اقتباس
ولا تزال المجتمعات الإسلامية تذوق الويلات تلو الويلات من هذه الحركات، سواء على المستوى الفكري أم السياسي أم الاجتماعي أم غيره، فأغلب عمليات الاحتلال وانتهاك الكفار لبلاد المسلمين ونهب خيراتها كان بمعاونة ومساندة وممالأة أرباب تلك الحركات، بدءًا من تمهيدها لدخول التتر بلاد المسلمين وقتل ملايين البشر والقضاء على الحضارة الإسلامية في بقعة من أكثر بقاع العالم الإسلامي حضارة وتقدمًا وفكرًا، وانتهاءً ..
تعد الحركات الباطنية الأكثر خطرًا وتهديدًا للإسلام والمسلمين عبر التاريخ الإسلامي كله؛ وذلك لما تخطط له هذه الحركات من كيد للإسلام والمسلمين، وما تنطوي عليه من غموض الحال، وتبنٍّ لمبادئ موهمة وملغزة تهدم أي أساس للتحاور أو التقارب بين هاتيك الحركات وأهل السنة والجماعة أهل الحق، في الوقت الذي تتمسح فيه بحب آل البيت وممارسة بعض الشعائر الإسلامية الأخرى لمزيد من الإلغاز والتلبيس على العامة. وقد يتعدى خطرُهم على الجماعة المسلمة خطرَ الكفار والمشركين أنفسهم؛ وذلك لما في حال الكفار من الوضوح في العداوة والكيد الظاهر، أما تلك الحركات فإنها تتزيا بلباس أهل الحق في حين أنهم ألد أعداء الأمة وأخصم خصومها.
ولا تزال المجتمعات الإسلامية تذوق الويلات تلو الويلات من هذه الحركات، سواء على المستوى الفكري أم السياسي أم الاجتماعي أم غيره، فأغلب عمليات الاحتلال وانتهاك الكفار لبلاد المسلمين ونهب خيراتها كان بمعاونة ومساندة وممالأة أرباب تلك الحركات، بدءًا من تمهيدها لدخول التتر بلاد المسلمين وقتل ملايين البشر والقضاء على الحضارة الإسلامية في بقعة من أكثر بقاع العالم الإسلامي حضارة وتقدمًا وفكرًا، وانتهاءً بالحروب المعاصرة التي تشهدها بلادنا في العراق وأفغانستان وبعض الدول الإفريقية والعربية الأخرى، هذا فضلاً عما عملوا على نشره من زعزعة الأخلاق في المجتمعات المسلمة عن طريق بث الأفكار الهدامة والسلوكيات المشينة، مثل إباحة المخدرات والمسكرات بزعم أنها من الدين.
وعلى الرغم من اتساع رقعة الحركات الباطنية التي تتمحك بالإسلام ظاهرًا وتبطن الكفر والنفاق إلا أنها اجتمعت على هدف أكبر لا يتطرق إليه الاختلاف فيما بينها، وهو محاربة الإسلام، وأهل الإسلام، وبلاد الإسلام، فالحرب على الشعائر الدينية وإسقاط الرموز الإسلامية السنية والقضاء عليها إما بالقتل أو بتشويه الصورة، كل ذلك كان هدفًا استراتيجيًا ذُلِّلت في سبيله كل العقبات، وكان ارتكاب المذابح وسفك الدماء اللغة المسيطرة على هذه الحركات حتى في الزمن المعاصر، رغم وجود القانون الدولي الذي يجرم كل تلك الممارسات، إلا أن التوازنات السياسية بين الدول التي تمثل هذه الحركات والدول الغربية الكبرى كان كفيلاً بإسكات الألسن وغض الطرف عن أية انتهاكات ترتكب في حق الشعوب السنية المسلمة.
ولا تكاد تخفى علاقة هذه الحركات الخبيثة باليهود على مر التاريخ، ابتداءً من مخاضها التأسيسي الأول على يد عبد الله بن سبأ اليهودي، وحتى وقتنا الحالي، فهناك نقاط حمراء لا تستطيع الأفعى اليهودية وأعوانها القفز عليها والعبث بها، أو يُتَوقَّع أن يأتي العبثُ اليهوديُّ بها بنتائج أقل مما يخطط له؛ لذلك فإنها تسلك مسلكًا آخر أشد خبثًا من خلال التعاون الخفي مع تلك المنظمات والحركات لإعادة بعثها من رقادها، والنفخ في نارها، لتقوم بحرب دينية بالوكالة نيابة عن الأفعى اليهودية.
وتعد الجمهورية الإيرانية الداعم الأول لتلك الحركات في العالم المعاصر، بل لا نكون أبعدنا إذا أكدنا أن أغلب الحركات الباطنية الموجودة حاليًا خرجت من عباءة الحركة الرافضية التي تتخذ من الدولة الإيرانية مركزًا لها، تبث منها أفكارها وتصدِّر منها ثورتها الخمينية الشيعية، ومن يتأمل الأصول العقدية لتلك الحركات، كالإسماعيلية والقرامطة والدروز والنصيرية والصوفية الغلاة، يجد توافقًا كبيرًا فيما بينها، إضافة إلى أن سبب النشأة يكاد يكون واحدًا وهو القضاء على الإسلام والاستيلاء على أراضي المسلمين وبلادهم، وعمل غطاء شرعي لعمليات الاستعمار الغربية في الأراضي الإسلامية.
ويكشف لنا التاريخ والوقائع الزمانية والخلفيات العقدية لدى تلك الحركات عن مدى تعاونها مع المحتل الأجنبي لبلاد المسلمين، هذا إن لم تكن هي المحرك الأساسي للفتن والقلاقل وتحفيز الدول الكافرة على تثبيت أقدامها فيها، بل واستخدام المستعمر لها في مواجهة الاتجاهات السلفية المقاومة والحد من تأثيرها في المجتمعات، فيما تبرِّر تلك الحركات للاستعمار وعمالتها له بأن ذلك واقع قدري لا يجوز لأحد تغييره كائنًا من كان، ومن سوَّلت له نفسه ذلك فإنه يعد معترضًا على قضاء الله وقدره مارقًا عن دين الله -عز وجل-، وهو عينه ما تتبع خطاه الحركات الصوفية الغالية الموجودة حاليًا في العالم الإسلامي؛ حيث تسعى الدول الغربية لاستئناسها وجعلها هي وما تسمى المقاومة الشيعية بديلاً للمقاومة السنية الشريفة، لتستمرئ الشعوب المذاهب الانبطاحية التي تسلِّم للمحتل دون مقاومة أو إراقة للدماء.
وفي العصر الحاضر تلقى هذه الحركات والمذاهب الباطنية -المنبثقة في الأساس عن المذهب الرافضي- ترويجًا كبيرًا لكتبها ومؤلفاتها على أنها من كتب التراث التي ينبغي الاحتفاء به ونشره؛ وذلك تكريسًا لمنهجها باعتباره المنهج الصحيح الواجب فَهْمُ الدين من خلاله، وهذا لا ريب تحركه أيادٍ غربية بالدعم المادي والسياسي تحقيقًا للأهداف التي أشرنا إلى بعضها، بعد أن استيقنت الآلة السياسية الغربية أن لا سبيل لتثبيت أقدامها في العالم الإسلامي إلا بتخدير شعبه بهذا الأفيون الخطير..
وعلى الرغم من كشف علماء الإسلام الكبار قديمًا للعقائد الشاذة للفرق الباطنية ومخططاتهم الخبيثة وكيدهم لأمة الإسلام، من أمثال الإمام أحمد بن حنبل وابن حزم الأندلسي ومحمد بن عبد الكريم الشهرستاني والخطيب البغدادي –رحمهم الله-، إلا أن كثيرًا من العامة، بل ومن المنتمين للعمل الإسلامي حاليًا قد خفي عليه حال بعض تلك الحركات الهدامة، بل وانخدعوا بها، وانطلت عليهم شعاراتها الزائفة وكلامها المعسول ومظهرها البراق الذي يخطف الألباب ويأسر العقول، وهذا إما جهلاً بحالها، وإما مراعاة لبعض المصالح التي قد تكون بين هؤلاء وأولئك، ولا يشعرون أن الرهان على الباطنيين دائمًا ما تكون خسائره أكبر بكثير من النفع المتحقق من ورائه.. هذا إن كان هناك نفع أصلاً.
لذلك فقيامًا منا بدورنا في مواجهة هذا المد الباطني الذي بات متفشيًا في عالمنا الإسلامي، ضاربًا بأكنافه وأطنابه في مؤسسات المجتمع ولاعبًا دورًا مؤثرًا في سريان مجريات الأحداث السياسية، فقد رأينا في ملتقى الخطباء أن نساهم في دفع كيد هذه الحركات بهذا الملف "الحركات الباطنية وكيدها للإسلام"، وفيه بيان بالفِرَق الباطنية، وعقائدها، وظروف نشأتها، وبيان لضررهم ومخاطرهم على الإسلام والمسلمين، محاولين فيه كشف جرائمهم ومؤامراتهم وفضح مخططاتهم، وبيان علاقاتهم مع الفرق الأخرى لضرب الإسلام، سائلين الله تعالى أن ينفع به المسلمين في أقطار العالم الإسلامي، وأن يكون عونًا لإخواننا الخطباء والدعاة في كل مكان، وأن يزيل به الغشاوة عن أعين المسلمين، وأن يجعل كيد الكائدين في نحورهم، ويجعل تدبيرهم تدميرًا لهم..
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم