أحمد منصور
الحياء خُلُق كريم، يمنع الإنسان من فعل ما يَشِين، ويدفعه إلى عمل ما يَزِين، فينأى بجانبه عن القبيح، ولا يأتي بما يُعاب عليه ويُذمُّ من أجله؛ بل يصدر عنه كل أمر حميد، ويعطي كل ذي حقٍّ حقه، ولهذا جعَله المشرِّع الأعظم - صلى الله عليه وسلم - خيرًا كله؛ لأنه جماع الفضائل، ونقطة الارتكاز في دائرة المكارم، فكل ما يَرِد عن طريقه جميل الوقع، حبيب إلى النفس، ينشرح له الصدر، ويَطِيب له الخاطر، ويحسن في الأحدوثة، ويهواه الفؤاد.
وارجع البصر كرَّتينِ في دنيا الناس، تجد منهم مَن منحه الله هذا الخُلق الكريم، فيسير بين الورى سيرًا حميدًا، وكان كالقَطر حيثما وقع نفع، يحب لغيره ما يحب لنفسه، ويعامل بما يرغب أن يعامَل به، ويأخذ حقه بلا زيادة عليه، ويؤدي واجبه بلا نقص منه، ولا حقد ولا حسد، ولا بغضاء ولا شحناء، ولا جدال ولا خصام، وقد أدرك أن الدنيا ساعة، فجعلها طاعة، وعلم أن النفس طمَّاعة، فألزمها الرضا والقناعة، وأيقن أننا جميعًا إلى الله صائرون، ومن الدنيا راحلون، ولأودنا وأهلينا وأحبابنا مفارقون، ومن كأس المنيَّة والموت شاربون، ونحو الآخرة مُقبِلون، وعلى ربنا - تبارك وتعالى - واردون، وبين يديه - جلَّت حكمته - واقفون، وبكل ما عمِلنا محاسبون، يوم تشهد على الناس ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون، يومئذٍ يوفِّيهم الله دينَهم وجزاءهم الحقَّ، القائم على العدالة والإنصاف، ويعلمون أن الله هو الحق المبين.
أَجَل، وضَع ذلك كلَّه نصب عينيه، ولم يَغِب لحظة عن باله، فراقب مولاه، وأخذ من دنياه لأخراه، ولم يَرَه ربُّه العلي العظيم حيث نهاه، بل عبده وكأنه يراه، فإن لم يكن يراه فإن الله هو الذي يبصره ويراه؛ لأنه يعلم عدد أنفاس مخلوقاته بعلمه العميم، ويرى حركات أرجل النمل في جنح الليل البَهِيم، ويحيط بعمل العبد سره وجهره، وتطمئن قلوب المؤمنين بذكره، وتقوم السماء والأرض بأمره، وتهفو الأفئدة لرضوانه، ويطلب منه كل مكروب تفريج كربه، وكشف ضرّه، وإجابة دعائه، وتبديل عمره، ويسبحه الطائر في عشِّه ووكره، ويمجده الوحش في قفره، وتكفل للطائعين بتأييده ونصره، فمَن أعطاه مولاه الحياء أدرك ذلك كله تمام الإدراك، فآمن بالله وعمل الصالحات، وتواصى مع سره بالحق وتواصى بالصبر، وابتعد عن المعاصي والسيئات، وفعل المأمورات، وترك المنهيات، واتقى ربه حق تقاته، وعمل بأحكام الدِّين، وسلك سبيل خاتم النبيين وإمام المرسلين، وإلى هذا يشير - صلوات الله وسلامه عليه – بقوله - وهو الصادق الأمين - في حديث جبريل أمين وحي الرحمن، وقد سأله عن الإحسان: ((الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك)).
وسبحان مَن أدَّبه فأحسن تأديبه! وسبحان مَن طبَّعه الخُلُق العظيم، وأرسله رحمة للعالمين، بالهدى ودين الحق، شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا! وهل هناك تصوير أروع من هذا التصوير، وهل هناك منطق أحلى وأعذب من هذا المنطق؟ وهل هناك فصاحة تدنو أو تحوم حول هذه الفصاحة النبوية؟ فالإنسان إذا وصل إلى هذه الدرجة، أحسن عمله، وراقب ربه، وضاعف طاعته، وكان دائمًا من الموفَّقين.
ولقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة عبدالرحمن بن صخر - رضي الله تعالى عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((الإيمان بضع وستون شعبة، والحياء شعبة من الإيمان))، والبِضْع من الثلاثة إلى التسعة، والمراد التكثير، وذكر البِضْع للترقي، فشعب الإيمان لا نهاية لها، وأعلاها بحق وحقيق لا إله إلا الله، محمد رسول الله، وأدناها إماطة وإزالة الأذى عن الطريق، والسرعة في التعبير بهذا العدد أن هذه الشُّعَب تتفرع من أعمال القلب وأعمال اللسان وأعمال الجسم والبدن.
• فأعمال القلب المعتقدات والنيات، ويصدر عنها أربع وعشرون شعبة: الإيمان بالله -تعالى- وملائكته، وكتبه، ورسله، والقضاء والقدر خيرهما وشرهما، حلوهما ومرهما، والإيمان باليوم الآخر، وما فيه من بعث ونشور وحساب، وصراط، وثواب وعقاب، وجنة ونار، وحب الله -جل جلاله - والحب والبغض فيه، وحب نبينا - صلى الله عليه وسلم - وتعظيمه، والصلاة والسلام عليه، واتباع سنّته، والعمل بما جاء به، والإخلاص والشكر، والرحمة، والتواضع، والرضا، والوفاء، والتوكل، والحياء.
• وأعمال اللسان ويصدر عنها سبع شعب: التلفظ بالتوحيد، وتلاوة القرآن العظيم، وتعلم العلم النافع، وتعليمه للمبتدئين والمحتاجين، والدعاء والذكر، والتوبة والاستغفار.
• وأعمال الجسم والبدن تشتمل على ثمانٍ وثلاثين خصلة: التطهر من الأحداث، وستر العورة، والصلاة فرضها ونفلها، وإيتاء الزكاة، وإطعام الطعام، والصيام واجبه ومسنونه، والاعتكاف، وتحرّي ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، والحج والعمرة، والوفاء بالنذر، وأداء الكفَّارات، والزواج للقادر، والإنفاق على الزوجة والأولاد، وتربيتهم على ما يرام، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والإحسان إلى الجار، والإصلاح بين الناس، والعدل في الرضا والغضب، وطاعة أُولي الأمر، والتعاون على البر والتقوى، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وحسن المعاملة، وإكرام الضيف، والجهاد في سبيل الله -تعالى- وكسب المال من الطرق المشروعة، وإنفاقه فيما يرضي الله، وإغاثة الملهوف، ومساعدة المحتاج، وأداء الأمانة، وإقامة الحدود، والعطف على الأيتام والضعفاء، وترك التبذير والإسراف، ومتابعة الجماعة، والضرب على أيدي الظالم، وإماطة الأذى عن الطريق.
ومن الناس مَن حُرِم الحياء، فوقع في أحضان السوء، يفعل ما تسوله له النفس الأمَّارة بالمعاصي، ويسلك سبيل الشيطان، ويغضب الرحمن، ويعيش بين الورى ثقلاً عليهم، والأرض تئنُّ من تحته، والجميع يتمنَّون الخلاص منه، وليس له ضمير يمنعه عن قبيح، ويحول بينه وبين الشرور، وهذا يدقُّ بيده المسامير في نعشه، وهو من الأخسرين أعمالاً، الذين ضلَّ سعيهم في الحياة الدنيا، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا، وفاته أن من خلع برقع الحياء فقد حرم خيرًا كثيرًا، ومَن ابتعد عن هذا الخلق الجليل، سار نحو الهاوية بخطوات واسعة، وأينما توجَّه لا يأتِ بخير، وقد خسر الدنيا والآخرة، وذلك هو الخسران المبين.
وتدرك الدليل على هذا جليًّا وواضحًا، من تشبيهِ رحمة الله للعالمين - عليه الصلاة والسلام - الإيمانَ الكامل بشعبه البضع والستين، وهو مركَّب من التصديق والإقرار، والعمل بشجرة وارفة الظلال، يانعة الثمار، كثيرة الفروع والأغصان، ثم حذف المشبه ورمز إليه بذكر شيء من أن الأزمة وهو الشُّعَب، على سبيل الاستعارة بالكناية، وذكر الشُّعَب تخييل، والمقصود منها فروع الإيمان على طريق المجازاة والبيان الذي لا يدنو منه بيان إنسان؛ لأن الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - أفصح الناس لهجة، وأبلغهم منطقًا، وأروعهم أسلوبًا، وأصدقهم قولاً، وأوضحهم حجة، وأوجزهم عبارة، ولا ينطق عن الهوى، إِنْ هو إلا وحي يوحى، وكانت حياته كلها هداية ونورًا، وكانت أقواله وأفعاله جميعها مددًا عظيمًا يستمد منه الخلق سادهم ورشادهم، في معاشهم ومعادهم.
وبلاغته النبوية الشريفة تأتي في درجة البيان بعد القرآن العظيم، يقتبس الأديب من لفظها، ويزدان أسلوب الكاتب والخطيب بحليتها، ويغترف مفسِّر القرآن الكريم من بحرها، ويستضيء الحكيم حكمتها، ويستعين المفتي على إصدار أحكامه بها، وأمست الأصل الثاني للتشريع الإسلامي بعد التنزيل الحكيم، وقامت أصول الدين الحنيف على العقيدة الطاهرة، وعالجت مشكلات المجتمع، وغرست في النفوس الآداب السامية، وخلقت من القوم الضالين أناسًا مهتدين، ومن العرب الأميين رجالاً صدقوا ما عاهدوا الله عليه، نهضوا بالإسلام إلى أسمى مراتب الإنسانية، وسجلوا تاريخهم بمداد من الفخر على صفحات من نور.
ولقد تركنا إمام الهدى - صلوات الله وسلامه عليه - على المحجَّة البيضاء، ليلها كنهارها، وترك فينا أمرينِ لن نضلَّ ما تمسكنا بهما؛ كتاب الله -تعالى- الذي جمع فأوعى السنة المطهرة، ولقد حوى القرآن المجيد من الآداب والحكم ما وعى، وجمعت السنة النبوية الغرَّاء من القواعد والفضائل والأخلاق ما جمعت، ودعانا النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الحياء والتمسُّك بأهدابه؛ لِما له من الآثار الحميدة في دنيا الناس، وللمنزلة السامية التي يُدرِكها المتخلِّق به، مما ليس وراءه مطلع المناظر، ولا زيادة لمستزيد، ويصل إلى حقه كاملاً غير منقوص.
وأخرج الترمذيُّ في سننه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((استحيوا من الله حق الحياء))، فقالوا: إننا نستحيي والحمد لله، فقال - عليه الصلاة والسلام -: ((ليس ذلك، ولكن الاستيحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، وتذكر الموت والبلى، فمَن فعل ذلك، فقد استحيا من الله حق الحياء))، وإن تعجب فعجب لأناس خلقهم ربهم بقدرته، ورزقهم برحمته، ودبّر شؤونهم في هذا الوجود بحكمته، ورعاهم في الدنيا برعايته، وأرسل إليهم خاتم النبيين وإمام المرسلين - صلوات الله وسلامه عليه - ليعرفوا أحكام دينه وشريعته، ثم بعد ذلك لا يستحيون من مولاهم حق الحياء، ولهم قلوب لا يعقلون بها، ولهم آذان لا يسمعون بها، ولهم أعين لا يبصرون بها، أولئك كالأنعام بل هم أضل!
ولو أنصفوا إلى أنفسهم وإلى مجتمعهم، وأدركوا مزايا هذا الخلق الكريم، لتمسكوا به، ولصدرت أفعالهم عنه، ولعاشوا غرَّة في جبين الزمان، وأدركوا ما أدركه أسلافهم من مجد عظيم، أشاد به المؤرِّخون، كلما قلبوا صفحات التاريخ الإسلامي، في عصوره المشرقة، وأيامه النضرات؛ لأن مَن حفظ الرأس وما وعى، فلم ينظر بعينه إلى محرّم، بل يشاهد ملكوت السموات والأرض؛ ليمتلئ قلبه إيمانًا بالله القوي القادر، الذي خلق فسوَّى، وقدَّر فهدَى، وأخرج المرعى، فجعله غثاء أحوى، ورفع السموات بغير عمد، وزينها بالشمس والقمر والنجوم والكواكب، وسخر الليل والنهار، كلٌّ منهما يجري إلى أجل مسمى، وسخر الفلك والمراكب تسير في البحر بأمره، وخلق الخلق وأحصاهم عددًا، وقسَّم الأرزاق ولم ينسَ أحدًا، وأنزل من السماء ماء القطر والمطر، فأنبت به في الأرض من كل زوج وصنف حسن بهيج، ولم يستمع بهما إلا لما يرضي مولاه، وما ينفعه في دينه ودنياه، ومما يسير به قدمًا نحو مدارج السعادة والرفاهية.
ولزامًا على كل إنسان ألا يستعمل لسانه في معصية، كغِيبة وسبٍّ وشتم، وتلفُّظ بالكلمات النابية، والألفاظ الشنيعة، وسوى ذلك مما يُغضِب الله الواحد القهار، بل يستعمله في الحدود الشرعية، وما يقربه من ربه؛ كقراءة القرآن، والذكر، والتوبة، والاستغفار، والتعبير عما يريد ويجول بخاطره، من كل ما فيه نفع له، ولمن يساكنهم ويعيشون معه على ظهر الكرة الأرضية، ومِن ألزم اللوازم لكل فرد أن يستعمل عقله وتفكيره فيما خُلِق لأجله فلا يدبر ما فيه ضرر لغيره، ولا يرسم الخطط لإيذاء سواه، بل يجعل تفكيره فيما يرضي الرحمن - جل جلاله - حتى يعيش في دنيا الناس سعيدًا موفقًا.
وعليه أن يحفظ البطن وما حوى؛ فلا يأكل إلا من الحلال، لأن كل لحم نبت من حرام فالنار أولى به، ولا يشرب شيئًا حرامًا؛ لأن الخمر وما يدور في فلكها من الكبائر، ولم يحرِّم ربنا علينا ذلك إلا لما يجرُّه على الناس من البلاء العظيم، الذي لمسه القريب والبعيد على حد سواء.
ومن أوجب الواجبات أن يبتعد عن الزنا ودواعيه؛ لآثاره السيئة في المجتمعات، وعواقبه الوخيمة في الدنيا والآخرة، يوم لا تملك نفس لنفس شيئًا، وكل امرئ فيها بما كسب في دنياه رهين.
والكيِّس العاقل الفَطِن، مَن يحاسب نفسه قبل أن يحاسبه خالقه العظيم، فيحاول جهد استطاعته أن يستبقَ الخيرات، ويسارع إلى الطاعات، يكثر من عمل الحسنات، ويعلم علم اليقين أن أنفاسه في الدنيا محدودة، وأن لحظات عمره مقدَّرة، وأن الموت باب وكل الناس داخله، فيأخذ من دنياه الزاد، ليوم الحساب والمعاد؛ ﴿ يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ﴾ [عبس: 34 - 37]، ويقول -تعالى-: ﴿ يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ﴾ [ق: 30]، ﴿ وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى * يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِ ﴾ [الفجر: 23 - 24].
يوم يشيب فيه من هوله الوِلدان، وتتغير الألوان، ويخرس اللسان، وتشهد بما عملت جوارح الإنسان، ويفرُّ فيه الخلائق من إنسٍ وجان، يوم تمور السماء مورًا، وتدور كالرحى مضطربة في دورانها، وتسير الجبال سيرًا سريعا في الهواء كالسحاب، وتصير هباءً منثورًا، والهلاك الذي لا يعدله هلاك في هذا اليوم العظيم للمكذِّبين، الذين يخوضون مع الخائضين، ويندفعون في عصيانهم مع العاصين، ولا يعملون بأحكام الدين، فلا تنفعهم يومئذٍ شفاعة الشافعين، ويدخلون النار مع الداخلين، ويغل خزنتها أيديَهم إلى أعناقهم، ويجمعون نواصيَهم إلى أقدامهم، ويدفعونهم إلى الجحيم كبًّا على وجوههم، ودفعًا عنيفًا في أقفيتهم، ويقال لهم: هذه النار التي كنتم بها تكذبون، فتلفح وجوهَهم بلهيبها وهم فيها كالحون وعابسون.
فالحياء خلق كريم وعظيم، ولا يصدر عن المنصف به إلا العمل الطيب الذي ينفعه في حياته، وينتهي به في آخرته إلى الهناء المقيم، في جنات النعيم، ومَن لم يتَّخذ الحياء خُلقًا، تخبط في أموره، وأتى بكل قبيح في قوله وفعله، وروى البخاريُّ ومسلم في صحيحيهما عن أبي مسعود عقبة بن عامر البدري - رضي الله تعالى عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن مما أدرك الناسَ من كلام النبوة الأولى إذا لم تَستَحِ فاصنع ما شئتَ))، وهذا يدل أوضح الدلالة، على أن شرائع الأنبياء السابقين من لدن آدم إلى خاتم النبيين، قد اتفقت على الحياء ودعت إليه لحسنه وجليل آثاره، فلم ينسخ ولم يبدَّل، وأمسى الأولون والآخرون فيه على منهاج واحد إلى يوم الدين، وإذا لم يكن مع المرء حياءٌ يمنعه من اقتراف المعاصي، ويَحُول بينه وبين القبيح، فليفعل ما شاء تأمره به النفس الأمارة بالسوء، وفي هذا من التهديد ما فيه؛ كقول الله - تعالى - للعاصين: ﴿ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ ﴾ [فصلت: 40].
رزقنا الله الحياء، وأصلح لنا ديننا ودنيانا، وآخرتنا ومعادنا، فهو - سبحانه - الهادي إلى سواء السبيل.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم