عناصر الخطبة
1/حجية القرآن 2/دليل حجية السنة من القرآن والسنة 3/وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى 4/حكم منكر السنةاقتباس
فكما أنَّ القرآن وَحْيٌ مِن الله تعالى، فكذلِكَ سنةُ النبي -صلى الله عليه وسلم- وَحْيٌ من اللهِ تعالى لا فَرْقَ بَيْنَهما...
الخطبة الأولى:
إِنَّ الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ -صلى الله عليه وسلم-.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102]،
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء:1].
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب:70-71].
"أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
أَمَّا بَعْدُ: فإنَّ اللهَ تعالى جعل القرآن هدًى وتبصرة للقلوب والعقول، ونورٌ الحَياةِ ومِنْهاجًا قَوِيمًا للناسِ (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا * وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا)[الْإِسْرَاءِ:9-10].
فعلى أهل الإيمان أن يُعَظِّموا هذا الكِتابَ وأن يَجعَلوهُ دستور حياتهم، ونظامَ معاشهم، (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)[البقرة:121].
أيها المؤمنون: لقد أَنْعمَ اللهُ علينا بِأنْ أرسَلَ إلينا رسولًا يُبَيِّنُ لنا ما في كتابِ الله من الحِكَمِ والأحكامِ، ويُجَلِّي لنا ما فيه من شرائع وآداب، (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِين)[آل عمران:164].
فقد جاءَ رسولَ الله تعالى مُبَلِّغًا عن اللهِ تعالى، ومُبَيِّنًا لما في كتابه، ومُفصِّلًا لما فيه من التشريعات والأحكام وآداب، (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)[النحل:44]، (وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)[النَّحْلِ:64].
وأمرنا اللهُ -جَلَّ وعَلا- بطاعةِ رسولِهِ -صلى الله عليه وسلم-، والعملِ بسُنَّتِه، فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ)[محمد:33].
وجَعَلَ اللهُ أَمْرَهُ ونَهْيَهُ حُجَّةٌ يجِبُ الأَخُّذُ بها (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)[الْحَشْرِ: 7].
وجعل طاعَتَه مِن طاعَةِ الله، (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا)[النساء:80].
أمة الإسلام: إذا وقع الخلاف في أمر من الأمور فإنَّ المرجع إلى كتاب الله وإلى رسوله -صلى الله عليه وسلم- (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا)[النِّسَاءِ:59].
قال الإمام أحمد رحمه الله: نَظَرْتُ في المُصْحَفِ فوَجَدْتُ طاعَةَ الرسولِ -صلى الله عليه وسلم- في ثَلاثةٍ وثلاثينَ مَوْضِعًا، ثم جَعَلَ يَتْلُو: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)[النور:63].
عبادَ اللهِ: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)[الْأَحْزَابِ:21]؛ فاتقوا اللهَ واتخِذوا مِنْ رَسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أُسْوَةً لنا، نَقْتَدي به في كُلِّ شَيْءٍ.
واستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية:
الْحَمْدُ لِلَّـهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فإنَّ اللهَ أَخْبَرَنا أنَّ رسولَهُ -صلى الله عليه وسلم- لا يَنْطِقُ بشَيْءٍ مِنْ شَرْعِ اللهَ إِلا بِوَحْيٍ منه جلَّ وعلا، (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى)[النجم:1-4].
فكما أنَّ القرآن وَحْيٌ مِن الله تعالى، فكذلِكَ سنةُ النبي -صلى الله عليه وسلم- وَحْيٌ من اللهِ تعالى لا فَرْقَ بَيْنَهما، رَوَى الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ -رضي الله عنه- عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: "أَلا إِنِّي أُوتيت الْكتاب وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانٌ عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ: عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْقُرْآنِ، فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ، وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ. وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ الله كَمَا حَرَّمَ اللَّهُ.."(رواه أبوداود، وصححه الألباني).
وعَنْ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ السُّلَمِيِّ -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "أَيَحْسَبُ أَحَدُكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَظُنُّ إِنَّ اللهَ لَمْ يُحَرِّمْ شَيْئًا إِلَّا مَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ؟ أَلَا وَإِنِّي وَاللهِ قَدْ وَعَظْتُ وَأَمَرْتُ وَنَهَيْتُ عَنْ أَشْيَاءَ، إِنَّهَا لَمِثْلُ الْقُرْآنِ أَو أَكْثَرُ.."(رواه أبوداود وحسنه الألباني).
فلنحذر من الدعاوى الباطلة التي يُرَوِّجُ لها بعضُ الناسِ، بالأَخْذِ بما جاء في القرآن فقط وترك ما سِوَاه، فعن أبي رافع -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَأْتِيهِ الْأَمْرُ مِنْ أَمْرِي، مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ، فَيَقُولُ: مَا نَدْرِي، مَا وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ اتَّبَعْنَاهُ"(رواه أحمد، وصححه الألباني).
عباد الله: قال الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله: "مَن أنكر السنة ولم يعمل بها، وزعم أنَّه لا يعمل إلا بالقرآن؛ فهو كاذبٌ، لم يعمل بالقرآن، وضالٌّ مُضِلٌّ، كافرٌ بإجماع أهل العلم".
نعوذ بالله من الكفر بعد الإيمان، والحَوْرِ بعدَ الكَوْرِ، ونسأله الهداية إلى سواء الصراط.
اللهم إنا نسألك من الخير كله، عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كله، عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم.
اللهم وسِّعْ لنا في دورنا، وبارك لنا في أرزاقنا وأزواجنا وذرياتنا، واغفر لنا ذنوبنا، وتقبل صالحات أعمالنا.
اللهم إنَّا نسألكَ بفضلكَ وكرمكَ أن تحفظنا من كل سوء ومكروه، وأن تدفع البلاءَ، وترفعَ الداء عن الأرض.
اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن، وسوء الفتن، ما ظهَر منها وما بطَن.
اللهم إنا نسألك الجنةَ وما قرَّب إليها من قول أو عمل، ونعوذ بك من النار وما قرَّب إليها من قول أو عمل.
اللهم أَحْسِنْ عاقبتَنا في الأمور كلها، وأَجِرْنا من خزيِ الدنيا وعذابِ الآخرةِ.
اللهم اشفِ مرضانا، وعافِ مبتلانا، وارحم موتانا، وكُنْ للمستضعَفين منا برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم وفِّق خادمَ الحرمينِ الشريفينِ ووليَّ عهدِه وأعوانهما ووزراءهما لِمَا تُحِبُّ وترضى، خُذ بِنواصيهم للبر والتقوى، واجعلهم سلمًا لأوليائك، حربًا على أعدائك، ووفِّقْهم لِمَا فيه خير للإسلام وصلاح المسلمين.
اللهم وفِّق جميعَ ولاة أمور المسلمين لِمَا تحبه وترضاه، اللهم وفقهم لتحكيم شرعك وسنة نبيك في رعاياهم، والعدل بينهم.
اللهم انصر جنودنا المرابطينَ على حدود بلادنا، اللهم انصرهم نصرًا مؤزَّرًا عاجلًا غير آجل، وردَّهم لأهليهم سالمين غانمين منصورين، برحمتك وفضلك وجودك يا ربَّ العالمينَ.
(رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[الأعراف:23].
(رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّا لِّلَّذِينَ آمَنُواْ رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤوفٌ رَّحِيمٌ)[الحشر:10].
الَّلهُمَّ اغفر لنا ولوالدينا، ولوالد والدينا، وللمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[البقرة:201].
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم