التقديم والتأخير:
الجملة عند البلاغيين تشتمل على مسند ومسند إليه، فالمسند هو الحكم الذي حكم به في الجملة، وهو في الغالب خبر أو فعل، والمسند إليه هو الذي حكم عليه بالخبر أو الفعل، وهو في الغالب إما فاعل أو مبتدأ. فجملة ( زيد كريم ) زيد هو المسند إليه، وكريم المسند. وجملة ( قام زيد ) زيد هو المسند إليه وقام المسند.
الأصل في الجملة الفعلية تقديم المسند، والأصل في الجملة الاسمية تقديم المسند إليه.
لكن يذكر البلاغيون : أن الأعرف هو الذي ينبغي أن يبدأ به، فمن عرف الشافعي، وجهل أنه الشاعر الأول بين الفقهاء يقال له ( الشافعي الشاعر الأول بين الفقهاء )
ومن عرف وجود شاعر هو الشاعر الأول بين الفقهاء لكنه جهل من هو فيقال له : (الشاعر الأول بين الفقهاء هو الشافعي ).
ومما يذكره البلاغيون أنه إذا قدم ما حقه التأخير كان ذلك لمعان بلاغية يحسن بالخطيب تحريها والاستفادة منها:
1. تقوية الحكم وتوكيده، فإذا خاطب العربي عربيا غير منكر ولا مستغرب ولا متلهف لنزول المطر خاطبه بقوله : ( ينزل المطر ). لكن إذا وجد أن المخاطب متلهف لنزول المطر أو مستغرب فيلجأ إلى تأكيد ذلك بقوله ( المطر ينزل ).
2. تخصيص المسند بالمسند إليه، فلا يكون المسند لغير المسند إليه.
فمثلا إذا ادعى شخص أن زيدا يشارك المتحدث في عمل شيء، فسيقول المتحدث ردا على هذه الدعوى : ( أنا فعلته ) أي فعلته وحدي.
ومن ذلك قوله تعالى : ( وله الحمد في الأولى والآخرة )، أي أن الحمد مختص به. وقوله ( وله الحكم ). أي لا حكم إلا له.
3. مراعاة حال المخاطب الذي يسره البدء بما يتشوف إلى معرفة أخباره، واستئناسه بسماع اسمه، أو لأن فيه بشارة أو نذارة.
كأن تقول لمن تريد أن يحس بالتفاؤل : " مع أذان الفجر ولادة ابنك ".
ومن إرادة التشويق قول النبي صلى الله عليه وسلم : " ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ... "
4. الاهتمام بالممدوح بتقديم اسمه، أو لإرادة التفخيم والتعظيم، كقول الشاعر :
محمد أنت ما أحلاك تسمية الله سماكها والحمد منتظر.
5. كون المسند إليه أمرا مستغربا أو نادرا أو مفاجئا، كقول : " الجن لها مساكن في أم القرى"، " جيش العدو دخل المدينة ".
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم