عناصر الخطبة
1/منزلة الأخلاق في الإسلام 2/من أخلاق النبي -عليه الصلاة والسلام- 3/علامة محبة النبي 4/من حقوق نبينا -عليه الصلاة والسلام-اقتباس
وكان حببينا محمد -صلى الله عليه وسلم- متواضعاً زاهداً, عرضت عليه الدينا فلم يقبلها؛ واقتنع بالكفاف الذي يكفيه وأهل بيته دون زيادة, فكان راضيا بحياته صابرا, يشبع يوما ويجوع يوما, وإذا وجد عنده زيادة فكان يجود به ويعطي المحتاجين...
الخُطْبَةُ الأُولَى:
الحمد لله رب العالمين, حمدا كثيرا مباركا فيه, يفعل ما يشاء ويخلق ما يريد, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
وبعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل؛ (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70، 71].
إن من أهم ما جاءت به رسالة محمد -صلى الله عليه وسلم- الدعوة إلى الأخلاق الحسنة, ونبذ الأخلاق السيئة, قال -صلى الله عليه وسلم-: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"(رواه البخاري).
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- قدوة حسنة في الأخلاق العالية؛ فهو ملك الأخلاق وسيدها, حتى إن الله -عز وجل- مدحه في أخلاقه, فقال -عز من قائل-: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)[القلم: 4], وسئلت عائشة -رضى الله عنها- عن خلق النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: "كان خلقه القرآن"(رواه مسلم).
وكان نبيكم وحبيبكم خليل الرحمن أحسن الناس وأشجع الناس, وكان سهلاً ليناً ليس فظا ولا غليظا؛ (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)[آل عمران: 159].
كان حبيبنا محمد -صلى الله عليه وسلم- لا يدفع السيئة بالسيئة, ولكن يعفو ويصفح؛ (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ)[الأعراف: 199].
وكان حبيبنا محمد -صلى الله عليه وسلم- عفيف اللسان, لم يكن فاحشاً ولا متفحشاً, وكان صادقا ووفيا أمينا, يلقبه قومه بالأمين, فلم يجربوا عليه كذبا.
وكان حبيبنا محمد -صلى الله عليه وسلم- خير الناس لأهله, فكان في مهنة أهله, يخصف نعله, ويخيط ثوبه, وكان يساعد أهله بما يستطيع.
كان حبيبنا محمد -صلى الله عليه وسلم- طيباً يحب الطيب, قال أنس -رضي الله عنه-: "ما شممت عنبراً قط ولا مسكا ولا شيئا؛ أطيب من ريح رسول الله"(رواه مسلم).
كان حبيبنا محمد -صلى الله عليه وسلم- رحيماً بأمته, فما من خير إلا رغبها فيه, وما من شر إلا حذرها منه,؛ ويخاف عليها المشقة؛ (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)[التوبة: 128].
كان حبيبنا محمد -صلى الله عليه وسلم- عابدا لله حتى تورمت قدماه من طول القيام, ولما سئل عن ذلك قال: "أفلا أكون عبداً شكوراً"(متفق عليه).
وكان حبيبنا محمد -عليه الصلاة والسلام- عندما يصلى يُسمع في صدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء؛ أي: يئن أنينا من البكاء, وكان يذكر الله على كل أحيانه, وراحته وأنسه في صلاته ويقول: "جعلت قرت عيني في الصلاة"(رواه النسائي وغيره).
وكان حبيبنا محمد -صلى الله عليه وسلم- أشد حياءً من العذراء في خدرها, ولم يضرب بيده قط أحداً إلا أن يجاهد في سبيل الله, وما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن فيه إثم, وما انتقم لنفسه من شيء حتى تنتهك حرمات الله فينتقم لله. وكان حبيبنا محمد -صلى الله عليه وسلم- طلق الوجه, سباقاً إلى نفع الناس, قالت عنه خديجة -رضي الله عنها-: "إنك لتصل الرحم, وتحمل الكل, وتكسب المعدوم, وتعين على نوائب الحق".
كان حبيبنا محمد -صلى الله عليه وسلم- حليماً, قال عنه أنس: "خدمت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عشر سنين, والله ما قال لشي فعلته: لمَ فعلته؟, ولا لشيء لم أفعله: لمَ لمْ تفعله؟, أو هلا فعلت كذا"(رواه البخاري).
وكان حببينا محمد -صلى الله عليه وسلم- متواضعاً زاهداً, عرضت عليه الدينا فلم يقبلها؛ واقتنع بالكفاف الذي يكفيه وأهل بيته دون زيادة, فكان راضيا بحياته صابرا, يشبع يوما ويجوع يوما, وإذا وجد عنده زيادة فكان يجود به ويعطي المحتاجين, وغالب أيامه لا يجد طعاما؛ فيربط الحجر على بطنه من الجوع, هذا وهو سيد البشر, وهو خليل الرحمن, وهو أفضل من وطأ التراب, هو الأسوة في عبادته وأخلاقه ومعاملته -صلى الله عليه وسلم-.
نسأل الله -عز وجل- أن يرزقنا اتباع سيرته وعبادته وأخلاقه؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه, أقول ما سمعتم وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على محمد, وعلى آله وصحبه وسلم.
أيها المسلمون: من كان مقتديا فليقتد برسول الله؛ فهو المزكى في أخلاقه من رب السموات والأرض؛ (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)[الأحزاب: 21].
ومحبة الرسول تكون بالاتباع والدفاع عنه, عندما تسمع أن أحداً من المجرمين أساء إليه بأي نوع من أنواع الإساءة؛ فيجب أن تذب عنه وتدافع عنه عند أهلك وبين جلسائك وفي أي مكان كان, وبأي وسيله ممكنة؛ (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا)[الفتح: 8، 9]؛ ومعنى (وَتُعَزِّرُوهُ)؛ أي: تنصروه, ومن نصرته: اتباع سنته, وطاعة أوامره, واجتناب نواهيه؛ لأنها وحي من الله تعالى؛ (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى)[النجم: 3، 4].
بالإضافة إلى عبادة الله كما علمنا في الصلاة والزكاة والصيام والحج وكافة العبادات, وأن نحبه أكثر من أنفسنا وأولادنا ووالدينا والناس أجمعين, كما نقتدي به في أخلاقه؛ في تعاملنا مع الأهل والأقارب والجيران والناس جميعا.
نسأل الله أن يرزقنا الاقتداء به في عباداتنا وأخلاقنا وكل أمورنا؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.
هَذَا، وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُم؛ كَمَا أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ، فَقَالَ: (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56]، وَقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً؛ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا"(رَوَاهُ مُسْلِم).
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم