الرؤى بين السنة وتلاعب بعض المعبرين

الشيخ عبدالله بن علي الطريف

2025-01-24 - 1446/07/24 2025-02-03 - 1446/08/04
عناصر الخطبة
1/الرؤى والأحلام والمنامات 2/أصدق الناس في الرؤى 3/أقسام الرؤى وأحوالها 4/التخلُّص من همّ الأحلام المزعجة 5/خطورة الجرأة على تعبير الرؤى 6/الحث على عدم المبالغة في الاهتمام بالرؤى.

اقتباس

لقد اهتم كثير من الناس بالرؤى في هذا الزمان، بل صارت شُغل كثير منهم الشاغل، فكلَّ ما رأوا شيئًا في منامهم، بحثوا عمن يعبرها، وعلى المؤمن ألا يشغل نفسه بالرؤى وتعبيرها؛ فإنه قد يشتغل بذلك عن غيره مما هو أهم منه....

الخطبةُ الأولَى:

 

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ؛ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِراً.

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102].

 

أَمَا بَعْدُ: أيها الإخوة: الإنسان في هذه الحياة بين حالين؛ إما هو في يقظة وما يراه حقيقة أو في منام، وما يراه في منامه يُسمَّى رؤى، وهي جمع رؤيا، والرؤى يراها كل الناس، ولكن يختلفون كثرة وقلة، وكذلك يختلفون بصدق رؤاهم من عدمها.

 

وقد أشار النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى سَببِ ذلك، فَقَالَ: "أَصْدَقُكُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُكُمْ حَدِيثًا"(رواه مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-)؛ قال ابن حجر -رحمه الله- معلقًا على هذا الحديث: "لِأَنَّ مَنْ كَثُرَ صِدْقُهُ تَنَوَّرَ قَلْبُهُ، وَقَوِيَ إِدْرَاكُهُ فَانْتَقَشَتْ فِيهِ الْمَعَانِي عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ، وَكَذَلِكَ مَنْ كَانَ غَالِبُ حَالِهِ الصِّدْقَ فِي يَقَظَتِهِ اسْتَصْحَبَ ذَلِكَ فِي نَوْمِهِ فَلَا يَرَى إِلَّا صِدْقًا، وَهَذَا بِخِلَافِ الْكَاذِبِ وَالْمُخَلِّطِ فَإِنَّهُ يَفْسُدُ قَلْبُهُ وَيُظْلِمُ فَلَا يَرَى إِلَّا تَخْلِيطًا وَأَضْغَاثًا، وَقَدْ يَنْدُرُ الْمَنَامُ أَحْيَانًا فَيَرَى الصَّادِقُ مَا لَا يَصِحُّ وَيَرَى الْكَاذِبُ مَا يَصِحُّ، وَلَكِنَّ الْأَغْلَبَ الْأَكْثَرَ مَا تَقَدَّمَ، وَاللَّهُ أَعْلَم" انتهى كلامه -رحمه الله-.

 

ورُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِم السَلَامُ وَحْيٌ؛ فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما- قَالَ: "رُؤْيَا الأَنْبِيَاءِ وَحْيٌ"، قَالَ اللهُ -تَعَالَى- مخاطبًا رسولَ الله محمدًا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللهُ آَمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا)[الفتح:27].

 

أيها الإخوة: قال شيخنا محمد العثيمين -رحمه الله-: "الرؤيا تنقسم إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول: من وحي الشيطان وهي الحلم، وهذه غالبًا ما تكون فيما يُحزنُ الإنسان ويُضيقُ صدرهُ، ويُقلقُ نفسَه، فيَضربُ الشيطانُ للنائِم أمثالاً تُزعجه، وهو حريص على إزعاج بني آدم، ويرى مثلاً في المنام عقارب تلدغه، وحياتٍ وذئابًا تعدو عليه، وجمالًا تنهشُه، فتجدُهُ يقوم فزعًا ويخشى، فهذا من الشيطان.

 

والشيطان يستطيع أن يتمثل للإنسان في منامه بما يكره حتى يُحزن المؤمن، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللهِ، وَالرُّؤْيَا السَّوْءُ مِنَ الشَّيْطَانِ"(رواه مسلم عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، وقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الرُّؤْيَا ثَلَاثَةٌ: مِنْهَا أَهَاوِيلُ -كل ما يَبْعَثُ عَلَى الخَوْفِ وَالذُّعْرِ- مِنْ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ بِهَا ابْنَ آدَمَ"(رواه ابن ماجه وصححه الألباني).

 

 القسم الثاني: رؤيا هي حديث النفس، يعني إذا اهتمَّ الإنسانُ بشيءٍ وأشغلَ بالَه في اليقظةِ فيراهُ في المنامِ، فتجدُه مثلاً يريدُ أنْ يقومَ برحلة مع زملائه، فإذا نام في الليل رأى أنه يُهيئُ لهذه الرحلة، ويشترى المتاع، ويُهيئُ السيارة، وما أشبه ذلك، فهذا نُسميه حديثُ النفس، ويكونُ مطابقًا للواقع، وهذا لا يضر.

 

قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: عنه "وَمِنْهَا مَا يَهُمُّ بِهِ الرَّجُلُ فِي يَقَظَتِهِ، فَيَرَاهُ فِي مَنَامِهِ"(رواه ابن ماجه وصححه الألباني عَنْ أَبِي قَتَادَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-).

 

القسم الثالث: رؤيا حق، وهي التي قَالَ عنها: رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَمْ يَبْقَ مِنَ النُّبُوَّةِ إِلَّا المُبَشِّرَاتُ" قَالُوا: وَمَا المُبَشِّرَاتُ؟ قَالَ: "الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ"(رواه البخاري). وقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ"(رواه البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-).

 

وقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ، بُشْرَى مِنْ اللهِ"(رواه مسلم والترمذي وصححه الألباني عَنْ أَبِي قَتَادَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-)؛ أَيْ: بِشَارَةٌ مِنْ اللهِ لِلرَّائِي أَوْ الْمَرْئِي لَهُ.

 

أما ما يراه الإنسانُ في منامِه مما لا أساسَ له ولا معنى وهو يشبه الحلم؛ فهو من تلاعب الشيطان، ومثاله عندما جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ رَأْسِي قُطِعَ: فَضَحِكَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: "إِذَا لَعِبَ الشَّيْطَانُ بِأَحَدِكُمْ فِي مَنَامِهِ، فَلَا يُحَدِّثْ بِهِ النَّاسَ"(رواه مسلم عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ). انتهى كلامه رحمه الله بتصرُّف.

 

أيها الإخوة: مَن اتقى الله في يقظته لم يضرّه ما رآه في منامه؛ قال الإمام ابن سيرين -رحمه الله-: "اتقِ الله، وأحسن في اليقظة، فإنه لا يضرُّك ما رأيت في النوم". وقال الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله-: "الرؤيا تَسُرُّ المؤمن ولا تَغُرّه".

 

ومن الهدي النبوي أن الإنسان إذا رأى رؤيا خير يحبّها، وتأولها على خير، فلْيخبر بها من يحب، مثل أن يرى رؤيا أن رجلاً يقول له: أبْشِر بولد صالح، أو ما أشبه ذلك؛ يُحدّث بها من يحب؛ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ بُشْرَى مِن اللهِ، فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا يُحِبُّهَا، فَإِنَّمَا هِيَ مِنْ اللهِ، فَلْيَحْمَد اللهَ عَلَيْهَا وَلْيَقُصَّهَا إِنْ شَاءَ، وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا إِلَّا مَنْ يُحِبُّ وَلْيُفَسِّرْهَا"(ذكره في الجامع الصحيح للسنن والمسانيد عَنْ أَبِي قَتَادَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-).

 

أيها الإخوة: والطريق إلى التخلُّص من هم الأحلام المزعجة كما أمر النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أن تقولَ: أعوذُ بالله منْ شرِ الشيطانِ، ومن شر ما رأيت، وتنفث عن يسارك، وإذا استيقظت وأنت في مرقدك انقلب على الجانب الثاني، فإن عاد إليك وأزعجك، فقم وتوضأ وصلِّ، ولا تُخبر أحدًا، لأنك لو أخبرت أحدًا ثم عَبَرَها على حسب الرؤيا وقعت.

 

قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الرُّؤْيَا مُعَلَّقَةٌ بِرِجْلِ طَائِرٍ مَا لَمْ يُحَدِّثْ بِهَا صَاحِبُهَا، فَإِذَا حَدَّثَ بِهَا وَقَعَتْ، وَلَا تُحَدِّثُوا بِهَا إِلَّا عَالِمًا، أَوْ نَاصِحًا، أَوْ لَبِيبًا"(رواه أحمد في مسنده وقال الأرناؤوط حسن لغيره). وليتغافل عنها.

 

قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "وَإِنْ رَأَى مَا يَكْرَهُ فَإِنَّمَا هِيَ مِنْ الشَّيْطَانِ فَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ وَلْيَنْفُثْ -النَّفْث: وَهُوَ نَفْخُ لَطِيفٌ بِلَا رِيق- حِينَ يَسْتَيْقِظُ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللهِ مِنْ شَرِّهَا، وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ثَلَاثًا وَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ وَلَا يُخْبِرْ بِهَا أَحَدًا وَلَا يُفَسِّرْهَا فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ"(رواه البخاري ومسلم عَنْ أَبِي قَتَادَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ).

 

ونصح شيخنا ابن العثيمين -رحمه الله-: بأنْ لا يُحْرَصَ على تتبُّعِ الرؤى؛ لأن الشيطان إذا علم من الإنسان تتبُّعه للرؤى صار يؤذيه بأن يُريه ما يكره حتى يحزن.

 

اللهم أرنا الحق حقًّا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحَمدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ والشُكرُ لَهُ عَلَى تَوفِيقِهِ وامتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، تَعظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، المُؤيَّدُ بِبُرهَانِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَإِخْوَانِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70 -71].

 

أَمَا بَعْدُ أيها الإخوة: لقد اهتم كثير من الناس بالرؤى في هذا الزمان، بل صارت شُغل كثير منهم الشاغل، فكلَّ ما رأوا شيئًا في منامهم، بحثوا عمن يعبرها، وعلى المؤمن ألا يشغل نفسه بالرؤى وتعبيرها؛ فإنه قد يشتغل بذلك عن غيره مما هو أهم منه، والعلماء ما كانوا يحرصون على الاشتغال بالرؤى.

 

وعلى المؤمن إذا أراد تعبير رؤيا أن يختار من المعبرين مَن يُوثق بحسن وسلامة تعبيره، قال الشيخ عبدالله الجبرين -رحمه الله-: "الكثير من المعبرين الذين قد تكاثروا في هذه الأزمنة، يصيب بعضهم ويخطئون كثيرًا".

 

وكم مَن رؤًى صدّق أصحابها ما قيل في تعبيرها من أناس لا يعرفون تعبيرها، ورتبوا على ذلك أحكامًا، فكانت العواقب غير حميدة. وعلى المسلم أن يحذر من مدّعي تعبير الرؤى الذين لم يُعرفوا بعِلم ولا دين ولا صلاح ولا تُقى، ويستغلون البسطاء من الناس في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بقصد الشهرة وأكل الأموال بالباطل.

 

وهم خطر على الفرد والمجتمع؛ فمنهم مَن يتلاعب بعقائد الناس وعقولهم، ويظهر معرفته بعلم الغيب، ومنهم من يكون سببًا في التفريق بين الأزواج والأقارب، ويعلقون الناس بالأوهام والأماني.

 

وبعد أيها الإخوة: على المسلم أن يحذر كل الحذر من الجرأة على تعبير الرؤى؛ إذا لم يكن له علم بذلك، قال سماحة مفتي المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ: "الواجب على المعبرين تقوى الله -عز وجل-، والحذر من الخوض في هذا الباب بغير علم؛ فإن تعبير الرؤى: فتوى؛ لقوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ)[يوسف:43].

 

ومعلوم أن الفتوى بابها العلم لا الظن والتخرُّص، وتأويل الرؤى ليس من العلم العام الذي يحسن نشره بين المسلمين ليصححوا اعتقاداتهم وأعمالهم، بل هي كما قال النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مُبَشِّرَاتُ". اهـ

 

ولما قيل للإمام مالك بن أنس -رحمه الله-: "أيعْبّر الرؤيا كل أحد؟ قال: أيُلعب بالنبوة؟ لا يعبر الرؤيا إلا مَن يُحْسِنها، فإن رأى خيرًا أخبر عنه، وإن رأى مكروهًا، فليقل خيرًا أو ليصمت".

 

وليحذر المسلم من يتَحَلَّمَ بِحُلْمٍ لَمْ يَرَهُ، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ تَحَلَّمَ بِحُلْمٍ لَمْ يَرَهُ كُلِّفَ -يوم القيامة- أَنْ يَعْقِدَ بَيْنَ شَعِيرَتَيْنِ، وَلَنْ يَفْعَلَ"(رواه البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)؛ والتكليف بالتوصيل بين شعيرتين نوع من العذاب المستمر الذي لن يقدر عليه كما عَقَد بين ما سَردَه واختلق من الرؤيا.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيْكُم كَمَا أَمَرَكُم رَبُّكُم بِقُولِهِ: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب:56]، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً، صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا"(رواه مُسْلِمٌ وغَيرُهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-).

 

المرفقات

الرؤى بين السنة وتلاعب بعض المعبرين.doc

الرؤى بين السنة وتلاعب بعض المعبرين.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات