السؤال
ما حكم الأخذ بالأسباب في طلب الرزق؟ وإذا كتب رزقه وهو في بطن أمه، فهل يأتيه ما قدر له بدون أسباب؟ وما معنى قوله تعالى: ما أريد منهم من رزق؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأخذ بالأسباب مطلوب شرعا ولا ينبغي تركها اعتمادا على أنها مقدرة، فقد قال عمر ـ رضي الله عنه: لا يقعد أحدكم عن طلب الرزق ويقول: اللهم ارزقني، وقد علمتم أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة.
وقد تواتر الأمر بالأخذ بالأسباب في القرآن وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، أخرج ابن حبان في صحيحه: أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأراد أن يترك ناقته وقال: أأعقلها وأتوكل؟ أو أطلقها وأتوكل؟ فقال صلى الله عليه وسلم: اعقلها، وتوكل.
وقال صلى الله عليه وسلم: لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة حطب على ظهره فيبيعها فيكف الله بها وجهه خير له من أن يسأل الناس أعطوه، أو منعوه.
وقال تعالى: فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا{ الأنفال:69}.
والغنيمة اكتساب.
وقال: فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه {الملك:15}.
وقال تعالى: يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم {النساء:71}.
وقال: وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل {الأنفال:60}.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة: قد ثبت في الكتاب والسنة الصحيحة الحث على الأخذ بالأسباب مع التوكل على الله، فمن أخذ بالأسباب واعتمدها فقط وألغى التوكل على الله فهو مشرك، ومن توكل على الله وألغى الأسباب فهو جاهل مفرط مخطئ والمطلوب شرعا هو الجمع بينهما. اهـ.
ولو أن شخصا ما تكاسل عن الأسباب فإن المقدر له من الرزق سيأتيه، فإنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله، فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته. رواه أبو نعيم، وصححه الألباني.
وفي الحديث الآخر: الرزق أشد طلبا للعبد من أجله. رواه القضاعي وحسنه الألباني.
وفي رواية للطبراني: لو فر أحدكم من رزقه لأدركه كما يدركه أجله.
وأما قوله تعالى: مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ {الذاريات:57}.
فما هنا نافية، والمعنى أنه سبحانه وتعالى لا يريد من خلقه منفعة، قال الشوكاني في تفسيره: هذه الجملة فيها بيان استغنائه سبحانه عن عباده، وأنه لا يريد منهم منفعة كما تريده السادة من عبيدهم. اهـ.
والله أعلم.
التعليقات