السجناء المجرمون هربوا

الشيخ راشد بن عبدالرحمن البداح

2025-04-04 - 1446/10/06 2025-04-03 - 1446/10/05
عناصر الخطبة
1/عودة الشياطين ومردة الجن 2/كيف نحصن أنفسنا وبيوتنا من الشياطين

اقتباس

وبخروجِ رمضانَ صارتِ الشياطينُ تجوسُ خلالَ الديارِ والدُّورِ والقلوبِ، ليُتَبِّرُوا ما عَلَوْ تتبيرًا، زِدْ عليهِ أن إفسادَ المفسدِ وغيظَه، يكونُ أولَ ما يُطلقُ سراحُه أشدَّ وأنكَى.

الخطبة الأولى:

 

الْحَمْدُ للهِ (الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَحْدَهُ، لا شَرِيكَ لَهُ. وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ وصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ تَسْلِيْمًا كَثِيْرًا، أمَّا بَعْدُ:

 

فاحذرُوا أيُها المصلونَ، فقد خرجَ سجناءُ من السجنِ مجرمونَ، ولا زالتِ المطاردةُ جاريةً وراءهُم! فما الخبرُ؟!

 

الخبرُ أننا كنا في الشهرِ الماضِيْ كاملاً عِشنا فترةَ سجنٍ لأشدِ المجرمينَ، وقد كانَ هؤلاءِ المجرمونَ مربوطينَ بالسلاسلِ، ولكنهم أُطلِقُوا بتقديرِ اللهِ الكونيِ قبلَ أسبوعٍ. إنهم شياطينُ ومَرَدَةُ الجنِ بمصداقِ قولِ النبيِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ سُلْسِلَتِ وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ". متفقٌ عليهِ.

 

وبخروجِ رمضانَ صارتِ الشياطينُ تجوسُ خلالَ الديارِ والدُّورِ والقلوبِ، ليُتَبِّرُوا ما عَلَوْ تتبيرًا، زِدْ عليهِ أن إفسادَ المفسدِ وغيظَه، يكونُ أولَ ما يُطلقُ سراحُه أشدَّ وأنكَى.

 

أيُها الإخوةُ: مَن منا يتمنَى ألا يتسلطَ عليه الشيطانُ المَريدُ، وقد فُكَّ من السلاسلِ والتصفيدِ؟ وكيف تكونُ بيوتُنا مطمئنةً، محصنةً من شياطينِ الجِنَّة؟ والجوابُ أن هذا له أسبابٌ كثيرةٌ، أولُها:

 

1) ذكرُ اللهِ عندَ دخولِ البيتِ وعندَ الطعامِ:

 

فإن النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَذَكَرَ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ: لاَ مَبِيتَ لَكُمْ وَلاَ عَشَاءَ، وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ، وَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ".

 

2) مواصلةُ قراءةِ سورةِ البقرةِ في البيتِ:

 

فقد روَى مسلمٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنْ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ".

 

فإن شقَّ عليكَ قراءتُها فاقرأْ آخرَ آيتينِ منها، فقدْ قالَ رسولُ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لاَ يُقْرَآنِ فِي دَارٍ ثَلاَثَ لَيَالٍ فَيَقْرَبُهَا شَيْطَانٌ". رواهُ الترمذيُ وصححهُ ابنُ حبانَ وحسَّنَهُ ابنُ حجرٍ.

 

وإذا كانَ الشيطانُ يَفِرُّ من البيتِ الذي يُقرَأُ فيه القرآنُ، فإن الملائكةَ تتوافدُ على البيتِ الذي يُقرَأُ فيه القرآنُ، وفي قصةِ أسيدِ بنِ حضيرٍ -رضيَ اللهُ عنهُ- أنه كان يَقْرَأُ لَيْلَةً إِذْ جَالَتْ فَرَسُهُ، فَقَرَأَ ثُمَّ جَالَتْ أُخْرَى، فَقَرَأَ ثُمَّ جَالَتْ أَيْضًا، قَالَ أُسَيْدٌ: فَخَشِيتُ أَنْ تَطَأَ يَحْيَى [ابنَه] فَقُمْتُ إِلَيْهَا، فَإِذَا مِثْلُ الظُّلَّةِ فَوْقَ رَأْسِي، فِيهَا أَمْثَالُ السُّرُجِ، عَرَجَتْ فِي الْجَوِّ حَتَّى مَا أَرَاهَا.. [فَقَصَّها علَى] رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: تِلْكَ الْمَلَائِكَةُ كَانَتْ تَسْتَمِعُ لَكَ، وَلَوْ قَرَأْتَ لَأَصْبَحَتْ يَرَاهَا النَّاسُ مَا تَسْتَتِرُ مِنْهُمْ.

 

عبادَ اللهِ: القرآنُ إذا سَكنَ البيتَ سَكنَ البيتُ، والقرآنُ هو أعظمُ الأذكارِ الطاردةِ للشياطينِ، وكم من بيوتِ المسلمينَ اليومَ هيَ ميتةٌ؛ لعدمِ ذكرِ اللهِ فيها، كما روَى الشيخانِ أن النبيَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالَ: "مَثَلُ الْبَيْتِ الَّذِي يُذْكَرُ اللهُ فِيهِ، وَالْبَيْتِ الَّذِي لَا يُذْكَرُ اللهُ فِيهِ، مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ". بل كيفَ حالُ البيوتِ إذا كانت تَرِنُّ فيها ألحانُ الشيطانِ الغناءُ؟!

 

3) حضورُ مجالسِ الذكرِ، ومذاكرةُ العلمِ الشـرعيِ في البيتِ:

 

ولذا قَالَ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا حَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ، وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ، وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ، وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ". رواهُ مسلمٌ.

 

ولا يُشترطُ في هذا المجلسِ أو الاجتماعِ أن يكونَ درساً علمياً، أو مجلساً طويلاً، بل يكفي القليلُ، ولو أن يَجتمعَ أهلُ البيتِ على تلاوةِ آياتٍ من القرآنِ، أو قراءةِ صفحةٍ من كتابٍ كرياضِ الصالحينَ.

 

الخطبة الثانية:

 

الحمدُ للهِ وكفَى، وصلاةً وسلاماً على النبيِ المصطفَى، أما بعدُ:

 

4) من أعظمِ ما يَطرُدُ الشيطانَ: تحصينُ أهلِ البيتِ بالتعويذاتِ الشرعيةِ.

 

ومِن ذلكَ أن يقولَ المسلمُ عند إتيانهِ لزوجتهِ: "بِسْمِ اللهِ، اللهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، فَإِنَّهُ إِنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فِي ذَلِكَ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْطَانٌ أَبَدًا".

 

ومِن ذلكَ: تحصينُ الأولادِ من الشيطانِ والهوامِ والحسدِ، بأن تَجمعَ أطفالَكَ في الصباحِ والمساءِ، وتَمسحَ على رؤوسِهِم، وتقرأَ عليهمُ المعوذتينِ، وما تيسَّرَ من التعويذاتِ الشرعيةِ. فإن كانُوا بعيدينَ فتُعَوِّذُهُم عن بُعدٍ. وفي صحيحِ البخاريِ أن النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَيَقُولُ: "إِنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ".

 

ألا فلنجاهدْ أنفسَنا لطردِ الشياطينِ من قلوبِنا وبيوتِنا، وجلبِ الملائكةِ لقلوبِنا وبيوتِنا؛ فإن الشياطينَ إذا وُجِدَتْ في مكانٍ أو قلبٍ فرَّتْ منه الملائكةُ، وإذا وُجِدَتِ الملائكةُ فرَّتِ الشياطينُ.

 

·     فاللَّهمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ، نَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، نَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ أنْفُسِنَا، وَشَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ، وَشَرَكِهِ.

 

·     اللهم لكَ الحمدُ على بلوغِ رمضانَ، اللهم لكَ الحمدُ على الإيمانِ والأمانِ، والعافيةِ في الأبدانِ.

 

·     اللهم اقبلْ منا الصيامَ والقيامَ، واعفُ اللهم عن التقصيرِ والآثامِ.

 

·     اللهم انصرْ إخوانَنا في غزةَ على اليهودِ الغاصبينَ.

 

·     اللهم واكفِنا كيدَ مَن كادَ بنا، واحفظْ إيمانَنا وأمنَنا، ومجاهدِينا.

 

·     اللهم وفِّقْ إمامَنا خادمَ الحرمينِ الشريفينِ، ووليَ عهدِهِ لما فيه عزُّ الإسلامِ وصلاحُ المسلمينَ. اللهم اجزِهم خيراً على بذلِهم لرعيتِهم وللمسلمينَ.

 

·     اللهم صلِ وسلِّمْ على عبدِكَ ورسولِكَ محمدٍ.

 

المرفقات

السجناء المجرمون هربوا.doc

السجناء المجرمون هربوا.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات
عضو نشط
زائر
04-04-2025

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 إذا بالامكان اضافة اسم المسجد او الجامع الذي القيت فيه الخطبة والمحافظة والدولة

وجزاكم الله خيرا