركوع والسجود. وإيقاظ الأهل والأولاد ليشاركوا المسلمين في إظهار هذه الشعيرة ويشتركوا في الأجر والثواب ويتربوا على العبادة وتعظيم هذه المناسبات الدينية. وهذا أمر يغفل عنه الكثير من الناس، فيتركون أولادهم يلعبون في الشوارع ويسهرون لمزاولة أمور تضرهم في دينهم. وإنه لمن الحرمان العظيم والخسارة الفادحة أن ترى كثيراً من المسلمين تمر بهم هذه الليالي العظيمة وهم وأهلوهم وأولادهم في غفلة معرضون.
فيمضون هذه الأوقات الثمينة فيما لا ينفعهم. يسهرون معظم الليل في اللهو الباطل فإذا جاء وقت القيام والتهجد ناموا وفوتوا على أنفسهم خيراً كثيراً، لعلهم لا يدركونه بعد عامهم هذا. وحملوا أنفسهم وأهلهم وأولادهم أوزاراً ثقيلة لم يفكروا في سوء عاقبتها.
إن من تلاعب الشيطان بهم وصده إياهم عن سبيل الله.. قد يقول قائل: إن هذا القيام نافلة وأنا يكفيني المحافظة على الفرائض. والجواب عن ذلك أن نقول: إن المحافظة على الفرائض فيها خير كثير ولا تسأل إلا عنها. ولكن ما الذي يدريك أنك أديت الفرائض بالوفاء والتمام.
فأنت بحاجة إلى النوافل ليكمل بها نقص الفرائض يوما القيامة. روى الترمذي وغيره: "قال الرب سبحانه: انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل بها ما انتقص من الفريضة؟ ثم يكون سائر عمله على ذلك" والله سبحانه فرض الفرائض وعلم من عباده أنهم سيقصرون في إمامها وإكمالها فشرع لهم النوافل لجبر هذا التقصير –رحمة بهم- شرع نوافل من جنس الواجبات، فجعل من الصلاة ما هو واجب وما هو تطوع. وجعل من الصدقات ما هو واجب وما هو تطوع. وجعل من الصيام. ما هو واجب وما هو تطوع. ومن الحج ما هو واجب وما هو تطوع. ولا تكاد تجد واجباً إلا وبجانبه تطوع من جنسه.
ثم لو فرضنا أنك وفيت الفرائض حقها. فأنت مأمور بالاقتداء بنبيك –صلى الله عليه وسلم- كان لا يدعه، وكان إذا مرض – أو قالت: كسل- صلى قاعداً. وفي رواية عنها قالت: بلغني عن قوم يقولون: إن أدينا الفرائض لم نبال ألا نزداد، ولعمري لا يسألهم الله إلا عما افترض عليهم، ولكنهم قوم يخطئون بالليل والنهار وما أنتم إلا من نبيكم وما نبيكم إلا منكم، والله ما ترك رسول الله – صلى الله عليه وسلم- قيام الليل. تشير رضي الله عنها إلى أنه ينبغي للمسلم الاقتداء بنبيه، فلا يدع قيام الليل.
أيها المسلمون: ومن خصائص هذه العشر أنها يرجى فيها مصادفة ليلة القدر التي قال الله فيها: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) [القدر:3] قال النخعي: العمل فيها خير من العمل في ألف شهر سواها –وألف شهر يا عباد الله ثلاثة وثمانون عاماً وأربعة أشهر. فالعمل في هذه الليلة لمن وفقه الله خير من العمل في ثلاثة وثمانين عاماً وأربعة أشهر. وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "من قام ليلة القدر إيماناً بالله وبما أعد فيها من الثواب للقائمين فيها، واحتساباً للأجر وطلب الثواب. وهذه الليلة في العشر الأواخر من رمضان لقول النبي صلى الله عليه وسلم- في الحديث المتفق عليه: "تحرَّوا ليلةَ القدرِ في العشر الأواخر من رمضان".
ولن تظفر بهذه الليلة إلا إذا قمت ليالي العشر كلها. فقد أخفى الله سبحانه علمها على العباد رحمة بهم ليكثر عملهم في طلبها في تلك الليالي الفاضلة بالصلاة والذكر والدعاء، فيزدادوا تقرباً إلى الله تعالى وثواباً، وأخفاها أيضاً اختباراً للعباد ليتبينّ بذلك من كان جادّاً في طلبها حريصاً عليها ممن كان كسلان متهاوناً، فإن من حرص على شيء جد في طلبه..
أرأيتم لو أعلن عن مساهمة في شركة يؤمّل فيها الناس حصول المربح أليسوا يزدحمون على المساهمة فيها ويتحملون التعب وبذل الأموال في سبيل ذلك. ومن فاتته الفرصة منهم ندم ندامة شديدة. فما بالهم يعرضون عن المساهمة في الجنة لدى أرحم الراحمين الذي يربح العاملون عنده أضعافاً مضاعفة بغير حساب. إنه الحرمان والخذلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
قال تعالى: (بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى) [الأعلى:16].
أيها المسلمون: ومن خصائص هذه العشر المباركة مشروعية الاعتكاف فيها. وهو اللبث والبقاء في المساجد مدة هذه الأيام المباركة للتفرغ لطاعة الله عز وجل وهو من السنن الثابتة بكتاب الله وسنة رسوله –صلى الله عليه وسلم- فقد اعتكف النبي –صلى الله عليه وسلم- واعتكف أصحابه معه وبعده. والاعتكاف: انقطاع عن الناس وتفرغ لطاعة الله في مسجد من مساجده طلباً لفضله وثوابه وطلباً لليلة القدر. ويشتغل المعتكف بالذكر والقراءة والصلاة والعبادة ولا يخرج من المسجد إلا لما لا بد منه، ليخلو بربه ويتزود لنفسه من الأعمال الصالحة في هذا الموسم العظيم. فينبغي لمن يتمكن من إحياء هذه السنة أن يبادر إليها لما فيها من الأجر العظيم، وتدريب النفس على الطاعة. إن إحياء هذه السنّة التي تُركت في هذا الزمان أولى من العمرة، فإن النبي –صلى الله عليه وسلم- لم يعتمر في هذا الشهر بينما كان يعتكف إلى أن لقي ربه. وترى الناس يتسابقون إلى العمرة ويحرصون عليها، وهذا شيء طيب ولكن الاعتكاف آكد. ومن لم يتمكن من الاعتكاف فليحافظ على بقية الطاعات الواجبة والمسنونة من التبكير إلى المساجد، والجلوس فيها لتلاوة القرآن والذكر والعبادة؛ (وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً) [المزمل:20] أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحمن الرحيم: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ *لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ *تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ *سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) [القدر].
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم