عناصر الخطبة
1/قصة مؤثرة 2/صراع الناس على متاع الدنيا 3/الجنة هي الموطن الأصلي 4/قصة إخراج آدم وحواء من الجنة 5/بعض الأسرار والحكم من إخراج آدم وحواء من الجنة 6/بعض أسباب دخول الجنة 7/قصص رائعة في العمل والتضحية من أجل الجنة 8/مفاسد الغفلة عن الحياة الآخرة 9/كن في الدنيا كأنك غريباقتباس
أيها المؤمنون -عباد الله-: ما أشد الصراع اليوم بين بني الإنسان على هذه الأرض، وما فيها من متاع وأموال، وبحار وأنهار، ودور وقصور، وشهوات وملذات، فقد ذهب هذا الصراع بعقول الكثير من الناس، فارتكبت لأجله المحرمات، والكبائر والموبقات، وبسببه ساءت العلاقات بين الناس، وقامت الحروب، وحلت النكبات، وظهر الظلم وتنصل الإنسان عن القيم والأخلاق؛ بحثاً عن مصلحته، وإشباعاً لرغبته بالحق أو الباطل، فليس له ميزان يزن أفعاله وتصرفاته وسلوكه. ومن...
الخطبة الأولى:
الحمد لله رب العالمين، لا يسأم من كثرة السؤال والطلب، سبحانه إذا سئل أعطى وأجاب، وإذا لم يسأل غضب، يعطى الدنيا لمن يحب ومن لا يحب، ولا يعطى الدين إلا لمن أحب ورغب
من رضي بالقليل أعطاه الكثير، ومن سخط فالحرمان قد وجب، ومن ركن إلى غيره ذل وهان،
ومن اعتز به ظهر وغلب.
نحمده تبارك وتعالى على كل ما منح أو سلب، ونعوذ بنور وجهه الكريم من العناء والنصب، ونسأله الخلود في دار السلام حيث لا لغو ولا صخب.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وإليه المنقلب، هو المالك، وهو الملك،
يحكم ما يريد فلا تعقيب ولا عجب، قبض قبضتين، فقبضة الجنة لرحمته، وقبضة النار للغضب.
وأشهد أن خاتم المرسلين هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، نطق بأفصح الكلام، وجاء بأعدل
الأحكام، وما قرأ ولا كتب، أضاء للمؤمنين طريقهم، أحبهم وحبب إليهم ربهم، فتنوع العطاء
والحب السبب؛ إمامَ الغر المحجلين، وخاتمَ الأنبياء والمرسلين، وجهك بدر وصوتك طرب، بالمؤمنين رحيم وشفيق، تتزاحم المعاني ويمنعني الأدب.
فيا رب يا أكرم مسئول، ويا خير مرتجىً ومأمول، صل على سيد الأعاجم والعرب، وعلى الصحب ومن تبع وكل من إليه انتسب، ما لاح في الأفق نجم أو غرب، أو ظهر في السماء هلال أو احتجب، و كلما انحنى في الصلاة ظهر أو انتصب.
أما بعد:
عباد الله: يروى أن ملكاً من الملوك بنى قصراً وشيده وزينه، وجاء بالمهندسين المهرة من كل مكان، وأمرهم أن يجعلوه تحفة الزمان، وآية في الجمال، وبعد أن أكملوا بنائه دعا الناس من أرض لزيارته، وقال لجنوده: من عاب منه شيئاً فأصلحوه، وأتوا به إليّ، فكان الناس يطوفون في هذا القصر، وينظرون إلى غرفاته وشرفاته، وحدائقه ونقوشه، مبهورين بجماله، مندهشين لروعته، فلم يجدوا عيبا.
وهكذا كانت تأتي جماعة بعد جماعة، وفوج بعد فوج، فكان حراس الملك يسألونهم: هل وجدتم عيباً في هذا القصر؟
قالوا: لم نجد عيبا، ثم إنه جاء رجل في آخر الناس من بلاد بعيدة، عليه آثار السفر، فطاف بالقصر، ورأى ما فيه، فلما هم بالخروج من ذلك القصر، سأله الجنود: هل وجدت فيه عيبا؟ فقال الرجل: لقد وجدتُ فيه عيبان، فأعلنت حالة الطوارئ! وقالوا: إن الملك ما كان ليرضى بعيب واحد! وأنت وجدت عيبن! وأخذوا الرجل إلى الملك، فسأله: ما هما؟
قال: أيها الملك: العيب الأول: إن هذا القصر لا بد وأن يأتي عليه يوم ويتهدم، ويعتريه الخراب!.
والعيب الثاني: أن صاحب هذا القصر لا بد وأن يأتي عليه يوم يموت فيه!.
فبكى الملك، وذكر حاله ومآله وتقصيره، وقال لمن حوله: دلوني على قصر لا يهدم ولا يموت صاحبه؟
قالوا: إن هذا -أيها الملك-: لا يكون إلا في الجنة، نعم لا يكون إلا في الجنة.
أيها المؤمنون -عباد الله-: ما أشد الصراع اليوم بين بني الإنسان على هذه الأرض، وما فيها من متاع وأموال، وبحار وأنهار، ودور وقصور، وشهوات وملذات، فقد ذهب هذا الصراع بعقول الكثير من الناس، فارتكبت لأجله المحرمات، والكبائر والموبقات، وبسببه ساءت العلاقات بين الناس، وقامت الحروب، وحلت النكبات، وظهر الظلم وتنصل الإنسان عن القيم والأخلاق؛ بحثاً عن مصلحته، وإشباعاً لرغبته بالحق أو الباطل، فليس له ميزان يزن أفعاله وتصرفاته وسلوكه.
ومن يتأمل شدة الحرص على هذه الدنيا وما فيها، والتمسك بها والفجور في الخصومات، ويرى الانحطاط القيمي والأخلاقي يدرك أن القوم في غفلة، ويستشعر ضعف الإيمان في قلوبهم، وعدم استيعابهم لتصور الإسلام لهذا الكون، وهذه الحياة، وظن الكثير أن هذه الدنيا وهذه الأرض هي الموطن الأصلي لهذا الإنسان، وأنه لن ينتقل منها، أو يغادرها، وأنه لن يجد خيراً منها!.
وهذا خطأ في الفهم والاعتقاد، فموطنك الأصلي -أيها الإنسان-: هو الجنة، حيث كان أبونا آدم وأمنا حواء، فقد أسكنهما سبحانه وتعالى جنته، وأباح لهما أن يتمتعا بكل شيء فيها، فيأكلان ما يشتهيان من ثمرها، ولم ينههما إلا عن شجرة واحدة، وأمرهما أن لا يقرباها، وأن لا يذوقا من ثمرها شيء.
وهنا يأتي إبليس الذي أخذ على نفسه أن يكون عدواً لبني آدم من أول يوم بسبب كبره وغروره، وأخذ يوسوس لآدم وزوجه، ويلح عليهما، وأخذ يغريهما، وقال: إن الله منعهما من الأكل من تلك الشجرة لكي لا يصيرا ملكين، ولا يخلدا في الجنة، وأقسم أنه لهما من الناصحين، قال تعالى: (وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنْ الظَّالِمِينَ * فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنْ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنْ النَّاصِحِينَ)[الأعراف: 19-21].
نسي آدم وزوجه: أن إبليس هو عدوهما، ووقعا في حبائل الفتنة، وأكلا من الشجرة، فلما ذاقا طعمها انكشفت لهما عوراتهما، وكانا قبل ذلك لا يرى كل منهما عورته، ولا عورة الآخر.
ومن فرط حيائهما: أخذا يجمعان بعض أوراق الشجر ليغطيا به ما انكشف، وناداهما ربهما مؤنبًا لهما على ذنبهما: (أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ)[الأعراف: 22].
وشعر آدم وزوجه بالذنب والمعصية، فندما أشد الندم، وتضرعا إلى ربهما قائلين: (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ) [الأعراف: 23].
قبل الله توبة آدم: (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) [البقرة: 37].
ولكن الله أنزل آدم وزوجه من الجنة إلى الأرض لحكمٍ عظيمة: (قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ) [الأعراف: 24- 25].
وإن من أعظم تلك الأسرار والحكم في إهباط أبينا آدم من الجنة إلى الأرض دار التكليف: أنه سبحانه أراد بذلك أن يميز الخبيث من الطيب.
أراد بذلك أن يتخذ من ذرية آدم أناسًا يحبهم ويحبونه، ويتخذ شهداء، ويتخذ أنبياء ورسلاً، وهذه من أعظم نعمه على ذرية آدم.
وأراد سبحانه: أن يختبر العباد ليعلم المحسن من المسيء، والمصلح من المفسد، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في مجموع الفتاوى (4/346): "والجنة التي أسكنها آدم وزوجته عند سلف الأمة وأهل السنة والجماعة، هي: جنة الخلد، ومن قال: إنها جنة في الأرض بأرض الهند، أو بأرض جدة، أو غير ذلك، فهو من المتفلسفة والملحدين، أو من إخوانهم المتكلمين المبتدعين".
عباد الله: وإذا كان الأمر كذلك، وكانت الجنة هي موطن الإنسان الأول، فإنه يجب علينا جميعاً: أن نعمل من أجل الرجوع إليها، والله -تعالى- يقول: (وَلَكُمْ في الأرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَعٌ إِلَى حِينٍ) [البقرة: 36].
وهذا الحين، هو أعمارنا وأيامنا في هذه الحياة! فأين الزاد الذي يبلغنا هذه الجنة؟
وأين الجهد والبذل والعطاء من أجل هذه الجنة؟
كيف هو الإيمان في قلوبنا؟
هل أدينا ما افترضه ربنا علينا من طاعات وعبادات؟
وهل التزمنا بدينه! وحكمنا شرعه! واستقمنا على هدي نبيه -صلى الله عليه وسلم-؟
ماذا قدمنا من خير أو معروف يشفع لنا يوم القيامة؟!
وهل يمكن لمن أمضى حياته في اللهو واللعب والفساد في الأرض أن يكون من أهل الجنة؟
هل يمكن لمن سولت له نفسه فعل المعاصي، وارتكاب المحرمات، ولم يتب توبة نصوحا أن يكون من أهل الجنة؟
وهل يمكن لمن يسفك الدماء، ويقطع الطريق، وينشر الخوف ويظلم ويعتدى على الأموال والأعراض أن يكون من أهل الجنة؟
هل يمكن لمن يعادي أولياء الله من المسلمين والمؤمنين، ويوالي أعداءه، ويتقرب إليهم على حساب دينه وأمته أن يكون من أهل الجنة؟
كلا، إن الجنة تحتاج إلى عقيدة سليمة، وعبادة صحيحة، وخلق حسن، وعمل صالح، وحسن ظن بالله، فهذه الأمور هي زاد طريق العودة إلى الموطن الأصلي، إلى الجنة، قال تعالى على لسان مؤمن آل فرعون: (يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ * مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ)[غافر: 39- 40].
وانظروا إلى أولئك الذي اشتاقت نفوسهم إلى موطنهم الأصلي، كيف بذلوا؟ وماذا قدموا طمعاً فيها ورغبة في دخولها؟
لَمَّا قَدِم المسلمون المدينة احْتاجوا إلى الماء، وكانت لرجلٍ من غفار عينٌ، يُقال لها: "رُومَة" فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "تَبيعها بعينٍ في الجنة؟" فقال: ليس لي يا رسول الله عينٌ غيرها -لا أستطيع ذلك- فبَلَغ ذلك عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، فاشْتَراها بخمسة وثلاثين ألف درهمٍ، ثم أتى النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- فقال: "أتَجعل لي مثلَ الذي جعَلت له عينًا في الجنة إن اشْتَرَيتُها؟" قال: "نعم" قال: "اشْتَريتُها وجعَلتها للمسلمين"[رواه البخاري].
إن الأعمال الصالحة التي تقود المسلم إلى الجنة كثيرة لا تعد ولا تحصى، في العبادات والسلوك، والمعاملات، والأخلاق، ومنافع العباد، وكف الأذى، وحفظ الجوارح، والتآخي والتآلف، والتعاون والتراحم بين المسلمين، بل حتى في الإخلاص والنية الصادقة.
وينبغي للمسلم: أن يقدم حياته كلها من أجل العودة والرجوع إلى الجنة؛ لأن فيها الحياة الأبدية؛ كان عمرو بن الجموح أعرج شديد العرج، وكان له أربعة أبناء شباب، يغزون مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا غزا؛ فلما توجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى أحد أراد أن يتوجه معه، فقال له بنوه: إن الله قد جعل لك رخصة، فلو قعدت ونحن نكفيك، وقد وضع الله عنك الجهاد!.
فأتى عمرو بن الجموح -رضي الله عنه- رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: يا رسول الله إن بَنيَّ هؤلاء يمنعونني أن أخرج معك، ووالله إني لأرجو أن استشهد، فأطأ بعرجتي هذه في الجنة؟ فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أما أنت فقد وضع الله عنك الجهاد".
وقال لبنيه: "وما عليكم أن تدعوه لعلَّ الله -عز وجل- أن يرزقه الشهادة!".
فخرج مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقتل يوم أحد شهيدا.[فقه السيرة للغزالي، (ج1 ص260) وقال الألباني: سنده حسن].
اللهم لا تحرمنا جنتك، وأدخلنا في رحمتك.
قلت ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.
الخطبة الثانية:
عباد الله: إن الغفلة التي نعيشها اليوم عن حقيقة الحياة، والتنافس من أجلها، ونسيان الآخرة جلب للناس والمجتمعات، والشعوب والدول التعاسة والشقاء، والحروب والصراعات، والاختلافات، وظهرت العصبيات الجاهلية بجميع مسمياتها، حتى تجرأ الفرد على ظلم أخيه، وسالت الدماء، وفسدت الأخلاق، وظهر الكبر والعجب في النفوس، واغتر هذا بماله، وهذا بسلطانه، وهذا بأتباعه وأنصاره، وقصر الناس في الطاعات والعبادات.
واستبدلوا بحب الرسول -صلى الله عليه وسلم- الكثير من الشخصيات والأعيان والزعامات، وأخذوا من أحكام الدين ما يوافق هواهم، ويحفظ مصالحهم، ويحقق رغباتهم، وهذه الأعمال لا تؤهل أصحابها ليكونوا من أهل الجنة.
بل إن البديل مكان آخر، وطريق الرحلة طريق آخر، ورفقاء الرحلة قوماً آخرون، إنها سنة الله في خلقه، قال تعالى: (فلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ * يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ * وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ * لِيَجْزِي اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ * هَذَا بَلاغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وَلِيَعْلَمُواْ أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ)[إبراهيم: 47-52].
وقال تعالى: (فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى)[النازعات: 37-41].
فاجتهد -أخي المسلم-: أن تعمل ما بوسعك للحاق بقافلة الصالحين التي ستعود إلى وطننا الجميل الواسع، ولا تضيع وقتك في هذا الكوكب الصغير!.
باختصار: كن في الدنيا كأنك غريب، أو عابر سبيل، واحذر همزات الشياطين من الإنس والجن، وكن مع الحق، وإياك أن تغتر بالباطل مهما علا وظهر، وتجبر وتكبر، فإنه إلى زوال، ولا تنشغل في رحلتك إلى موطنك الأصلي إلا بالزاد الذي يبلغك تلك الرحلة، وذلك المكان.
اللهم اجعلنا من ورثة جنتك، وأهلا لنعمتك، وأسكنا قصورها برحمتك، وارزقنا فردوسك الأعلى، حنانا منك ورحمة بنا؛ إن لم نكن لها أهلا، فليس لنا من العمل ما يبلغنا هذا الأمل إلا حبك وحب رسولك يا أرحم الراحمين.
هذا وصلوا وسلموا -رحمكم الله-: على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة؛ نبينا وإمامنا وقدوتنا محمد بن عبد الله، فقد أمركم الله بالصلاة والسلام عليه بقوله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)[الأحزاب: 56].
اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن الصحابة أجمعين، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك ورحمتك يا أرحم الراحمين...
والحمد لله رب العالمين.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم