الشيخ: ابن باز
السؤال:
يسأل سماحتكم -شيخ عبد العزيز - فيقول: هل لكل ذنبٍ عقوبةٌ في الدنيا؟ وإذا كان هذا صحيح؛ فهل تزول عقوبة الذنب في الدنيا؛ إذا تاب الإنسان من ذلك الذنب؟
الجواب:
الذنوب والمعاصي صاحبها متوعد بالعقوبة، إلا أن الله جل وعلا قد يعفو سبحانه، وقد يؤجل العقوبة إلى الآخرة إذا مات العبد على المعاصي.
فالواجب على المؤمن والمؤمنة؛ الحذر من عقوبة الله وغضبه، والبدار بالتوبة، والحذر من السيئات واقترافها، أولًا: يحذرها، ويبتعد عنها، وعن أسبابها، وعن مجالسة أهلها.
ثانيًا: إذا وقعت السيئة؛ بادر بالتوبة، بادر بالإقلاع والندم، والإقلاع من المعصية، والعزيمة الصادقة أن لا يعود فيها، يرجو ثواب الله، ويخشى عقاب الله.
أما كونه يعاقب، قد لا يعاقب، قد يمهل، قد يملى له، قد يعاقب على سيئة دون سيئة، قد يعاقب بقسوة القلب، ومرض القلب، قد يعاقب بأشياء أخرى، قد يعاقب بتلف المال، قد يعاقب بمرض، قد يعاقب بتسليط عدو عليه، وإيذائه، إلى غير هذا، فالعقوبات متنوعة، لكن ليس كل ذنبٍ له عقوبة، قد يعفو الله، قد يمهله وينظره، قد يعفو الله عنه، فالإنسان لا يقول: أنا معفوٌ عني بإمهال الله، لا؛ يحذر، فقد تكون العقوبة في الآخرة أكبر، وأشد.
فالمقصود؛ أن الواجب الحذر، فقد يملى للإنسان، وقد يمهل، ولا يعاجل بالعقوبة، فتكون العقوبة في الآخرة أكثر، وأكبر، ولكن على المؤمن أن يحذر، يقول الله : وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ [إبراهيم:42]، هذا صريح بأن الله قد يؤجل عقوبته إلى الآخرة، ويقول : سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ [القلم:44-45]، يستدرجهم بالنعم على المعاصي التي يفعلونها، يستر عليهم، ولا يؤاخذهم، فيكون ذلك من أسباب العقوبة في الآخرة، نسأل الله العافية، أو من أسباب عقوبة كبيرةً عظيمة في آخر حياته، قبل وفاته.
المقصود: أن الإنسان يحذر، ولا يأمن، يقول جل وعلا: أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ[الأعراف:99]، فقد تعجل عقوبته، وقد تؤخر، وقد تعاقب عقوبة عظيمة، تكون من أسباب موت قلبك، ومن أسباب كفرك وضلالك، فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ [الصف:5]، وقال تعالى: وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ [الأنعام:110].
فالعاقل الحازم يحذر الذنوب، ولا يأمن، ويجتهد في التوبة الصادقة النصوح، بالندم على الماضي، والإقلاع من الذنب، والحذر منه، والعزيمة الصادقة ألا يعود، هكذا يكون الحريص، الحازم، من الرجال والنساء. نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا، وأحسن إليكم.
التعليقات