عناصر الخطبة
1/نعمة انكشاف الوباء وعودة المصلين إلى المساجد 2/تسوية الصفوف وتقاربها مظهر من مظاهر وحدة القلوب واجتماع الكلمةاقتباس
لقد مَرَّتْ علينا سنواتٌ من البلاءِ والوباء دَعَتْ الحاجةُ فيها إلى هَجْرِ المساجد، وعندَ العودةِ لصلاةِ الجماعةِ في الصّفوفِ إلى التّباعد بُذلتْ خلالَها جهودٌ كبيرةٌ تُذكرُ فَتُشكر لحكومتِنا الرّشيدة للوصولِ إلى انكشافِ الوباء، وامتلاءِ المساجد، وتلاحمِ...
الخطبة الأولى:
إنّ الحمدَ للهِ، نحمدُه ونستعينُه ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا، من يهده اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه صلّى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا.
أمّا بعدُ: -عبادَ الله-:
قالَ الإمامُ اسْتَوُوا في الصّفِّ واعْتدلوا *** سَوُّوا الصّفوفَ أقيموها مُنيبينَا
حاذُوا المَناكبَ والأَقدامَ في نَسَقٍ *** مثلَ المَلائكِ في ذُلٍّ مُناجينَا
رُصُّوا الصّفوفَ أتمُّوها بِلا وَجَلٍ *** زالَ الوَباءُ فصلّوا مُطْمئنّينَا
كنَّا قد ابتعدتْ أجسادُنا زمنًا *** ثمَّ الْتَقَيْنَا فما أبهى تلاقينَا
فالحمدُ للهِ قد عادتْ مساجدُنا *** مُكتظّةً جَلْجَلَتْ في الكونِ آمينَا
فالحمدُ للهِ على نعمةِ انكشافِ الوَباءِ والصّلاةِ في المساجدِ، وتَقاربِ المُصلّين، الحمدُ للهِ على نعمةِ السّلامِ والأمانِ، وتسويةِ الصّفوفِ والجهرِ بآمين، قالَ رسولُ اللهِ -صلى اللهُ عليه وسلّم-: "إنَّ اليَهُودَ قَوْمٌ حُسَّدٌ، ولَمْ يَحْسُدُوا المُسْلِمِينَ عَلى أفْضَلِ مِن ثَلاثٍ: رَدِّ السَّلامِ، وإقامَةِ الصُّفُوفِ، وقَوْلِهِمْ خَلْفَ إمامِهِمْ في المَكْتُوبَةِ: آمِينَ".
لقد مَرَّتْ علينا سنواتٌ من البلاءِ والوباء دَعَتْ الحاجةُ فيها إلى هَجْرِ المساجد، وعندَ العودةِ لصلاةِ الجماعةِ في الصّفوفِ إلى التّباعد، بُذلتْ خلالَها جهودٌ كبيرةٌ تُذكرُ فَتُشكر لحكومتِنا الرّشيدة، للوصولِ إلى انكشافِ الوباء، وامتلاءِ المساجد، وتلاحمِ الصّفوف، فَحُقَّ للمسلمينَ اليومَ أنْ يَفْرَحوا، وللمصلّينَ أنْ يَسْتبشروا، فما أعظمَه من دِين، وما أبهى مَنظرَ انتظامِ صُفوفِ المصلين؛ إنّه نَموذجٌ فَريدٌ للجَسدِ الواحدِ والبُنيانِ المَرصُوص، ومَظهرٌ إيمانيٌّ مَهيب، يدعو للتّسامحِ والتّراحمِ، وتَوَحُّدِ الكلمةِ، وائْتلافِ القلوب، ولذا رَغَّبَ الرّسولُ -عليه الصّلاةُ والسّلامُ- بتسويةِ الصّفوف، وذلك بإتمامِها واقْتِرَابِها من الإِمام، وأنْ يَعتدلَ القائمونَ فيها على سَمْتٍ واحدٍ بلا قَطْعٍ ولا تَقَدُّمٍ ولا تأخُّر، وأنْ يَسدُّوا ما فيها من الخَلَل، ولا يَدَعُوا فيها فُرْجَةً للشّيطان، قالَ عليه الصّلاةُ والسّلام: "ألا تَصُفُّونَ كما تَصُفُّ الملائكةُ عندَ ربِّها؟ فقلنا: يا رسولَ اللهِ وكيفَ تصفُّ الملائكةُ عندَ ربِّها؟ قالَ: "يُتِمُّونَ الصّفوفَ الأُوَل، ويَتَراصُّونَ في الصّف"، وقالَ عليه الصّلاةُ والسّلام: "ما مِنْ خُطوةٍ أعظمَ أجرًا، من خُطوةٍ مَشَاهَا رَجُلٌ إلى فُرْجَةٍ في الصّفِّ فَسَدَّها".
فاتّقوا اللهَ -رحمكم الله- وسَوُّوا صفوفَكم ولا تَخْتَلِفوا، وتَراصُّوا وتَقاربوا في حُبٍّ وصَفاءٍ ورِفْقٍ ولِين، فرسولُ اللهِ -صلى اللهُ عليه وسلمَ- يقول: "لِينُوا بأيدي إخوانِكم"، وقالَ عليه الصّلاةُ والسّلام: "خيارُكم ألينُكم مَناكبَ في الصّلاة"، فالمقصودُ أنْ تَتَقاربَ الصّفوفُ، وتَجتمعَ الكلمةُ، وتَأْتَلِفَ القلوب.
فاللهمّ ألِّفْ بينَ قلوبِنا، واجْمَعْها على طاعتِك بِرًّا وإحسانًا.
(وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا)[آل عمران: 103].
باركَ اللهُ لي ولكم بالقرآنِ العظيم، وبهديِ سيّدِ المرسلين.
أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ مِن كلِّ ذنبٍ فاستغفروه؛ إنّه هو الغفورُ الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ على إحسانِه، والشكرُ له على توفيقِه وامتنانِه، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشأنِه، وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه الداعي إلى رضوانِه، صلى اللهُ وسلمَ وباركَ عليه وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه وإخوانِه، أبدًا إلى يومِ الدّين.
أمّا بعدُ: عبادَ الله: اتّقوا اللهَ حقَّ التقوى، واستمسكوا من الإسلامِ بالعروةِ الوُثقى، واحذروا المعاصي فإنّ أجسادَكم على النّارِ لا تقوى، واعلموا أنّ ملَكَ الموتِ قد تخطّاكم إلى غيرِكم، وسيتخطّى غيرَكم إليكم، فخذوا حذرَكم.
الكيّسُ مَنْ دانَ نفسَه، وعملَ لمَا بعدَ الموت، والعاجزُ من أتبعَ نفسَه هواها، وتمنّى على اللهِ الأمانيّ.
إنّ أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ رسولِ الله، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وعليكم بجماعةِ المسلمينَ فإنّ يدَ اللهِ مع الجماعة، ومن شذَّ عنهم شذَّ في النّار.
اللهمّ أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذلَّ الشركَ والمشركين، ودمّرْ أعداءَ الدّين، وانصرْ عبادَك المجاهدينَ، وجنودَنا المرابطين، وأنجِ إخوانَنا المستضعفينَ في كلِّ مكانٍ يا ربَّ العالمين.
اللهمّ آمِنّا في أوطانِنا ودورِنا، وأصلحْ أئمّتَنا وولاةَ أمورِنا، وهيّءْ لهم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ يا ربَّ العالمين.
اللهمَّ أبرمْ لأمّةِ الإسلامِ أمرًا رشدًا يُعزُّ فيه أولياؤُك، ويُذلُّ فيه أعداؤُك، ويُعملُ فيه بطاعتِك، ويُنهى فيه عن معصيتِك يا سميعَ الدعاء.
اللهمّ ادفعْ عنّا الغَلاء والوَباء والرّبا والزّنا والزلازلَ والمحنَ، وسوءَ الفتنِ ما ظهرَ منها وما بطن.
اللهمّ فرّجْ همَّ المهمومينَ، ونفّسْ كرْبَ المكروبينَ، واقضِ الدّينَ عن المدينينَ، واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين.
اللهمّ اغفرْ لنا ولوالدِينا وأزواجِنا وذريّاتِنا، ولجميعِ المسلمينَ برحمتِك يا أرحمَ الرّاحمين.
عبادَ الله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56]، ويقولُ عليه الصلاةُ والسلام: "من صلّى عليّ صلاةً صلى اللهُ عليه بها عشْرًا".
اللهمّ صلِّ وسلمْ وباركْ على عبدِك ورسولِك نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه أبدًا إلى يومِ الدّين.
(وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)[العنكبوت: 45].
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم