عناصر الخطبة
1/ النفوس مجبولة على حب نفسها 2/ مفهوم النصر 3/ موانع النصر 4/ أسباب النصر وعوامله 5/ شمولية الإسلام لكل جوانب الحياة 6/ كفر من غير سنن الله وقوانينه 7/ الصحة رأس مال الإنساناقتباس
لعل النصر على إطلاقه يحتاج إلى شيئين، يحتاج إلى: إيمان وطاعة، ويحتاج إلى أخذ بالأسباب؛ فأما الإيمان والطاعة فيغطيها قوله تعالى: (وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) [الروم: 47]، وأما العنصر الآخر وهو: الأخذ بالأسباب...
الخطبة الأولى:
الحمد لله نحمده، ونستعين به ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنـا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته وإرغامـاً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله سيد الخلق والبشر، ما اتصلت عين بنظر، أو سمعت أذن بخبر، اللهم صلّ وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه وعلى ذريته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرِنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممــــن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أيها الإخوة الكرام: قضية النصر قضية محببة إلى النفس، هكذا في أصل الفطرة، قال تعالى: (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّه) [الروم: 4 - 5].
والنصر -أيها الإخوة- له معنى ضيق، وله معنى واسع، فحينما ينتصر الإنسان على نفسه يُعد منتصراً، وحينما ينتصر الإنسان على الظروف التي تعيق تطوره يُعد منتصراً، وحينما ينتصر الإنسان على الشهوات التي تحجبه عن الله -عز وجل- يُعد منتصراً، وحينما ينتصر على عدوه في ساحة المعركة يُعد منتصراً، وكأن النصر يقابل كلمة النجاح مطلقاً.
أيها الإخوة الكرام: هناك قضية أساسية وردت في كتاب الله، ولا بد أن ننوه إلى أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: "تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدي أبداً: كتاب الله وسنة رسوله" [الحاكم في المستدرك عن أبي هريرة]، فقضية النصر، أو قضية النجاح، بمفهوماتها الواسعة، أو مفهوماتها الضيقة، ماذا تعني في القرآن الكريم؟ قال تعالى: (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) [آل عمران: 126]، (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) التركيب فيه قصر، أي النصر بيد الله وحده، وليس في الكون جهة تستطيع أن تمنح النصر إلا الله، بمفهوماته الضيقة، ومفهوماته الواسعة.
آية أخرى، يقول الله -عز وجل-: (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) [آل عمران: 160].
المعنى نفسه، آية ثالثة: (وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ) [آل عمران: 13].
من هذه الآيات الثلاث يتبين: أن النصر بمفهومه الضيق، أو بمفهومه الواسع هو من عند الله، من عند الله وحده، وليس في الكون جهة يمكن أن تمنح النصر إلا الله، يؤكد هذا المعنى أن الله -سبحانه وتعالى- يقول: (وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) [هود: 88] أي أن توفيقاً في الأرض لا يتحقق إلا بتوفيق الله.
1- معصية الله -عز وجل-: وإذا قرأنا قوله تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [النور: 55]، وعد الله -عز وجل- لا محالة واقع، استخلاف، وتمكين، وتطمين فإن لم يكن هناك استخلاف ولا تمكين ولا تطمين، وإن كانت المحن تنزل بساحة المسلمين في شتى بقاع الأرض، والقلب يتفطر أحياناً لما يرى أو لما يسمع، فكيف نتعامل مع هذه الآية الكريمة التي يقول الله فيها: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا) [النور: 55].
الحقيقة -أيها الإخوة-: أن القرآن الكريم ينثني على بعضه، فتفسر بعض الآيات بعضها الآخر، قال تعالى: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً) [مريم: 59].
أيها الإخوة الكرام: الله -سبحانه وتعالى- يقول: (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ) [الأنعام: 65] الله -سبحانه وتعالى- على كل شيء قدير، وبيده مقاليد السموات والأرض، وإليه يُرجع الأمر كله، لكن يقول الله -عز وجل- في آيات كثيرة يشير إلى موانع النصر، هذه الموانع قوانين، إن وقفنا عندها، ودققنا فيها، وقسنا أنفسنا عليها، أو طبقناها على حياتنا، لكانت هذه الآيات جواباً لأسئلة كثيرة جداً تراود أذهان المسلمين، يقول الله -عز وجل-: (قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآَتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ) [هود: 63] معنى ذلك: أن الإنسان إذا عصى الله -عز وجل-، معصيته لله -عز وجل- تمنع عنه النصر.
أيها الإخوة: معنى هذه الآية يذكرني بوصية رائعة جداً لسيدنا عمر بن الخطاب -رضي َالله عنه-، يوصي بها سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنهما- قال: "أما بعد: فإني آمرك ومن معك من الأجناد بتقوى الله -عز وجل-، فإن تقوى الله أفضل العدة على العدو، وأقوى المكيدة في الحرب، وآمرك ومن معك أن تكونوا أشدّ احتراساً من المعاصي، فإنها أضرُّ عليكم من عدوكم، وإنما تُنصرون بمعصية عدوكم لله، فإن استويتم معه في المعصية كان لهم الفضل عليكم بالقوة"، (فَمَنْ يَنصُرُنِي مِنْ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ) [هود: 63] هذا أول موانع النصر.
2- عدم الافتقار إلى الله: مانع آخر، قال تعالى: (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ) [التوبة: 25] الإنسان حينما لا يفتقر إلى الله، حينما لا يخضع له، حينما لا يرى ضعفه، حينما يعتدُّ بقوته، حينما يعتد بماله، إن هذا الاعتداد، وذاك الشرك الخفي يمنع عنه النصر، بالمقابل: (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [آل عمران: 123]، (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمْ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ) [التوبة: 25].
الإنسان -أيها الإخوة- بين أن يقول: الله، وبين أن يقول: أنا، فإذا قال: الله، تولاه بالرعاية، والعناية، والتوفيق، والحفظ، والتأييد، والنصر، وإذا قال: أنا، اعتد بقوته، أو بعمله، أو بماله، أو بذكائه، تخلى الله عنه، فأنت بين أن يتولاك الله وبين أن يتخلى عنك، والسبب بين أن تشرك شركاً خفياً، وبين أن توحد، بين أن تعتد بنفسك، وبين أن تسلم لله -عز وجل-.
3- الركون إلى الكفار: مانع آخر من موانع النصر، قال تعالى: (وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ) [هود: 113] ظلموا؛ المطلق في القرآن على إطلاقه، ظلموا أنفسهم فلم يعرِّفوها بربها، ظلموا أنفسهم فلم يعرِّفوها بمنهج ربها، ظلموا غيرهم، ظلموا طرفاً آخر...
(وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ) [هود: 113] إذا ركنت إلى الكافر، إذا ركنت إلى عقيدته، إلى مبادئه، إلى قيمه، إلى نمط سلوكه، إلى طريقة حياته، إلى عاداته، إلى تقاليده، إلى طريقة تعامله مع الأشياء، إذا ركنت إليه مستك النار، ثم لا تُنصر: (وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ) [هود: 113].
أيها الإخوة الكرام: لو طبقنا سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، ذلك المنهج الذي لم يأت به النبي من عنده، إن هو إلا وحي يوحى، لو طبقنا هذا في حياتنا، وفي بيوتنا، وفي كسب أرزاقنا، وفي احتفالاتنا، وفي أحزاننا، وفي أفراحنا، وفي كل نشاطات حياتنا، تنطبق علينا الآية الكريمة: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) [الأنفال: 33].
أما إذا ركنا إلى الذين ظلموا، اقتبسنا منهم، من أفكارهم، من أنماط سلوكهم، من عاداتهم، من اختلاطهم، من إباحياتهم، من صحونهم إذا اقتبسنا منهم، وركنا إليهم، وملنا إلى طريقة حياتهم، ورأيناهم هم الذين يعرفون كيف يعيشوا، ركنا إلى الذين ظلموا، عندئذ تمسنا النار، وما لنا من دون الله من أولياء ثم لا ننصر.
أيها الإخوة الكرام: (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ) [القصص: 81] إن لم ننتصر لدين الله لا نستحق أن ينصرنا الله على عدونا؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) [محمد: 7].
4- عدم الاستسلام لأمر الله: أيها الإخوة الكرام: من موانع النصر أيضاً: (وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ) [الزمر: 54] إن لم نرجع إلى الله، إن لم نستسلم لأمره، يأتينا العذاب بغتةً ثم لا ننصر. (وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ) [الزمر: 54]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) [محمد: 7]، والله الذي لا إله إلا هو لزوال الكون أهون على الله من أن يضيع مؤمناً توجه إلى الله مخلصاً، واستقام على أمره خاشعاً، وعمل كل طاقته من أجل أن يعلي كلمة الحق، الله -سبحانه وتعالى- ولي الذين آمنوا.
أيها الإخوة الكرام: يقول الله -عز وجل-: (وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) [الروم: 47] حقاً علينا، إله عظيم، خلق السموات والأرض، العلماء يقدرون أن في الكون ما يقترب من مليون مليون مجرة، وفي المجرة الواحدة ما يقترب من مليون مليون نجم، وأن هذا الكون الفسيح المديد مسخَّر لهذا الإنسان من أجل أن يعرفه، فإذا توجه الإنسان إلى الله -عز وجل- هل يُعقل أن يخذله ؟ هل يُعقل أن يظهر عدوه عليه؟
أيها الإخوة الكرام: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) [الشورى: 30]، (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً) [مريم: 59]، (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ * وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ) [القصص: 4 - 6] يُستفاد من هذه الآية: "إذا عصاني من يعرفني سلطت عليه من لا يعرفني"، أنه إذا عصى المسلم ربه، وانغمس في شهوات الدنيا، واتبع من ظلم نفسه، سلط الله عليه من يؤدبه، فإذا عاد واستقام على أمره مكنه وقواه، هكذا منطوق هذه الآية الكريمة.
أيها الإخوة الكرام: يقول الله -عز وجل- في القرآن الكريم: (مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ) [الحج: 15] لو توهم متوهم أن الله لن ينصره، ليعمل عملاً صالحاً يبتغي به وجه الله، ليستقم على أمر الله، ثم لينظر كيف أن الله -سبحانه وتعالى- يبدل معاملته له، كيف أن الله -سبحانه وتعالى- ينصره، كيف أن الله سبحانه وتعالى يحفظه، كيف أن الله -سبحانه وتعالى- يؤيده، كيف أن الله -سبحانه وتعالى- يعينه على نوائب الدهر.
أيها الإخوة الكرام: الآيات التي تتحدث عن النصر بمفهومه الضيق، أو بمفهومه الواسع، الإنسان أحياناً ينجح في زواجه، ينجح في عمله، ينصره الله على خصومه، ينصره الله على شهواته، ينصره الله على دوافعه الأرضية، ينصره الله على موانع الحق، أحياناً في تربية أولاده ينصره الله -عز وجل- يسلمون له القياد بعد أن كانوا منحرفين، أحياناً ينصره على أهل بيته إن طلبت الدنيا وزينتها.
أيها الإخوة الكرام: وينصره على عدوه في ساحة المعركة، نصر الله -سبحانه وتعالى- له ثمن، قال تعال: (وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآَتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآَمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً) [المائدة: 12].
أيها الإخوة الكرام: لعل النصر على إطلاقه يحتاج إلى شيئين، يحتاج إلى: إيمان وطاعة، ويحتاج إلى أخذ بالأسباب؛ فأما الإيمان والطاعة فيغطيها قوله تعالى: (وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) [الروم: 47]
وأما العنصر الآخر وهو: الأخذ بالأسباب فيغطيه قوله تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ) [الأنفال: 60]
أيها الإخوة الكرام: ذكرت هذا مرة في خطبة إذاعية قلت: المؤمنون بمجموعهم مأمورون بإعداد العدة ليواجهوا بها قوى البغي والكفر، وما استطعتم أي استنفاد الجهد، لا بذل بعض الجهد.
أيها الإخوة الكرام: والقوة التي ينبغي أن يعدها المؤمنون جاءت نكرة: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ) نكرة، ماذا تعني النكرة؟ هذا عند علماء اللغة تنكير شمول، أي كل أنواع القوة، من هذه الأنواع قوة في العَدد، قوة في العُدد، قوة في التدريب، قوة في التخطيط، قوة في الإمداد، قوة في التموين، قوة في الاتصالات، قوة في المعلومات، قوة في تحديد الأهداف، هكذا (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ)، بل إن كلمة من تفيد استغراق أفراد النوع، جاءت القوة مطلقة لأن لكل عصر قوة، ولكل قوة نوعية تتوافق مع طبيعة من يستعملها، ومع طبيعة البيئة التي تُستعمل فيها: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ).
أيها الإخوة الكرام: الفكرة الدقيقة جداً أن المؤمنين مأمورون أن يعدوا ما استطاعوا، أن يعدوا القوة المتاحة وليست القوة المكافئة؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- يتولى عندئذ المؤمنين بالنصر، وإذا كان الله معك فمن عليك، وإذا كان الله عليك فمن معك؟
أيها الإخوة الكرام: ولمَّا قال الله -عز وجل-: (وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ) هذا عطف للخاص -المألوف وقت نزول القرآن- على العام الذي يستغرق الأزمان والبيئات والتطورات والتحديات، هذه الآية أصل في تحقيق أحد شروط النصر: (وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) [الروم: 47].
والإيمان أصل في تحديد أسباب النصر، وكلاهما شرط لازم غير كافٍ، كلاهما الإيمان والطاعة شرط لازم غير كاف، والإعداد شرط لازم غير كاف، فإذا اجتمع الإعداد، واجتمعت الطاعة لله -عز وجل-، يأتي النصر المؤزر بكل مفهوماته الضيقة والواسعة، هذا ما في القرآن الكريم، وما في سنة الرسول -عليه الصلاة والسلام-.
أيها الإخوة الكرام: الإنسان يحب أن ينجح في حياته، وهذا شيء مجبول عليه، مركب في أصل فطرته، فإذا عرف طريق نجاحه، وإذا عرف طريق فوزه، وإذا عرف طريق النصر الذي حُبب إليه، عمل بالأسباب ليصل إلى الأهداف.
أيها الإخوة الكرام: لا ينبغي للمؤمن أن يكون متخيلاً حالماً، الحقيقة في أدق تعاريفها أنها الوصف المطابق للواقع، والإنسان لا يرقى إلا إذا فهم الأمور فهماً علمياً، وتعامل معها تعاملاً علمياً، فكانت الموضوعية والحقيقة وحدها هي التي تحركه نحو أهدافه.
أيها الإخوة الكرام: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا لغيرنا، وسيتخطى غيرنا إلينا، الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني.
الخطبة الثانية:
أشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، صاحب الخلق العظيم، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها الإخوة الكرام: إن لله -تعالى- منهجاً تفصيلياً أمر به الإنسان، أمره أن يطبقه، أمره أن يسير عليه، أمره أن يعتمده في كل نشاطات حياته؛ لأن الله -تعالى- هو الخالق، هو المربي، هو المسير، هو الصانع، هو الخبير.
شيء آخر: هذا المنهج الإلهي التفصيلي، إن في كتاب الله وإن في سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، هذا المنهج التفصيلي من عند الخالق، من عند الخبير، من عند العليم، من عند الرحيم، لذلك من خصائصه أنه مرتبط أشدّ الارتباط مع قوانين الخلق، مع سنن الخلق، ترابط منهج الله -عز وجل- مع سنن الخلق ترابط حتمي، بمعنى أن هناك علاقة عملية، أي علاقة سبب بنتيجة بين الأمر ونتائجه، والنهي ونتائجه، فكل أمر تكليفي ورد في كتاب الله، وفي سنة رسوله -صلى الله عليه وسلمَ-، إذا طبقناه قطفنا ثماره، وثمار هذا الأمر نابعة من الأمر نفسه، أي هناك علاقة علمية بين الأمر ونتائجه، وبين المعصية ونتائجها؛ مثلاً: الله -سبحانه وتعالى- خلق الذكر والأنثى، خلق الذكر بصفات خلقية، ونفسية، واجتماعية، وعقلانية، وهذه الصفات كمال في الذكر وتعينه على أداء مهمته، وخلق الأنثى بصفات جسمية، ونفسية، وعقلانية، واجتماعية، وهذه الصفات كمال في الأنثى لتعينها على أداء مهمتها، وبين صفات الذكر والأنثى تكامل، لذلك خلق الله الذكر والأنثى، فإذا اتجه الذكر إلى الذكر، هناك ردع، وهناك أمراض وبيلة حارت بها البشرية، إنه مرض الإيدز، هذا المرض في أصل ظهوره من الشذوذ.
إذاً، العلاقة بين الأمر والنتيجة والنهي والنتيجة علاقة علمية.
شيء آخر: إن الله -سبحانه وتعالى- حرَّم الدم والميتة ولحم الخنزير وصمم البقرة، هذا الحيوان المعطاء، هذا الحيوان الذي سخره الله لنا، صممها على أن يكون طعامها نباتاً، فلما طغى الإنسان وبغى، فلما نسي الإنسان منهج الله -عز وجل-، اعتمد على عقله فقط، والعقل -أيها الأخوة- وأقول لكم هذا المثل بدقة بالغة كالعين، مهما تكن العين دقيقة الرؤية تحتاج إلى نور يتوسط بينها وبين الأشياء، فالعين الحادة في خصائصها لا قيمة لها من دون نور يتوسط بينها وبين الأشياء، ومهما كان العقل راجحاً لا يكفي وحده لمعرفة الحقيقة، لابد من وحي السماء، لابد من الهدى الإلهي، فلذلك الإنسان حينما كفر بوحي السماء، وحينما اعتمد على عقله فقط هداه عقله القاصر إلى أن يطعم هذه البقرة الجيف، المشيمات تؤخذ من المستشفيات وتجفف وتطحن، عظام الخنزير، الجيف التي تفسخت، توضع في مراجل وتُغلى ثم تجفف وتطحن وتُطعم للبقر، فإذا بمرض خطير أصاب البقر، سماه العلماء: جنون البقر.
أيها الإخوة الكرام: هذا المرض الخطير سيضطر منتجي البقر إلى إحراق أحد عشر مليون بقرة، ثمنها يقدر بثلاثة وثلاثين ملياراً من الجنيهات الإسترلينية؛ لأنهم خالفوا منهج الله -سبحانه وتعالى- في تغذية هذا الحيوان.
أيها الإخوة الكرام: هذا المرض اسمه الاعتلال الدماغي الإسفنجي، مسببات هذا المرض كائنات بالغة الصغر، لم تُعرف حتى الآن، ذات دور حضانة طويل جداً يمتد إلى ثماني سنوات، وفي الإنسان يمتد إلى عشرين سنة، وليس لهذا المرض الخطير مظهر إلتهابي، ولا مظهر مناعي، اكتشف أخيراً أن هذا المرض يصيب البقر، ويصيب البشر، بل إن البشر إذا أكلوا من لحم هذا البقر أصيبوا بمرض مشابه لمرض البقر، أعراض هذا المرض في البقرة ؛ تكلف في المشي، رفع القوائم عالياً، فرط الإدراك الحسي، الحك، فقد الشهية، فرط اللعق، ثم الموت، عدم التحكم العصبي، اقتران هذا كله بسلوك عدواني.
أيها الإخوة الكرام: ما يفعله الإنسان الشارد، ما يفعله الإنسان الذي كفر بمنهج الخالق، ما يفعله الإنسان الذي اعتمد على عقله فقط وعقله قاصر، ما يفعله الإنسان مغطىً بآية كريمة وردت في كتاب الله -عز وجل-، قال تعالى: (فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّه)[النساء: 119] يغيرون سننه، يغيرون قوانينه.
أيها الإخوة الكرام: هذا البقر الذي أصيب بالجنون بسبب جنون البشر، وما المجنون في تعريف رسول الله؟ النبي عليه الصلاة والسلام كان مع بعض أصحابه فرأوا مجنوناً في الطريق، فسألهم سؤال العارف قال: من هذا؟ قالوا: هو مجنون يا رسول الله، قال: لا، إنه مبتلى ولكن المجنون من عصى الله.
أيها الإخوة الكرام: هذا البقر يطعمونه اللحوم المتفسخة، يطعمونه الجيف، طبعاً تُغلى وتجفف وتطحن، يطعمونه العظام ؛ عظام الخنزير، يطعمونه الدماء، يطعمونه الحيوانات المصابة، وهذا المرض الخطير ربما سبّب كارثة كبيرة جداً.
أيها الإخوة الكرام: أما الشكل البشري لهذا المرض فقد قال العلماء: فقدان الذاكرة، فقد التناسق العضلي، فقد التوازن، العمى، فقد النطق، الوفاة تحدث بين ثلاثة أشهر وعام، من بداية ظهور الأعراض، يرافق هذا قلقاً، واكتئاباً، وتغيرات سلوكية، واضطراباً في نشاط الدماغ الكهربائي، هذا المرض يصيب البقر ويصيب البشر، بل يصيب البشر الذين يأكلون لحم هذا البقر، لذلك حرصت معظم الدول على منع استيراد هذه اللحوم من المواقع التي أصيبت بها البقر بالجنون.
العلماء قالوا: يُحظَّر استخدام لحوم البقر، ويُحظَّر استخدام دهونها، ومنتجاتها، وأحشائها، ومخلفاتها، وأعلافها، وكل مادة تُصنع منها، أي حتى مستحضرات التجميل التي دخلت بها شحوم البقر ربما تنقل العدوى إلى البشر، لحوم البقر، منتجاتها، دهونها، أحشاؤها، مخلفاتها، الأعلاف المصنوعة منها، منتجات التجميل المصنعة منها، لذلك لحوم العلب، وأنواع الحليب، ومشتقات الحليب، وأنواع الحلويات التي تستخدم هذه الدهون، أو الحليب، أو الزبدة، أو القشطة، هذا كله ربما أصاب الإنسان بهذا المرض.
العامل المسبب لهذا المرض، مرض جنون البقر يتحمل حتى الدرجة مائة وعشرين لمدة ساعة، طبعاً الطبخ ينضج بدرجة مائة هذا العامل المسبب لهذا المرض يتحمل حتى الدرجة مائة وعشرين لمدة ساعة ولا يموت، فلو أن هذا اللحم طُبخ لا تُحل المشكلة، والحمد لله رب العالمين على أن هدانا إلى منهجه القويم، وهدانا إلى الصراط المستقيم.
أيها الإخوة الأكارم: هذه الحقائق التي وضعتها بين أيديكم ملخصة من نشرة إعلامية أصدرتها منظمة الصحة العالمية، بعيدة عن أقوال الصحف، وعن المبالغات، هذه حقائق مستقاة من تقرير علمي نشرته منظمة الصحة العالمية في الرابع والعشرين من الشهر الثالث من هذا العام.
أيها الإخوة الكرام: المؤمن يعرف ماذا يأكل، وماذا يتكلم، فما يدخل إلى هذا الفم ينبغي أن تدقق فيه، دققوا في مضمون هذه الخطبة، واحرصوا على أن يكون غذاؤكم سليماً؛ لأن صحة الإنسان رأسماله، رأسمالك في الدنيا صحتك، وهي أثمن شيء بعد الهدى والإيمان؛ لأنها قوام عملك الصالح، جسمك أداة عملك الصالح، فإذا حرصت على صحتك فهذا الحرص نابع من حرصك على آخرتك.
أيها الإخوة الكرام: بفضل الله -عز وجل- أننا بعيدون عن هذه المواد من سنوات عدة، بفضل اليقظة والحرص الذي يتمتع به من اختصوا بهذا الموضوع، هذا من فضل الله علينا، على كلّ هذا شيء ليس خافياً على الناس، إن أجهزة الإعلام تنطق به صباحاً مساء، لكن لابد من التوعية، والمؤمن يأخذ حذره، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ) [النساء: 71].
المؤمن كيس فطن حذر، فقبل أن تشتري حاجة، قبل أن تشتري لحماً وصل إلى البلد بطريق غير نظامي، بالطرق النظامية ليس هناك مجال، قبل أن تشتري علبة لحم وردت بطريق غير نظامي ينبغي أن تتأمل فيها، أنت مسلم، وأهلك وأولادك أمانة في عنقك، لا تسيب أمرك هكذا، كن دقيقاً، وكن يقظاً، وكن حريصاً على سلامتك وسلامة أفراد أسرتك فهم أمانة في عنقك.
اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت، فإنك تقضي بالحق ولا يُقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، ولك الحمد على ما قضيت، نستغفرك ونتوب إليك.
اللهم هب لنا عملاً صالحاً يقربنا إليك، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضنا وارض عنا، اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا بها جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، ومتعنا اللهم بأسماعنا، وأبصارنا، وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا، مولانا رب العالمين.
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، ودنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب العالمين.
اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك.
اللهم لا تؤمنا مكرك، ولا تهتك عنا سترك، ولا تنسنا ذكرك يا رب العالمين.
اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا، وآمنا في أوطاننا، واجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين.
اللهم إنا نعوذ بك من الخوف إلا منك، ومن الفقر إلا إليك، ومن الذل إلا لك، نعوذ بك من عضال الداء، ومن شماتة الأعداء، ومن السلب بعد العطاء.
اللهم ما رزقتنا مما نحب فاجعله عوناً لنا فيما تحب، وما زويت عنا ما نحب فاجعله فراغاً لنا فيما تحب، اللهم صن وجوهنا باليسار، ولا تبذلها بالإقتار، فنسأل شر خلقك، ونبتلى بحمد من أعطى، وذم من منع، وأنت من فوقهم ولي العطاء، وبيدك وحدك خزائن الأرض والسماء.
اللهم كما أقررت أعين أهل الدنيا بدنياهم فأقرر أعيننا من رضوانك يا رب العالمين.
اللهم بفضلك وبرحمتك أعل كلمة الحق والدين، وانصر الإسلام وأعز المسلمين، وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى، إنك على ما تشاء قدير، وبالإجابة جدير.
والحمد لله رب العالمين.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم