عناصر الخطبة
1/كل فضيلة هي كمال بين نقيضين 2/كما حرم الله الشح حرم الإسراف 3/المال فيه قوام مصالح الدنيا والدين 4/الإسراف سفه والشريعة أمرت بحجر السفيه ومنعه.اقتباس
وحِيْنَ يَتَبَاهَى النَّاسُ، في مآكِلِهِم ومَشَارِبِهِم، وَمَرَاكِبِهِم ومَسَاكِنِهِم، ويتَفاخَرَونَ فِي أَمْتِعَتِهِم ومُقْتَنَيَاتِهِم، وَفِي حَفَلاتِهِم وكَمالِياتِهِم، وفي سَفَرَاتِهِم ومُشْتَرَياتِهِم، حِيْنَ يَتَكاثَرُونَ، فإِن لَمْ يَجِدُوا، فَبِمَظَاهِرِ الثَراءَ يَتَظَاهَرَون...حِيْنما تَبْرُزُ هذه المعانِيْ، وتَستَوْلِيْ عَلى العُقُول؛ فَلا تَسَلْ عَنْ مَشاهِدَ...
الخطبة الأولى:
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أَمَّا بَعْدُ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا).
أيها المسلمون: يَفْترِقُ الناسُ في المَسَاعِي وَيَـخْتَلِفُوْن، ويَتَبَاعَدُوْنَ في المَقَاصِدِ وَيَتَبَايَنُون، ولا تَسْتَقِيْمُ الحَياةُ إِلا بالقِيامِ بالقِسْط، ولا تَصْلُحُ الحياةُ إِلا بإِقامَةِ الميزان؛ (وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ).
مِيْزانٌ يُقِيْمُهُ المَرْءُ، فَتَسْتَقِيْمُ لَهُ مَساعِيْه؛ فَلا يَجْنَحُ ذَاتَ الشِّمَالِ ولا يَجنَحُ ذات اليَمِين، وصَراطُ اللهِ المُسْتَقِيْمُ، مَنْهَجٌ قَوِيْمٌ، وسَطٌ بَيْنَ سَبِيْلَينِ مُفْتَرِقَيْن، وعَدْلٌ بَيْنَ طَرِيْقَيْنِ مُنْحَرِفَيْن؛ (وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ).
(أُمَّةً وَسَطًا): خِيارٌ عُدُولٌ تَبَوَّؤُوا أَوسَطَ المَقَامَاتِ بَيْنَ أُمَمٍ نأَتْ عَن الوَسَطِيَّةِ إِلى كُلِّ طَرَف؛ فلا إِلى التَّفْرِيْطِ تَرْكَنْ، ولا إِلى الإِفْرَاطِ تَؤُولُ.
وكَذا كُلُّ فَضِيْلَةٍ، هِيَ مَقامُ كَمَالٍ بَيْنَ نَقِيصَتَينِ، وهِيَ مَقامُ شَرَفٍ بَيْنَ رَذِيْلَتَيْن، وهِيَ خُلَّةُ ثَناءٍ بَيْنَ ذَمِيْمَتَين.
فـ(الشَّجاعَةُ)، بَينَ الجُبْنِ والتَّهَوُّرِ عَزَّ مَقامُها، و(الكَرَمُ)، بَينَ البُخْلِ والإِسْرَافِ شَرُفَ قَدْرُه، و(الحَياءُ)، بَيْنَ الوَقَاحَةِ والخَجَلِ عَظُمَ شأَنُه.
فَضَائِلُ، تُزَحْزِحُ عَنْ طَرِيِقِها كُلَّ نَقِيْصَةٍ لِتَبْرُزَ بأَبْهَى حُلَّة، وتُنَحِّيْ عَنْ طَرِيْقِها كُلَّ شائِبَةٍ لِتَخْرُجَ بأَصْفَى نَقاءَ؛ كَمَا يَـخَرَجُ اللَّبَنُ نَقِيّاً مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ ودَمٍ، خَالِصاً سَائِغاً للشَّارِبِيْن.
عَلَيْكَ بِأَوْسَاطِ الأُمُوْرِ فَإِنَّها *** طَرِيْقٌ إِلى نَهْجِ الصَّوَابِ قَوِيْمُ
وَلا تَكُ فِيْهَا مُفْرِطاً أَوْ مُفَرِّطاً *** كِلا طَرَفَيْ قَصْدِ الأُمُوْرِ ذَمِيْمُ
ولا صَلاحَ لِدُنْيَا المرءِ مَا لَمْ تَكُنْ الخُطى على حُسْنِ التَّدْبِيْرِ تَسِيْر، ولا أَضَرَّ بِالعَبْدِ في حَيَاتِهِ، مِنْ جُنُوحٍ يَنْحَرِفُ بِهِ عَنْ أَواسِطِ الأُمورِ وأَكْمَلِها، إِلى مُنْحَدَرٍ يَنأَى بِهِ إِلى طَرَف، إِلى (بُخْلٍ وتَقْتِيْر) أَو إِلى (إِسْرَافٍ وتَبْذِيْر).
وَفِيْ القُرْآنِ ذَمَّ اللهُ هذينِ النَّقِيْضَيْنِ، وَحَذَّرَ مِنَ هذينِ الضِّدَّيْنِ؛ فَمَقَتَ البُخلاءَ؛ فَقال: (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ)، وَأَغْلَظَ في وَصْفِ المُبَذِّرِيْن؛ فَقال: (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ)، وَمَدَحَ المُقْتَصِدِيْنَ المُنْصِفِيْن المُعْتَدِلِيْن؛ فَقال: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ).
مِيْزَانُ عَدْلٍ لِمَنْ عَقَل (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا) في اعْتِدالٍ مَحْمُودٍ، لا يَلْحَقُهُم بِهِ ذَمٌّ ولا نَدَم؛ (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا)، لا تَكُنْ بَخِيْلاً مُمْسِكاً، كأَن يَدَكَ إِلى عُنُقِكَ قَدْ غُلَّت؛ فإِنَّ البُخْلَ مِنْ أَرْذلِ الأَخلاقِ وأَنْكَسِها، ولا تَكُنْ مُسْرِفاً مُبَذِراً؛ فإِنَّ الإِسْرَافَ مِنْ أَدْنَى المبادِئِ وأَنقَصِها، وَابْتَغِ بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا.
وما أَضاعَ عَلى أَكْثَرُ الناسِ مَكاسِبَهُم، مِثْلُ جَهْلٍ أَحاطَ بِهِم، يَسْعَونَ في طَلَبِ المالِ، ويَتَفانَونَ في جَمْعِه، ثُمَّ يُمْسِكُونَهُ فَلا يُصْرِفَونَهُ فيما أُمِرُوا بالصَّرْفِ فِيه؛ فَيَنْقَطِعُ عَنْهُم بذلكَ مَدَدُ الرِّزْقِ، في الحَدِيْثِ القُدْسِيِّ قَالَ اللهُ -تَبارَكَ وتَعالَى-: "يَا ابْنَ آدَمَ أنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ"(متفق عليه).
أَو يُنْفِقُونَهُ في أَوجُهٍ لا يَحِلُّ الإِنْفاقُ فيها، أَو يُسْرِفُونَ ويَتَجاوَزُونَ الحُدُودَ في الإِنْفاق؛ فَتَرْتَحِلُ عَنْهُمْ نِعَم الشاكِرِين.
دَبِّرِ العَيْشَ بِالقَلِيْلِ لِيَبْقَى *** فَبَقَاءُ القَلِيْلِ بِالتَّدْبِيْرِ
لا تُبَذِّرْ وَإِنْ مَلَكْتَ كَثِيْرًا *** فَزَوَالُ الكَثِيْرِ بِالتَّبْذِيْرِ
وحِيْنَ يَتَبَاهَى النَّاسُ، في مآكِلِهِم ومَشَارِبِهِم، وَمَرَاكِبِهِم ومَسَاكِنِهِم، ويتَفاخَرَونَ فِي أَمْتِعَتِهِم ومُقْتَنَيَاتِهِم، وَفِي حَفَلاتِهِم وكَمالِياتِهِم، وفي سَفَرَاتِهِم ومُشْتَرَياتِهِم، حِيْنَ يَتَكاثَرُونَ، فإِن لَمْ يَجِدُوا، فَبِمَظَاهِرِ الثَراءَ يَتَظَاهَرَون.
حِيْنما تَبْرُزُ هذه المعانِيْ، وتَستَوْلِيْ عَلى العُقُول؛ فَلا تَسَلْ عَنْ مَشاهِدَ مِنْ العَناءِ مُؤْسِفَة، إِضاعَةٌ لِلْمَالِ مَعَ ضَعْفِ مَوْرِدِه، وتَبْدِيْدٌ لَهُ، مَعَ عُسْرِ مَطْلَبِه، هَدْرٌ لِلمَالِ، والمالُ لِلحَياةِ قِوَام.
انْحَنَتْ في طَلَبِهِ ظُهُورُ الرِّجال، فَبَدَّدَهُ سَفِيْهٌ أَو سَفِيْهَةٌ في أَتْفَهِ مَطْلَبْ، وأَتْلَفُهُ سَفِيْهٌ أَو سَفِيْهَةٌ في أَرْفَهِ مَأَكَلٍ أَو مَلْبَسٍ أَو مَشْرَبْ، عُقُوبَةٌ لِمَنْ لَمْ يَسْتَجِبْ لأَمْرِ اللهِ: (وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا)؛ قال ابن عُثَيْمِيْن -رحمه الله-: "إِنَّهُ إِذَا كَانَ المالُ قِيَامًا لِلنَّاسِ في مَصَالِحِ دِيْنِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ أَنْ يُصْرَفَ في غَيْرِ مَا فِيِهِ قِيَامُ دِيْنِهِمْ وَدُنْيَاهُم؛ لأَنَّ اللهَ جَعَلَهُ قِيامًا تَقُوْمُ بِهِ مَصَالحُ الدِّيْنِ والدُّنْيا".
ومَطالِبُ السُّفَهاءِ، زِمامُها في أَيادِيْ الأَولِياءِ؛ فَمَنْ أَسْلَمَ للسَّفِيهِ قِيادَ المالِ. أَوْرَدَهُ مَوارِدَ البُؤْسِ، وأَنْزَلَهُ مَنازِلَ الحَسْرَة، وأَعْقَبَهُ عاقِبَةَ النَّدَمْ.
وأَعْقَلُ النَّاسِ مَنْ سَلَكَ سَبِيْلَ مَنْ هُدِيْ، يُدْرِكُ مَعْنَى الإِسْرافِ فَيَجْتَنِبَه، ويُدْرِكُ مَعنَى البْخْلَ فَيَتَّقِيْه.
ولا يُخاطَبُ بَخِيْلٌ عَنْ شُؤْمِ الإِسْرَافِ، فَمَا ذَاكَ لَهُ بِدَواءَ؛ كَما لا يُخاطَبُ مُسْرِفٌ عَنْ فَضْلِ الكَرَم، فَما ذاكَ لَهُ بِشِفاءَ؛ (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ).
بارك الله لي ولكم،،
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين؛ (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ)، وأَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلا اللهُ الوَاحدُ القَهَّار، وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عبدُ الله وَرَسُوْلُه المُصطفى المُختار، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله وأَصْحَابِهِ البَرَرَةَ الأَطْهار، وسلَّم تسليمًا.
أَما بعد: فاتقوا الله -عباد الله-.
أيها المسلمون: والإِسْرافُ، تَجاوُزُ الحَدِّ في كُلِّ فِعْل، أَو التَمادِيْ بأَمرٍ، يَخْرُجُ بِهِ المرءُ مِنْ دائِرَةِ المُباحِ إِلى دائِرَةَ ما لا يُباح، أَو مِن دائِرَةِ ما يُحْمَدُ إِلى دائرةِ ما لا يُحْمَد، أَو مِنْ دَائِرَةِ ما يَنْفعُ إِلى دائرةِ ما لا يَنْفَع، والاقْتِصادُ، مَسْلَكٌ لا يُحسِنُ فَنَّهُ إِلا مَنْ لَهُ عَقْلٌ وفِطْنَةٌ وَوَرَعٌ ودِيانَة.
وفي شأَن المآكِلِ والمطَاعِم، يَطُولُ الحديثُ عَن صُورٍ شائِعَةٍ مِن التَّبْذِيْرِ والتَّبْدِيْدِ والإِسْرَافِ اعْتادَ عَلَيْهَا أَكْثَرُ الناسِ، فَصارَتْ في أَعْيُنِهِم أَمْراً هَيِّناً لا يُؤْبَهُ لَه.
تُقامُ الولائِمُ، فَتُهَيَّأُ لَها أَنواعِ المطَاعِمِ والمآكِل؛ فَيَنفَتِلُ النَّاسُ عَنها، وكَأَن لَمْ يُؤْكَلْ مِنها شَيئاً، أُنْفِقَتْ فِيْها أَموالٌ، وأُهدِرَتْ فيها نِعَم.
ولَو أَنَّ دَاعِي الإِيْمَانِ في القَلْبِ قَام، لَحَجَزَ النَّفْسَ عَنْ هَواها، ولَذَكَّرَها بالسؤَالِ يَومَ القيامةِ أَمامَ مَولاها إِذْ لَيسَ كَرَماً أَنْ تُهْدَرَ النِعَمُ، ولَيْسَ شَهامَةً أَن يُبالَغَ في كَثْرَتِها؛ عَنْ جابِرٍ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: "طَعامُ الواحِدِ يَكْفِي الاثْنَيْنِ، وطَعامُ الاثْنَيْنِ يَكْفِي الأرْبَعَةَ"(رواه مسلم).
وتَرْبِيَةُ الجِيْلِ عَلى الاقْتِصادِ وعدمِ الإِسرافِ في المأَكَلِ والمَشربِ والمَلْبَس، تَرْبِيَةٌ تَتَوافَقُ مَع هدي القُرآن (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ).
وما هذَّبَ النُفُوسَ، مِثْلُ إِيْرَادِها حِياضَ السُّنَّةِ تَنْهَلَ مِنْ مَعِيْنِها، تَنْكَسِرُ أَمامَ مَواقِفِ الهدي النَّبَوِيِّ، كِبْرِياءُ النُفُوس، وتَنْحَسِرُ أَمامَ الهدي النَّبَوِيِّ مَطامِعُها.
وإذَا مَا أَلِفَتِ النُفُوسُ عَيْشَ الإِسْرَافِ والتَّباهِيْ والتَّبْذِيْر، وانْقادَ الجِيْلُ بِشبابِهِ وفَتَياتِهِ، خَلْفَ سَرابِ التَبَاهِي والتَفاخُرِ والتَكاثُر، في غَفْلَةٍ عَن شُكْرِ النِّعَم، وإِعْراضٍ عَنْ الحِفاظِ عليها؛ فَلَسَوفَ يَصْحُو عَلى ساحَةِ نَدَم مُؤْلِمَة.
فَما للنِعَمِ مَعَ الكُفرانِ قَرار؛ (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ).
وأَعظَمُ ما شُكِرَتْ بِهِ النِعَمُ، قِيامٌ بأَمرِ الله ظاهِراً وباطِنا.
وأَعظَمُ ما كُفِرَتْ بِهِ النِعَم، صُدُودٌ وجحودٌ ومعصيةٌ وإِعراض؛ (اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ).
اللهم،
التعليقات