عناصر الخطبة
1/اغتنام الأوقات الفاضلة 2/ العمل الصالح في عشر ذي الحجة 3/ مواصلة عمل الخير بعد موسم الحج 4/ الاعتبار بتصرم الأيام .اهداف الخطبة
الحث على الاستمرار على العمل الصالح بعد موسم الحج / الحث على الاعتبار بمرور الأيام .عنوان فرعي أول
أوقات قد لا تعودعنوان فرعي ثاني
العمل بعد موسم الخيرعنوان فرعي ثالث
أيام وعبرةاقتباس
لقد انتهت تلك الأيام العظيمة والمواسم الجليلة بخيراتها وبركاتها، فماذا استفدنا منها؟ لنحاسب أنفسنا، فمن قدم خيراً فليحمد الله ويواصل أعمال الخير، ومن فرط في تلك الأيام وضيع تلك الفضائل فليستغفر الله ويحفظ بقية عمره ويصلح في مستقبله.
الحمد لله رب العالمين، يوالي على عباده مواسم الخير، ويحثهم على اغتنامها بالطاعة، ليكفر عنهم سيئاتهم، ويرفع من درجاتهم، تفضلاً منه وإحساناً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أول سابق إلى الخيرات، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه الذين لا تمر بهم فرصة للخير إلا شغلوها بالأعمال الصالحة (أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ) [المؤمنون:61].
أما بعد:
أيها الناس، اتقوا الله تعالى واغتنموا أعماركم بالأعمال الصالحة فإنها تنقضي سريعة، وأعلموا أنها تمر بكم أوقات الفضائل ومواسم الخيرات والنفحات، فالسعيد من تنبه لها واستفاد منها، والشقي من غفل عنها وضيع نفسه، قال صلى الله عليه وسلم: "الكيِّس من دانَ نفسه –يعني حاسها- وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني".
عباد الله: مضت أشهر الحج إلى بيت الله الحرام، وطوى بمضيها صفحة من صفحات أعمارنا قد سجل فيها ما عملناه في تلك الأشهر من خير أو شر، لقد مضت أشهر الحج بخيراتها وبركاتها فلنحاسب أنفسنا ماذا عملناه فيها، فإن كان خيراً حمدنا الله وسألناه القبول والزيادة من الخير، وإن كان شراً استغفرنا اله منه وأتبعناه بالحسنات التي تمحوه، أجل مضت أشهر الحج التي دعا الله عباده فيها لزيادة بيته العتيق (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ ) [الحج:28] فأتوا من كل فج عميق، لبيك اللهم لبيك، (لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) [الحج:29] فمن تقبله الله منهم رجع بحج مبرور "والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" "ومن أتى هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه"
لقد مضت تلك الأيام وأوقع المسلمون فيها الحج، منهم المفترض ومنهم المتنفل، ورجع المقبولون منهم مغفورة لهم خطاياهم كيوم ولدتهم أمهاتهم، مضت تلك الأيام التي فيها عشر ذي الحجة التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما مِن أيام العملُ الصالحُ فيها أحب إلى الله مِن هذه الأيام –يعني: أيامَ العشر – قالوا: يا رسول الله؛ ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلاً خرج بنفسه وماله، ثم لم يرجع من ذلك بشيء" رواه البخاري.
وقد أقسم الله تعالى بها في كتابه الكريم حيث يقول: (وَلَيَالٍ عَشْرٍ) [الفجر:2] ، وفي تلك العشر يوم عرفة الذي فيه الوقوف بعرفة وهو ركن الحج الأعظم قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الحج عرفة" ويوم عرفة هو يوم العتق من النار، وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو يُباهي بهم الملائكة"، وفي تلك العشر يوم عيد الأضحى المبارك الذي هو يوم الحج الأكبر، لما انتهى يوم عرفة وأعتق الله عباده المؤمنين من النار اشترك المسلمون كلهم في العيد بعده يتقربون إليه بذبح الهدي والأضاحي فأهل الحج في ذلك اليوم يرمون الجمرة ويكملون مناسكهم، وأهل الأمصار يجتمعون على ذكر الله وتكبيره والصلاة له، ثم أعقب ذلك أيام التشريق التي هي أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل، وهي الأيام المعدودات التي قال الله تعالى فيها: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ) [البقرة:203] وهي ثلاثة أيام بعد يوم النحر.
عباد الله: لقد انتهت تلك الأيام العظيمة والمواسم الجليلة بخيراتها وبركاتها، فماذا استفدنا منها؟ لنحاسب أنفسنا، فمن قدم خيراً فليحمد الله ويواصل أعمال الخير، ومن فرط في تلك الأيام وضيع تلك الفضائل فليستغفر الله ويحفظ بقية عمره ويصلح في مستقبله. عباد الله: لقد شرع الله الاستغفار فإنه يجبر النقص ويسد الخلل، ثم لنعلم أننا بعد أيام قليلة سنودع عامنا هذا ونستقبل عاماً جديداً أوله شهر الله المحرم الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله الذي تدعونه المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة قيام الليل" رواه المسلم. وهكذا لا ينتهي موسم من مواسم الخير إلا ويعقبه موسم آخر، وهكذا فضل الله يتوالى على عباده.
عباد الله: لنتذكر بانتهاء الأيام والشهور انقضاء الأعمار، والرحيل إلى دار القرار، وأن الدنيا ليست بدار مقام، وإنما هي ممر إلى الآخرة، وسوق يتزود منه المسافر زاد سفره، فتزودوا منها بالأعمال الصالحة (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى) [البقرة:197] فما عِيبت الدنيا بأكثر من ذكر فنائها وتقلب أحوالها، وهو أول دليل على انقضائها، بالهرم، ونعيمها بالبؤس، وحياتها بالموت، وعمارتها بالخراب، واجتماعها بفرقة الأحباب، وكل ما فوق التراب تراب، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً) [البقرة:200] إلى قوله: (أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ) [البقرة:202] .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم