عناصر الخطبة
1/ مكانة ثبات القلوب على الحق 2/ حاجتنا لثبات القلوب 3/ المستحقون لثبات القلوباقتباس
نحتاجُ لتَثبيتِ اللهِ تعالى .. إذا رأينا لِحىً طويلةً كانتْ على السُّنَّةِ قد طارتْ، وثِياباً قصيرةً كانتْ فوقَ الكَعبينِ قد طالتْ، وبعضُ من بقيَ على ظاهرِه الجميلِ، أصبحَ مَشغولاً في القَالِ والقِيلِ، أو في التِّجارةِ والتَّحصيلِ، وبعدَ أن كانَ آمراً بالمعروفِ وناهياً عن المُنكرِ وللخيرِ دليلاً، أصبحَ إذا قامَ إلى الصَّلاةِ قامَ كَسلاناً ولا يذكرُ اللهَ إلا قليلاً، ورأيتَ من كانَ...
الخطبة الأولى:
الحمدُ للهِ، أفاضَ علينا مِن جَزيلِ آلائه أمناً وإيماناً، وأسبغَ علينا من كَريمِ ألطافِه مَنَّاً وإحسَاناً، أحمدُه تعالى وأشكرُه، وأتوبُ إليه وأستغفرُه، وأسألُه اللَّطفَ والتوفيقَ في أمورِ دينِنا ودنيانا..
اللهمَّ إنّا نسألُك باسمِك الأعظمِ الذي إذا دُعيتَ به أجبتَ، وإذا سئلتَ به أعطيتَ، أن تكشِفَ الغمَّةَ وتُصلِحَ حالَ الأمَّةِ، ونسألُكَ نعمةً تَدفعُ بها الِّنقمةَ، ومنحةً تبدِّدُ بها المحنةَ، وأَملاً يَدفعُ اليَأسَ، وفضلاً ونَصراً يرُدُّ البَأسَ..
اللهمَّ ارحَمْ العَبرةَ، وألهِمنا العِبرةَ، وأقِلِ العثرَةَ، وأزِلِ الحسرةَ، وأذهبِ السَّكرةَ، وأدِمْ الفِكرةَ، ولا تدَعنا في غَمرةٍ، ولا تأخُذْنا على غِرَّةٍ، واحفَظ بلادَنا وبلادَ المسلمينَ من كيدِ الكائدينَ وعُدوانِ المعتدينَ..
وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شَريكَ له، عزَّ ربَّاً رحيماً رحماناً، وجلَّ إلهاً كريماً منَّاناً، وأشهَدُ أنَّ نبيَّنا وسيدَنا محمَّداً عبدُ اللهِ ورسولُه، بعثَه للعالمين رحمةً وأماناً، وأنارَ به الطريقَ سنَّةً وقرآناً، وهدًى وفرقاناً، صلى اللهُ عليه وعلى آلِه وأصحابِه، أَكرِمْ بهم علماً وعمَلاً وعِرفاناً، والتابعينَ ومن تبعَهم بإحسانٍ يرجو رحمةً ورضوانًا، وجنَّةً وغُفراناً، وروحاً وريحاناً، وسلَّمَ تسليماً كثيراً ..
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) ..
أما بعد: عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: "يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ"، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ آمَنَّا بِكَ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ، فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا؟، قَالَ: "نَعَمْ، إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ، يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ" ..
سنعلمُ أهميةَ وحقيقةَ هذا الدُّعاءِ، إذا سمعنَا قولَه تعالى: (وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً * إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا) [الإسراء:74-75] .. فإذا كانَ رسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع ما أُوتيَ من الإيمانِ واليقينِ- لا ثَباتَ له إلا بتثبيتِ اللهِ تعالى له على الدِّينِ؛ فكيفَ بنا نحنُ الضُّعفاءُ.. في زمانِ الفتنِ والصَّبرِ والغُرباءِ؟!
سنعلمُ حاجتنا إلى تَثبيتِ اللهِ تعالى، إذا علمنا أننا في زمانٍ الاستقامةُ فيه على الطَّاعةِ كقبض جمرةٍ بالكفِّ على مدارِ السَّاعةِ، "يَأْتِي عَلَىٰ النَّاسِ زَمَانٌ الصَّابِرُ فِيهِمْ عَلَى دِينِهِ؛ كَالقَابِضِ عَلَى الجَمْرِ"، والعجيبُ أن خروجَ روحِ المؤمنِ من جسدِه أهونُ عليه من أن يُلقيَ الجمرةَ من يدِه، وإذا رأينا الفِتنَ كقِطعِ اللَّيلِ يمشي فيها النَّاسُ عُمياناً، ولا يجدُ لهُ الصَّالحُ فيها على الهُدى والخيرِ أعواناً، قالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "بَدَأَ الإِسْلامُ غَرِيبًا، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ؛ فمن لكَ غيرَ اللهِ، في زَمنِ الفِتنِ العمياءِ؟!"
نحتاجُ لتَثبيتِ اللهِ تعالى .. إذا رأينا لِحىً طويلةً كانتْ على السُّنَّةِ قد طارتْ، وثِياباً قصيرةً كانتْ فوقَ الكَعبينِ قد طالتْ، وبعضُ من بقيَ على ظاهرِه الجميلِ، أصبحَ مَشغولاً في القَالِ والقِيلِ، أو في التِّجارةِ والتَّحصيلِ، وبعدَ أن كانَ آمراً بالمعروفِ وناهياً عن المُنكرِ وللخيرِ دليلاً، أصبحَ إذا قامَ إلى الصَّلاةِ قامَ كَسلاناً ولا يذكرُ اللهَ إلا قليلاً، ورأيتَ من كانَ يدعو إلى الفضيلةِ، يدعو اليومَ إلى الرَّذيلةِ، ولأنَّه لم يصبرْ على الطَّريقِ، أمسى يُشوِّهُ معالمَ الطَّريقِ، ويطعنُ في الثَّابتينَ على الطَّريقِ، (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ) [العنكبوت:10]؛ فاللهمَّ يا مُقلبَ القلوبِ ثبتْ قلوبَنا على دينِكَ.
واشدُدْ يَدْيـكَ بحَبـلِ الله مُعتَصِمـاً *** فإنَّـهُ الرُّكْنُ إنْ خانَتْـكَ أركـانُ
نحتاجُ إلى التَّثبيتِ، لأننا نرى حرامَ الأمسِ، أصبحَ حلالَ اليومِ، ومفسدةَ الأمسِ، أصبحتْ مصلحةَ اليومِ، عَنْ حُذَيْفَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- خَبِيرِ أَحَادِيثِ الفِتَنِ قَالَ: "إِذَا أَحَبَّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَعْلَمَ أَصَابَتْهُ الْفِتْنَةُ أَمْ لَا، فَلْيَنْظُرْ فَإِنْ كَانَ رَأَى حَلَالًا كَانَ يَرَاهُ حَرَامًا فَقَدْ أَصَابَتْهُ الْفِتْنَةُ، وَإِنْ كَانَ يَرَى حَرَامًا كَانَ يَرَاهُ حَلَالًا فَقَدْ أَصَابَتْهُ".
نحتاجُ إلى التَّثبيتِ .. إذا أصبحَ الغِناءُ فنَّاً شريفاً، وأفلامُ هوليوودَ أدباً عفيفاً، وأصبحَ الحكمُ الشَّرعيُّ يُبنى على ما كانَ عليه الأولونَ، من بابِ قولِه تعالى: (إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ) [الزخرف:24].
نحتاجُ إلى التَّثبيتِ .. إذا رأينا خَتمَ الضَّوابطِ الشَّرعيةِ قد خُتمَ به كلُّ قَرارٍ، وليسَ في اللَّجنةِ عالماً شرعياً ليُستشارَ، وإنما هو مُسكِّنٌ لآلامِ الغيرةِ عندَ الأخيارِ، وما إن يُطبَّقُ القرارُ، حتى تَجدَ الضَّوابطَ ما لها من قَرارٍ، قالَ تعالى: (وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [البقرة:42].
نحتاجُ للثباتِ من اللهِ، إذا انشغلَ النَّاسُ بالجوَّالاتِ، وانتشرتْ فيه الإشاعاتُ، وفارقوا الدروسَ والمُحاضراتِ، وأقبلوا على المهرجاناتِ والمُبارياتِ، وانتشرَ فيه القطيعةُ وعقوقُ الوالدينِ، وتشبَّهَ به أبناءُ الإسلامِ بأعداءِ الدِّينِ .. وإذا هُجرَ كتابُ اللهِ تعالى وهو وسيلةُ الثَّباتِ العظمى التي ثبَّتَ اللهُ بها رسولَه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا) [الفرقان:32].
نحتاجُ لتَثبيتِ اللهِ سبحانَه .. في زمنٍ قلَّ فيه القُدواتُ، وكَثرُ فيه الرُّويبضاتُ، يُتَّهمُ فيه الصَّادقُ الحريصُ على دينِه ووطنِه وشعبِه، ويمدحُ فيه الخائنُ ذو الوجهينِ لكذِبِه، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَبْلَ السَّاعَةِ سِنُونَ خَدَّاعَةٌ، يُصَدَّقُ فِيهِنَّ الكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهِنَّ الصَّادِقُ، وَيَخُونُ فِيهِنَّ الأَمِينُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الخَائِنُ، وَيَنْطِقُ فِيهِنَّ الرُّوَيْبِضَةُ"، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟، قَالَ: "السَّفِيهُ التَّافِهُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ العَامَّةِ"، فيا مُقلِّبَ القلوبِ ثَبِّتْ قلوبَنا على دينِك.
نحتاجُ لتثبيتِ اللهِ -عزَّ وجلَّ-، في زمنٍ أصبحَ فيه دمُ المسلمِ هو أرخصُ سائلٍ على وجهِ الأرضِ، فهناكَ طردٌ من البلادِ وتشريدٌ، وهناكَ أَسرٌ في الهوانِ وتقييدٌ، وهناكَ القتلُ والتَّعذيبُ والإعدامُ، وهناكَ قد ذُبحتْ حمامةُ السَّلامُ، وهناكَ الاغتصابُ والحرقُ والإبادةُ، وهناكَ أطفالٌ لا يعرفونَ معنى السَّعادةٌ، خِلافاتٌ بينَ الأحبَّةِ والأصدقاءِ، ووِصالٌ مع المُجرمينَ الأعداءِ، مؤامراتٌ على الشُّعوبِ المُسلمةِ، يجتمعُ لحلِّها أصحابُ الأيادي المجرمةِ، وللأسفِ، فإنَّ مُنظماتِ حقوقِ الإنسانِ المزعومةَ، ليسَ في قاموسِها أن أرواحَ المسلمينَ معصومةٌ.
فعدلُهم ليسَ مع أهلِ الإسلامِ، كيفَ، وهم الخصمُ في القضيةِ والحُكَّامِ:
يا أَعدَلَ الناسِ إِلَّا في مُعامَلَتي *** فيكَ الخِصامُ وَأَنتَ الخَصمُ وَالحَكَمُ
إِذا نَظَرتَ نُيوبَ اللَيثِ بارِزَةً *** فَلا تَظُنَّنَّ أَنَّ اللَيثَ مُبتَسِمُ
نحتاجُ لتثبيتِ اللهِ سبحانَه .. إذا رأينا مُقدساتِنا في أيدي اليهودِ الظَّالمينَ، ونحنُ نشجبُ ونستنكرُ ونُدينُ، وإذا رأيتَ الغربَ الكافرَ هو من يتحكمُ بالعالمِ، والشَّرقُ الأوسطُ متعاونٌ مُطيعٌ مُسالمٌ، فهم الذينَ يُخطِّطونَ لمصلحتِنا، ويسعونَ لسعادتِنا، ويسهرونَ لراحتِنا، وصدقَ القائلُ:
إذا كانَ الغُرابُ دليلَ قَومٍ *** سَيهديهم إلى دَارِ الخَرابِ
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيْمِ، وَنَفَعَنِي وَاِيِّاكُمْ بِمَا فِيْهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيْمِ، أقُوْلُ قَوْلِي هَذا وَأسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيْمَ لَيْ وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِيْنَ وَالْمُسْلِمَاتِ فَاسْتَغْفِرُوْهُ إنَّهُ هُوَ الْغَفُوْرُ الرَّحِيْمُ.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ الذي يَسَّرَ لنا الأسبابَ المانعةَ من الضَّلالِ والافتتانِ، ووضَّحَ لنا الفِتنَ وبَيَّنَ لنا الأسبابَ التي نَتحصَّنُ بها أعظمَ بيانٍ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شَريكَ له الملكُ المنانُ، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه المصطفى من بني عَدنانَ، صلى اللهُ عليه وعلى آلِه وأصحابِه صلاةً مستمرةً باستمرارِ الزمانِ، وسلمَ تسليماً كثيراً ..
أما بعد:
فيا أهلَ الإيمانِ: أخبرَ اللهُ تعالى في كتابِه بشرطِ التَّثبيتِ، وأنَّه خاصٌ بأهلِ الإيمانِ، فقالَ سبحانَه: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ) [إبراهيم: 27]، فليسَ بينَك وبينَ تثبيتِ اللهِ تعالى لكَ إلا الإيمانَ الصَّادقَ، والعملَ الصَّالحَ، ثُمَّ لا تضرُّكَ فتنةٌ ما دامتْ السمواتُ والأرضُ (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ) [غافر:55].
ولا يَغُرنَّكم في طَريقِ البَاطـلِ، كَثرةَ الهالكينَ، ولا يُوحِشنَّكم في دَربِ الحقِّ قِلَّةَ السَّالكين؛ فمن صدقَ مع اللهِ تعالى صدقَ اللهُ تعالى معه، ومن ذاقَ حقَّاً حلاوةَ الإيمانِ، فليسَ عليه خوفٌ من فِتنِ الزَّمانِ، قَالَ هِرَقْلُ لأَبِي سُفيَانَ -رَضِيَ اللهُ عَنهُ- قَبلَ إِسْلَامِهِ: وَسَأَلْتُكَ: هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ؛ سَخْطَةً لَهُ فَزَعَمْتَ أَنْ لَا، وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ إِذَا خَالَطَ بَشَاشَةَ الْقُلُوبِ.
فيا عبادَ اللهِ: الثَّباتَ الثَّباتَ، وعليكم بالدُّعاءِ في كُلِّ صلاةٍ، باللهمَّ يا مُقلبَ القلوبِ ثبِّتْ قلوبَنا على دينِك، قَالَ حُذَيْفَةُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: "يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ لا يَنْجُو فِيهِ إِلا مَنْ دَعَا دُعَاءَ الْغَرِيقِ".
يا مَنْ أَجابَ دُعاءَ نوحٍ فانتَصرَ *** وحَملْتَه في فُلكِكَ المَشحونِ
يا مَنْ أَحالَ النَّارَ حَولَ خَليلِه *** رَوحاً ورَيحاناً بقَولِكَ كُوني
يا مَنْ أَمرتَ الحُوتَ يَلفظُ يُونسَ *** وحَميتَه بشُجيرةِ اليَقطينِ
يا ربُّ إنَّا مِثلَه في كُربةٍ *** فارحمْ عباداً كُلَّهم ذو النُّونِ
اللهم يا مُقَلِبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قُلُوبَنا على دينِكَ، ويا مُصَرِّفَ القلوبِ صَرِّفَ قُلُوبَنا على طاعتِكَ.
اللهم أصْلِحْ لنا دينَنا الذي هو عِصْمَةُ أَمرِنا، وأصْلِحْ لنا دنيانا التي فيها مَعَاشُنا، وأصلحْ لنا آخرتَنا التي فيها مَعَادُنا، واجْعَل الحياةَ زيادةً لنا في كلِّ خيرٍ، واجْعَل الموتَ راحةً لنا مِنْ كلِّ شرٍ.
اللهم وفقْ وليَ أمرِنا ووليَ عهدِه لما تحبُّ وترضى وخذ بناصيتِه للبرِ والتقوى، اللهم احفظهما ووفقهما للصالحاتِ وهيئ لهما البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ التي تدلُّهما على الخيرِ وتعينُهما عليه ياربَّ العالمينَ.
اللهم أصلحْ أحوالَ المسلمينَ في كلِّ مكانٍ، وفرِّج كربَهم، وأرغدْ عيشَهم، وارفعْ بلاءَهم، وأصلح قادتَهم، واجمعهم على الكتابِ والسنةِ يا ربَّ العالمينَ.
التعليقات