عناصر الخطبة
1/ اختلاف الناس وتفاوت مداركهم 2/ المؤمن مصلح عظيم 3/ الصلح نهج قويم وسبب للمودة ومحو للقطيعة 4/ معاناة الأزواج من التفكك الأسري 5/ حث الإسلام على الإصلاح بين الزوجيناقتباس
والمؤمنُ الكبيرُ من هؤلاء إنما هو مُصلِحٌ عظيم، يجمعُ ولا يفرِّق، ويصلِح ولا يُفسِد، ويُفيضُ من أناته على ذوي النَّزَق والشِّقاق حتى يُلجِئَهم إلى الخيرِ إلجاءً، فيُطلِقُ الناسُ ألسنتَهم له بالدعاء والثناء الحسَن لكونه مُصلِحًا بين الفُرَقاء. إن التعارُف والتوادَّ بين الناسِ ضَربان خاصَّان من المحبَّة في النفس ليس لهما في الأنواع ضَريب، فهما اللذان يلتقي بهما بشَران يُتمِّمُ كلٌّ منهما الآخر ..
الحمد لله (غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ) [غافر: 3]، أحمده سبحانه وأشكره، وأتوب إليه وأستغفِرُه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله، وصفيُّه وخليلُه، وخيرتُه من خلقه، بلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، ونصحَ الأمة، وجعلنا على المحجَّة البيضاء ليلُها كنهارها لا يزيغُ عنها إلا هالِك، فصلواتُ الله وسلامُه عليه وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى أصحابه الغُرِّ الميامين، وعلى التابعين ومن تبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
فإن أحسن الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وشرَّ الأمور مُحدثاتُها، وكل مُحدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة.
ألا وإن تقوى الله زادُ كل راجٍ، ووازعُ كل خائِف، بها يُرزقُ المرء من حيثُ لا يحتسِب، ويلوحُ له من كل همٍّ فرَج، ومن كل ضيقٍ مخرج، (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) [يونس: 62، 63].
أيها المسلمون: إن اختلافَ الناسِ وتفاوُت مدارِكهم ورغباتهم وطبائعهم لَبعيدُ الشُّقَّة، مع أنهم من أبَوين اثنين، وهو في الحقيقة مثارُ امتحانٍ بالغِ الجَدوى، كما قال سبحانه: (وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا) [الفرقان: 20].
ثم إن في الناسِ الحليمَ المُتأنِّي المُحتفظَ برجاحة الفِكرِ وسماحة الخُلُق، فلا يحمَى من قليلٍ يسمعُه فيُوقِعُه في كثيرٍ يكرهُه.
وإن في الناسِ الطائشَ الأهوَج، والغِرَّ المأفون، وضيِّقَ العَطَن الذي تستخِفُّه التوافِه فيحمَقُ على عجَلٍ، ويكونُ لسانُه وفعلُه قبل قلبه وعقله.
والمؤمنُ الكبيرُ من هؤلاء إنما هو مُصلِحٌ عظيم، يجمعُ ولا يفرِّق، ويصلِح ولا يُفسِد، ويُفيضُ من أناته على ذوي النَّزَق والشِّقاق حتى يُلجِئَهم إلى الخيرِ إلجاءً، فيُطلِقُ الناسُ ألسنتَهم له بالدعاء والثناء الحسَن لكونه مُصلِحًا بين الفُرَقاء.
إن التعارُف والتوادَّ بين الناسِ ضَربان خاصَّان من المحبَّة في النفس ليس لهما في الأنواع ضَريب، فهما اللذان يلتقي بهما بشَران يُتمِّمُ كلٌّ منهما الآخر.
والناظرُ في واقعِ الناس اليوم سيجِدُ ثُلمةً تخدِشُ صفاءَ المودَّة والإخاء تظهَرُ في الهوى المُتَّبع، والشُّحِّ المُطاع، وإعجابِ كلِّ رأيٍ برأيه، فضربَ الاستحكامُ بالألفاظِ بأطنابِه ليركُز خيمةَ الخُصومة والتدابُر، فلم يُفرِّق لسانُ بعضهم وقلمُه بين العالِم والجاهِل، ولا بين ذي السلطان والسُّوقَة، وصارَ منطِقُ بعضِ عُشَاق القلَم ينحَى منحَى الأهوَج الأول: (مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى) [غافر: 29]، فطاشَت ضوابطُ السلوك عندهم، وكثُرت زلاَّتُهم فأحدَثَت شُرُوخًا يستفحِلُ رأبُها، ويستعصِي على المُصلِحين الإمساكُ بها خليّةً من الخِطام والزِّمام، فانهارَت أمانةُ الكلمة، وتلاشَت الثقةُ العزيزة، وتصدَّعَت الأخُوَّة، فلم يبرُز في الساحة إلا الإِحَن وسُوءُ الظنِّ، وصار وقعُ الألسُن أشدَّ من وقعِ الحُسام المُهنَّد.
ولا غَروَ -عباد الله-:
فإن النارَ بالعيدان تُذكَى *** وإن الحربَ مبدؤُها كلامُ
ولقد صدَقَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: "إن الشيطانَ قد أيِسَ أن يعبُده المُصلُّون في جزيرة العرب، ولكن في التحريشِ بينهم". رواه مسلم.
وعند هذه الخُصومات والنزاعات يُحمَدُ الصُّلح، ورأبُ الصدعِ، وجمعُ الكلمة، وإذا كان الخلافُ شرًّا والنزاعُ والخصومةُ معرَّةً؛ فإن الصّلحَ والتصالح رحمةٌ، وجمعُ فُرقةٍ وسدُّ ثُلْمة.
وإذا كان الخلافُ سنَّةً من الله -جل وعلا- في الخلقِ، كما في قوله: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ) [هود: 118]، فإنه سبحانه استثنَى من أولئك من أسبغَ عليهم رحمتَه فقال: (إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) [هود: 119]، فالخُصومةُ بلاءٌ والصُّلحُ رحمةٌ، والصُّلحُ والتصالُح ما وقع في أمةٍ إلا زانَها، ولا نزِع من أمةٍ إلا شانَها.
الصُّلحُ نهجُ قويم، ومنارٌ لكلِّ تائهٍ في مهامِهِ الخُصومةِ، الصُّلحُ جائزٌ بين المسلمين في الحقوق، وواجبٌ لنزعِ فتيلِ التباغُض والتدابُر، به يقرُبُ البعيد، ويتَّسِعُ المضيق.
بالصُّلح تُهزَمُ الأنانية، وينتصِرُ الإيثار، والصُّلحُ برُمَّته قال عنه سبحانه: (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) [النساء: 128]، وقال عنه: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ) [الأنفال: 1]، وقال عنه: (لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ) [النساء: 114]، وقال عنه سبحانه: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا) [الحجرات: 9]، وقال عنه -جل وعلا-: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ) [الحجرات: 10].
وإنه لا يُعرفُ في الوجودِ البشريِ مُصلِحٌ عزيزٌ عليه ما عنِتنا حريصٌ علينا بالمؤمنين رؤوفٌ رحيمٌ مثلُ النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فهو المُصلِحُ بين القبائل والطوائِف، وهو المُصلِحُ بين الأفراد والمُجتمعات، وهو المُصلِحُ بين الزوجين، والمُصلِحُ بين المُتداينَيْن، والمُصلِحُ في الأموال والدماء والأعراض؛ كيف لا وهو الذي يقول: "ألا أُخبِركم بأفضلِ من درجةِ الصيامِ والصلاة والصدقة؟!". قالوا: بلى، قال: "صلاحُ ذات البَيْن؛ فإن فساد ذات البَيْن هي الحَالِقة". رواه أبو داود، والترمذي.
وعن سهل بن سعدٍ -رضي الله عنه- أن أهل قُباء اقتَتلوا حتى ترامَوا بالحجارة، فأخبرَ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- بذلك، فقال: "اذهبُوا بنا نُصلِح بينهم". رواه البخاري.
وبئسَ الخَصمان اللذان يستكبِران أن يُصلِح بينهما رسولُ الهدى -صلوات الله وسلامه عليه-، والله –جل وعلا- يقول: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [النساء: 65].
وبعدُ:
يا رعاكم الله: فإن الصُّلح سببُ المودة ومحوٌ للقطيعة، والصُّلحُ قد يكون خيرًا من فضِّ الخُصومة قضائيًّا؛ لِما يُورِثُه من الشحناء من خلال ثُبوت الحُكم لأحد المُتخاصِمَين دون الآخر.
وقد كتبَ عمرُ بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- إلى أبي موسى الأشعري يقول له: "رُدَّ الخُصوم حتى يصطلِحوا؛ فإن فصلَ القضاء يُورِثُ بينهم الضَّغانة".
في الصُّلح -عباد الله- إذكاءٌ لخصلة العفو والتسامُح، وهو علامةُ التماسُك الاجتماعيِّ المحمود، بالصُّلح تقِلُّ المُحاكَمات، ويُقضَى على الأزمات، بالصُّلح يُرفعُ الفهمُ الخاطِئ بإحلالِ الفهمِ الصحيحِ، وبالصُّلح يعظُمُ الأجرُ، ويُمحَى الوِزر، بالصُّلح بين المُتخاصِمَين يصلُح حالُ الأسرة التي يصلُح بسببها المُجتمع، ثم الأمةُ بأسرِها.
ولن يتأتَّى ذلك كلُّه إلا إذا وُجِد العزمُ الصادقُ، والنيةُ الخالصةُ في الإصلاح من قِبَل المُصلِح والمُتخاصِمَيْن جميعًا؛ لأن الله –جل وعلا- علَّق تمام التوفيق في الإصلاح بحُسن الإرادة، كما قال سبحانه: (إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا) [النساء: 35]، ومفهومُ المُخالفة في ذلك: أنه إذا لم تكن إرادةُ الإصلاح حاضرةً لدى المُصلِح والمُتخاصِمين فشتَّان ما بينهم وبين التوفيق.
وقد تقدَّم للحسن البصري -رحمه الله- خصمان من ثقيفٍ، فقال الحسن: "وأنتما أيضًا في أسنانكما وقرابتكما تختصِمان؟!". فقالا: يا أبا سعيد: إنما أردنا الصُّلح. قال: "نعم إذًا، فتكلَّما"، فوثَبَ كلُّ واحدٍ منهما على صاحبه بالتكذيب، فقال الحسن: "كذبتُما وربِّ الكعبة، ما الصُّلح أردتُما؛ لأن الله -جل وعلا- يقول: (إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا) [النساء: 35]".
ألا فاتقوا الله -عباد الله-، وكفى خُصوماتٍ وتدابُرًا، لا سيَّما فيما هو من تفاهات الأمور وسفسَافها: (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) [الشورى: 40].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، قد قلتُ ما قلتُ، إن صوابًا فمن الله، وإن خطأً فمن نفسي والشيطان، وأستغفر الله إنه كان غفَّارًا.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.
أما بعد:
فإن الأسرة المُسلِمة أصلُ المُجتمع المُسلِم، وصورة المُجتمع الكلية إنما هي ترجمان لواقعِ الأُسرة، فإذا دبَّ في الأسرة روحُ الخِلافِ والتنازُع والخُصومة؛ فإن التشتُّت لها وللمُجتمع ما منه بُدٌّ، ويتأكَّد الأمرُ في حق الزوجين؛ لأنهما أُسُّ الأسرة.
ثم إن المُترقِّب لواقعِ مُجتمعه ليرى بعين قلبه ورأسه ما تُعانيه الحياةُ الزوجية من تفكُّك لدى كثيرٍ من الأزواج، كلُّ ذلك لأتفه الأسباب؛ فقد تُطلَّقُ المرأةُ في نُقصان مِلحٍ أو قفل بابٍ، فتُطلَّقُ حينها عدد نجوم السماء؛ حيث أُعْمِلَت السُّلطة، وأُهمِلَت الحكمةُ والعاطفة، والعكسُ صحيحٌ أيضًا.
وربما كان لتدخُّل الأهل والأقارب إذكاءٌ لروح الخلاف والخِصام، فتُؤتَى البيوتُ من ظهورها، ويُنزَع سِتارُها، ويهتَكُ حجابُها.
ومن المعلوم بداهةٍ: أن الله -سبحانه وتعالى- لم يخلُق الزوجين بطباعٍ واحدةٍ، ومن يظنُّ ذلك فهو يعيشُ في أوهام؛ لأنه لا يمكن البتَّة أن يُفكِّر أحدُهما بعقلِ الآخر أو يُحِسَّ بقلبِ الآخر، فكلٌّ له عقلٌ يُفكِّرُ به، وقلبٌ يُحِسُّ به.
ثم إن ارتِقاب الراحة التامة المُطلَقة بين الزوجين إنما هو نوعُ وهمٍ إلا من رحمَ الله؛ لذا كان من العقلِ توطينُ النفسِ على بعضِ المُضايقات، فالكمالُ لله وحده، وكان لِزامًا على المُجتمعات المُسلمة أيضًا أن ترعَى جانبَ الأسرة، وأن تُدرِك أن الوضعَ الأسريّ مرتعٌ خصبٌ للخلافِ والخُصومة؛ كيف لا، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن إبليس يضعُ عرشَه على الماء، ثم يبعَثُ سراياه، فأدناهم منه منزلةً أعظمُهم فتنةً، يجيءُ أحدُهم فيقول: فعلتُ كذا وكذا، فيقول: ما صنعتَ شيئًا، ثم يجيءُ أحدُهم فيقول: ما تركتُه حتى فرَّقتُ بينه وبين امرأته، فيُدنِيه منه ويقول: نعمَ أنت، فيلتزمُه". رواه مسلم.
وقد حثَّنا دينُنا الحنيفُ على الإصلاحِ بين الأزواج ورأب صدعِ البيتِ المُسلِم حتى لا ينهار فيهتزَّ كيانُ المُجتمع برُمَّته، ولذا قال الله سبحانه: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا) [النساء: 35]، وقال سبحانه: (وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) [النساء: 128].
ولقد كان من حرصِ الشارعِ الحكيمِ على الصُّلح ونزع فَتيلِ الخُصومة أن أباحَ شيئًا من الكذبِ في سبيلِ الإصلاح وجمعِ الكلمة؛ فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "ليس الكذَّاب الذي يُصلِحُ بين الناس، ويقول خيرًا أو ينمِي خيرًا". متفق عليه.
والمقصودُ بالكذبِ هنا: ذكرُ ما يكونُ سببًا للاجتماع وتأليفًا للقلوب، فلله! ما أجملَ الكذب في الإصلاح، ولله! ما أقبحَ الصدقَ في الإفساد، ولله! ما أقبحَ الرجل حلو اللسان خرابَ الجَنان قلبُه أمرُّ من الصَّبِر، قال الله عنه وعن أمثاله: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ) [البقرة: 204- 206].
هذا وصلُّوا -رحمكم الله- على خيرِ البرية، وأزكى البشرية: محمد بن عبد الله بن عبد المُطلب، صاحبِ الحوض والشفاعة؛ فقد أمركم الله بأمرٍ بدأ فيه بنفسه، وثنَّى بملائكته المُسبِّحة بقُدسِه، وأيَّه بكم -أيها المؤمنون-، فقال -جل وعلا-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب : 56].
اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد صاحبِ الوجه الأنور والجبين الأزهر، وارضَ اللهم عن خلفائه الأربعة: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر صحابة نبيِّك محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وعن التابعين، ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وجودك وكرمك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، واخذُل الشرك والمُشركين، اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين. اللهم فرِّج همَّ المهمومين من المسلمين، ونفِّس كربَ المكروبين، واقضِ الدينَ عن المَدينين، واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم