عناصر الخطبة
1 الإيمان هو سبب في تفريج الكروب 2/ عبر من قصص الحافضين للهاقتباس
ما ضاعت أمة الإسلام اليوم إلا يوم استنصرنا بالشرق والغرب ونسينا القوي العزيز. ما ضاعت أمة الإسلام اليوم إلا يوم خاف المسلم أن يقول للظالم يا ظالم. لو حفظنا الله حق الحفظ بطاعته واتباع وأمره وتحكيم شرعه لما تسلط علينا من ذلوا ومن هانوا..
الحمد لله الذي أنزل كتابه الكريم هُدىً للمتقين، وعبرة للمعتبرين، ورحمة وموعظة للمؤمنين، ونبراساً للمهتدين، وشفاءً لما في صدور العالمين، أحمده تعالى على آلائه، وأشكره على نعمائه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أحيا بكتابه القلوب، وزكى به النفوس، هدى به من الضلالة، وذكِّر به من الغفلة، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، الذي كان خُلُقه القرآن فصلوات الله عليه وعلى آله وصحبه، الذين كانوا لا يتجاوزون عشر آيات حتى يعلموا ما فيها من القول والعمل، ورضي الله عن جنده وحزبه، ومن ترّسم خُطاه وسار على نهجه، ما تعاقب الجديدان، وتتابع النيران، وسلم تسليماً كثيراً.
عباد الله: إن كل مشكلة وكل معضلة وكل ضيق وكرب علاجه الإيمان والتقوى, قال جل وعلا: (وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) [آل عمران:120]. (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً) [الطلاق:2]. (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً) [الطلاق:4]. (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً) [الطلاق:5]. (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ) [الأعراف:96].
هذا وعد الله ومن أصدق من الله قيلا ومن أصدق من الله حديثاً.
اللّهم اجعلنا من عبادك المتقين الأبرار.
لا زلنا وإياكم مع الحافظين الذين حفظوا أوامر الله وعملوا بها وحفظوا نواهي الله فاجتنبوها وحفظوا حدود الله فلم ينتهكوها فحفظهم الله في الدنيا والآخرة.
ذكر ابن الجوزي في كتابه صفة الصفوة: أنَّ رجلاً رأى عصفوراً يتردد على نخلة من النخلات وفي فمه شيء فاستغرب وقال: "إن العصافير لا تعيش على النخل فلماذا يطير العصفور إلى هذه النخلة فصعد على مكان مرتفع فرأى أن على النخلة حيةٌ عمياء يأتي العصفور فيصدر صوتاً جميلاً فتفتح الحية فمها ويضع قطعة من اللحم في فمها".
سبحان الله، من الذي دل العصفور إنه الواحد الأحد من الذي رزق الحية إنه الحي القيوم القائل: (وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ) [هود:6].
أخي الحبيب: هل حفظت الله بالتوكل عليه والثقة فيما عنده يحميك من شر الأشرار ويبارك لك في رزقك.
(فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) [يوسف:64].
طلب أبناء يعقوب – عليه السلام - أخاهم يوسف فقال يعقوب – عليه السلام - إني أخاف أن يأكله الذئب فغاب عنه يوسف أربعين عاما.
ومرت الأيام والسنون وجاءوا لأخذ بنيامين فقال: خذوه فالله خيرٌ حافظاً وهو أرحم الراحمين,فأعاد الله له الاثنين يوسف وبنيامين.
احفظ الله تجده تجاهك،احفظ الله تجده أمامك, من حفظ الله وحفظ حدوده وراعى حقوقه وجد الله معه في كل أحواله يحوطه وينصره ويحفظه ويوفقه ويسدده قال تعالى: (إنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ) [النحل:128].
إن الله تعالى مع الذين اتقوه بامتثال ما أمر واجتناب ما نهى بالنصر والتأييد.
إن الله جل شأنه مع الذين يُحسنون أداء فرائضه والقيام بحقوقه ولزوم طاعته، بعونه وتوفيقه ونصره.
وقال ـ على لسان موسى: (قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) [الشعراء:62].
قيل لأحد الصالحين ألا تستوحش وحدك قال: من يكون الله معه لا يستوحش وهو جليس من ذكره.
ها هو أبو الطيب الطبري أحد علماء الإسلام بلغ من العمر سبعين سنة وبينما هو على سفينة وصلت إلى الشاطئ لكن اليابسة بعيدها تحتاج إلى قفز وقوة فما استطاع الشباب فإذا بهذا العالم الجليل يُشمِّر عن ساقيه ويقفز إلى اليابسة.
فاستغرب الشباب وقالوا:ما هذه القوة يا شيخ؟، قال:" هذه جوارح حفظناها وقت الصغر فحفظها الله لنا في الكبر"،فالله خيرٌ حافظاً وهو أرحم الراحمين،ومن ضيع الله ضيَّعه.
أما سمعتم خبر البرامكة الذين كانوا وزراء بني عباس فأعطاهم الله المال والذهب حتى طلوا قصورهم بماء الذهب لكنهم ضيعوا أوامر الله في المعاصي داخل القصور غناء وخمر ومجون وتضييع للصلاة وزنا وفواحش فأخذهم علَّام الغيوب الذي يمهل ولا يهمل ,إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ,فسبحان الله ما أقدره ولا إله إلا الله ما أعظمه وما أجله.
فسلَّط الله عليهم أقرب الناس إليهم هارون الرشيد فقتل شبابهم وشيوخهم أودعهم السجن.
قيل ليحيي البرمكي ما أنزلكم هذه المنزلة وقد كنتم وكنتم فقال وهو يبكي دعوة مظلوم غفلنا عنها، وما غفل عنها علاَّم الغيوب.
عبد الله:
لا تظلمنَّ إذا ما كنت مقتدرا *** فالظلم ترجع عقباه إلى الندم
تنام عيناك والمظلوم منتبه *** يدعوا عليك وعين الله لم تنم
قبل لعلي بن الحسين: كم بين العرش والتراب قال دعوة مستجابة يرفعها الله فوق الغمام حتى تصل إليه.فالله خير حافظا وهو أرحم الرحمين.
من الذي يصرف الأمور إلا الله ,من الذي بيده مقاليد الأمور إلا الواحد الأحد, من الذي بيده قلوب العباد إلا الله.
قال قتادة - رضي الله عنه -: "من يتق الله يكن معه ومن يكن معه فمعه القوة التي لا تغلب والحارس الذي لا ينام".
إن معية الله سبحانه لعباده المتقين الذين حفظوا أوامره، واجتنبوا نواهيه تقتضي النصر والتأييد لهم، قال الله تعالى لموسى وهارون: (قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى) [طه: 46]
وكما في خبر هجرة النبي – صلى الله عليه و سلم - وصاحبه الصديق رضوان الله عليه إلى المدينة عندما كانت قريش تطاردهم في كل مكان، وكان قد تملّك الصديق الخوف، فخاطبه النبي– صلى الله عليه و سلم - خطاب الواثق بربه فقال: "يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما لا تحزن إن الله معنا".
وفي الحديث القدسي عن أبي هريرة ا إن النبي – صلى الله عليه و سلم - قال: يقول الله تعالى:" ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها".
من يتق الله يُحمد في عواقبه *** ويكفه شر من عزوا و من هانوا
من استجار بغير الله في فزع *** فإن ناصره عجز وخذلان
فالزم يديك بحبل الله معتصماً *** فإنه الركن إن خانتك أركان
قال بعض الصالحين إذا أردت أن توصي صاحبك أو جارك فقل له: احفظ الله يحفظك.
قال – صلى الله عليه و سلم -: موصياً معاذ بن جبل: "اتق الله حيثما كنت".
عبد الله:
راقب الله في الخلوة والجلوة، يكن معك في السراء والضراء,فهو الحافظ الذي حفظ إبراهيم في لهب النار,يُرمى فيها فيقول حسبنا الله ونعم الوكيل, فيأتي الفرج (قلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ) [الأنبياء:69].
من الذي يطفئ النار؟ إنه الله , من الذي يكسر الحديد؟ إنه الله.
أرسل الحجاج جنوده إلى الحسن البصري – رضي الله عنه - فعلم الحسن أنها النهاية، وأنه القتل، فلجأ إلى مُنَفِّس الكربات وتمتم بكلمات بينه وبين الله، وانطلق إلى الحجاج ودخل قصره وهو يتمتم بكلمات بينه وبين ربه وقد جهز الجلاّدين والسياف فما أن رأى الحسن حتى دعاه إلى جواره وسلم عليه وقبّله في رأسه وطيّب لحيته وودعه بخير.
فلحقه رئيس الجُند، فقال: يا أبا سعيد والله ما دعاك الحجاج إلا لقتلك فماذا قلت وأنت داخل: قال قلت: يا ذا العزة التي لا ترام، والركن الذي لا يضام، يا حي يا قيوم اجعل نقمة الحجاج علي برداً وسلاماً كما جعلت النار برداً وسلاماً على إبراهيم، فسبحان مقلب القلوب.
إذاً لماذا نذل بين يدي المخلوقين وننسى الخالق؟
إذاً لماذا نطرق باب المخلوقين ونسينا باب الخالق الذي لا يغلق؟
إذاً لماذا نستخف من الناس ولا نستخف من الله؟
عبد الله إذا سألت فأسال الله.
أن السؤال فيه بذل لماء الوجه وذلة للسائل، وذلك لا يصلح إلا لله وحده، فلا يصلح الذل إلا له بالعبادة والمسألة، وكان الإمام أحمد - رحمه الله تعالى- يقول في دعائه: اللهم كما صنت وجهي عن السجود لغيرك، فصنه عن المسألة لغيرك.
أما من أكثر المسألة بغير حاجة فإنه يأتي يوم القيامة وليس على وجهه مُزعة لحم، كما ثبت ذلك في الصحيحين قوله – صلى الله عليه و سلم -:"لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله تعالى وليس في وجهه مزعة لحم " لأنه أذهب عز وجهه وصيانته وماءه في الدنيا، فأذهب الله من وجهه في الآخرة جماله وبهاءه الحسي، فيصير عظماً بغير لحم ويذهب جماله وبهاؤه المعنوي فلا يبقى له عند الله وجاهة.
الله الذي بيده خزائن السماوات والأرض، ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء أحق من يسأل ويطلب منه قضاء الحوائج.
جاء في الحديث القدسي: "يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني، فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا غمس في البحر" [صحيح مسلم عن أبي ذر].
قال بعض السلف:" إني لأستحي من الله أن أسأله الدنيا وهو مالكها، فكيف أسأل من لا يملكها؟!" وكان بعض السلف يتواصون في طلب الحوائج إلا من الله، قال طاووس لعطاء: "إياك أن تطلب حوائجك إلى من أغلق دونك بابه وجعل دونك حجابه، وعليك بمن بابه مفتوح إلى يوم القيامة، أمرك أن تسأله ووعدك أن يجيبك".
الله يغضب إن تركت سؤاله *** وبُني آدم حين يُسأل يغضب
اجعل سؤالك للإله *** فإنما في فضل نعمة ربنا تتقلب
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه واشهد أن لا آله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه وأشهد أن سيدنا محمداً - صل الله عليه و سلم - الداعي إلى رضوانه وعلى اله وصحبه وجميع أخوانه.
وبعد:
عباد الله: حين دخل عبدُ الله ابن علي ذلكم الحاكمُ العباسيُ دمشق في يوم من الأيام يقتلُ فيها ثمانيةً وثلاثين ألفَ مسلم. ثم يُدخلُ الخيولَ مسجدَ بني أميةَ، ثم يتبجحُ ويقول: من ينكرُ علي في ما أفعل؟
قالوا: لا نعلمُ أحداً غير الإمامُ الأوزاعي- رحمه الله تعالى-.
فيُرسل من يستدعيه، فعلمَ الأوزاعي أنه الامتحان وعلم أنه الابتلاء، وعلم أنه إما أن ينجحَ ونجاحٌ ما بعدَه رسوب، وإما أن يرسبَ ورسوبٌ ما بعده نجاح، فماذا كان من هذا الرجل؟
قام واغتسلَ وتحنطَ وتكفن ولبس ثيابه من على كفنه، ثم أخذَ عصاه في يده، ثم اتجه إلى من حفظه في وقت الرخاء فقال: يا من لا يهزمُ جندُه ولا يغلبُ أوليائهُ أنتَ حسبي ومن كنتَ حسبَه فقد كفيتَه، حسبي اللهُ ونعم الوكيل.
ثم ينطلقَ وقد اتصلَ بالله تعالى انطلاقة الأسد إلى ذلك الحاكم الذي قد صفَ وزرائَه وصف سماطين من الجلود يريد أن يقتله وأن يرهبه بها.
قال الأوزاعي: فدخلت وإذا السيوف مُصلّته، وإذا السماط معد، وإذا الأمور غير ما كنت أتوقع.
قال: فدخلت ووالله ما تصورت في تلك اللحظة إلا عرش الرحمن بارزا ،والمنادي ينادي: فريقٌ في الجنة وفريقٌ في السعير.
فوالله ما رأيته أمامي إلا كالذباب، والله ما دخلت بلاطه حتى بعت نفسي من الله جل وعلا.
قال: فأنعقدَ جبينُ هذا الرجل من الغضب ثم قال له أأنتَ الأوزاعي؟
قال: يقولُ الناسُ أني الأوزاعي.
قال: ما ترى في هذه الدماء التي سفكناها؟
قال حدثنا فلان عن فلان عن فلان عن جَدُك أبن عباس وعن ابن مسعود وعن أنس وعن أبي هريرة ا وعن عائشة ل أن رسول الله – صل الله عليه و سلم - قال: "لا يحلُ دمُ امرأ مسلمٍ إلا بأحدِ ثلاث، الثيبُ الزاني، والنفسُ بالنفسِ، والتاركُ لدينه المفارقُ للجماعة"
[في الصحيحين].
قال: فتلمظَ كما تتلّمظُ الحيَّة وقام الناس يتحفزون ويرفعون ثيابهم لئلا يصيبهم دمي، ورفعتُ عمامتي ليقعُ السيفُ على رقبتي مباشرة.
وإذا به يقول وما ترى في هذه الدور التي اغتصبنا والأموالِ التي أخذنا؟
قال سوفَ يجردُك اللهُ عرياناً كما خلقَك ثم يسأُلك عن الصغيرِ والكبيرِ والنقيرِ والقطميرِ، فإن كانت حلالاً فحساب، وإن كانت حراماً فعقاب.
قال فانعقد جبينُه مرة أخرى من الغضبِ وقام الوزراء يرفعون ثيابهم وقمت لأرفع عمامتي ليقع السيف على رقبتي مباشرة.
قال وإذا به تنتفخ أوداجه، ثم يقول: أخرج. قال: فخرجت فوالله ما زادني ربي إلا عزا.
ثم جاء هذا الحاكم ومر على قبره بعد أن توفي ووقف عليه وقال:
"والله ما كنتُ أخافُ أحداً على وجهِ الأرضِ كخوفي هذا المدفونُ في هذا القبر،واللهِ إني كنتُ إذا رأيتُه رأيتُ الأسدَ بارز".
اعتصمَ بالله وحفظَ اللهَ في الرخاء فحفظَه اللهُ في الشدة: (فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) [يوسف:64].
اللهم أصلح فساد قلوبنا يا رب العالمين.
عباد الله: ما ضاعت أمة الإسلام اليوم إلا يوم ضيعنا أوامر الله ولم نُحكِّم شرع الله. ما ضاعت أمة الإسلام اليوم إلا يوم استنصرنا بالشرق والغرب ونسينا القوي العزيز. ما ضاعت أمة الإسلام اليوم إلا يوم خاف المسلم أن يقول للظالم يا ظالم.
لو حفظنا الله حق الحفظ بطاعته واتباع وأمره وتحكيم شرعه لما تسلط علينا من ذلوا ومن هانوا.
سلفنا الصالح حفظوا الله واعتزوا به فأعزهم العزيز، وما اغتروا بدنيا زائلة وصدق الله القائل: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا) [فاطر:10].
قال أحد السلف: "لما أطعنا الله سُخِّرت لنا حتى الوحوش في البراري ولما عصينا الله سلَّط الله علينا حتى الفئران في جحورها".
خرج عقبة بن نافع قائداً للمسلمين ليفتح أفريقيا فلما وصل إلى هناك دخل غابة أفريقيا الموحشة وإذا بالأُسود في طريقه والحيات والعقارب.
فقام وصلى ركعتين وخرج وصعد على صخرة وسط الغابة.
وقال:" أيتها الأسود أيتها السباع أيتها الحيات أيتها العقارب نحن أصحاب محمد – صل الله عليه و سلم - جئنا لنفتح الدنيا بلا إله إلا الله فارحلوا إنا نازلون ومن وجدناه بعد ذلك قتلناه".
ورأى الناس بعد ذلك عجبا رأوا أن السباع تخرج من الغابة تحمل أشبالها والذئاب تحمل جرائها والحيات تحمل أولادها ونادى في الناس:" لا تؤذوهم حتى يرحلوا عنا".
الله أكبر:
بمعابد الإفرنج كان آذاننا *** قبل الكتائب يفتح الأمصارا
لم تنس إفريقيا ولا صحراؤها *** سجداتنا والأرض تقذف نارا
كنا نقدم للسيوف صدورنا *** لم نخش يوما غاشماً جبارا
ذكر بن كثير بسندٍ جيد أن صلة بن أشيم التابعي، كان يغزوا في خراسان مع قتيبة بن مسلم وكان صلى بن أشيم من صلاة العشاء إلى صلاة الفجر في عبادة وفي بكاء الله أكبر، قولوا ذلك لأهل الطرب والغناء إلى آخر الليل ولا حياء من رب الأرباب.
طوال الليل وصلة بن أشيم يصلي داخل الغابة فقام يصلي ويناجي الله فأتى أسد فدار عليه فما تحول ولا تحرك وما اضطرب فلما سلم من الركعتين قال: "يا حيدرة! إن كنت أُمرت بأكلي فكلني فإنه ليس معي سلاح إلا حماية الله، وإن كنت ما أمرت بقتلي فانطلق إلى حال سبيلك واتركني أصلي" فقام الأسد فلوى ذنَبه وخفض صوته وذهب إلى حال سبيله فالله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين.
عبد الله: كن من الحافظين لحدود الله وأوامره يحفظك الله في الساعة التي لا مفر منها ،ساعة الموت ،ساعة والتفت الساق بالساق ,كم رأينا وسمعنا أناس حفظوا أوامر الله ,أدوا الصلاة في أوقاتها وصلوا الأرحام أكلوا الحلال حسنت أخلاقهم ,فجاءت ساعة الموت فثبتهم الله بالقول الثابت ونطقوا بكلمة التوحيد بكل سرور وحسنت الخاتمة.
وكم رأينا وسمعنا عن أُناس ضيعوا أوامر الله قصروا في طاعة الله، وقطعوا الصلاة وقطعوا الأرحام أكلوا الحرام ساءت أخلاقهم عصوا ربهم فجاءت ساعة الموت فعجزت ألسنتهم عن النطق بكلمة التوحيد وساءت الخاتمة.
اللهم احفظنا بحفظك ورعايتك واحرسنا بعينك التي لا تنام.وصلوا وسلموا على المصطفى صل الله عليه وسلم.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم