عبد الإله جاورا أبو الخير
المقدمة:
الحمد لله الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم، والصلاة والسلام على محمد بن عبدالله المتمِّم لمكارم الأخلاق، وعلى آله وصحبه ومَن تبعَهم بإحسان إلى يوم لا ينفَع مالٌ ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم.
وبعد:
فنحن في عصرٍ انتشرت فيه الفِتَن؛ فتنة الشُّبهات والشَّهوات، في البيوت والشوارع، وفي البرِّ والبَحر، وفي السمعيات والمَرئيات.
وشبابنا - رجالًا ونساءً - اليوم قد ابتُلوا بتلك الفِتَن والمُغريات، التي غرَّهم الشيطان بها، كسرابٍ بقِيعَةٍ يَحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يَجده شيئًا، إلا من رحمهم الله تعالى واختارهم، فجعَلهم تحت قوله: ﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ﴾ [الحجر: 42].
لذا قمتُ بكتابة هذا الموضوع بعنوان: "الشباب والانحراف: أسبابه، وخطورته، والحلول"؛ لعل الله سبحانه وتعالى أن يَشرح به صدور شبابنا، فيروا الحق حقًّا فيُؤمنوا به ويتبعوه، ويروا الباطل باطلًا فيكرهوه ويَحذروا منه، إنه الهادي إلى صراط مستقيم.
مَن هم الشباب والشابات؟
الشباب في أصل اللغة: النماء والقوَّة.
ومرحلة الشباب تبدأ من سن البلوغ إلى سنِّ الأربعين، واستدلَّ البعض بقوله تعالى: ﴿ حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً ﴾ [الأحقاف: 15].
الشباب هم رجال الغد، وثمرات المستقبَل، وأمل المجتمع، وثروة الوطن.
أما الشابات، فهنَّ الأمهات، فبأيديهنَّ يتخرَّج العظماء من الرجال والنساء، فمتى صلحْن صار مُستقبلًا زاهرًا للعالم كله.
فمرحلة الشباب مرحلة القوة والفرصة؛ لذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس رضي الله عنهما لرجل وهو يعظه: ((اغتنم خمسًا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحَّتك قبل سقمِك، وغناك قبل فَقرك، وفراغك قبل شُغلِك، وحياتَكَ قبل مَوتِك))؛ صححه الألباني.
كما أن الشباب في تلك المرحلة سرعان ما يُغريهم الشيطان، ويُغْويهم إلى الفحشاء؛ لذا عرف الرسول صلى الله عليه وسلم الداء، فوصف لهم دواءين؛ وهما: الزواج للمستطيع، والصوم للعاجز؛ كي ينجوا من ابتزاز الشيطان، ففي حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم: ((يا معشرَ الشَّباب، من استطاع منكم الباءةَ فليتزوَّج، ومَن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء))؛ رواه الشيخان.
فهذا نداء خاص للشباب، ونفهم من الحديث أن وقاية الشباب مِن الفَحشاء لا يُمكن إلا بأمرَين:
أ - الزواج؛ وبه يَحصل التَّحصين.
ب - الصوم؛ وبه تسدُّ طرق الشهوة التي تؤدِّي إلى المعصية.
والدين يسْرٌ لا يُحبُّ التكلُّف على أحد.
الانحراف:
تعريف الانحراف: هو الميل عن الشيء.
فالشباب انحرفوا عقديًّا، وانحرفوا فكريًّا، وانحرَفوا خلُقيًّا؛ لذا نراهم آمَنوا بأفكار الكفار، وقلَّدوا أعمالهم، وتشبَّهوا بهم، وصدَق الأمين محمد صلى الله عليه وسلم حيث يقول فيما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه ((لتتبعُنَّ سنن الذين مِن قَبلِكم، شبرًا بشبرٍ وذراعًا بذِراع، حتى لو دخَلوا في جحر ضبٍّ لاتَّبعتموهم))، قلنا: يا رسول الله، آليهود والنصارى؟ قال: ((فمن؟))؛ رواه الشيخان.
وفي رواية عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تقومُ الساعة حتى تأخذ أمَّتي بأخذ القرون قبلَها، شِبرًا بشبر، وذراعًا بذراع))، فقيل: يا رسول الله، كفارس والروم؟ فقال: ((ومَن الناسُ إلا أولئك؟))؛ رواه البخاري.
فما هي الأسباب التي أدَّت إلى هذه الانحرافات؟
أسباب انحراف الشباب:
1 - الإعراض عن الكتاب والسنَّة:
قال تعالى: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ [طه: 124].
2 - الشيطان:
الحرب بين الشيطان والبشر بدأت منذ خلق الإنسان؛ وذلك حسدًا من عنده، ولا تزال تلك الحرب بين الحق والباطل إلى قيام الساعة.
فأكبر عدو للإنسان هو الشيطان، أقسَمَ أنه ليجلسنَّ الصراط المستقيم لإضلالِهم؛ قال الله تعالى متحدِّثًا على لسان إبليس اللعين:
﴿ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴾ [الأعراف: 16، 17].
3 - فساد الوالدَين (عدم استقامة الوالدين على الفطرة):
فابن آدم يولد على فطرته مع الدين، ففساد الوالدَين أو أحدهما قد يؤثر على الولد؛ كما جاء في الحديث عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما مِن مَولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يُهوِّدانه أو يُنصِّرانه، أو يُمجِّسانه، كما تنتج البهيمة بهيمةً جمعاء، هل تُحسُّون فيها مِن جدعاء؟))؛ رواه البخاري.
والإسلام بيَّن لنا كيفية اختيار الأم الصالحة لأبنائنا؛ فروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((تُنكَحُ المرأة لأربع: لمالها، ولحسَبِها، وجَمالها، ولدينِها، فاظفر بذات الدين، تربتْ يَداك)).
ويُروى أن رجلًا وصَّى أبناءه يومًا فقال لهم: لقد أحسنتُ إليكم صغارًا وكبارًا، وقبل أن تُولَدوا، فقالوا: يا أبتاه، لقد عرفنا إحسانك إلينا صغارًا وكِبارًا، لكن كيف إحسانُك إلَينا قبل أن نولد؟ قال: لقد اخترتُ لكم أمهات برَرة.
وكذلك الرجل الصالح لأبنائنا مِن حيث الدين والخلُق؛ فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا خطب إليكم مَن ترضَون دينه وخلُقَه، فزوِّجوه؛ إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفسادٌ عَريض))، وحسَّنه الألباني في "صحيح الترمذي".
4 - فساد البيئة:
يقال: إن الإنسان ابن بيئته، فكلَّما صلَحت البيئة صلحَ الشباب، وكلما فسدت البيئة فسد الشباب؛ قال تعالى: ﴿ وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا ﴾ [الأعراف: 58].
5 - القرين السوء:
القرين السوء قد يقودُ المرء إلى النار، وقد مثَّل لنا الرسول صلى الله عليه وسلم القرين السوء بصفة موجَزة؛ فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إنَّما مثل الجليس الصالح والجليس السوء؛ كحامِلِ المسْك ونافخ الكير؛ فحامل المسك: إما أن يُحذيَك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجدَ منه ريحًا طيبة، ونافخ الكير: إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجدَ منه ريحًا خبيثة))؛ أخرجه البخاري ومسلم.
6 - الفراغ:
إن الشباب لو عرفوا قيمة الوقت لما ضيعوا جميع أوقاتهم سُدى بين اللهو والفوضى؛ قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحَّة، والفراغ))؛ رواه البخاري.
7 - الغنى:
بعض الشباب أنعم الله عليهم بالنعم التي لم يَشعُروا بها حتى يشكروه، فتراهم يقومون بإسراف المال والتبذير فيما لا ينفع، وقد أهلك الله قرية كاملة بسبب كفرِهم نِعَمَ الله؛ قال تعالى: ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ [النحل: 112].
قال الشاعر:
إذا كنتَ في نعمة فارْعَها
فإنَّ المَعاصي تُزيل النِّعَمْ
وحافظْ عليها بشُكرِ الإله
فإنَّ الإلهَ شديدُ النِّقَمْ
8 - الفقر:
ففقدان الإيمان بالله والثقة به أدى إلى موت كثير من الشباب الذين يهاجرون عن طريق البحر متجهين إلى الغرب طمعًا في كسب المال، وأدَّى بالشابات إلى بيع شرفهنَّ مِن أجل دريهمات تسقط في أيديهنَّ.
9 - الجهل:
فالعلم أساس المعرفة، فلا يُمكن الإصلاح إلا بالمعرفة، وكثير مِن الشباب اعتقدوا أن المال غاية وليس وسيلة؛ لذا قدموا المال على العلم، وقدموا قوة البدن على قوة العقل، فصاروا أمة اللاعبين، ونحن أمة (اقرأ)، وقد كنا أمة القراء فصرْنَ أمَّة اللاعبين.
10 - المخدرات:
والشباب مقسمون في المخدرات على قسمين:
أ - الطامع في المال: فهذا لا يشربها؛ وإنما يطمع في المال، فصار بائع المخدرات، ونسي مروءته وإنسانيته، فتخلَّفَ وأفسَدَ أمةً بكامِلها.
ب - الشارب: أنعم الله عليه بالعقل السليم فلم يستخدمه في حفظ القرآن، أو سنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم، أو الدفاع عن الدين، أو إصلاح ذات البين، وإنما استخدم هذه النِّعمة التي فقدها خلق كثير، في شرب الخمر أو في التفكير الزائف.
11 - فساد الزمن:
وذلك يحدث في الإجازات، ترك الشباب خلال ثلاثة أشهر، فئة تهتمُّ بلعب الكرة، وفئة في الرقص، وفئة في السهر، وفئة في التجوُّل، دون تكوين في المساجد أو عمل مُفيد.
12 - الفساد المكاني:
يَخرج الشباب إلى الشواطئ، وبعضهم إلى أماكن الرقص، والبعض الآخر إلى المقاهي أو الملاعب، فيختلط الحابل بالنابل، فيحدث ما يَحدث، فتنتج الويلات.
13 - فساد المرئيات (ما يعرض على الشاشات):
كثرت المرئيات ما بين التلفاز والإنترنت، وكادُوا لا يُفرِّقون بين الحلال والحرام، حتى انغمَسوا فيه، ولا يدرون أن العين مفتاح المحرَّمات؛ لذا أمَرَنا ربُّنا أن نغضَّ أبصارَنا في قوله تعالى: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 30، 31].
14 - فساد السمعيات:
لو استمعت إلى جوال الشباب وأجهزتهم لا تكاد تصدق أنهم مسلمون، أو يعيشون في مجتمع إسلامي، من كثرة الأغاني المحرَّمة، والله يقول في كتابه العزيز: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا ﴾ [الإسراء: 36].
15 - الفساد الكتابي:
لو اطَّلعتَ على الرسائل الماجنة، التي فيها الابتزاز بين الشباب والشابات في جوَّالهم، أو في حسابهم عبر الإنترنت ﴿ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا ﴾ [الكهف: 18].
15 - اليتْم:
فهذا اليتيم الذي فقد أباه في المرة الأولى، ثم يأتي مرةً ثانية فيفقد حريته ومروءته مِن أجل الهمِّ والغم والفقر، فيؤدي بالشاب إلى السرقة، أو بيع المخدرات، أو يصير صعلوكًا، وتؤدِّي بالشابة إلى بَيع شرفِها وكرامتها.
وقد أوصانا الرسول صلى الله عليه وسلم بالرحمة والشفقة على اليتيم؛ لأنه مرَّ بتلك المرحلة، فقال: ((أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا))، وأشار بالسبابة والوسطى، وفرَّج بينهما شيئًا؛ رواه البخاري.
16 - إعراض المصلحين عنهم:
مما أدَّى بالشباب إلى الفساد غفلةُ بعض الرعاة عنهم، فجاء الفُسَّاق فاستغلُّوا تلك الفُرَص، بتضليلهم مِن جميع النواحي، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((مَن رأى منكم منكرًا، فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانِه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)).
17 - الحرية المطلقة دون قَيد:
ظنَّ الشباب أن الحرية أن تقول وتفعل ما تشاء، ثم تخرج من البيت متى تشاء، وتلبَس مِن اللباس ما تشاء؛ وإنما الحرية الوقوفُ عند حدود الله.
18 - الرعاة:
وهنا يأتي دور الأولياء؛ كالآباء، والحكومة، والمعلِّمين، فيجب مراقبة الشباب قبل أن تَزِلَّ أقدامهم بعد ثبوتِها؛ لأنهم اهتمُّوا بتربية العقول بالعلوم، والأجسام بالطعام والملابس، ونسُوا الأخلاق، بينما قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ((إنما بُعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق)).
خطورة انحراف الشباب:
متى فسد هؤلاء الشباب - لا قدَّر الله - فهل يُرجى مُستقبل منير للمجتمع أو الأمة أو الأحفاد؟!
الجواب: لا، وألف لا.
الحلول:
1 - تعليم الشباب الكتاب والسنَّة.
2 - توعيتُهم؛ وذلك عن طريق الدورات العلمية، لسدِّ جميع أسباب طرق الفساد المذكورة.
3 - تذكيرُهم بشباب وشابات ما زال التاريخ يَذكرهم ويُذكِّرنا بهم:
شباب وشابات وضعوا بصماتهم في الحياة، وما زال التاريخ يَذكرهم ويُذكِّرنا بهم، ويُثني عليهم؛ لأن تلك المرحلة مِن أشد المراحل؛ فالشيطان يستفزُّهم ويستحوذ عليهم، فمَن زُحزح عن كيده ومكرِه، فيُرجى له حسن الخاتمة.
1 - شابة نشأت في عبادة الله:
مريم بنت عمران القانتة المصدِّقة بكلمات ربها، التي حازت الشرف بعد أن وُهِبتْ لله، فنشأت في بيوت الله بين الركوع والسجود، خادمة المساجد وحارسة لها، وستكون من السبعة الذين يظلُّهم الله يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه كما جاء في الحديث.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((سبعة يُظلُّهم الله في ظلِّه، يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه: الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة ربه، ورجل قلبه معلَّق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمَعا عليه وتفرَّقا عليه، ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدَّق؛ أخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه))؛ متفق عليه.
2 - شابة وهبتْ روحها لله:
أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، التي لعبت دورًا في هجرة الرسول صلوات الله عليه وسلامه، من مكة إلى المدينة، حتى سُمِّيَت ذات النطاقين؛ حيث إنها كانت تَحمِل الطعام إلى غار ثور، والشمس في حرِّها، والطريق وشدته، والأعداء وغلظتهم، فلم تأخذها في الله لومةُ لائم، فاشترت نفسَها ابتغاء مَرضاة الله، ودفاعًا عن الإسلام، عند هجرة والدها مع خير الخَلق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3 - شباب هاجروا بإيمانهم:
أصحاب الكهف هم شباب كانوا يَعيشون مع ملك طاغية، فشرح الله صدورهم للإسلام فآمَنوا بالله، وأراد الملك أن يَفتنهم بعد الإيمان، أو يقتلهم أو يعذبهم عذابًا شديدًا، فهاجَروا بإيمانهم إلى الكهف، تاركين أهليهم وديارهم لله سبحانه وتعالى، والدنيا وملذاتها الفانيَة للمَلك الطاغية، فقد أثنى الله عليهم في كتابه العزيز حيث قال: ﴿ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ﴾ [الكهف: 13].
4 - شاب يجمع المصحف الكريم:
زيد بن ثابت رضي الله عنه يقومُ بجمع القرآن بأمر خليفة المسلمين أبي بكر الصديق رضي الله عنه وبإذنه، مع أن زيدًا في ريعان شبابه، ويقول له الخليفة قوله المشهور: "إنك رجل شابٌّ عاقل ولا نتَّهمك، كنتَ تَكتُب الوحْي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتبَّعِ القرآن فاجمعه"؛ أخرجه البخاري في الصحيح.
نفهم مِن قَول أبي بكر رضي الله عنه:
أنَّ لهذا الشاب دورًا كبيرًا في أيام الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد جمع بين القوة والذَّكاء، والتقوى والعدالة، فلذلك اختارَه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووضَعَ للإسلام والأمَّة الإسلامية ولنفسِه بصمةً لا تُمحى.
5 - شاب يقود جيشًا:
أسامة بن زيد يقود جيشًا لغزْو الروم، وهو في ريعان شبابه أمام كبار الصحابة.
6 - أول سفير في المدينة:
هو مُصعب بن عمير رضي الله عنه، الفاتح، السفير الأول في الإسلام، والمعلِّم في المدينة المنورة، مع كونه شابًّا.
الخاتمة:
اللهمَّ اهدِ شبابَنا، وخذْ بنواصيهم إلى ما تُحبُّ وتَرضى، واهدِهم إلى الصراط المُستقيم، وأَرِهم الحقَّ حتَّى يؤمنوا به.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم