عناصر الخطبة
1/سرعة مرور الليالي والأيام 2/رحيل شهر رمضان 3/من علامات القبول والخذلان 4/ الاستقامة على العبادة والثبات على الطاعات 5/صيام الست من شوال.اقتباس
رمضان سوق قام ثم انفض، ربح فيه من ربح، وخسر فيه من خسر، فمن كان محسنًا، فلْيحمد لله، ولْيسأل الله القبول، فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، ومَن كان مسيئًا فلْيتب إلى الله، فالعذر قبل الموت مقبول، والله يحب التوابين.
الخطبة الأولى:
الحمد لله؛ مُصرِّف الشهور والأيام، نحمده على نِعَمه العظام، والصلاة والسلام على خير مَن صلى وصام، وطاف بالبيت الحرام؛ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع سبيلهم بإحسان.
أما بعد: فاتقوا الله -معاشر المؤمنين- واعتبروا في سرعة مرور الليالي والأيام، واعلموا أنها بمرورها تأخذ من أعماركم، وتطوى بها صحائف أعمالكم.
وها نحن نُودِّع شهر رمضان المبارك، وقد أودعناه ما شاء الله أن نودع من الأعمال، حسنها وسيئها، صالحها وطالحها، والأيام خزائن حافظة لأعمالكم، تدعون بها يوم القيامة؛ (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا)[آل عمران: 30]، ينادي ربكم: "يا عبادي، إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه"(رواه مسلم).
رمضان سوق قام ثم انفض، ربح فيه من ربح، وخسر فيه من خسر، فمن كان محسنًا، فلْيحمد لله، ولْيسأل الله القبول، فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، ومَن كان مسيئًا فلْيتب إلى الله، فالعذر قبل الموت مقبول، والله يحب التوابين.
لقد كان السلف الصالح حينما ينتهي رمضان يصيبهم الهمّ، ولسان حالهم لسان الوجل الخائف أن يُرَدّ: هل تُقِّبَل منا؟ فهم كما وصفهم الله بقوله: (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ)[المؤمنون: 60- 61].
وقد سألت عائشة -رضي الله عنها-: يا رسول الله، (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ)؛ أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون قال: "لا يا بنت الصديق، ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون، وهم يخافون أن لا تُقبل منهم (أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ)"(رواه أحمد والترمذي).
وديدن المؤمنين وهجيراهم، الاستقامة على العبادة، والثبات على الطاعات، لا يروغون روغان الثعالب، فهم كما قال الله عنهم: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ)[فصلت: 30]، قال الحسن البصري -رحمه الله-: "إن الله لم يجعل لعمل المؤمن أجلاً دون الموت، ثم قرأ: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)[الحجر: 99].
ولئن انتهى موسم رمضان، فبين أيدينا موسم يتكرر في اليوم والليلة خمس مرات؛ يقول -تعالى-: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ)[البقرة: 238].
ولئن انتهى قيام رمضان، فإن القيام بحمد لله لا ينتهي، فهناك الوتر وقيام الليل، قال -تعالى-: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا)[الإسراء: 79]، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل"(رواه مسلم).
ولئن انقضى موسم الدعاء، فبين أيدينا ثلث الليل الأخير، والاستغفار في السحر، ويوم الجمعة، فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله شيئًا إلا أعطاه إياه.
ولئن انتهى صيام رمضان، فإن الصيام بحمد الله لا ينتهي، فبين أيدينا: صيام الأيام البيض، والاثنين والخميس؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: "صوم ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله"(متفق عليه).
وإن من متابعة الإحسان بعد رمضان: صيام الست من شوال، قال -صلى الله عليه وسلم-: "من صام رمضان، وأتبعه ستًّا من شوال، كان كصيام الدهر كله"(رواه مسلم).
فاتقوا الله عباد الله، وحافظوا على أعمالكم، (وَلاَ تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا)[النحل: 92].
اللهم نسألك حُسْن الحال والمآل، وحسن الخاتمة والعاقبة يا ذا الجلال والإكرام.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه يغفر لكم، إنه هو الغفور الرحيم، وادعوه يستجب لكم، إنه هو البر الكريم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى.
وبعد؛ فاتقوا الله -عباد الله- حق التقوى، وراقبوه في السر والنجوى، والموفق من استمر في مجاهدة نفسه على فعل الطاعات، وترك المعاصي، وثبت حتى يلقى ربه راضياً مرضياً، قال -تعالى-: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهدِيَنَّهُم سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ المُحسِنِينَ)[العنكبوت: 69].
ثم صلوا وسلموا -رحمكم الله- على المبعوث رحمةً للعالمين، اللهم صلِّ وسلِّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئنًا وسائر بلاد المسلمين.
اللهم وفق خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده لما تحب وترضى، يا ذا الجلال والإكرام.
عباد الله: اذكروا الله ذكرًا كثيرًا، وسبِّحوه بكرةً وأصيلًا، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم