عناصر الخطبة
1/أهمية التعاون في إيصال الحق إلى أهله 2/ فضل تحمل الشهادة 3/ التحذير من المحاباة في الشهادة 4/ التحذير من شهادة الزوراهداف الخطبة
ترغيب الناس في الشهادة بالحق / التحذير من شهادة الزورعنوان فرعي أول
محاباة القريبعنوان فرعي ثاني
من يتحمل الشهادة بالحق؟عنوان فرعي ثالث
وكان متكئاً فجلساقتباس
فالشهادة لا يتحملها إلا نفوس طيبة صابرة مطمئنة بالحق، مضحية بوقتها وجاهها في نصرة الحق، ولا يؤديها إلا نفوس متنزهة عن أن تريد بها الدنيا وحطامها الفاني، نفوس مطلعة إلى الفردوس الأعلى، تؤديها ولو غضب المشهود عليه؛ ليرتدع ..
الحمد لله العظيم الذي يعلم ما توسوس به نفس العبد، وما ينطق به سراً أو جهراً، وأمرنا أن نقول الحق ولا نبالي بالخلق ولو كان مراً، أحمده سبحانه وهو أهل الحمد في السراء والضرا، وأشكره سبحانه على نعم تأتي علينا بالليل والنهار تترا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة أرجو بها عند الله يوم القيامة ذخراً.
وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله وخليله، أصدق الخلق، وأفضل من سكن البلد والصحرا، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه الذين قاموا في نصرته فامتلأت الدنيا نوراً وبِراً.
أما بعد،
فيا أيها الناس اتقوا الله، وامتثلوا أوامر ربكم جل وعلا، التي بامتثالها يكون لكم العزة والشرف والسلامة والكرامة في الدنيا والآخرة.
عباد الله إنكم في حاجة في دنياكم إلى التعاون مع إخوانكم في إيصال الحق إلى أهله، وإن الله سبحانه أمركم أن تأتوا بالشهادة على وجهها، وأن تؤدوا الأمانة إلى أهلها، أمركم ربكم بها فلا تكتموها؛ فتضيع الحقوق وتفسد المعاملات، فكما أن الشهادة بالحق يجب أداؤها فالشهادة الكاذبة شهادة الزور يجب الابتعاد عنها.
والناس في حاجة إلى التعاون على حقوقهم، فقد أمر الله بها عند البيع والشراء بقوله: (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) [الطلاق: 2]؛ لأن فيها حفظاً للحقوق عن النسيان، وتعاوناً على البر والتقوى.
ونهى الله من التأخر عنها عند الحاجة بقوله: (وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا) [البقرة: 282]، (وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) [البقرة: 283].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "خير الشهداء الذي يأتي بالشهادة قبل أن يسألها"، فيقصد المسلم بها وجه الله وحفظ حق المسلم ولا يكن فيها حظاً للنفس ولا لنفع إنسان ولا لضرر آخر فالتمسوا يا عباد الله لشهادتكم وأقوالكم الحق الذي لا جفاء بالعلم واليقين لقول ربكم جل وعلا (إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [الزخرف: 86].
وروي عن نبيكم صلى الله عليه وسلم أنه قال للرجل الذي أراد أن يشهد: "ترى الشمس"؟ قال:نعم قال:" على مثلها فاشهد أو دع".
ففي تحملها أجر عظيم، لمن احتسب وتعاون مع أخيه المسلم لحفظ حقه، فشهادة الحق تصل إلى أهلها وتقوي دعائم الأمن، وردع الظالم عن التلاعب بحقوق الغير، وعقد الإخاء والتعاون بين أهل الإسلام.
فمن محاسن الإسلام أن شرعها وأمر بها وحث عليها، ولم يشرع لنا شيئاً آخر عند ضبطها كتصوير الإنسان بالصور الشمسية، وفعل أشياء رذيلة دنيئة، بل نهى عن ذلك، وحذر منه.
ونهى عن المحاباة فيها لأجل قريب أو صديق. فتشهد بالحق -أيها المسلم- ولو على والدك أو صديقك، ولا تضيع حق الله لإرضاء الناس، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا) [النساء: 135].
فهو يأمر سبحانه بالقسط والعدل وينهى عن الحيف والزيغ (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [المائدة: 8].
فالشهادة لا يتحملها إلا نفوس طيبة صابرة مطمئنة بالحق مضحية بوقتها وجاهها في نصرة الحق، ولا يؤديها إلا نفوس متنزهة عن أن تريد بها الدنيا وحطامها الفاني، نفوس مطلعة إلى الفردوس الأعلى إلى الرحيق المختوم، الذي ختامه مسك الذي ينبغي التنافس فيه، تؤديها ولو غضب المشهود عليه ليرتدع عن الظلم والتعدي على حق الغير.
فاحتسبوا رحمكم الله في تحملها وأدائها الأجر، واستسهلوا كل صعب، واصبروا على التعب والمرارة وعلى التردد على المحاكم في تبليغها وأدائها فإنها أمانة عظيمة.
وليحذر المسلم من شهادة الزور فإنها خطيرة جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "عدلت شهادة الزور بالإشراك بالله ثلاث مرات" ثم قرأ (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ ) [الحج: من الآية30-31].
ولا يتجرأ عليها إلا من خف دينه وأمانته ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الصنف معيباً عليه ومحذراً من عمله: "ثم يجيء قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته"، وفي لفظ: "يشهدون ولا يستشهدون ويخونون ولا يؤتمنون وينذرون ولا يوفون".
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في التحذير من شهادة الزور لما سئل عن أكبر الذنوب قال: "الشرك بالله وكان متكئاً فجلس فقال: "ألا وقول الزور ألا وقول الزور" وقال الراوي: فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت.
عباد الله إن القلوب مصادر الصلاح أو الفساد؛ فإذا صلحت بادرت الجوارح الخير وقول الخير، وإذا خرجت بادرت الشر وتأخرت عن الخير، وإن الناس إذا ضعف خوفهم من الله تدهورت مساعيهم، وتكدرت أفهامهم، وعقدت معاملتهم، واختل نظامهم، فوقعوا في الشرور، وإذا قوي خوفهم من الله عظموا أوامره ونواهيه، فاستقامت أمورهم، وصلحت سرائرهم وعلانيتهم واستنارت بصائرهم، وارتكزت طرائقهم، وتسددت مساعيهم، وعظمت هيبتهم، واندحر عدوهم.
يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) [الأنفال:29].
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم