عناصر الخطبة
1/ المناظرة بين جعفر بن أبي طالب وعمرو بن العاص -رضي الله عنهما- 2/ جهاده واستشهاده -رضي الله عنه- 3/ حزنه -صلى الله عليه وسلم- على جعفر 4/ جوده -رضي الله عنه-اقتباس
إنه جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه وأرضاه-، تقدم إسلامه جدًّا حتى إنه يُقَدَّم في أوائل من أسلموا، وهاجر إلى الحبشة فرارًا بدينه، كما قالت أم سلمة -رضي الله عنها-: لما ضاقت علينا مكة وأوذي أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفتنوا، ورأوا ما يصيبهم من البلاء؛ فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن بأرض الحبشة ملكًا لا يظلم عنده أحد، فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجًا ومخرجًا".
الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فيا أيها المسلمون: اتقوا الله تعالى حق التقوى، واستمسكوا بالعروة الوثقى؛ فإن أجسامكم على النار لا تقوى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [الحديد:28].
أيها الإخوة المؤمنون: بعدما يهتدي العبد إلى الله تعالى، ويعمر قلبه بالإيمان؛ تتغير مجريات حياته، وتتحول اهتماماته، وينتقل من الدونية إلى الفوقية، تعلو همته، ويبعد نظره، وتسمو نفسه، فلا ترضى من الدنيا بشيء؛ بل همّها الأكبر متعلق بالآخرة؛ ولذا تجد أن صاحبَ تلك النفس النفيسة، وهذا القلب الحي العامر، لا يرضى بغير محبة الله بديلاً، فلا تبصره إلا ماشيًا في مرضاة الله تعالى، مجانبًا لمغاضبه ومساخطه.
ما أحوجنا –أيها الإخوة- إلى الاقتراب من تلك النفوس السامقة، والقلوب الصالحة؛ لعل الله يصلحُ لنا القلوب، ويزكي منا النفوس، ويرزقنا التقوى دائمًا وأبدًا.
أيها الإخوة: هذه إطلالة سريعة، ووقفة عابرة على سيرة من أعجب السير، من تأمل أحوال صاحبها مع اعتباره وادكاره؛ نبض قلبه بالحياة بإذن الله تعالى، صاحبها صاحب شرف في الدنيا والآخرة، فنسبه ضارب في العراقة والمجد، نسب الطاهرين في الدنيا والآخرة، فنسبه ضارب في العراقة والمجد، نسب الطاهرين من بني هاشم، أوسط قريش نسبًا، وصفاته وأخلاقه تتقدم الصفوف الأولى من الكمال البشري.
يقول أبو نعيم الأصبهاني في وصفه: "الخطيب المقدام، السخي المطعام، خطيب العارفين، ومضيف المساكين، ومهاجر الهجرتين، ومصلي القبلتين، البطل الشجاع، الجواد الشعشاع".
ومع كل هذا الوصف والمجد يبلغ المنتهى في التواضع، فلا يأنف أن يكون جنديًا من جنود الحق تحت إمرة مولىً من موالي ابن عمه الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم-. خاطبه النبي -صلى الله عليه وسلم- يومًا فقال: "أشبهت خَلْقي وخُلُقي". أخرجه البخاري.
إنه جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه وأرضاه-، تقدم إسلامه جدًّا حتى إنه يُقَدَّم في أوائل من أسلموا وهاجروا إلى الحبشة فرارًا بدينهم، كما قالت أم سلمة -رضي الله عنها-: لما ضاقت علينا مكة وأوذي أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفتنوا، ورأوا ما يصيبهم من البلاء؛ فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن بأرض الحبشة ملكًا لا يظلم عنده أحد، فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجًا ومخرجًا".
كان جعفر -رضي الله عنه- من المهاجرين إلى الحبشة فرارًا بدينه، لكن قريشًا لم يتركوهم، بل أرسلوا في أثرهم عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة، فالتقى وفد المشركين بالمسلمين في مجلس الملك العادل النجاشي -رحمه الله تعالى-؛ فكانت المناظرة العظيمة بين داهية العرب عمرو بن العاص -رضي الله عنه- ممثلاً للمشركين، وبين جعفر بن أبي طالب خطيب المسلمين ذلك اليوم.
تروي أم المؤمنين أم سلمة -رضي الله عنها- تفاصيل تلك المناظرة العظيمة فتقول: "لما نزلنا أرض الحبشة جاورنا بها خير جار: النجاشي، أمِنَّا على ديننا، وعبدنا الله تعالى، لا نؤذى ولا نسمع شيئًا نكرهه، فلما بلغ ذلك قريشًا، ائتمروا بينهم أن يبعثوا إلى النجاشي فينا رجلين منهم جَلْدين، أهدوا للنجاشي هدايا مما يُستطرف من متاع مكة، فلم يبق من بطارقته بطريق إلا دفعا إليه هديته قبل أن يكلما النجاشي، وطلبوا منهم معونتهم عند النجاشي".
ثم إنهما قدما هداياهم إلى النجاشي فقبلها منهما، ثم كلماه فقالا له: "أيها الملك: إنه قد ضوى إلى بلدك منا غلمان سفهاء؛ فارقوا دين قومهم، ولم يدخلوا في دينك، وجاؤوا بدين ابتدعوه، لا نعرفه نحن ولا أنت، وقد بَعَثَنَا إليك منهم أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردهم إليهم، فهم أعلى بهم عينًا، وأعلم بما عابوا عليهم وعاتبوهم فيه".
قالت: فقالت بطارقته حوله: "صدقًا -أيها الملك-، قومهم أعلى بهم عينًا، وأعلم بما عابوا عليهم، فأسلمهم إليهما فلْيَردّاهُم إلى بلادهم وقومهم".
قالت: "فغضب النجاشي ثم قال: لا ها الله -أي لا والله- إذًا لا أسلمهم إليهما ولا يكاد، قوم جاوروني، ونزلوا بلادي، واختاروني على من سواي، حتى أدعوهم فأسألهم عما يقول هذان في أمرهم، فإن كانوا كما يقولان أسلمتهم إليهما، ورددتهم إلى قومهم، وإن كانوا على غير ذلك منعتهم منهما، وأحسنت جوارهم ما جاوروني".
قالت: "ثم أرسل إلى أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فدعاهم، فلما جاءهم رسوله اجتمعوا، ثم قال بعضهم لبعض: ما تقولون للرجل إذا جئتموه؟! قالوا: نقول والله ما علمنا، وما أمرنا به نبينا -صلى الله عليه وسلم- كائنًا ما هو كائن".
فلما جاؤوا -وقد دعا النجاشي أساقفته فنشروا مصاحفهم حوله- سألهم فقال لهم: "ما هذا الدين الذي قد فارقتم فيه قومكم، ولم تدخلوا في ديني ولا في دين أحد من هذه الملل؟! قالت: فكان الذي كلمه جعفر بن أبي طالب فقال له: أيها الملك: كنا قومًا أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا، نعرف نسبه وصدقه، وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة".
قالت: "فعدد عليه أمور الإسلام؛ فصدقناه وآمنا به واتبعناه على ما جاء به من الله، فعبدنا الله وحده، فلم نشرك به شيئًا، وحرمنا ما حرم علينا، وأحللنا ما أحل لنا، فعدا علينا قومنا، فعذبونا، وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله، وأن نستحل الخبائث، فلما قهرونا وظلمونا، وضيقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلادك، واخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك، رجونا أن لا نظلم عندك -أيها الملك-".
قالت: "فقال النجاشي: هل معك مما جاء به عن الله من شيء؟!".
قالت: فقال له جعفر: "نعم، فقال له النجاشي: فاقرأه، قالت: فقرأ عليه صدرًا من (كهيعص)، قالت: "فبكى والله النجاشي حتى أخضل لحيته، وبكت أساقفته حتى أَخْضلوا مصاحفهم، حين سمعوا ما تلا عليهم؛ ثم قال النجاشي: "إن هذا والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة، انطلقا فلا والله لا أسلمهم إليكما ولا يكادون".
قالت: "فلما خرجا من عنده، قال عمرو بن العاص: "والله لآتينه غدًا عنهم بما أستأصل به خضراءهم، والله لأخبرنه أنهم يزعمون أن عيسى ابن مريم عبد". قالت: "ثم غدا عليه من الغد فقال: أيها الملك: إنهم يقولون في عيسى ابن مريم قولاً عظيمًا؛ فأرسلْ إليهم فسلهم عما يقولون فيه". قالت: "فأرسلَ إليهم ليسألهم عنه"، قالت: "ولم ينزل بنا مثلها قط؛ فاجتمع القوم ثم قال بعضهم لبعض: ماذا تقولون في عيسى ابن مريم إذا سألكم عنه؟! قالوا: نقول والله ما قال الله، وما جاءنا به نبينا كائنًا في ذلك ما هو كائن".
قالت: "فلما دخلوا عليه قال لهم: ماذا تقولون في عيسى ابن مريم؟!".
قالت: "فقال جعفر بن أبي طالب: نقول فيه الذي جاءنا به نبينا -صلى الله عليه وسلم-، هو عبد الله ورسوله، وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول". قالت: "فضرب النجاشي بيده إلى الأرض فأخذ منها عودًا ثم قال: والله ما عدا عيسى ابن مريم ما قلتَ هذا العودَ، قالت: فتناخرت بطارقته حوله حين قال ما قال. فقال: وإن نخرتم والله، اذهبوا فأنتم شيوم بأرضي -أي آمنون- من سباكم غَرِم -قالها ثلاثًا-، ما أحب أن لي دَبْرًا من ذهب وأني آذيت رجلاً منكم".
وفي رواية: "مرحبًا بكم وبمن جئتم من عنده، أشهد أنه رسول الله، وأنه الذي نجد في الإنجيل، وأنه الرسول الذي بشر به عيسى ابن مريم؛ انزلوا حيث شئتم، والله لولا ما أنا فيه من الملك لأتيته حتى أكون أنا الذي أحمل نعليه، قالت: وأمر لنا بطعام وكسوة". حديث صحيح عظيم، أخرجه أحمد وابن إسحاق وأبو نعيم.
وهكذا كان جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه- خطيب القوم والمحامي عنهم؛ بل كان إسلام النجاشي على يديه، وتلك منقبة عظيمة. وبقي جعفر مع من بقي من المسلمين في الحبشة.
فلما ظهر الإسلام وكان عام فتح خيبر، هاجر جعفر ومن معه من الحبشة إلى المدينة، فلما رجع النبي -صلى الله عليه وسلم- من خيبر تلقاه جعفر، فالتزمه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقبَّل بين عينيه وقال: "ما أدري بأيهما أنا أفرح، بقدوم جعفر أم بفتح خيبر؟!". أخرجه الحاكم مرسلاً صحيحًا.
وعلى الرغم من أن جعفرًا كان من أعلام الجهاد، آتاه الله قوة في لسانه، ومع قوته في القتال فإنه كان متواضعًا طائعًا لله ورسوله؛ لما جهز رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جيش مؤتة جعل أميرهم مولاه زيد بن حارثة ثم جعفرًا ثم ابن رواحة، فلم يغضب من ذلك جعفر؛ بل وثب وقال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "بأبي أنت وأمي! ما كنت أرهب أن تستعمل زيدًا عليَّ".
وانطلق جيش مؤتة، وقاتل المسلمون الروم حتى قتل زيد، فاستلم إمارة الجيش جعفر، فقاتل قتالاً مريرًا حتى قتل عقبه ابن رواحة، قال من رأى جعفرًا يوم مؤتة: "لكأني أنظر إلى جعفر يوم مؤتة حين اقتحم عن فرسٍ له شقراء، فعقرها ثم قاتل حتى قتل". قال ابن إسحاق: "وهو أول من عَقَر في الإسلام".
قاتل -رضي الله عنه- حتى قتل، لم يفر من كثرة العدد، ولم يرهب قوة العدو؛ بل كان ثابتًا مقدامًا، أتدرون كم كانت جراحه -رضي الله عنه-؟! جاءت في أخبار لولا ثبوتها في صحيح البخاري وغيره لما كانت تصدق؛ روى البخاري عن ابن عمر -رضي الله عنهما- "أنه وقف على جعفر يومئذٍ وقد قتل، قال: فعددت به خمسين بين طعنة وضربة ليس منها شيء في دبره". يعني في ظهره. وفي البخاري أيضًا عن ابن عمر: "ووجدنا ما في جسده بضعًا وتسعين من طعنة ورمية".
وجاء في حديث آخر عند الحاكم وغيره: "أنه أخذ اللواء بيده اليمنى فقُطعت، ثم باليسرى فقُطعت، فعوضه الله عنهما بجناحين يطير بهما في الجنة".
وفي الطبراني بإسناد حسن من حديث عبد الله بن جعفر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "هنيئًا لك -يا عبد الله بن جعفر-؛ أبوك يطير مع الملائكة في السماء".
وعند الترمذي وصححه ابن حبان من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "رأيت جعفرًا يطير مع الملائكة".
وفي صحيح البخاري: "أن ابن عمر كان إذا سلم على عبد الله بن جعفر قال: السلام عليك يا ابن ذي الجناحين".
وقد حزن النبي -صلى الله عليه وسلم- على جعفر؛ قالت عائشة -رضي الله عنها-: "لما جاءت وفاة جعفر عرفنا في وجه النبي -صلى الله عليه- وسلم الحزن".
وعن عبد الله بن جعفر قال: "جاء النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد ثلاث من موت جعفر فقال: "لا تبكوا على أخي بعد اليوم، وادعوا لي الحلاَّق"، فجيء بالحلاَّق فحلق رؤوسنا، ثم قال -عليه الصلاة والسلام- مداعبًا: "أما محمد فشبيه عمنا أبي طالب، وأما عبد الله فشبيه خَلْقي وخُلُقي"، قال عبد الله: "ثم أخذ بيدي فأشالها وقال: اللهم اخلف جعفرًا في أهله، وبارك لعبد الله في صفقة يمينه". قالها ثلاثًا. قال عبد الله: وجاءت أمنا فذكرت لها وجعلت تفرح له، فقال لها النبي -صلى الله عليه وسلم-: العَيْلَة تخافين عليهم، وأنا وليهم في الدنيا والآخرة".
اللهم ارض عن جعفر وأرضِهِ، وارض عن الصحابة أجمعين، واحشرنا في زمرتهم يا رب العالمين، وألحقنا بهم في دار النعيم، وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله النبي الأمين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].
أيها الإخوة المؤمنون: كان هذا الإمام الكبير، والصاحب الجليل، جوادًا كريمًا، محبًّا للضعفاء والمساكين؛ قال أبو هريرة -رضي الله عنه-: "إن كنت لألصق بطني بالحصباء من الجوع، وإن كنت لاستقرئ الرجل الآية وهي معي كي ينقلب بي فيطعمني، وكان أخير الناس للمسكين جعفر بن أبي طالب، كان ينقلب بنا فيطعمنا ما كان في بيته؛ حتى إن كان ليخرج إلينا العُكَّة التي ليس فيها شيء فنشقها فنلعق ما فيها". وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يكنِّيه أبا المساكين.
وأخرج الإمام أحمد والترمذي من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "ما احتذى النعال، ولا ركب المطايا بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أفضلُ من جعفر بن أبي طالب". يعني في الجود والكرم.
أيها الإخوة: كانت هذه إطلالة سريعة على سيرة هذا الصاحب الجليل، الكبير الشأن، العظيم المنزلة في إيمانه وصبره، وهجرته وجهاده، وأخلاقه وصفاته.
رجال باعوا نفوسهم لله تعالى، هم أفاضل البشر رغم أنوف المنافقين والمارقين، يجب أن تُقرأ سيرتهم، وأن تُحفظ مكانتهم كما حفظها الله تعالى؛ فقد ترضى عنهم، فقال سبحانه: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة:100].
ما أجمل أن يربَّى على سيرتهم شباب المسلمين وناشئتهم، وأن يقرأها كبارهم، ما أحسن أن تعطر بها المجالس، ويقضى بسماعها وقت الفراغ؛ ففيها أحكام الشرع، وأخبار الجهاد والكفاح، وأنباء البطولات والملاحم، وفيها العبرة والعظة، فرضي الله عنهم وأرضاهم.
ألا وصلوا وسلموا على نبيكم محمد بن عبد الله كما أمركم بذلك ربكم...
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم