عناصر الخطبة
1/ بعض أحكام زكاة الفطر 2/ حكمة مشروعية زكاة الفطر 3/ سنة التكبير من وقت إهلال العيداقتباس
مَن فَهم ما في زكاة الفِطر من المنافع والحكم والأسرار، وما توجبه من الثواب، وتحطه من الأوزار، لم يتوقف في اختيار الأجود فيها، ولم يطع الشُّحَّ في العدول إلى الردِّ، فإن الله جلَّ وعلا قد أوقف عليها الفلاح، والنبي صلى الله عليه وسلم جعلها من الفرائض العظيمة لعظيم ما تحوي عليه من الإصلاح والصلاح، فهي من أجَلِّ القُرَبِ إلى رب العالمين، ومن أفضل ما حضَّ عليه سيد المرسلين ..
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَنْ يُضْلِلْ فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
عباد الله: اتقوا الله، والتمسوا من العمل ما يحبُّه ويرضاه؛ لعلكم ترحمون، واجتنبوا ما يسخطه ويكرهه؛ لعلّكم تتقون.
عباد الله: هذا شهر رمضان قد تقارب تمامه، وتصرَّمت لياليه الفاضلة وأيامه، فمَن كان مِنَّا مُحْسِنَاً فيه فعليه بالإكمال والإتمام، وَمَن كان مُقَصِّرا فلْيخْتِمْهُ بالتوبة والاستدراك، فالعمل بالخِتام.
واعلموا -رعاكم الله- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد فرض في تمام هذا الشهر صدقة الفطر على الذكر والأنثى، والحُرّ والعبد، والصغير والكبير، صاعاً من بُرٍّ أو أقطٍ أو تمر أو زبيب أو شعير.
وأمر أن تُؤدَّى قبل الصلاة، وكان الصحابة -رضي الله عنهم- وهم النهاية في المسابقة والفضائل، يُؤَدُّونها قبل العيد بيوم أو يومين، فطهِّروا -عباد الله- طهِّروا صيامكم بإخراجها؛ رغبة في اتباع النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-، واغتناما لأجرها العظيم، وحسِّنوها وكمِّلوها، ولْتَكُن من أطيب أموالكم الذي تجدون، فـ (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) [آل عمران:92]، ولا تيمَّموا -عباد الله- الخبيث، وهو الرديء، منه تنفقون، فكيف ترضون لربكم ما ليس لأنفسكم ترضون؟.
عباد الله: مَن فَهم ما في زكاة الفِطر من المنافع والحكم والأسرار، وما توجبه من الثواب، وتحطه من الأوزار، لم يتوقف في اختيار الأجود فيها، ولم يطع الشُّحَّ في العدول إلى الردِّ، فإن الله -جلَّ وعلا- قد أوقف عليها الفلاح، والنبي -صلى الله عليه وسلم- جعلها من الفرائض العظيمة لعظيم ما تحوي عليه من الإصلاح والصلاح، فهي من أجَلِّ القُرَبِ إلى رب العالمين، ومن أفضل ما حضَّ عليه سيد المرسلين.
وهي طُهرة للصائم من اللغو والرفث، وجبر لما حصل في الصيام من النقص وكفارة، وهي -عباد الله- من جملة شكر نعمة الله بالتوفيق لصيام رمضان، وتزكية للنفوس من الأخلاق الرذيلة، وتحليةٌ لها بالأخلاق الفاضلة الجميلة، وفيها -عباد الله- إِغناءٌ للفقراء في ذلك اليوم الكريم الذي يتكرر على المسلمين بالخير والسرور والفضل العظيم، وهي شكر لله لنعمه -سبحانه- بسلامة الأديان والأبدان، وفداءٌ وكفارة للصائمين.
عباد الله: إن المؤمن الموفَّق يحمد ربه -سبحانه- حيث أقدره على أداء هذه الفريضة الجليلة، فيختار لها من أجود ماله ما يدرك به الأجور الجزيلة، ويري من نعمة الله عليه أن جعل يده هي العليا.
ثم -عباد الله- على من أُخرجت عنه الزكاة من ولد وزوجة وأهل وخادم، عليه أن يحمد الله إذ كان عاجزا عنها فأوجب على مَن عليه الأمر أن يُخرج عنه الزكاة، وعليه أن يشكر مَن قام بها ويدعو له في حياته وبعد مماته، فمَن لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق، كما ثبت بذلك الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأي معروف أجلّ من معروفِ مَن أدَّى عنك فريضة عظيمة تزكي بدنك وأخلاقك، وتطهِّر صيامك، ويكمل بها إسلامك.
عباد الله: وإيّاكم أن تضعوا هذه الزّكاةَ في غير مستحقها الفقيرِ المحتاج! فمن أعطاها مَن يعرف أنه غير محتاج لم يجزه هذا الإخراج، ولا يجوز -عباد الله- إخراجها من المال؛ بل الواجب إخراجها من الطّعام.
ثم -عباد الله- مَن علم مِن نفسه أنه غير محتاج للزكاة فإنه لا يحلُّ له الأخذ، فإنْ أخذها فهي حرام عليه، لأنها مخرجة لفقراء المسلمين ومَحاويجهم.
عباد الله: ولا تفرغوا من الصلاة وأنتم لم توصلوها إلى مستحقها أو وكيله الذي وكله في قبضها، فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ ربِّهِ فَصَلَّى * بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى) [الأعلى:14-17].
بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه يغفر لكم، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله عظيم الإحسان، واسع الفضل والجود والامتنان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، عباد الله: ومما شرع الله تبارك وتعالى لعباده في تمام الشهر، تكبيرُ الله -عز وجلّ-، تكبير المنّان والمتفضِّل -سبحانه- بالصيام والقيام، وعموم الطاعات، وأنواع العبادات، قال الله تعالى: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ) [البقرة:185].
عباد الله: والسنة في التكبير أن يقول المسلم عند إهلال ليلة العيد: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد، يقولها تلك الليلة وفي صبيحة ذلك اليوم وهو في رواحه إلى المصلى إلى أن تبدأ الصلاة.
والسُّنة -عباد الله- أن يقولهَاَ كل مسلم بمفرده، أما التكبير الجماعي في المساجد أو غيرها فليس من هدي النبي الكريم -عليه الصلاة والسلام-، ولا مما كانَ عليه الصحابة الكرام، فعليكم بالسنة تُفلحوا، وبالاقتداء بالنبي الكريم -عليه الصلاة والسلام- تفوزوا وتربحوا، والكيِّسُ -عباد الله- مَن دان نفسَه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أَتبع نفسه هواها، وتمنَّى على الله الأماني.
وصلوا وسلموا...
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم