التنمر... معناه وآثاره الضارة على الفرد والمجتمع

سعود بن ابراهيم الشريم

2021-10-15 - 1443/03/09 2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/وجوب المواءمة بين المقومات المادية والمخرجات التهذيبية 2/معنى التنمر وبعض آثاره السيئة 3/التنمر ضربان مختلفان 4/أسباب التنمر وبعض دواعيه 5/خطورة التنمر الإلكتروني 6/وسائل علاج ظاهرة التنمر 7/أعظم سببين في حصول التنمر 8/التوعية والإرشاد سبيل الرشاد

اقتباس

واعلموا أن ضَعْف الوازع الديني والإخفاق في التربية على الخُلُق القويم أعظم سببينِ في حصول التنمُّر، يُضاف إلى ذلكم البيئة والرفقة، وأثرهما على الفرد والجماعة، فإن القرين بالمقارَن يقتدي، ولن يتنمَّر مَنْ رفقتُه ذوو حلم وأناة، ولن يحلم مَنْ رفقتُه ذوو صلَف وغلظة...

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله، المبدئ المعيد، الغفور الودود، ذي العرش المجيد، الفعال لما يريد، يعلم ما في السموات وما في الأرض؛ (وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)[الْأَنْعَامِ: 59]، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، المبعوث رحمة للعالمين، إمام المرسلين، وسيد ولد آدم أجمعين، أتم الله به النعمة، وأكمل به الدين، ف-صلوات الله وسلامه عليه-، وعلى آله وأزواجه، وأصحابه أجمعين، وعلى من سار على طريقهم، واتبع هداهم إلى يوم الحشر والدين، وسلم تسليما كثيرا.

 

أما بعد، فيا أيها الناس: اتقوا ربكم حق التقوى، واستمسِكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، وسَلُوا اللهَ الثباتَ على دِينه، واتباع سُنَّة نبيِّه -صلى الله عليه وسلم-، لتفوزوا برؤية الرحمن في جنة المأوى؛ (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)[الْبَقَرَةِ: 21].

 

عبادَ اللهِ: إن من تسخير الله للبشرية، بلوغَها شأوًا عاليًا من الرقى المادي، وتفننها في تقريب بعيدها، واختصار زمانها، وتذليل صعبها، بصورةٍ لم يشهد التاريخ لها مثيلًا، غيرَ أن الانهماك وراء ذلكم ينبغي ألَّا يُزاحِم استحضارَ الحاجة، إلى إذكاء الوعي بالمواءمة بين المقوِّمات المادية المعاصرة وبين مُخرَجاتها التهذيبيَّة في الوقت نفسِه، حتى يتمَّ الجمعُ بينَ خدمةِ جسدِ الإنسانِ، وخدمةِ تهذيبِ روحِه؛ فإن للروح رقيًّا أرفعَ من رقي الجسد، كما قال الله -جل شأنه-: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا)[الْقَصَصِ: 77].

 

إنه بفقد تلك المواءمة، تبرُز نفوسٌ يغلب صيالُها حِلمَها، وعنفُها لينَها، وتعتريها آفةُ قسوةٍ وعدوانٍ وعنفٍ وتسلُّطٍ على الغير، بداعي تقديم إشباع الجسد على إشباع الروح، وهذا ما تواطأت أقلامُ المهتمينَ بها على تسميتها بآفة (التنُّمر)، الذي ضرَب بأطنابه في أفئدة رخوة لم يُروَّض ذووها على توقير حقوق أنفسهم، ولا حقوق الآخَرين، وحرماتهم في النفس والمال والعِرْض، وخطورة الطيش والعدوان عليهم والتحرش بهم، غير آبهين بقول المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: "كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه"(رواه البخاري) ومسلم.

 

إنه التنمر -عبادَ اللهِ- إبَّانَ الانفكاك الظاهر بين التعامل والتهذيب؛ فإن النفس الفارغة لن ترضى إذا لم تَرُضْ، وتُلجَم بلجام اللين والسماحة والوداعة، وما سمَّاها مَنْ سمَّاها بالتنمُّر إلا لبشاعة العدوان فيها، وخروج المعتدي في طباعه من صورته الإنسانية إلى صورة سلوك السِّباع الضَّواري، التي تَفتِكُ بمَنْ حولَها وتسطو عليه؛ فهي لا تنفكُّ تصول وتفترس.

والمرءُ إِنْ أَلِفَ الفظاظةَ صبغةً *** كَرَّتْ عليه بسوئها فتجبَّرَا

لا غروَ إِنَّ الشرَّ يُذكِي بعضَه *** مَنْ آثَر العنفَ المشينَ تنمَّرَا

 

التنمُّرُ -عبادَ اللهِ- سلوك عدواني متكرِّر، يقوم به الإنسان ذَكرًا كان أو أنثى، صغيرًا أو كبيرًا، فردًا أو جماعةً تجاهَ آخَرينَ، معتمِدًا في ذلك على قوته وفُتَّوته ورفقته، وعلى ضَعْف المعتدى عليه أو انفراده، فكأن المتنمِّر بتنمُّره يتقيأ أخلاطًا من الخُلُق الفاسد، الذي ابتلَعَه من حيث يشعر أو لا يشعر، بعد أن بلَغ به التخمةَ، وإن كان التنمر ليس له سِنٌّ معينةٌ، إلَّا أنه يجد أرضًا خصبةً في أوساط الأطفال والمراهقين والشباب، وأمَّا وسائل التنمُّر فمتعددةٌ؛ في البيت، والسوق، والمدرسة، والمجامع العامة، والخاصة.

 

والتنمُّر في واقع الأمر ضربانِ، أحدُهما تنمُّرٌ حسيٌّ، وهو ذو تنوُّع، فقد يكون لفظيًّا؛ من خلال الشتم أو السخرية أو السباب أو الشماتة أو بها جميعًا، وقد يكون غريزيًّا بالتحرش والابتزاز ونحوهما، وقد يكون فعليًّا؛ من خلال الضرب وإيذاء الجسد أو السلب والنهب وتخريب مُلْك الغير، والضرب الآخَر: هو التنمُّر المعنوي؛ من خلال الاحتقار والتعصُّب والعنصرية، وبطَر الحقِّ وغَمْط الناس.

 

التنمر -عبادَ اللهِ- آفة بغيضة، يتسارَع تراكمُها في المجتمع كلَّما غفَل عنها التربويون وذوو الاختصاص بتلكم الآفة الحالقة، وقد عدَّها بعضُ المختصين ظاهرةً متفشيةً في كثير من المجتمعات أيًّا كانت معيشتُها وأطيافُها، ويكثُر الحديثُ عنها في وسائلهم المرئية والمسموعة والمقروءة، فكَمْ هي الحوادثُ المتكررةُ من صُوَر التنمُّر، يراها الناس يمنةً ويسرةً، من تحرُّش وابتزاز، وقسوة وإيذاء، واعتداء على الغير، في طُرُقات الناس أو مجامعهم، وربما كان في البيوتات بين الأزواج تارةً، وبين الآباء والأولاد تاراتٍ أخرى، فَكَمْ هي القضايا التي تستقبلها الشُّرَطُ، وكم هي الحالات التي تتلقَّاها المشافي والمحاكمُ جراءَ آفة التنمُّر، وكم هي القصص والوقائع، التي تتناقلها الصحفُ، ويتداولها الناس بصورة لافتة، عبرَ وسائل الاتصال الحديثة، من خلال الخبر أو المشاهَدة.

 

إن التنمر المشهود -عبادَ اللهِ- لَيُعَدّ من أمضى معاول العنف والتباغض والتدابر في هَدْم لَبِنَات التراحم والشفقة والبر والإحسان في الأسرة والمجتمع، وإنَّه لَيشتدُّ خطرُه حينما يقع بينَ الطلاب في بيئتهم التعليمية، للتضادِّ البيِّن بين مخرجاتها الرئيسة في الفَهْم، وتحمُّل المسؤولية، وتهذيب السلوك والتآلف لدى النشء، وبين التربية على الصالح العامّ، والخُلُق الرفيع بين الطلاب بعضهم بعضا، وكذا بين الطالبات، وإنَّه لا يقلُّ خطرًا عنه التنمر الإلكترونيّ والتقنيّ الحديثُ، عبرَ وسائل التواصل الاجتماعي المتداوَلة؛ لأن ضرره أكثر تعديًّا مما سواه، بطبيعة انتشاره في كل بيت، ونفوذه في التشويش والتهويش، والإرباك للعامَّة والخاصَّة في المجتمع الواحد، الذي هو أحوجُ ما يكون إلى التآخي والتراحم، ومراعاة الصالح العامّ، والشعور بالمسؤولية الملقاة على النَّفْس وعلى الآخَرين.

 

وإنه من خلال نظرة سريعة إلى التنمر سنجد أنه حالة وحشية عارضة، يُذكِيها أزمةٌ نفسيةٌ يتجرَّعها المتنمرُ؛ بسبب خلل في تربيته الأسرية، أو أن الأسرة تعيش حالة من العنف بين ذويها، أو بسبب ما يحمله الفرد بين أسرته من طاقة مكبَّلة، لم يُحسِن أهلُها التنفيسَ عنه فيها بما ينفعه ولا يضره، فإن الكأس تفيض عند امتلائها، أو أن ذلك بسبب خلل توعويّ، أو قصور تربويّ، أو طبع انتقاميّ... ونحو ذلكم، فيجعل محصلة ذلك في التعبير عنها بتنمُّرِه على الآخَرِينَ، إمَّا من باب الانتقام والتشفِّي، والهروب من ذلكم الواقع الذي يعيشه، وإما من باب ظنِّه أنها فُتوَّة وقوة وغلبة، وبخاصة إذا وَجَدَ في أوساط الناس من الرفقاء والأصحاب مَنْ يشجعه أو يعينه عليها، أو يهيئ له أسبابها، أو يُهوِّن له عقوبتها وعاقبتها؛ فإن المتنمر، والمعجَب بالمتنمر، والمهوِّن من شأن التنمر، هم في الواقع شركاء في إذكائه واستفحاله، وما ذلكم في الحقيقة إلا انعطافٌ عن مسار التقويم، وإهمالٌ مرفوضٌ لا قبولَ له بوجه من الوجوه، وما عاقبةُ التنمُّر لصاحبه إلا اضطرابٌ في شخصه، وإفسادٌ في مجتمعه، وإدمانٌ للسلوك العدوانيّ، وقلقٌ واكتئابٌ لا ينفكانِ عنه، وقد قال النبي صل الله عليه وسلم: "ليس الشديد بالصُّرَعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب"(رواه البخاري).

 

فالتنمر بالآخرين -عباد الله- إفساد عريض، والمتنمِّر ضعيفٌ ولو تفتَّى؛ لأن من دعَّته نزوتُه فهو منقادٌ لهوى محض وليس قائدًا له، ومُؤثِر خُلُقَ السباع الوضيع على خُلُق الإسلام الرفيع، وإفساد سبيله على إصلاحه، ومقدِّم هوى ذاته على مصلحة مجتمعه، ومَنْ أحَبَّ نفسه حقًّا أدرَك أن عليه ألَّا يؤذي غيره، فإنه لا يؤذي غيرَه إلا مَنْ كَرِهَ نفسَه شَعَرَ بذلك أم لم يشعر، فالعلة فيه لا في غيره، فإن لم يُفقه أحد من سكرة تنمره، فسيقع فأسه على رأس غيره، ومتى وُجدت الوقايةُ لم يُحتَج إلى الدواء، ومتى تأخَّر الدواء عن الداء فلن يقع حينئذ موقعَه، وإذا لم يغبِّر حائط في وقوعه فليس له بعد الوقوع غبار؛ ما يؤكِّد على ذوي الاختصاص من أمنيين وشرعيين وتربويين ونفسيين بذلَ أقصى درجات الوقوف على احتواء هذه الآفة المقيتة، ولا يتم هذا الاحتواءُ إلا بضبط التشخيص والتسبيب، وبيان العوارض، وتهيئة الحلول الملائمة للقضاء عليها، وإدانة مُرتَكِبِيها ومجازاتهم، والاتفاق على المشارَكة المتنوِّعة من جميع ذوي الاختصاص حتى لا تبقى ثغرةٌ منه إلا سُدَّتْ، كلُّ مختصٍّ بما آتاه الله من علم في كَبْح جماح تلكم الآفة، فإنَّه لا ينبغي للمجموع من المعنيين أن يتدافعوا اختصاص مكافحة التنمر ولا أن يتنازعوه، فإن لكل دوره ومسؤوليته، فلا يُلقِيَنَّ المربون بالعَتَب على الأُسَر، ولا الأسر بالعتب على المربين، ولا يُلقون جميعًا بالعتب على مَنْ سواهم.

 

ثم إنه ينبغي للمتنمر المكلَّف أن يتقي الله، ويستحضر حرمةَ إيذاء الآخرينَ، والاعتداء عليهم، وأنه أول المتضررين بتنمُّرِه في دنياه وأخراه، كما ينبغي له أيضا أن يتصالح مع نفسه ومع الناس، معتمِدًا -بعد عون الله- على تصفير همومه، وكبح جماح طاقاته السلبية، ومزاحمتها بالرضا والصبر والنقاء، وأن التنمُّرَ ما كان في شيء إلا شَانَه، ولا نُزِعَ من شيء إلا زَانَه، وأن بحسبه من الشر بتنمره أن يؤذي أخاه المسلم، أو يَحقِرَه، أو يكون تجاهَه طعَّانًا لعَّانًا معتديًا أثيمًا، قد أسلَم قيادَه للشيطان الرجيم، والله -جل وعلا- يقول: (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا)[الْإِسْرَاءِ: 53]، وقال سبحانه: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا)[الْأَحْزَابِ: 58].

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذِّكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، ولسائر المسلمين والمسلمات، من كل ذنب وخطيئة، فاستغفِروه وتوبوا إليه، إن ربي كان غفورًا رحيمًا.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين؛ وبعدُ:

 

فاتقوا الله -عبادَ اللهِ-، واعلموا أن ضَعْف الوازع الديني والإخفاق في التربية على الخُلُق القويم أعظم سببينِ في حصول التنمُّر، يُضاف إلى ذلكم البيئة والرفقة، وأثرهما على الفرد والجماعة، فإن القرين بالمقارَن يقتدي، ولن يتنمَّر مَنْ رفقتُه ذوو حلم وأناة، ولن يحلم مَنْ رفقتُه ذوو صلَف وغلظة، وإنه ينبغي أن ينطلق علاج التنمر مِنْ غرسِ ثقةِ الطفلِ بنفسه، ومراقَبةِ سلوكِه منذُ نعومة أظفاره؛ ليجتاز هذا الفخَّ المهلكَ فيُتِمَّ مسيرَ حياته خاليًا من التنمر.

 

وفي مقابل ذلكم -عبادَ اللهِ- ينبغي ألَّا يَغفُل المختصون عن إعمال مبدأ العقاب الذي يقابل مبدأ الثواب؛ إذ هو أقنومٌ رئيسٌ في الحد من ظاهرة التنمر، الذي يهدِّد استقرار المجتمعات، وأنه يجب إعمالُ ما يَسُنُّه ولاةُ أمر المسلمين ممَّا مِنْ شأنِه توثيقُ حماية حقوقهم، وعقوبة إيذائهم أو التحرش بهم، فإنَّ بعضَ النفوس الرديئة لا يَردَعُها وعظٌ ولا تذكيرٌ، وإنما ترتدع بقوة السلطان، كما قال عثمان -رضي الله عنه-: "إن الله لَيَزَعُ بالسلطانِ ما لا يَزَعُ بالقرآنِ".

 

ثم إن مما لا يقل أهميةً عمَّا مضى -عباد الله-: التوعيةَ والإرشادَ، والتوجيهَ السليمَ لمكارم الأخلاق، وبثّ روح الأُلفة والمحبة والإخاء عبرَ وسائل متعددة، وبيان أن التنمرَ وحشٌ كاسرٌ، إذا تمثَّلَه المرءُ تعذَّرت السيطرةُ عليه، وأنَّ أي انتصار يُحدِثه التنمر، فإنما هو -في الحقيقة- أسوأ من أي هزيمة؛ لأنه انتصار زائف لدى كل ذي لُبٍّ من الناس، فإذا ضَعُفَ الإرشادُ والتعليمُ عمَّ الجهلُ، ومع الجهل يأتي الخوفُ، ومن الخوف يأتي التعصبُ، ومن التعصب يأتي التنمرُ، والتوجيه السليم هو نور التخلُّص من الجهل المظلم؛ فإننا إذا أحسَنَّا التعاملَ مع ظاهرة التنمر لدى الأطفال والشباب أَمِنَّا جانبًا مهمًّا من مستقبل الأمة، فأطفالُ اليوم هم شباب الغد، وشبابُ اليوم هم كبارُ الغد، وما المجتمع المتماسِك إلا بأطفاله وشبابه وكباره، ولن يبلغ هؤلاء التآلفَ إلا إذا أَمِنَ بعضُهم ألسنَ بعض وأيديهم، ولقد صدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ قال: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده"(متفق عليه).

 

هذا وصلوا -رحمكم الله- على خير البرية، وأزكى البشرية، محمد بن عبد الله، صاحب الحوض والشفاعة، فقد أمركم الله بأمر بدأ فيه بنفسه، وثنى بملائكته المسبحة بقدسه، وأيه بكم أيها المؤمنون، فقال جل وعلا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 56]، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر، وارض اللهم عن خلفائه الأربعة؛ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر صحابة نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم-، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وجودك وكرمك، يا أرحم الراحمين.

 

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم انصر دينك وكتابك، وسنة نبيك وعبادك المؤمنين، اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين، ونفس كرب المكروبين، واقض الدين عن المدينين، واشف مرضانا ومرضى المسلمين، برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين، اللهم وفق ولي أمرنا لما تحبه وترضاه، من الأقوال والأعمال يا حي يا قيوم، اللهم أصلح له بطانته يا ذا الجلال والإكرام، اللهم وفقه وولي عهده لما فيه صلاح البلاد والعباد.

 

اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم ألف بين قلوبهم، وأصلح ذات بينهم، واهدهم سبل السلام، وجنبهم الفواحش والآثام، يا ذا الجلال والإكرام.

 

اللهم احفظنا بالإسلام قائمين، واحفظنا بالإسلام راقدين، ولا تشمت بنا الأعداء ولا الحاسدين، برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

اللهم من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بسوء فأشغله بنفسه، واجعل كيده في نحره، يا سميع الدعاء.

 

(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[الْبَقَرَةِ: 201].

 

عباد الله: اذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على آلائه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

 

 

المرفقات

التنمر... معناه وآثاره الضارة على الفرد والمجتمع.pdf

التنمر... معناه وآثاره الضارة على الفرد والمجتمع.doc

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات