عناصر الخطبة
1/ تسلية وتصبير المؤمنين بتحقق وعد الله 2/ الأيام دول 3/ دلائل نصر هذه الأمة في آخر الزمان 4/ النصر والتمكين لدين اللهاقتباس
قد يقول لنا الكفار، أنتم تتسلون بهذا الكلام، وتسلون أنفسكم بعدما رأيتم بأننا هيمنا على الشرق والغرب، وقبضنا زمام هذه الدنيا وصار كل شيء تحت تصرفنا. أصبحتم تقولون: بأنكم تنتظرون الجنة، وأن الآخرة أفضل من الدنيا، وأن الدنيا لا تقاس بالآخرة، وأن نعيم الكفار في الدنيا، ونعيم
المؤمنين في الآخرة، فأنتم تسلون أنفسكم بهذا الكلام، لأنكم عاجزون أن تصلوا إلى ما وصلنا إليه ..
إن الحمد لله..
أما بعد أيها المسلمون: إن المخلص من هذه الأمة وهو يتأمل في حالها اليوم وما وصلت إليه من القهر والذل قد يتبادر إلى ذهنه هذا السؤال: هل يمكن أن تقوم للمسلمين قائمة، ويرجع المسلمون إلى عزهم ومكانتهم، بل وإلى قيادة البشرية كما كان أسلافهم؟ هل يمكن أن ترجع الأمة إلى سالف عزها بعد أن تكالب عليها أعدائها من كل جانب، وقاموا بضربها بيد واحدة؟ هل ستفيق هذه الأمة من نومها خصوصاً بعد أن قام أناس من أبنائها بمحاربة دينها، وأصبحوا هم الذين يطاردون الصلاح في كل ناحية من نواحيها؟ فليس الغريب أن يحصل ذلك من الكفار أو من اليهود أو من النصارى، فهذا أمر طبيعي، لكن الغريب والمؤلم أن يحارب الإسلام أهل الإسلام، المؤلم أن يفتك أناس من هذه الأمة، بها أكثر وأشد من فتك اليهود والنصارى. فهل بعد هذا كله، وفى ظل الظروف الحالية التي تمر بها أمتنا، يمكن أن تعود الأمة وتقوم من سباتها وتنفض غبار النوم عنها؟ وهل سيأتي نصر الله -عز وجل-، بعد الوصول إلى هذه الحالة؟ إن هذا سؤال قد يرد على أذهان البعض وهو سؤال ليس بغريب، بل وفى محله ووقته، لذا فإني رأيت أنه من المناسب أن أخصص هذه الخطبة في الإجابة على هذا السؤال.
فأقول -وبالله التوفيق ولا حول ولا قوة إلا به سبحانه وتعالى-: لا شك أن كل مسلم يتطلع دائما إلى نصر الله -عز وجل- لأوليائه المؤمنين، وكيف لا يتطلع وهو يقرأ في كتاب ربه: (أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ) [البقرة:214] كيف لا وهو يقرأ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) [محمد:7] فنصر الله -عز وجل- لهذه الأمة قريب كما قال ربنا، فكل لحظة من حياتنا، وكل ذرة من ترابنا، وكل شئ في حياتنا تؤكد معنى هذه الآية. (أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ) [البقرة:214].
أيها المسلمون: لا بد أن نعلم بل نعتقد بأن الحق والعدل أساس في هذا الكون، وأصل في بناء السماوات والأرض، والدنيا بدأت بالحق وستنتهي بالحق، ويوم القيامة يتجلى الحق في أعلى وأجل صورة. ومن هذا الحق، أن تعود لأمة الإسلام قيادتها للبشرية، ومن الحق أن يعود حكم الإسلام في الأرض كلها، ومن الحق والعدل، أن تزول هذه الغشاوة، وتنقشع هذه الغمة، وتعود هذه الأمة إلى وضعها الطبيعي، ويتحقق قول الله -عز وجل-: (أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ).
أيها المسلمون: لا يغركم انتعاش الكفر وتسلطه على الدنيا في هذه الفترة، فإن الله -جل جلاله- يقول: (لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلاَدِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ) [آل عمران:196-197] فإن الكفر والباطل وإن تسلط، فإن تسلطه محدود بقدر من الله، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يستمر هذا التسلط وهذه الغلبة فإن لكل شئ نهاية، ولنفرض أن الكفار استطاعوا أن تكون لهم الغلبة مدة الحياة الدنيا كلها، مع أن هذا الافتراض ليس بصحيح، ولكن لنفترض ذلك، أليس نحن المسلمين نعتقد ونؤمن، بأن الله وعدنا بالآخرة ووعدنا بالجنة ووعدنا بالحياة الأبدية الباقية، فما قيمة الحياة الدنيا من أولها إلى آخرها مقارنة بالآخرة لا شئ. (فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ) [التوبة:38] فليأخذوا هم الدنيا بأسرها، ولتكن لنا الآخرة. وكما قلت فإن هذا الافتراض ليس بصحيح؛ لأنها حتى في المدة الزمنية في هذه الدنيا فإن حكم المسلمين وتمكنهم أطول وأكثر من تسلط الكفار وتمكنهم.
إذن لابد أن لا نغفل الآخرة حين نقارن، فإغفال الآخرة، يخل بالمقاييس وتضطرب الأمور. يقول -عليه الصلاة والسلام-: "ما الدنيا بالنسبة للآخرة إلا كما يجعل أحدكم إصبعه في اليم فلينظر بم يرجع".
أيها المسلمون: لماذا قص الله علينا في كتابه قصة أصحاب الأخدود بهذه الطريقة لمن تأملها وبتلكم النهاية التي انتهت إليه؟ إنه حادث مؤلم جداً، أن تحفر حفراً في الأرض ثم تؤجج فيها النار ويلقى فيها أبرياء لا ذنب لهم سوى الإيمان، وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود. إنه حادث بشع، ولحكمة لم تذكر الروايات التي وردت في هذا الحادث كما لا تذكر النصوص القرآنية أن الله قد انتقم منهم بسبب جريمتهم البشعة، كما أخذ قوم نوح وقوم هود وقوم صالح وقوم شعيب وقوم لوط، أو كما أخذ فرعون وجنوده أخذ عزيز مقتدر. وعند المقارنة المادية وإغفال عالم الآخرة يكون هؤلاء المجرمون هم المنصورون، وأولئك المؤمنون هم الخاسرون.
لكنّ الله -عز وجل- يخبرنا بهذه الحادثة في كتابه وبهذه النهاية ليعلمنا شيئاً آخر وليكشف لنا عن حقيقة أخرى قد نغفل عنها وهو أن الحياة الدنيا وسائر ما يلابسها من لذائذ وآلام، ومن متاع وحرمان، ليست هي القيمة الكبرى في الميزان، وليست هي السلعة التي تقرر حساب الربح والخسارة، والنصر ليس مقصوراً على الغلبة الظاهرة فهذه صورة واحدة من صور النصر الكثيرة.
إن القيمة الكبرى في ميزان الله هي قيمة العقيدة، وإن السلعة الرائجة في سوق الله هي سلعة الإيمان، وإن النصر في أرفع صوره هو انتصار الروح على المادة، وانتصار العقيدة على الألم، وانتصار الإيمان على الفتنة، ولم تعد مجال المعركة هو الأرض وحدها وليس هو الحياة الدنيا وحدها وشهود المعركة ليسوا هم الناس في جيل من الأجيال، بل إن الملأ الأعلى يشارك في أحداث الأرض ويشهدها ويشهد عليها (وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [البروج:8-9].
وهكذا اتصلت حياة المؤمنين في الأرض بالحياة الباقية الخالدة في الملأ الأعلى، واتصلت الدنيا بالآخرة، ولم تعد الأرض وحدها هي مجال المعركة بين الخير والشر، والحق والباطل، والإيمان والطغيان، ولم تعد الدنيا هي خاتمة المطاف، ولا موعد الفصل في هذا الصراع.
لقد انفسح المجال في المكان، وانفسح المجال في الزمان وانفسح المجال في القيم والموازين، واتسعت آفاق النفس المؤمنة، وكبرت اهتماماتها، فصغرت الأرض وما عليها، والحياة الدنيا وما يتعلق بها، وكبر المؤمن بمقدار ما معه من إيمان غيبي، وما عرف من الآفاق وما يتعلق بالحياة الآخرة. (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ * إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ) [البروج:10-12].
أيها المسلمون: قد يقول لنا الكفار، أنتم تتسلون بهذا الكلام، وتسلون أنفسكم بعدما رأيتم بأننا هيمنا على الشرق والغرب، وقبضنا زمام هذه الدنيا وصار كل شيء تحت تصرفنا. أصبحتم تقولون: بأنكم تنتظرون الجنة، وأن الآخرة أفضل من الدنيا، وأن الدنيا لا تقاس بالآخرة، وأن نعيم الكفار في الدنيا، ونعيم المؤمنين في الآخرة، فأنتم تسلون أنفسكم بهذا الكلام، لأنكم عاجزون أن تصلوا إلى ما وصلنا إليه.
فيقال رداً على هذه الشبهة: وإن كنّا نتسلى بهذا الكلام، لكنه حساب منطقي جيد، حتى في نظر غير المؤمنين، حتى في نظركم أنتم أيها الكفار.
ألم تر أن الكفار هم أنفسهم يرضون أحياناً بذل مؤقت طمعاً في نصر كبير؟، نعم الكفار أنفسهم يرضون بذل مؤقت طمعاً في نصر كبير، خصوصاً إذا توقعوا أن بعد هذا الذل فوز أكبر منه؛ فلماذا تعيبون علينا -نحن المسلمين- إذا وقعنا تحت قهر وذل خارج عن إرادتنا، ونحن موعودون بنعيم وفوز أعظم وأكبر من الدنيا كلها.
ولأضرب لكم مثالاً يوضح هذه القضية، وليكن المثال في الكفار أنفسُهم، ولنختر اليهود بالذات؛ لأنهم حديث الساعة هذه الأيام وكل الأيام، ولنرجع قليلاً إلى الوراء إلى أيام أزمة الخليج. لماذا لم ينتقم اليهود من الصواريخ التي أرسلها النظام العراقي والتي أصابت بعض الواقع في تلك الأزمة وحققت بعض الخسائر عند اليهود، خسائر في الأوراح فضلاً عن الخسائر المادية؟ لماذا رضي اليهود بذلك الذلّ المؤقت ولم ينتقم من العراق، هل عجزاً؟ الجواب: لا. هل خوفاً؟ الجواب لا. لكنهم رضوا بذلك الذل المؤقت طمعاً في تحقيق نصر أكبر. ولعل الأحداث بعد ذلك كشفت عن المكاسب اليهودية من ذلك السكوت ومن ذلك الذلّ المؤقت. ماذا كان يحصل لو أن إسرائيل ردت على العراق في تلك الفترة الصاع صاعين لا نريد أن ندخل في علم الغيب والعلم عن الله -عز وجل-، لكني أطرح سؤالاً هل مشروع السلام كان سيتم وبعد إنتهاء أزمة الخليج بعجرها وبجرها بهذه السرعة وبهذه الموافقة الجماعية من دول الجوار لو أن حرباً جديدةً قامت بين العراق وإسرائيل؟ أدع الجواب لكم.
أيها الأحبة في الله: إذا كان هذا في المقاييس المادية، فما بالكم بالمقاييس الأخروية فإن التضحية من أجلها والصبر لها أجل وأوضح. هذا جانب واحد، وهو قياس الدنيا بالآخرة.
جانب آخر: النظرة إلى الدنيا لوحدها، حتى لو نظرنا إلى الدنيا لوحدها وأغفلنا جانب الآخرة على فرَض، فإننا نجد أن دين الله -عز وجل- كان هو الغالب وكان هو المسيطر مدة أطول، مقارنة بتسلط الكفار. هل تعلم أن بعد آدم -عليه السلام- بقى الناس كلهم على التوحيد عشرة قرون، كما قال ابن عباس في قول الله تعالى: (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً) قال ابن عباس: كان الناس بعد آدم -عليه السلام- عشرة قرون كلهم على التوحيد. فكيف تقارن 50 أو 100 سنة سيطرت فيها حضارات زائفة مادية منحرفة، وتنسى عشرة قرون كان المسيطر هو دين الله وشرع الله والتوحيد. كذلك أيضاً: بعد بعثة محمد -صلى الله عليه وسلم- كم مكثت هذه الأمة المحمدية ظافرة منتصرة منصورة، بقيت هذه الأمة أكثر من إثني عشر قرناً، ظافرةً منتصرة منصورة، بيدها تدبير كثير من أمور حتى الأمم الكافرة، وهذه هى التى طالما تغنى بها كثيراً من الشعراء:
ملكنا هذه الدنيا قرونا *** وأخضعها جدود خالدونا
وسطرنا صحائف من ضياء *** فما نسى الزمان ولا نسينا
حملناها سيوفا لامعات *** غداتُ الروع تأبى أن تلينا
إذا خرجت من الأغماد يوماً *** رأيت الهول والفتح المبينا
وكنا حين يأخذنا وليٌ *** بطغيان ندوس له الجبينا
وكنا حين يرمينا أناس *** نؤدبهم أباةً قادرينا
وما فتأ الزمان يدور حتى *** مضى بالمجد قوم آخرونا
وأصبح لا يرى في الركب قومي *** وقد عاشوا أئمته سنينا
إذن أكثر من 1200 سنة والأمة الإسلامية، أمة عظيمة يرهبها الشرق والغرب ولعله يكفى مثالاً قصة هارون الرشيد، عندما قال وهو يخاطب سحابة في السماء: "أمطري حيث شئت فسيجئ إليّ خراجك".
هذا ما كان في الماضي، أما المستقبل، أما عن مستقبل هذه الأمة، فبعض ما أخبرنا به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن المعركة الظافرة الفاصلة مع اليهود على نهر الأردن كما حدد النبى -صلى الله عليه وسلم-، أنتم شرقية وهم غربيه، حتى يقول الشجر والحجر يا مسلم يا عبد الله، هذا يهودي ورائي فتعال فاقتله ومن دلائل نصر هذه الأمة في آخر الزمان أيضاً: نزول عيسى -عليه السلام- على المنارة البيضاء شرقى دمشق، وتجمع المسلمين عليه. ومن دلائل النصر أيضاً: قيادة المهدي لهذه الأمة في آخر الزمان كما ورد في عدد من الأحاديث الصحيحة. وأيضاً من دلائل النصر قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أمتى كالغيث لا يدرى خير أوله أو آخره" فأوله خير وحق وعدل، وآخره خير وحق وعدل. أوله أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وآخره عيسى ابن مريم والمهدي الذى يملأ الدنيا قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، إذن لا يجوز أن نقارن لحظة معينة من عمر التاريخ، وننسى الماضى كله والمستقبل كله، فهذه أمة منصورة بإذن الله -عز وجل-، وتسلط الكفار في هذا الوقت، بقدر من الله، ولحكمة من الله، هو تسلط مؤقت، ودين الله غالب وتحقق ما وعدنا به رسولنا -صلى الله عليه وسلم- لا شك فيها عندنا وهو جزء من عقيدتنا. ولا بد أن يتحقق قول الله -عز وجل-: (أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ) [(214) سورة البقرة].
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
بارك الله..
الخطبة الثانية:
الحمد لله ..
أما بعد:
عباد الله: ومن المسلمات عندنا أيضاً إضافة إلى ما تقدم، أن هذه الأمة فيها خير كثير، وهذه الأمة منصورة -بإذن الله تعالى-، فقط تحتاج إلى من ينفض عنها الغبار، والذى يريد أن يواجه الإسلام ويحارب الإسلام هذا مسكين، مثله كمثل الصبى الذى يريد أن يوقف السيل بيده، أو كالذى يريد أن يحجب أشعة الشمس بيده الضعيفة.
أيها المسلمون: ربما يقتل أناس من هذه الأمة وهذا صحيح. وربما تباد جماعات ومجتمعات، وهذا أيضاً صحيح. وربما تسقط دول وتذهب أسماء وشعارات أيضاً هذا صحيح، لكن الإسلام باق، والله متم نوره ولو كره الكافرون. كيف لا وقد قال الحق سبحانه: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) [(33) سورة التوبة].
أيها المسلمون: إن هذا الدين، هو سر هذه الأمة وروح هذه الأمة، وسر بقاءها ووجودها، إن هذه الأمة للإسلام، هذه الأمة وجدت للإسلام مهما غضب الغاضبون، وخطط المخططون، وزمجر المزمجرون، وأزبد الزابدون، فالذى يريد أن يقضي على الإسلام، فليقضي على هذه الأمة، وهل يستطيع أحد أن يقضي على هذه الأمة؟ هيهات ثم هيهات. نقول بأن هذا محال، لماذا؟ لأن هذه الأمة موعودة بالبقاء، ليس بالبقاء فقط بل بالنصر والتمكين. ولا يزال الله يغرس لهذا الدين غرساً يستعملهم في طاعته. ولا يزال المولى -جل وعز- يخرج لهذه الأمة في كل مرحلة من تاريخها وفي كل فترة من فتراتها علماء ودعاة وقادة يستعملهم لخدمة هذا الدين. ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله الإسلام بعز عزيز أو بذل ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام وأهله، وذلاً يذل الله به الكفر وأهله.
كم دفن الناس من طاغية، كم دفن الناس من محارب لله ولرسوله.كم دفن الناس من زنديق، كم دفن الناس من كافر، كم دفن الناس من ملحد. كم دفن الناس من علماني منافق. فرعون مضى، هولاكو مضى، جنكير خان مضى، وقروناً بين ذلك كثيراً، حتى رموز الكفر والضلال، في هذا الزمان سوف يأتى يوم ويدفُنهم أصحابهم. فقط، صبر جميل، واستعانة بالله والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
أيها المسلمون: أن هذا الدين هو كلمة الله -عز وجل- ومثل كلمة طيبة كشجرة طيبة، (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء) [(24) سورة إبراهيم] ولا إله إلا الله هي كلمة الإسلام ومن ذا الذى يستطيع أن يطفىء وهج ونور هذه الكلمة.
أتطفئ نور الله نفخة كافر *** تعال الذى بالكبرياء تفردا
إذا جلجلت الله أكبر في الوغى *** تخاذلت الأصوات عن ذلك الندا
ومن خاصم الرحمن خابت جهوده *** وضاعت مساعيه وأتعابه سدى
أيها المسلمون: قد يضعف المسلمون فترة من الزمن، وقد يضطهدون، لكن النهاية لهم بإذن الله -عز وجل-. وهناك أمثلة من الواقع. اليهود مثلاً، ألم يعيشوا فترة طويلة من الزمن في ذل وضعف واضطهاد، والآن، أعطوا بعض التمكين المؤقت، واستطاعوا أن يقيموا لأنفسهم دولة أصبحت كالشوكة في المنطقة. الرافضة، ألم يعيشوا فترة طويلة من الزمن وهم أقليات مضطهدة لا قيمة لهم. والآن قامت لهم دول تحميهم وتدافع عنهم.
فلنثق يا عباد الله بوعد الله، ولنثق بوعد رسول الله، وهذا لا يعني أن يجلس المسلم ويضع يده على خده، ينتظر نزول عيسى بن مريم أو خروج المهدي، أبداً هذا ليس بصحيح ولا يقول ذلك عاقل، لكن المسلم بل المسلم يعمل ومتى نزل عيسى أو خرج المهدي،فكلنا جند من جنودهم.
اللهم وأبرم لهذه الأمة أمر رشد..
اللهم ولي علينا خيارنا ولا تول علينا شرارنا.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم