اقتباس
إن تحقيق الإيمان في وقت الابتلاءات ليس ادعاءً بالكلمات، ولا مجرد شعارات تقال باللسان دون أن يكون لها رصيد راسخ في القلب يحفظ على البدن توازنه، وعلى العقل تصوراته وأفكاره، ولكنه وتد يُغرس في القلب فيدفع البلاء ويحرك الجوارح نحو العمل والتضحية والبذل لله تعالى، فلا يقوى البلاء على الصمود أمام هذا الطود الأشم، وتجاه هذا السيل الجرار المتدفق من المعاني الإيمانية ..
لا تزال الأحداث تتسارع على عالمنا الإسلامي يومًا فيومًا، ولا يزال المسلمون يذوقون الابتلاءات المتتالية ما بين قتل وجرح واعتقال وتشريد واضطرابات سياسية، وانقسمت الشعوب إلى صنفين: شعوب أنعم الله تعالى عليها بزوال ملك طغاتها ومستبديها، وأخرى لا تزال ترزح تحت نير الطغيان والظلم، تكابده ويكابدها، فيوم لها ويوم عليها، في حين تخامر قلوبنا مشاعر وعواطف فياضة تجاه ما يعانيه إخواننا في تلك البلاد، فتُحرِّك تلك المشاعر ألسنتنا وضمائرنا بالدعاء لهم أن يكشف الله تعالى عنهم الغمة، وأن يزيح عنهم هذا البلاء.
ولكن البلاء غالبًا ما ينشر سحبه في سماء الناس بسبب معاصيهم وتقصيرهم في حق الله تعالى، ولا تنقشع غمامته إلا بالتوبة الصادقة والرجوع إلى الله عز وجل، إلى جانب مدافعة أسبابه المادية على الأرض، فهما كالجناحان للطائر لا يطير إلا بهما، التوكل على الله تعالى بتعلق القلب به والعمل بالأسباب الشرعية من مراقبته ومحبته والعمل لأجله والتوبة الصادقة، بجانب الأسباب المادية التدافعية التي يزهق بها الباطل، وينكر بها المنكر، ويجابه بها الاستبداد.
لقد اقتضت سُنَّة الله تعالى في الناس وقوع البلاء والمحن، ليتميز الصف المؤمن، وليختبر الله تعالى إيمان العباد؛ ليعلم الصابرين فيجزيهم بأحسن ما كانوا يعملون؛ يقول تعالى: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ)، فالابتلاء واقع لا محالة: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ).
وإن أكبر دافع للبلاء في أوقات الأزمات هو التعبد لله رب العالمين، واستفراغ الوسع في تحقيق معاني العبودية في هذا الأوقات الحرجة، لاسيما والناس مشغول بعضهم ببعض، يتناوشون بالكلمات، ويأكل بعضهم لحوم بعض بالغيبة والسباب، وينشغل فيه الجميع بالدنيا، ويتكالبون على كسب شيء من نعيمها الزائل الفاني، التي تبعدهم عن نعيم الدنيا والآخرة الحقيقي، فالمؤمن الحق هو الذي لا يغادر أرض المعركة مقارعةً للباطل وأهله، ونصرةً للحق وأهله، ومع ذلك يخفق قلبه في كل وقت بالإيمان بالله تعالى وذكره والتعلق به والرغبة إليه.
إن تحقيق الإيمان في وقت الابتلاءات ليس ادعاءً بالكلمات، ولا مجرد شعارات تقال باللسان دون أن يكون لها رصيد راسخ في القلب يحفظ على البدن توازنه، وعلى العقل تصوراته وأفكاره، ولكنه وتد يُغرس في القلب فيدفع البلاء ويحرك الجوارح نحو العمل والتضحية والبذل لله تعالى، فلا يقوى البلاء على الصمود أمام هذا الطود الأشم، وتجاه هذا السيل الجرار المتدفق من المعاني الإيمانية المتجذّرة.
إن البلاء مهما عظم وترسخت أسبابه السياسية والاقتصادية والاجتماعية فإنه يتخلخل سريعًا أمام الإيمان الذي يكتسب قوته من مدى إخلاص العبد لربه -جل وعلا-، فالتعبد هنا له معناه العميق في ضمير المسلم، الذي يتصدى للظالمين بإيمانه ولسانه، ويصُفُّ قدميه بين يدي ربه جنديًّا في الميدان، ومصليًّا في المحراب، مهاجرًا إلى الله تعالى ورسوله، كما قال نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم: "العبادة في الهرج كهجرة إليّ".
فالهجرة -ذلك الحدث الضخم الذي تتضاءل إلى جانبه كثير من التضحيات الإسلامية الكبرى- قد مرّ زمانها، وانتهى أوانها، ولكن معناها لا يزال باقيًا إلى يوم الدين، فلا هجرة بعد الفتح، ولكنَّ عبادةً في وقت الغفلة والأزمة شأنها شأن هجرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، في ثوابها وأجرها، ومعناها العميق المتضمن لمعاني الاستجابة لأمر الله عز وجل والتضحية في سبيله والاعتصام به هربًا من الفتنة، تمامًا كما يهرب المهاجر بدينة من الكفر وأهله.
ومن هنا كانت مختاراتنا لهذا الأسبوع عن العبادة في وقت الأزمات وأثرها في كشف الغمة عن الأمة؛ ففي خضم هذه الأحداث الجسام قد ينسى البعض التكاليف الإلهية التي أوجبها الله تعالى عليه، وقد ينسى كذلك أثر تعلق القلب بالله والدعاء في جلب النصر وإزاحة البلاء ومعالجة الأزمة، ففي هذه الخطب نود التأكيد على كل هذه المعاني مجتمعةً، وأن ننبه على فضل العبادات في أوقات الفتن وعند حدوث البلاء، سائلين الله تعالى أن يفرج كربات المكروبين من المسلمين، وأن يزيل همهم، ويقضي على عدونا وعدوهم.
الخطبة الأولى: العبادة وقت الفتن؛ للشيخ سعد بن ناصر الغنام
الخطبة الثانية: العبادة في وقت الفتن؛ للشيخ محمد صالح المنجد
الخطبة الثالثة: العبادة الذاتية؛ للشيخ أحمد بن حسين الفقيهي
الخطبة الرابعة: العبادة في الهرج؛ للشيخ فهد بن حسن الغراب
الخطبة الخامسة: فلولا إذا جاءهم بأسنا تضرعوا؛ لشيخ محمد سعيد رمضان البوطي
الخطبة السادسة : أين العبادة في الهرج ؟! ، للشيخ عبدالعزيز بن عبدالله السويدان
عنوان الخطبة | العبادة وقت الفتن | اسم المدينة | الخرج, المملكة العربية السعودية |
رقم الخطبة | 2361 | اسم الجامع | جامع الفاروق |
التصنيف الرئيسي | التربية | التصنيف الفرعي | الأخلاق المذمومة |
تاريخ الخطبة | تاريخ النشر | 4/5/1432 هـ | |
اسم الخطيب | سعد بن ناصر الغنام | ||
أهداف الخطبة | |||
عناصر الخطبة | 1/ معيار التأثر بالفتن 2/ ميزة العبادة وقت الفتن 3/ أسباب النجاة من الفتن |
فالناس شغلوا بالأخبار والتحليلات، حتى تضاعف عدد المتابعين لها، حتى إن أحد المواقع الإخبارية الشهيرة تضاعف من يشاهدونه هذه الأيام إلى 25مرة! أي: 2500%!، فالعبادة في مثل هذه الظروف يعدل الهجرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي تشبه الهجرة الأولى التي هي أكمل الهجرات. أسأله -سبحانه وتعالى- أن يرزقني وإياكم أجر المهاجرين .. المزيد
عنوان الخطبة | العبادة في وقت الفتن | اسم المدينة | الخبر, المملكة العربية السعودية |
رقم الخطبة | 2362 | اسم الجامع | جامع عمر بن عبد العزيز |
التصنيف الرئيسي | التربية | التصنيف الفرعي | |
تاريخ الخطبة | 11/11/1430 هـ | تاريخ النشر | 4/5/1432 هـ |
اسم الخطيب | محمد صالح المنجد | ||
أهداف الخطبة | |||
عناصر الخطبة | 1/ فضل العبادة أوقات الفتن 2/ أسباب الثبات على الحق زمن الفتن 3/ بيان أن العاقبة للمتقين |
لهذا الإنسان الذي عبد الله تعالى في زمن الفتن، في زمن اختلاط الأمور، في زمن ثوران الشهوات والغرائز، في زمن خفاء أمر الحلال، وخفاء كثيرٍ من الأحكام على الناس، ولكنه يعبد ربه، ويعرف دينه، ولذلك فهو يتمكن بالعلم الذي معه، في وقت الاضطراب والجهل والخفاء، يتمكن به من معرفة الله تعالى وعبادته، والناس في حال الفتن و الاضطراب ينشغلون عن العبادة، ويشتغلون بأنفسهم، تطيش أحلامهم، تغيب عقولهم .. المزيد
عنوان الخطبة | العبادة الذاتية | اسم المدينة | الرياض, المملكة العربية السعودية |
رقم الخطبة | 2363 | اسم الجامع | جامع الإحسان |
التصنيف الرئيسي | التربية | التصنيف الفرعي | |
تاريخ الخطبة | 29/4/1427 هـ | تاريخ النشر | 4/5/1432 هـ |
اسم الخطيب | أحمد حسين الفقيهي | ||
أهداف الخطبة | |||
عناصر الخطبة | 1/ كثرة الفتن آخر الزمان 2/ أهمية العبادة في الفتن 3/ العبادات الخاصة وحرص الفُضَلاء عليها 4/ نصيحة للآباء والشباب بإحسان التعبُّد |
أَلَا وإن من أهم ما تستعد به النفوس لمقابلة الفتن ومقاومتها أمراً في غاية الأهمية، قَلَّ الحديث عنه، وتساهل البعض في جدواه، ولكن ما راءٍ كمَن سمع. إنها -أيها المؤمنون- عبادة الله، والتقرب إليه بشتى أنواع الطاعات؛ هذه الوسيلة التي غفل عنها المتحدثون، وتجاهلها المثبِّطون، ولم يفطن لها إلا العلماء والربانيون، إنهم يعلمون أنها وصية محمد -صلى الله عليه وسلم- لأمته حيث أخبرهم بأن العبادة في زمن الفتنة كالهجرة إليه .. المزيد
عنوان الخطبة | العبادة في الهرج | اسم المدينة | الرياض, المملكة العربية السعودية |
رقم الخطبة | 2359 | اسم الجامع | جامع شيخ الإسلام ابن تيمية |
التصنيف الرئيسي | التربية | التصنيف الفرعي | |
تاريخ الخطبة | 9/2/1424 هـ | تاريخ النشر | 4/5/1432 هـ |
اسم الخطيب | فهد بن حسن الغراب | ||
أهداف الخطبة | |||
عناصر الخطبة | 1/ العبادة حصن المسلم عند الفتن 2/ هدي النبي الكريم عند البلاء 3/ التحلي بالصبر عند الفتن |
.. ويتتبع الإذاعات، ويلهث خلف الجرائد والمجلات ولكنه ينسى أمرًا عظيمًا، وسياجًا واقيًا، ودرعًا حصينًا، أرشد إليها المصطفى صلى الله عليه وسلم، وباشرها إذا ادلهمت الخطوب، واشتدت الكروب، وكثر القتل، وعظمت الفتن، فزِع إليها، ففرج الله همه، ونفس كربه، وهزم عدوه، وأعلى كلمته .. أتدرون ما هي؟ إنها العبادة على اختلاف أنواعها وأوقاتها، وتفاوت أفضالها وأزمانها .. المزيد
عنوان الخطبة | فلولا إذا جاءهم بأسنا تضرعوا | اسم المدينة | دمشق, سوريا |
رقم الخطبة | 2358 | اسم الجامع | جامع بني أمية |
التصنيف الرئيسي | التربية, أحوال القلوب | التصنيف الفرعي | التاريخ الإسلامي |
تاريخ الخطبة | تاريخ النشر | 4/5/1432 هـ | |
اسم الخطيب | محمد سعيد رمضان البوطي | ||
أهداف الخطبة | |||
عناصر الخطبة | 1/ النصرة والنجاة بالالتجاء لله تعالى 2/ الالتجاء لله ينفخ الروح في الوسائل المادية 3/ نماذج تاريخية تبين نصرة الله للسلف بعد التجائهم إليه |
السبيل للخلاص من هذا البلاء اليوم هو السبيل الذي خلَّص أسلافنا من أمثال ذلك من البلاء بالأمس: الالتجاء إلى الله، صدق التوبة والإنابة إلى الله عز وجل؛ أقولها لنفسي، وأقولها لكم، وأقولها -قبل ذلك، ومع ذلك، وبعد ذلك- لقادتنا: أنيبوا إلى الله، أصلحوا الحال مع الله، اصطلحوا مع الله -سبحانه وتعالى-، ثم ضعوا عبوديتكم لله عز وجل موضع التنفيذ .. المزيد
عنوان الخطبة | أين العبادة في الهرج؟! | اسم المدينة | الدمام, المملكة العربية السعودية |
رقم الخطبة | 5300 | اسم الجامع | جامع أسيد بن الحضير |
التصنيف الرئيسي | التربية | التصنيف الفرعي | الإيمان |
تاريخ الخطبة | 23/01/1434 هـ | تاريخ النشر | 29/1/1434 هـ |
اسم الخطيب | عبد العزيز بن عبد الله السويدان | ||
أهداف الخطبة | |||
عناصر الخطبة | 1/ فضل العبادة في الهرج 2/ ملامحُ لأجواء الفِتَنِ الكئيبة 3/ هَدْيُ الموفَّقين وسط تلك الأجواء 4/ الهدي النبوي في العبادة في الفتن 5/ إحسان الظن بالله عند الشدائد 6/ الموازنة بين العبادة وتفقد أحوال المسلمين |
ففي لحظات الشدة ينبغي أن نذكر الله -تعالى- أكثر من أي شيء آخر، وهذا ما يميزنا عن الكفار -أيها الإخوة-، فإيماننا بالله ليس كإيمانهم؛ فإن في إيمانهم شكًّا في القدرة الإلهية الصرفة، فهم جنحوا إلى المادية، حتى أصبحت عقيدتهم كعقيدة القدرية الذين أنكروا القدَر، وجعلوا الإنسان في فكرهم هو الذي ..المزيد..
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم