عناصر الخطبة
1/آداب الزواج والنكاح.اقتباس
الأدب العاشر: لا يخلو الخاطب بمخطوبته إلا مع ذي محرم: رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ»..
الخطبة الأولى:
إن الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ لهُ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102]. (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء: 1]. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70-71]، أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله -عز وجل-، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النارِ، أما بعدُ:
فحَدِيثُنَا معَ حضراتِكم في هذه الدقائقِ المعدوداتِ عنْ موضوع بعنوان: «آداب النكاح»، واللهَ أسألُ أن يجعلنا مِمَّنْ يستمعونَ القولَ، فَيتبعونَ أَحسنَهُ، أُولئك الذينَ هداهمُ اللهُ، وأولئك هم أُولو الألبابِ.
أيها الإخوة المؤمنون: ينبغي لمن أراد أن يتزوج أن يتأدب بهذه الآداب: الأدب الأول: أن يستخير الله -تعالى-: رَوَى البُخَارِيُّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ -رضي الله عنه- قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يُعَلِّمُنَا الاسْتِخَارَةَ فِي الأمُورِ كُلِّهَا كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ يَقُولُ: «إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأمْرِ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ، ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ[1] بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ[2] بِقُدْرَتِكَ وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ، وَلا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ، وَلا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ، اللهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي» أَوْ قَالَ: «عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ، فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي»، أَوْ قَالَ: «فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ، فَاصْرِفْهُ عَنِّي، وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِي الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ أَرْضِنِي به» قَالَ: «وَيُسَمِّي حَاجَتَه»[3].
الأدب الثاني: أن ينظر إلى من يريد نكاحها:
رَوَى التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عن المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ -رضي الله عنه- أَنَّهُ خَطَبَ امْرَأَةً؛ فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «انْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا[4]»[5].
ورَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَ الأنْصَارِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «أَنَظَرْتَ إِلَيْهَا؟»، قَالَ: لا، قَالَ: « [6]»[7].
وروى الحاكم بِسَنَدٍ حَسَنٍ عن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمُ المَرْأَةَ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ مِنْهَا إِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَلْ»[8].
الأدب الثالث: أن يختار ذات الدِّين:
رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «تُنْكَحُ المَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا[9]، وَجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ[10] بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ[11]»[12].
ورَوَى مُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رضي الله عنهما- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «إِنَّ الدُّنْيَا كُلَّهَا مَتَاعٌ[13]، وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا المَرْأَةُ الصَّالِحَةُ»[14].
الأدب الرابع: يستحب أن تكون الزوجة بِكرًا:
رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ -رضي الله عنهما- قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي غَزْوَةٍ، فَلَمَّا قَفَلْنَا[15]، كُنَّا قَرِيبًا مِنَ المَدِينَةِ تَعَجَّلْتُ عَلَى بَعِيرٍ لِي قَطُوفٍ[16]، فَلَحِقَنِي رَاكِبٌ مِنْ خَلْفِي فَنَخَسَ بَعِيرِي بِعَنَزَةٍ كَانَتْ مَعَهُ، فَسَارَ بَعِيرِي كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنَ الْإِبِلِ، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ، قَالَ: «أَتَزَوَّجْتَ؟» قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «أَبِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا؟» قَالَ: قُلْتُ: بَلْ ثَيِّبًا، قَالَ: «فَهَلَّا بِكْرًا تُلاعِبُهَا وَتُلاعِبُكَ»، قَالَ: فَلَمَّا قَدِمْنَا ذَهَبْنَا لِنَدْخُلَ، فَقَالَ: «أَمْهِلُوا حَتَّى تَدْخُلُوا لَيْلا» أَيْ عِشَاءً؛ «لِكَيْ تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ[17]، وَتَسْتَحِدَّ[18] المُغِيبَةُ»[19].
الأدب الخامس: يستحب أن تكون ولودًا:
رَوَى أَبُو دَاودَ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ -رضي الله عنه- قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: إِنِّي أَصَبْتُ[20] امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ[21]، وَجَمَالٍ، وَإِنَّهَا لا تَلِدُ أَفَأَتَزَوَّجُهَا؟ قَالَ: «لا»، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ، فَنَهَاهُ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ: «تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ[22] الْوَلُودَ[23]، فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأمَمَ[24]»[25].
الأدب السادس: أن يطلب نكاحها من وليها:
رَوَى التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا المَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، فَإِنِ اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لا وَلِيَّ لَهُ»[26].
ورَوَى أَبُو دَاودَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي مُوسَى -رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ»[27].
الأدب السابع: ألا يغالي في المهر:
رَوَى التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي الْعَجْفَاءِ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ -رضي الله عنه-: «أَلَا لَا تَغْلُوا صُدُقَ النِّسَاءِ[28]، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا، أَوْ تَقْوَى عِنْدَ اللهِ -تعالى- كَانَ أَوْلَاكُمْ بِهِ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- مَا أَصْدَقَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ، وَلَا أُصْدِقَتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِهِ أَكْثَرَ مِنْ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً[29]، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُغْلِي بِصَدُقَةِ امْرَأَتِهِ حَتَّى يَكُونَ لَهَا عَدَاوَةٌ فِي نَفْسِهِ[30]، وَحَتَّى يَقُولَ: كُلِّفْتُ لَكُمْ عِلْقَ الْقِرْبَةِ[31]»[32].
ورَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ، أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- كَمْ كَانَ صَدَاقُ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قَالَتْ: «كَانَ صَدَاقُهُ لِأَزْوَاجِهِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً، وَنَشًّا، قَالَتْ: أَتَدْرِي مَا النَّشُّ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا، قَالَتْ: نِصْفُ أُوقِيَّةٍ فَتِلْكَ خَمْسُ مِائَةِ دِرْهَمٍ، فَهَذَا صَدَاقُ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- لِأَزْوَاجِهِ»[33].
أقول قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ لي، ولكم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله وكفى، وصلاةً وَسَلامًا على عبدِه الذي اصطفى، وآلهِ المستكملين الشُّرفا، أما بعد:
فالأدب الثامن: رضا الزوجين:
رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عن أبي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «لَا تُنْكَحُ الْأَيِّمُ[34] حَتَّى تُسْتَأْمَرَ[35]، وَلَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ[36]»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَكَيْفَ إِذْنُهَا؟ قَالَ: «أَنْ تَسْكُتَ»[37].
رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَنَّهَا قَالَتْ: جَاءَتْ فَتَاةٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أَبِي زَوَّجَنِي ابْنَ أَخِيهِ يَرْفَعُ بِي خَسِيسَتَهُ[38]، فَجَعَلَ الْأَمْرَ إِلَيْهَا، قَالَتْ: فَإِنِّي قَدْ أَجَزْتُ مَا صَنَعَ أَبِي، وَلَكِنْ أَرَدْتُ أَنْ تَعْلَمَ النِّسَاءُ أَنْ لَيْسَ لِلْآبَاءِ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ[39]؛ أي من إكراه بناتهم على النكاح.
الأدب التاسع: اختيار الرجل الصالح وإن كان فقيرًا:
رَوَى البُخَارِيُّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ -رضي الله عنه- أَنَّهُ قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ لرَجُلٍ عِنْدَهُ جَالِسٍ: «مَا رَأْيُكَ فِي هَذَا؟»، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ: هَذَا واللهِ حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ يُشَفَّعَ، قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ مَرَّ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «مَا رَأْيُكَ فِي هَذَا؟» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ هَذَا رَجُلٌ مِنْ فُقَرَاءِ المُسْلِمِينَ، هَذَا حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ لَا يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ لَا يُشَفَّعَ، وَإِنْ قَالَ أَنْ لَا يُسْمَعَ لِقَوْلِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «هَذَا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الْأَرْضِ مِثْلَ هَذَا»[40].
الأدب العاشر: لا يخلو الخاطب بمخطوبته إلا مع ذي محرم:
رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ»[41].
الأدب الحَاديَ عَشَرَ: وضع اليد على ناصية الزوجة بعد العقد والدعاء بالبركة:
رَوَى أَبُو دَاودَ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عن عبدِ اللهِ بنِ عمرِو بن العاصِ -رضي الله عنهما- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنه قَالَ: «إِذَا تَزَوَّجَ أَحَدُكُمُ امْرَأَةً، أَوِ اشْتَرَى خَادِمًا فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا وَخَيْرَ مَا جَبَلْتَهَا[42] عَلَيْهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا، وَمِنْ شَرِّ مَا جَبَلْتَهَا عَلَيْهِ، وَإِذَا اشْتَرَى بَعِيرًا فَلْيَأْخُذْ بِذِرْوَةِ سَنَامِهِ، وَلْيَقُلْ مِثْلَ ذَلِكَ»[43].
وفي رواية لأبي داود: «ثُمَّ لِيَأْخُذْ بِنَاصِيَتِهَا، وَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ فِي المَرْأَةِ وَالخَادِمِ»[44].
الأدب الثَّانيَ عَشَرَ: استحباب الوليمة:
رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- رَأَى عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَثَرَ صُفْرَةٍ[45]، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟»، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ[46]، قَالَ: «فَبَارَكَ اللهُ لَكَ، أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ»[47].
ورَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُدْعَى لَهَا الْأَغْنِيَاءُ، وَيُتْرَكُ الْفُقَرَاءُ[48]، وَمَنْ تَرَكَ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللهَ وَرَسُولَهُ -صلى الله عليه وسلم- »[49].
الأدب الثَّالثَ عَشَرَ: أن يصلي بزوجته ركعتين أولَ ما يدخل بها:
روى ابن أبي شيبة بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى[50] أَبِي أسَيْدَ -رضي الله عنه- قَالَ: تَزَوَّجْتُ وَأَنَا مَمْلُوكٌ فَدَعَوْتُ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- مِنهمْ: أبو مَسْعُودٍ، وَأَبُو ذَرٍّ، وَحُذَيْفَةُ يُعَلِّمُونَنِي، فَقَالَ: «إذَا دَخَلَ عَلَيْك أَهْلُك فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلِ اللهَ مِنْ خَيْرِ مَا دَخَلَ عَلَيْك، ثُمَّ تَعَوَّذْ بِهِ مِنْ شَرِّهِ، ثُمَّ شَأْنُكَ، وَشَأْنُ أَهْلِك»[51].
الدعـاء...
اللهم إنا نسألك إيمانًا لا يرتد، ونعيمًا لا ينفد، ومرافقة محمد -صلى الله عليه وسلم- في أعلى جنة الخلد.
اللهم قنا شرَّ نفوسنا، واعزِم لنا على أرشد أمورنا.
اللهم اغفر لنا ما أسرَرنا، وما أعلنَّا، وما أخطأنا، وما عَمدنا، وما علِمنا، وما جهِلنا.
اللهم إنا نعوذ بك من غَلبة الدَّين، وغلبة العدو، وشماتة الأعداء.
اللهم متِّعنا بسمعنا، وبصرنا، واجعلهما الوارث منا، وانصرنا على من يظلمنا، وخذْ منه بثأرنا.
اللهم حبِّب إلينا الإيمان، وزيِّنه في قلوبِنا.
أقول قولي هذا، وأقم الصلاة.
[1]إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ: أي أطلب الخير أن تختار لي أصلح الأمرين؛ لأنك عالم به وأنا جاهل.
[2] أَسْتَقْدِرُكَ: أي أطلب أن تُقْدِرَني على أصلح الأمرين.
[3] صحيح: رواه البخاري (1166).
[4] أحرى أن يؤدم بينكما: أي أجدر أن تدوم المودة بينكما.
[5] حسن: رواه أحمد (17453)، والترمذي (1087)، وحسنه، وابن ماجه (1865)، وقد أثبت الدار قطني في «العلل» سماع بكر المزني من المغيرة، ولذلك صححه الألباني في «الصحيحة» (96).
[6]فَإِنَّ فِي أَعْيُنِ الأنْصَارِ شَيْئًا: أي صغر، وقيل: زرقة.
[7] صحيح: رواه مسلم (1424).
[8] حسن: رواه الحاكم (2/165)، وقال: «صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه»، ووافقه الذهبي، ورواه أحمد (14521)، وَحَسَّنهُ الألباني في «إرواء الغليل» (17911).
[9] لِحَسَبِهَا: أي لأجل شرفها بالآباء، والأقارب.
[10] فَاظْفَرْ: أي اختر، وقرب.
[11] تَرِبَتْ يَدَاكَ: أي إن لم تفعل افتقرتا أو لُصقتا بالتراب من شدة الفقر، وقيل: هي كلمة يدعم بها الكلام تارة للتعجب، وتارة للزجر، أو التهويل، أو الإعجاب، وهو كويل أمه، ولا أبا لك، وعقرى حلقى.
[12] متفق عليه: رواه البخاري (5090)، ومسلم (1466).
[13] كُلَّهَا مَتَاعٌ: المتاع ما يُنتفع، ويستمتع به.
[14] صحيح: رواه مسلم (1467)، والنسائي (3232)، وابن ماجه (1855)، وأحمد (6531).
[15] قَفَلْنَا: أي رجعنا.
[16] قطوف: أي بطيء.
[17] لِكَيْ تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ: أي لكي تسكن شعرها بالمشط.
[18] وَتَسْتَحِدَّ: أي التي لم تحلق عانتها.
[19] متفق عليه: رواه البخاري (5247)، ومسلم (715).
[20]إِنِّي أَصَبْتُ امْرَأَةً: أي تزوجت.
[21]ذَاتَ حَسَبٍ: أي صاحبة شرف.
[22] الْوَدُود: أي العؤود التي إذا ظُلمت قالت: هذه يدي في يدك، لا أذوق غمضًا حتى ترضى.
[23]الْوَلُودَ: أي كثيرة الولادة، وتعرف بحال عائلتها من أخوات، وخالات، وعمات، ونحو ذلك.
[24]فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأمَمَ: أي مباهي بكم الأمم.
[25] حسن: رواه أبو داود (2050)، والنسائي (3227)، والحاكم (2658)، وصححه، ووافقه الذهبي.
[26] حسن: رواه الترمذي (1102)، وحسنه، وأبو داود (2083)، وابن ماجه (1879)، والدرامي (2184)، وأحمد (23685).
[27] حسن: رواه أبو داود (2085)، والترمذي (1101)، وابن ماجه (1881)، والحاكم (2/178)، وصححه، ونقل تصحيح ابن المديني له، ووافقه الذهبي، والألباني في «الإرواء» (1839).
[28] صُدُقَ النِّسَاءِ: جمع صداق، وهو ما يجعل للمرأة نظير الاستمتاع بها، ويسمى بالمهر، أو القائمة.
[29] الأوقية = 40 درهمًا.
12 أوقية × 40 = 480 درهمًا × 3 جرامات فضة عيار 1000 = 1440جراما × 10 جنيهات «سعر الجرام الفضة اليوم» = 14400 جنيه.
[30]حَتَّى يَكُونَ لَهَا عَدَاوَةٌ فِي نَفْسِهِ: أي حتى يعاديها في نفسه عند أداء ذلك المهر؛ لثقله عليه حينئذ.
[31]كُلِّفْتُ لَكُمْ عِلْقَ الْقِرْبَةِ: أي تحملت كل شيء حتى علق القربة، وهو الحبل الذي تعلق به.
[32] حسن: رواه أبو داود (2106)، والترمذي (1114)، وقال: «حسن صحيح»، والنسائي (3349) واللفظ له.
[33] صحيح: رواه مسلم (1426).
[34]الْأَيِّمُ: أي من لا زوج لها، وقيل: هي من تزوجت زوجًا دخل بها، ثم فارقها أو مات عنها.
[35]حَتَّى تُسْتَأْمَرَ: أي يطلب أمرها، ومعنى ذلك أنه لا يكفي السكوت كما في البكر.
[36]حَتَّى تُسْتَأْذَنَ: أي يطلب إذنها.
[37] متفق عليه: رواه البخاري (5136)، ومسلم (1419).
[38]يَرْفَعُ بِي خَسِيسَتَهُ: أي يزيل عنه بإنكاحي إياه خسيسته، أي إنه خسيس فأراد أن يجعله بي عزيزًا، يقال: رفع خسيسته إذا فعل به فعلٍا يكون فيه رفعته.
[39] صحيح: رواه أحمد (23892)، والنسائي (3269)، وابن ماجه (1874) بِسَندٍ صَحِيحٍ فقد ذكر المزي سماع ابن بريدة عن عائشة رضى الله عنها.
[40] صحيح: رواه البخاري (6447).
[41] متفق عليه: رواه البخاري (5233)، ومسلم (1341).
[42] جبلتها: أي خلقتها، وطبعتها.
[43] حسن: رواه أبو داود (2160) بسند حسن، وصححه الألباني.
[44] حسن: رواه أبو داود (2160)، وابن ماجه (2252) بسند حسن.
[45]أَثَرَ صُفْرَةٍ: أي أثر الطيب.
[46]عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ: النواة ثلاثة دراهم، والدرهم يعادل ثلاث جرامات فضة.
[47] متفق عليه: رواه البخاري (3781)، ومسلم (1427).
[48]يُدْعَى لَهَا الْأَغْنِيَاءُ وَيُتْرَكُ الْفُقَرَاءُ: معناه الإخبار بما يقع من الناس بعده ه من مراعاة الأغنياء في الولائم ونحوها، وتخصيصهم بالدعوة، وإيثارهم بطيب الطعام، ورفع مجالسهم، وتقديمهم.
[49] متفق عليه: رواه البخاري (5177)، ومسلم (1432).
[50] مَوْلَى: المولى لفظ مشترك يطلق ويراد به السيد، أو العبد، أو المعتِق.
[51] حسن: رواه ابن أبي شيبة (235)، بسند لا بأس به، وقد حسنه الألباني في «آداب الزفاف» (94).
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم