عناصر الخطبة
1/ الحج من أفضل العبادات وأجل القربات 2/ فضائل الحج وعظم جزائه 3/ حكم الحج وحكم تكراره 4/ مسارعة القادر المستطيع لأداء الفريضة 5/ وجوب مراعاة الأنظمة المختصة بتنظيم الحجاقتباس
الحج من أفضل العبادات وأجلّ القربات، وهو ركن من أركان الإسلام فرضه الله في العمر مرة واحدة، وندبهم إلى الزيادة والاستكثار بعد ذلك.. ومن أراد أن يحج نافلةً، فعليه أن يلتزم بالأنظمة التي وضعتها الدولة وفّقها الله؛ مراعاة للمصلحة العامة.. فإنه يترتب على كثرة الحجاج وزيادة أعدادهم من المشقة والعنت.. وقد يصل معه الأمر إلى ذهاب بعض الأرواح.
الخطبة الأولى:
أما بعد: قال تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) [آل عمران: 97]، أي: يجب على الناس حج البيت من كان مستطيعًا منهم ببدنه وماله، وملَك الزاد والراحلة .
عباد الله: إن الحج من أفضل العبادات وأجلّ القربات، وهو ركن من أركان الإسلام فرضه الله في العمر مرة واحدة، وندبهم إلى الزيادة والاستكثار بعد ذلك.
فقد سَأَلَ الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن الْحَجُّ، فَقَالَ: فِي كُلِّ سَنَةٍ أَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً قَالَ: "بَلْ مَرَّةً وَاحِدَةً فَمَنْ زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
ثم نبَّه عباده إلى أنه إنما شرع الحج لمصلحة العباد أنفسهم؛ فإن الله لا تنفعه طاعة طائع كما لا تضره معصية عاصٍ، ولذا قال تعالى: (وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) [آل عمران: 97].
عباد الله: إن الحج من أسباب دخول الجنات وتكفير السيئات؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ :"الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلاَّ الْجَنَّةُ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعنه قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ "مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وعن أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: سُئِلَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أيُّ العملِ أفضلُ؟ قَالَ: "إيمَانٌ بِاللهِ وَرَسُولِهِ" قيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: "الجهادُ في سَبيلِ اللهِ" قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا ؟ قَالَ :"حَجٌّ مَبْرُورٌ "متفقٌ عَلَيْهِ .
وقال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ: "أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الإِسْلاَمَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ، وَأَنَّ الْهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهَا، وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ؟!" (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
وًعَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ -رَضِيَ اللَّه عَنْهَا- أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَرَى الْجِهَادَ أَفْضَلَ الْعَمَلِ، أَفَلاَ نُجَاهِدُ قَالَ: "لاَ، لَكُنَّ أَفْضَل الْجِهَادِ حَجٌّ مَبْرُورٌ" (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ؛ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلاَّ الْجَنَّةُ" (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ).
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: "الْحُجَّاجُ وَالْعُمَّارُ وَفْدُ اللَّهِ إِنْ دَعَوْهُ أَجَابَهُمْ وَإِنِ اسْتَغْفَرُوهُ غَفَرَ لَهُمْ" (رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ) .
ومن مات في إحرامه بعثه الله يوم القيامة ملبياً، فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّ رَجُلاً كَانَ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ، وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَمَاتَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: " اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ، وَلاَ تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ، وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا" متفقٌ عَلَيْهِ .
فهنيئاً لمن كتب له هذا العام الحج والعمرة مخلصاً لله نيته مقتفياً ومقتدياً بالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وسنته، قد طهّر حجه من الرفث والفسوق، ومن الجدال السيئ المذموم فرجع بذنب مغفور وحج مبرور وسعي مشكور وتجارة لا تبور قال تعالى :(الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) [البقرة: 197].
أقول قولي هذا ....
الخطبة الثانية :
أما بعد: عباد الله: إن الله قد فرض على عباده أن يحجوا بيته الحرام في العمر مرة واحدة فًعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّ الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ سَأَلَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ الْحَجُّ فِي كُلِّ سَنَةٍ أَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً؟ قَالَ: "بَلْ مَرَّةً وَاحِدَةً، فَمَنْ زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ" (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ).
وهذا من رحمة الله ولطفه بعباده؛ فإن الحج فيه مشقة بالغة، ولا سيما لمن كان يسكن في البلاد البعيدة.
فمن توفرت فيه شروط الوجوب فعليه أن يبادر إليه ولا يؤخره من غير عذر، فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "تَعْجَّلُوا إِلَى الْحَجِّ -يَعْنِي الْفَرِيضَةَ- فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لاَ يَدْرِي مَا يَعْرِضُ لَهُ" (رَوَاهُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ).
ومن أراد أن يحج نافلة، فعليه أن يلتزم بالأنظمة التي وضعتها الدولة وفّقها الله؛ مراعاة للمصلحة العامة.
فإنه يترتب على كثرة الحجاج وزيادة أعدادهم من المشقة والعنت ويؤدي إلى عرقلة وتأخير إنجاز بعض المشاريع الضخمة التي تصب في مصلحة الزوار والمعتمرين والحجاج، وقد يصل معه الأمر إلى ذهاب بعض الأرواح، والله المستعان.
فالدولة -وفقها الله- لم تألُ جهدًا ولم تدخر وُسعًا في تذليل كل العقبات، وبذل الغالي والنفيس في سبيل راحة الحجاج وأمنهم وطمأنينتهم، ومن تلك التدابير الإلزام باستخراج التصاريح؛ مراعاةً لما فيه الصالح العام، ورتبت على ذلك عقابًا صارمًا (فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُمْ) [التغابن: 16]
ألا وصلوا ..
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم