استقبال رمضان

منصور محمد الصقعوب

2025-02-28 - 1446/08/29 2025-03-03 - 1446/09/03
عناصر الخطبة
1/شكر نعم الله تعالى 2/إدراك موسم الطاعة وشهر الخير 3/كثرة أبواب الطاعة وفرص المنافسة في رمضان 4/وصايا في استقبال رمضان 5/فضل الصوم وتعلُّم أحكامه 6/من وسائل الاستعداد لشهر رمضان.

اقتباس

رمضان سيأتي سريعاً، وستمضي أيامه عجلى... ليس الإشكال أن تمضي، وإنما الشأن كيف ستُقضَى، وبأي شيءٍ ستُمضَى. أما والله لترين في رمضان الغبن الشديد، والتفاوت الكبير، بين العزائم والهمم.

الخُطْبَة الأُولَى:

 

جزيلٌ نعماء الله عليك، وعظيمٌ إحسانه إليك، فأنت في كل نفَسٍ ولحظةٍ، بله الدقيقة والساعة، تتقلب في نعمٍ ليس لها حصر ولا عدٌّ، في كل باب من الأبواب.

 

بيد أن كُلّ نعم الدنيا تتقاصر أمام نِعَم الدين، تلكم التي يكون من شأنها أن تُصلح حالك وتوفقك للخير والرضا.

 

ألا وإن امرأً أمدَّ ربُّه في أجله، ويسَّره لأن يُدرِك مواسم الطاعة والمضاعفة لَمنُعمٌ عليه أيما إنعام، كيف لا وهو يتقلب فيه في رياض الحسنات، وأبوابِ القربات ويتهيأ له فيه من الخير ما لا يكون في غيره؟!

 

فبشراكم -يا كرام- بشراكم، نَعم لكم البشرى بأن شارفتم إدراك موسم الطاعة وشهرِ الخير رمضان.

 

هي أيامٌ وليالٍ شريفة، تُفتَح فيها أبواب الجنة وتُغلَق أبواب النار، ويُعان المرء فيها على الطاعة، وتتيسر سُبلها، فلا يمر يومٌ فيه إلا وقد تهيأت للمُوفَّق أبوابٌ من الأجور.

اللهم لك الحمد أن هديتنا، والله نسألك أن تبلغنا وأن تقبلنا.

 

لن أعدّد أبواب الطاعة وفرص المنافسة في رمضان، فتلك لا تخفى، ولكني أقول: بأن اليوم والساعة من شهرك نعمة، وهو فرصة لأن تسبق إلى ربك بقلبك وعملك، وتنال رضا خالقك.

 

أيها المبارك: في استقبال رمضان تذكر أن من المهم أن تُصفِّي قلبك من الخصومات والشحناء، فذاك مما قد يحول بين عملك وبين السماء، فالله يؤخر المغفرة عن المتخاصمين، فَصِلِ الحبل الذي قطعت، وصالِحْ مَن خاصمتَ، وصافِ من شاحنتَ، ولا تجعل بين الرحمة وبينك مانعاً.

 

وتذكَّر -يا مُوفَّق- أن مما تستعد به لشهرك: تذكيرها بفضل الصوم، لتنشط معه وتتلذذ به، فمن ذا الذي يسمع قول المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: "مَن صام يومًا في سبيل الله زحزح الله وجهه عن النار بذلك اليوم سبعين خريفًا".

 

وقوله لأبي أمامة حين سأله عن عملٍ: "عليك بالصوم؛ فإنه لا عِدْل له"، وقوله: "كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به"، وقوله: "مَن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه"؛ فأيّ نفس تسمع هذا ثم لا تشتاق لرمضان وللصوم والطاعة فيه؟!

 

معشر الكرام: وإذا كان التعرّف على فضل الصوم وأحكامه من تهيئة النفس لرمضان، فإن من التهيئة لذلك أيضاً: تذكُّر قِصَر العمر واخترام الموت لأقوام ما بين رمضان ورمضان، فكم رحل في عامك مِن مؤمل أن يدرك الشهر، واستُمهِلت أنت، في زمن التجارة الحقة، ليتسنى لك الازدياد

 

وبعد هذا فالتقلل من الشواغل والتخفُّف من الصوارف، وترويض النفس على العبادة، والمكث في المسجد بعض وقته، أمور نتهيأ بها، ليقدم رمضان حين يقدم ونحن له مستعدّون وبه فرحون.

 

ومما ينبغي تذكره في مقتبل رمضان أيضاً: استشعار الاحتساب والنية في كل عمل تعمله، فما تحضره لبيتك من طعام وشراب احتسب فيه إطعام الصوام، والإنفاق على الأهل، وتلك صدقة إذا خلت من الإسراف، ولا تنسَ كذلك أن تُسهم في سدّ حاجة فقير لا يجد مَن يعينه وينفق عليه.

 

أيها الموفق: تهيئة المساجد شرفٌ ينبغي أن تحرص عليه، وأن تزاحم عليه الإمام والمؤذن، كن باذلاً لأجل تهيئة بيوت الله وقتك، وجهدك، ومالك، ورأيك، فذاك الشرف، وبه تكسب أجر مَن صلَّى فاطمأن وخشع.

 

أيها المصلي: ليس بالضرورة أن يكون المسجد على وفق رغبتك، في وقت إقامته، أو درجة تكييفه، أو إنارته، فآراء الناس تتفاوت، والتوسط مطلب، فتخلص من الأثرة والأنا، ليجتمع لك قلبك في بيوت الله.

 

وبعد: فقد دنا الشهر؛ فرحم الله امرأً عاهَد ربه أن يكون هذه السنة مختلفاً عن غيره، والمغبون من ملأ الصحائف بصالح الأعمال، ونال في رمضان العتق من النار والفوز بالمغفرة والجنان.

 

اللهم صلِّ وسلِّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

 

 

الخطبة الثانية:

 

إن من أبواب التهيؤ لرمضان، ومن القربات في الشهر وبين يديه: تلمّس المحتاجين، وبذل المال في المعوزين، وسدّ حاجة البائسين، فكم تعرف من قريب وجار، ومسلمٍ قرُبَ أو نأت به الديار، مَن ركبه الدين فأهمّه، أو دهمه الفقر فأغمّه، يُحزنهم أن يعجزوا عن توفير احتياجات الشهر، وتشقّ عليهم صنوف الدهر، وعزاؤهم شهر رمضان، فهو شهر الجود والسخاء.

 

ولئن كان الفقير محتاجًا للغني، فإن حاجة الفقير إليه أكبر، فحاجة الفقير لك دنيوية، وحاجتك للفقير أخروية.

 

فيا بشرى مَن جعل من ماله لأبواب الخير نصيباً، ومَن جعل من ماله لرضا الله طريقاً، وذلكم من انتفع بماله؛ إذ بذل منه في صنوف الحاجات، وجعل ربه فوق كل الرغبات، فرضي عنه وأرضاه، وليبشر بالبركة في دنياه والربح في أخراه.

 

وبعد: رمضان سيأتي سريعاً، وستمضي أيامه عجلى، فهو كما قال المولى: (أَيَّامًا مَعْدُودَات)[البقرة: 184]، ليس الإشكال أن تمضي، وإنما الشأن كيف ستُقضَى، وبأي شيءٍ ستُمضَى.

 

 أما والله لترين في رمضان الغبن الشديد، والتفاوت الكبير، بين العزائم والهمم.

 

فاللهم اجعلنا ممن سمت هممهم، وممن وُفِّقوا في الشهر لفعل الطاعات، وترك المحرمات.

 

 

 

المرفقات

استقبال رمضان.doc

استقبال رمضان.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات