عناصر الخطبة
1/أهمية الزكاة وحُكمها ومصارفها 2/من ثمار أداء الزكاة 3/عقوبة منع الزكاة.اقتباس
أَدَاءُ الزَّكَاةِ عَلَامَةٌ عَلَى صِدْقِ الْعَبْدِ فِي إِيمَانِهِ، وَتَسْلِيمِهِ لِرَبِّهِ، وَثِقَتِهِ بِوَعْدِهِ؛ وَلِذَلِكَ يَبْذُلُ أَغْلَى مَا يَمْلِكُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ وَرِضًا، وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ أُطْلِقَ عَلَى الزَّكَاةِ لَفْظُ الصَّدَقَةِ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الصِّدْقِ فِي مُسَاوَاةِ الْفِعْلِ لِلْقَوْلِ وَالِاعْتِقَادِ وَلَا غَرَابَةَ...
الخطبة الأولى:
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَتُوبُ إِلَيْهِ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آلِ عِمْرَانَ: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النِّسَاءِ: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 70-71]، أَمَّا بَعْدُ:
فَيَا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: لَقَدْ جَاءَتْ شَرَائِعُ اللَّهِ الَّتِي أَوْجَبَهَا عَلَى الْعِبَادِ، وَأَلْزَمَهُمْ بِهَا؛ لِتَحْقِيقِ مَنَافِعِهِمْ وَبُلُوغِ مَصَالِحِهِمْ؛ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ؛ "يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضُرِّي فَتَضُرُّونِي، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي"(رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
وَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ مِنَ الْفَرَائِضِ وَالْوَاجِبَاتِ فَرِيضَةَ الزَّكَاةِ؛ فَجَعَلَهَا أَحَدَ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ وَشَرَائِعِهِ الْعِظَامِ، وَذَكَرَهَا فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ، وَقَرَنَهَا بِالصَّلَاةِ فِي أَكْثَرَ مِنْ مَوْضِعٍ، قَالَ -تَعَالَى-: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ)[الْبَقَرَةِ:43].
وَأَدَاءُ الزَّكَاةِ عَلَامَةٌ عَلَى صِدْقِ الْعَبْدِ فِي إِيمَانِهِ، وَتَسْلِيمِهِ لِرَبِّهِ، وَثِقَتِهِ بِوَعْدِهِ؛ وَلِذَلِكَ يَبْذُلُ أَغْلَى مَا يَمْلِكُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ وَرِضًا، وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ أُطْلِقَ عَلَى الزَّكَاةِ لَفْظُ الصَّدَقَةِ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الصِّدْقِ فِي مُسَاوَاةِ الْفِعْلِ لِلْقَوْلِ وَالِاعْتِقَادِ وَلَا غَرَابَةَ؛ فَهِيَ أَحَدُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ، قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ"(مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
إِضَافَةً إِلَى أَنَّ أَدَاءَ الزَّكَاةِ مِنْ غَايَاتِ التَّمْكِينِ فِي الْأَرْضِ، قَالَ -تَعَالَى-: (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ)[الْحَجِّ:41].
وَلَمَّا كَانَتِ الزَّكَاةُ بِهَذِهِ الْأَهَمِّيَّةِ الْبَالِغَةِ؛ أَوْجَبَهَا اللَّهُ فِي قَوْلِهِ: (وَآتُوا الزَّكَاةَ)[الْبَقَرَةِ:43]، وَتَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ حُرٍّ مَالِكٍ لِنِصَابٍ فَائِضٍ عَنْ حَوَائِجِهِ الْأَصْلِيَّةِ إِذَا حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ.
وَتُصْرَفُ الزَّكَاةُ لِلْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِي قَوْلِهِ -تَعَالَى-: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)[التَّوْبَةِ:60].
عِبَادَ اللَّهِ: فَإِنَّ اللَّهَ -تَعَالَى- لَمْ يُوجِبِ الزَّكَاةَ عَلَى الْمَيْسُورِينَ مِنْ عِبَادِهِ؛ إِلَّا لِأَنَّهُ يُرِيدُ لَهُمْ أَنْ يَنَالُوا ثِمَارَهَا وَيَنْعَمُوا بِآثَارِهَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ فَمِنْ ذَلِكَ: أَنَّ الزَّكَاةَ تَذْهَبُ بِشَرِّ الْمَالِ؛ فَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ أَدَّى الرَّجُلُ زَكَاةَ مَالِهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ أَدَّى زَكَاةَ مَالِهِ فَقَدْ ذَهَبَ عَنْهُ شَرُّهُ"(الطَّبَرَانِيُّ).
وَمِنْهَا: أَنَّهَا تَزِيدُ الْمَالَ وَلَا تُنْقِصُهُ؛ فَاللَّهُ -تَعَالَى- يَخْلُفُهُ بِخَيْرٍ مِنْهَا، قَالَ -تَعَالَى-: (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ)[سَبَأٍ:39]، يَخْلُفُهُ فِي الدُّنْيَا بِخَيْرٍ مِنْهُ، وَفِي الْآخِرَةِ بِالْجَنَّةِ.
وَمِنْهَا: أَنَّ الزَّكَاةَ سَبَبُ الرَّحْمَةِ؛ قَالَ -تَعَالَى-: (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ)[الْأَعْرَافِ:156].
وَمِنْهَا: أَنَّهَا تُعَالِجُ النَّفْسَ مِنَ الشُّحِّ وَالْبُخْلِ؛ قَالَ -تَعَالَى-: (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[الْحَشْرِ:9].
وَمِنْ ثِمَارِهَا: أَنَّهَا تُذْهِبُ غِلَّ الصُّدُورِ وَالْكَرَاهِيَةَ، وَتُوجِبُ الْأُلْفَةَ وَالْمَحَبَّةَ بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ وَالْفُقَرَاءِ؛ (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)[التَّوْبَةِ:103].
وَمِنَ الثِّمَارِ: أَنَّ فِيهَا مُوَاسَاةً لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَحْرُومِينَ، وَسَدَّ حَاجَاتِهِمْ، وَتَخْفِيفَ مُعَانَاتِهِمْ؛ (وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ)[الذَّارِيَاتِ:19]؛ وَلَا شَكَّ أَنَّ إِنْفَاقَ الْأَغْنِيَاءِ عَلَى الْفُقَرَاءِ يَخْلُقُ التَّوَازُنَ بَيْنَ أَفْرَادِ الْمُجْتَمَعِ.
وَمِنْ ثِمَارِهَا: أَنَّهَا تُذْهِبُ الْأَمْرَاضَ وَالْأَسْقَامَ؛ فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "حَصِّنُوا أَمْوَالَكُمْ بِالزَّكَاةِ، وَدَاوُوا مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ، وَأَعِدُّوا لِلْبَلَاءِ الدُّعَاءَ"(رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ).
وَمِنْهَا: أَنَّ الزَّكَاةَ تُرَبِّي الصَّدَقَاتِ وَتُضَاعِفُهَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، قَالَ -تَعَالَى-: (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ)[الْبَقَرَةِ:276].
وَمِنْ فَضَائِلِ الزَّكَاةِ كَذَلِكَ: أَنَّهَا تُدْخِلُ صَاحِبَهَا الْجَنَّةَ؛ فَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ قَالَ: تَعْبُدُ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ"(أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ).
بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ؛ أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية:
الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ، أَمَّا بَعْدُ:
فَيَا عِبَادَ اللَّهِ: وَإِذَا كَانَ إِيتَاءُ الزَّكَاةِ سَبَبًا لِلنَّمَاءِ وَالتَّطْهِيرِ وَالْجَنَّةِ وَسِعَةِ الرِّزْقِ؛ فَإِنَّ مَنْعَهَا سَبَبٌ فِي نَقِيضِ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَإِلَيْكُمْ بَعْضًا مِنْ تِلْكَ الْعُقُوبَاتِ: الْقَحْطُ وَالْمَجَاعَةُ الْعَامَّةُ عِنْدَ فُشُوِّ مَنْعِ الزَّكَاةِ؛ فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ، خَمْسُ خِصَالٍ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ... وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا"(ابْنُ مَاجَهْ).
وَمِنْ آثَارِ مَنْعِهَا: دَعْوَةُ الْمَلَكِ عَلَى الْمُمْسِكِ بِتَلَفِ مَالِهِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ، أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الْآخَرُ: اللَّهُمَّ، أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا"(مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
وَمِنْ آثَارِ ذَلِكَ: أَنَّ مَانِعَ الزَّكَاةِ يُعَذَّبُ بِنَفْسِ مَالِهِ أَيًّا كَانَ نَوْعُهُ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ، لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا، إِلَّا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ؛ فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ؛ فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ، كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ، فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ، فَيَرَى سَبِيلَهُ؛ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ"؛ وَهَكَذَا فِي سَائِرِ أَصْنَافِ الزَّكَاةِ الَّتِي امْتَنَعَ أَصْحَابُهَا عَنْ أَدَائِهَا.
خِتَامًا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: أَدُّوا زَكَاةَ أَمْوَالِكُمْ؛ فَهِيَ حَقٌّ مَفْرُوضٌ مِنَ اللَّهِ لِلْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ الَّذِينَ سَمِعْتُمْ، وَأَحَدُ الْأَرْكَانِ الَّتِي بُنِيَ عَلَيْهَا إِسْلَامُكُمْ، وَفِيهَا الْبَرَكَةُ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ، وَسِرُّ سَعَادَتِكُمْ فِي دُنْيَاكُمْ وَآخِرَتِكُمْ، وَاحْذَرُوا مِنَ التَّفْرِيطِ فِيهَا؛ فَإِنَّ ذَلِكُمْ مُوجِبٌ لِمَحْقِ الْبَرَكَةِ وَالْعُقُوبَاتِ الْعَاجِلَةِ وَالْآجِلَةِ.
وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى الْبَشِيرِ النَّذِيرِ، وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ؛ حَيْثُ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ؛ فَقَالَ فِي كِتَابِهِ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 56].
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَاخْذُلْ أَعْدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينِ.
اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، وَارْزُقْهُمُ الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ النَّاصِحَةَ.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَاجْمَعْ عَلَى الْحَقِّ كَلِمَتَهُمْ.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا وَوَالِدِينَا عَذَابَ الْقَبْرِ وَالنَّارِ.
عِبَادَ اللَّهِ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى، وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ؛ فَاذْكُرُوا اللَّهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم