الأكل في رمضان: سنن وآداب

الشيخ عبدالله بن علي الطريف

2025-02-28 - 1446/08/29 2025-03-03 - 1446/09/03
التصنيفات: رمضان الصوم
عناصر الخطبة
1/وصايا في استقبال شهر رمضان 2/استحضار النية الصالحة 3/سنن وآداب الصيام 4/تأخير السحور وتعجيل الفطر 5/الإفطار على رطب 6/ الدعاء قبل الفطر وأثناءه وبعده 7/الاعتدال في الطعام والشراب.

اقتباس

ومن أهم ما ينبغي التذكيرُ به قبل بداية كلِ عملٍ: استحضار النية الصالحة بأن تكون نيتنا الصوم طاعةً لله، ورجاءً لما عنده من أجر، ونُسِرُّ في أنفسنا العزيمةَ الصادقة على أداءِ الصيامِ، والمحافظةِ على القيام، والالتزام بسائر آدابِ الصيام، فالنيةُ الصالحة يُثابُ عليها المسلم وإن لم يَفعل.

الخُطْبَة الأُولَى:

 

الحمد لله الذي أحلَّ لعبادة الطيبات، وحرَّم عليهم الخبائثَ من المأكولات، وجعل لكل عملٍ أحكامًا وآدابًا، وخص الصائمَ بآدابٍ كثيرة وسننٍ وفيرة قد تخفى على المسلم وإن كان ذا بصيرة.

 

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الملك الغفار، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المصطفى المختار، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الأخيار، ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليمًا.

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70- 71].

 

ثم أما بعد: أيها الأحبة: الأحاديث الرمضانية أحاديثٌ موسمية نحتاج إلى طَرْقها كلما اقتربَ هِلالُ رمضانَ أو حل، وهذا ليس تكرارًا، وإنما تأكيدٌ وتذكيرٌ، والذكرى تنفع المؤمنين.

 

ومن أهم ما ينبغي التذكيرُ به قبل بداية كلِ عملٍ: استحضار النية الصالحة بأن تكون نيتنا الصوم طاعةً لله، ورجاءً لما عنده من أجر، ونُسِرُّ في أنفسنا العزيمةَ الصادقة على أداءِ الصيامِ، والمحافظةِ على القيام، والالتزام بسائر آدابِ الصيام، فالنيةُ الصالحة يُثابُ عليها المسلم وإن لم يَفعل.

 

فإن نوى ثم فعل حاز على أضعاف أجرِ العمل؛ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "‌مَنْ ‌هَمَّ ‌بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً، وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَعَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرًا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ تُكْتَبْ، وَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ"(رواه مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-).

 

ويسن لمن أراد الصومَ ألا يدعَ السَحور؛ فقد حَثَّ عليه النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ فقَالَ: "تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً"(رواه البخاري ومسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-). والبركة: دنيوية وهي التَقَوْى على صيام النهار، وأخروية بالأجر والثواب؛ لامتثال أمره -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

 

ووقت السَحور يبدأ في الثلث الأخير من الليل وينتهي قُبَيْلَ الصُّبْحِ آخِرَ الليلِ. قال النووي -رحمه الله-: "اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ السَّحُورَ سُنَّةٌ، وَأَنَّ تَأْخِيرَهُ أَفْضَلُ، وَدَلِيلُ ذَلِكَ كُلُّهُ الأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ".

 

وَتأخيرُ السُّحُورِ من علامات الخير في الأمةِ؛ قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لاَ تَزَالُ أُمَّتي بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ وَأَخَّرُوا السَّحُورَ"(رواه أحمد وصححه الألباني).

 

وأَخْبَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنَّ تأخيرَ السَّحُورَ مما أمرَ اللهُ -تعالى- به أنبيَاءَه -عليهم الصلاةُ والسلام-؛ فَقَالَ: "إِنَّا مَعْشَرَ الْأَنْبِيَاءِ أُمِرْنَا أَنْ نُعَجِّلَ إِفْطَارَنَا وَنُؤَخِّرَ سُحُورَنَا، وَنَضَعَ أَيْمَانَنَا عَلَى شَمَائِلِنَا فِي الصَّلَاةِ"(رواه الطيالسي في مسنده والطبراني في الكبير وابن حبان وصححه الألباني عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-).

 

وقد ذكرَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وقتَ سُحُورِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "تَسَحَّرَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَزَيْدُ بْنَ ثَابِتٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ سَحُورِهِمَا قَامَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الصَّلَاةِ فَصَلَّى"؛ قَالَ قَتَادَةُ: فَقُلْنَا لِأَنَسٍ: كَمْ كَانَ بَيْنَ فَرَاغِهِمَا مِنْ سَحُورِهِمَا وَدُخُولِهِمَا فِي الصَّلَاةِ؟ قَالَ: "قَدْرُ مَا يَقْرَأُ الرَّجُلُ خَمْسِينَ آيَةً أَوْ سِتِّينَ آيَةً"(رواه البخاري ومسلم).

 

يقدر هذا الوقت بخمس إلى عشر دقائق، وقبل ذلك قال الله -تعالى-: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ)[البقرة:187].

 

ونهى رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن تَرْكه؛ فَقَالَ: "السُّحُورُ أَكْلَةٌ بَرَكَةٌ أَعْطَاكُمُوهَا اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- فلَا تَدَعُوهَا، وَلَوْ أَنْ يَجْرَعَ أَحَدُكُمْ جَرْعَةً مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِينَ"(رواه أحمد عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، وصححه الأرناؤوط وحسنه الألباني).

 

وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَتَسَحَّرُ، فَقَالَ: "إِنَّهَا بَرَكَةٌ أَعْطَاكُمُ اللهُ إِيَّاهَا ‌فَلَا ‌تَدَعُوهُ"(رواه النسائي وصححه الألباني). 

 

والمتسحرون يحوزون على مَنْزِلَةٍ عَلِيةٍ ومَكَانَةٍ رَضية، وهي صلاةُ اللهِ وملائكتِه عليهم؛ فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِينَ"(رواه أحمد عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، وصححه الأرناؤوط وحسنه الألباني).

 

وسَمَّى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- السَّحُورَ باسمٍ جميل؛ فَعَنْ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قال: "دَعَانِي رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلى السَّحُورِ في رَمَضَانَ، فَقَالَ: "هَلُمَّ إِلى الغَدَاءِ المُبَارَك"(رواه أبو داود والنسائي وصححه الألباني).

 

وأكَد َهذا الوصفَ الجميلَ والحثَّ على تناولِهِ بقوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "عليكم بغَدَاءِ السَّحُورِ، فَإِنَّهُ هُوَ الغَدَاءُ المُبَارَكُ"(رواهما أبو داود والنسائي عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، وصححه الألباني). 

 

وأكد هذه البركة تأكيدًا جازمًا بقوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ اللهَ جَعَلَ الْبَرَكَةَ فِي السُّحُورِ وَالْكَيْلَ"(رواه في مسند الشاميين للطبراني عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-).

 

 وأثنى رسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على سَحُوْرِ التمر؛ فقال: "نِعْمَ سَحُورُ المؤمِنِ التَّمْرُ"(رواه أبو داود وصححه الألباني).

 

وفي تناولِ الصائم للسَحور مخالفةٌ لأهل الكتاب؛ قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ، أَكْلَةُ السَّحَرِ"(أخرجه مسلم). ومعناه الفارق والمميز بين صيامِنا وصيامهم السحور فإنهم لا يتسحرون ونحن يستحبُّ لنا السحور.

 

أيها الإخوة: ومن السنة تعجيل الفطر؛ لقوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ"(رواه البخاري ومسلم عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-).

 

قال ابن خزيمة -رحمه الله-: "دَوَام النَّاسِ عَلَى الْخَيْرِ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ، وَفِيهِ كَالدِّلَالَةِ عَلَى أَنَّهُمْ إِذَا أَخَّرُوا الْفِطْرَ وَقَعُوا فِي الشَّرِّ".

 

وعدَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَعْجِيلَ الفِطْرِ منْ عَلَامَاتِ الدِينِ الظَّاهِرَةِ؛ فَقَالَ: "لَا يَزَالُ الدِّينُ ظَاهِرًا مَا عَجَّلَ النَّاسُ الْفِطْرَ؛ لِأنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى يُؤَخِّرُونَ"(رَوَاهُ أبو داوود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، وحسنه الألباني).

 

وذكر أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- حِرْصَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على تعجيل الفطر فَقَالَ: "مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ‌قَطُّ ‌صَلَّى ‌صَلَاةَ ‌الْمَغْرِبِ حَتَّى يُفْطِرَ، وَلَوْ كَانَ عَلَى شَرْبَةٍ مِنْ مَاءٍ"(رواه أبو يعلى، وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما، وصححه الألباني). 

 

والأفضل تأخير إقامة صلاة المغرب في رمضان حتى ينتهي الصائمون من الطعام، مع الحرص على أداء صلاة المغرب قبل خروج وقتها، فَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِبِلَالٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: "اجْعَلْ بَيْنَ أَذَانِكَ وَإِقَامَتِكَ نَفَسًا قَدْرَ مَا يَقْضَي الْمُعْتَصِرُ حَاجَتَهُ فِي مَهْلٍ -المراد به من يريد الذهاب للغائط-، وَقَدْرَ مَا يَفْرُغُ الْآكِلُ مِنْ طَعَامِهِ فِي مَهْلٍ"(روي من طرق عن عددٍ من الصحابة وحسنه الألباني).

 

ويُسن للصائم أن يفطر على رُطب، فإن لم يجد فتمر، فإن لم يجد أفطر على ماء، فَقَدْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُفْطِرُ عَلَى رُطَبَاتٍ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ، فَعَلَى تَمَرَاتٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ"(رواه أبو داود والترمذي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، وصححه في الألباني).

 

وقد ثبت طبيًا أثر البداية بالرطب أو التمر ومِن ثَم الماء؛ فالإفطار عليهما يُحقِّقُ دفع الجوع والعطش، ويستطيع البدن الاستفادة منهما بسرعة كبيرة، ولهما خصائص تُشعر متناولها بالشبع فلا يكثر الصائم من تناول مختلف أنواع الطعام.

 

ويسن للصائم الدعاء قبل الفطر وأثناءه وبعده؛ قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إنَّ لِلصَّائِمِ عَنْدَ فِطْرِهِ دَعْوَةٌ مَا تُرَدُّ"(رواه ابن ماجه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-، وقال الأرناؤوط: إسناده حسن).

 

قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: "سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- يَقُولُ إِذَا أَفْطَرَ: "اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ أَنْ تَغْفِرَ لِي".

 

ومن هديه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه كان يدعو للمضيف في الصيام وغيره؛ فقد جَاءَ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَجَاءَ سَعْدٌ بِخُبْزٍ وَزَيْتٍ فَأَكَلَ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَفْطَرَ عِنْدَكُمْ الصَّائِمُونَ، وَأَكَلَ طَعَامَكُمْ الْأَبْرَارُ، وَصَلَّتْ عَلَيْكُمْ الْمَلَائِكَةُ"(رواه أبو داود وصححه الألباني).

 

أسأل الله -تعالى- أن يُوفِّقنا لإدراك شهر رمضان، وأنْ يُوفِّقنا للعمل الصالح وحسن المتابعة والقبول إنه جواد كريم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحَمدُ للهِ غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، البَشِيرُ النَذِيرُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أُلِي العَزْمِ والتَشْمِيرِ وَتَسْلِيمًا كَثِيرًا.

 

أَمَا بَعْدُ أيها الإخوة: اتقوا الله حق التقوى، واعلموا أنه لا ينبغي للمسلم الإكثار من أكل الطعام عمومًا وفي رمضان خصوصًا؛ قال الله -تعالى-: ‌‌(وَكُلُوا وَاشْرَبُوا ‌وَلا ‌تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)[الأعراف:31]؛ قال الشيخ السعدي -رحمه الله-: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا)؛ أي: مما رزقكم الله من الطيبات، (‌وَلا ‌تُسْرِفُوا) في ذلك، والإسراف إما أن يكون بالزيادة على القدر الكافي والشره في المأكولات الذي يضر بالجسم، وإما أن يكون بزيادة الترفه والتنوق في المآكل والمشارب واللباس، وإما بتجاوز الحلال إلى الحرام.

 

(إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)؛ فإن السرف يبغضه الله، ويضر بدن الإنسان ومعيشته، حتى إنه ربما أدت به الحال إلى أن يعجز عما يجب عليه من النفقات؛ ففي هذه الآية الكريمة الأمر بتناول الأكل والشرب، والنهي عن تركهما، وعن الإسراف فيهما".

 

وقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ"(رواه الترمذي وصححه الألباني).

 

وكثرة الأكل تجلب النعاس والخمول، ثم إن الفائدة التي تحققت بالصوم من راحة للجهاز الهضمي تزول بكثرة الأكل. وعلى المسلم أن يتجنَّب كل أكل به رائحة يؤذي بها المصلين.

 

ومن مضار التوسع بالمآكل والمشارب في رمضان: إشغال أوقات النساء بالطبخ وإعداد أصنافه وألوانه مما يُفوّت عليهن الأوقات الشريفة واستثمارها بالطاعة.

 

أسأل الله كما منَّ علينا بإدراك الشهر أن يمن علينا بالتمام والبركة والقبول.

 

وصلوا وسلموا على نبيكم محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المرفقات

الأكل في رمضان سنن وآداب.doc

الأكل في رمضان سنن وآداب.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات