عناصر الخطبة
1/الأطفال نعمة وزينة الحياة 2/أهمية مرحلة الطفولة واهتمام النبي -صلى الله عليه وسلم- بهم وبعض جوانب تعامله معهم 3/بعض ما يجب على الْآبَاء وَالْأُمَّهَات وَالْمُعَلِّمِين وَالْمُعَلِّمَات تجاه الْأَطْفَالاقتباس
إِنَّ الطُّفُولَةَ مِنْ أَهَمِّ مَرَاحِلِ حَيَاةِ الْإِنْسَانِ، وَهِيَ الْأَسَاسُ فِي بِنَاءِ شَخْصِيَّةِ الْمَرْءِ، وَتَكْوِينِ عَقْلِهِ، وَتَنْمِيَةِ قُدُرَاتِهِ، لِذَلِكَ اهْتَمَّ بِهَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- اهْتِمَامًا بَالِغًا، فَكَانَ صلى الله عليه وسلم فِي تَعَامُلِهِ مَعَ الْأَطْفَالِ أُنْمُوذَجًا يُقْتَدَى، وَمِثَالًا يُحْتَذَى، فَمَا هُوَ هَدْيُه صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ؟ لَقَدْ...
الْخُطْبَةُ الْأُولَى:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الْكَبِيرِ الْمُتَعَالِ، أَكْرَمَنَا بِنِعْمَةِ الْأَطْفَالِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّه...
عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- بِعَبْدِاللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ حِينَ وُلِدَ، وَهُوَ يَهْنَأُ بَعِيرًا لَهُ، وَعَلَيْهِ عَبَاءَةٌ، فَقَالَ: "مَعَكَ تَمْرٌ؟" فَنَاوَلْتُهُ تَمَرَاتٍ، فَأَلْقَاهُنَّ فِي فِيهِ فَلَاكَهُنَّ، ثُمَّ فَغَرَ فَاهُ، ثُمَّ أَوْجَرَهُنَّ إِيَّاهُ، فَجَعَلَ يَتَلَمَّظُ الصَّبِيُّ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "حُبُّ الْأَنْصَارِ التَّمْرَ"، وَسَمَّاهُ: عَبْدَاللهِ"(رواه مسلم)، "فَمَا كَانَ فِي الْأَنْصَارِ شَابٌّ أَفْضَلَ مِنْهُ"(رواه أحمد).
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ الْأَطْفَالَ نِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ، وَهِبَةٌ كَبِيرَةٌ، قَالَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ)[الشورى: 49]؛ فَهُمْ بَهْجَةُ الْفُؤَادِ، وَمَصْدَرُ السَّعَادَةِ، وَزِينَةُ الْحَيَاةِ: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)[الكهف: 46].
وَإِنَّ الطُّفُولَةَ مِنْ أَهَمِّ مَرَاحِلِ حَيَاةِ الْإِنْسَانِ، وَتَبْدَأُ مِنَ الْوِلَادَةِ إِلَى الْبُلُوغِ شرعاً، وَهِيَ الْأَسَاسُ فِي بِنَاءِ شَخْصِيَّةِ الْمَرْءِ، وَتَكْوِينِ عَقْلِهِ، وَتَنْمِيَةِ قُدُرَاتِهِ، لِذَلِكَ اهْتَمَّ بِهَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- اهْتِمَامًا بَالِغًا، فَكَانَ صلى الله عليه وسلم فِي تَعَامُلِهِ مَعَ الْأَطْفَالِ أُنْمُوذَجًا يُقْتَدَى، وَمِثَالًا يُحْتَذَى، فَمَا هُوَ هَدْيُه صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ؟
لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّه -صلى الله عليه وسلم- مُحِبًّا لِلْأَطْفَالِ، يَحْنُو عَلَيْهِمْ، وَيَلِينُ فِي مُعَامَلَتِهِمْ، وَيُشْعِرُهُمْ صلى الله عليه وسلم بِحُبِّهِ، وَيُعَبِّرُ لَهُمْ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ضَمَّ أَحَدَ أَحْفَادِهِ، وَقَالَ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ"(متفق عليه)، وَذَلِكَ مِنْ رَحْمَتِهِ -صلى الله عليه وسلم- بِالْأَطْفَالِ، قَالَ أَنَسٌ -رضي الله عنه-: "مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَرْحَمَ بِالْعِيَالِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-"(رواه مسلم).
عباد الله: لقَدْ كَانَ صلى الله عليه وسلم يَمْنَحُ الْأَطْفَالَ جُزْءًا مِنْ وَقْتِهِ، وَيُرَاعِي رَغْبَتَهُمْ فِي اللَّعِبِ تَنْمِيَةً لِأَجْسَامِهِمْ، وَإِشْبَاعًا لِدَافِعِ الْحَرَكَةِ لَدَيْهِمْ، فَذَلِكَ يَمْنَحُهُمُ النَّشَاطَ وَالْحَيَوِيَّةَ، فَقَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمًا إِلَى صِبْيَانٍ وَهُمْ يَلْعَبُونَ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ. (رواه أحمد).
كَمَا كَانَ صلى الله عليه وسلم يُعْطِي الْأَطْفَالَ حَظَّهُمْ مِنَ الاِهْتِمَامِ، فَيُقَدِّمُ لَهُمُ الْهَدَايَا تَلَطُّفًا بِهِمْ، وَتَحَبُّبًا إِلَيْهِمْ؛ فَعَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أُتِيَ بِخَاتَمٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَأَهْدَاهُ حَفِيدَتَهُ أُمَامَةَ، وَقَالَ: "تَحَلَّيْ بِهَذَا يَا بُنَيَّةُ"(رواه أبو داود وغيره).
وَكَانَ صلى الله عليه وسلم يُمَازِحُ الْأَطْفَالَ وَيُلَاعِبُهُمْ، وَيُدْخِلُ الْبَهْجَةَ وَالسُّرُورَ عَلَيْهِمْ؛ فَعَنْ يَعْلَى الْعَامِرِيِّ -رضي الله عنه-: أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَإِذَا حُسَيْنٌ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ، فَاسْتَقْبَلَهُ صلى الله عليه وسلم وَبَسَطَ يَدَهُ، فَجَعَلَ الصَّبِيُّ يَفِرُّ هَاهُنَا مَرَّةً وَهَاهُنَا مَرَّةً، وَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُضَاحِكُهُ (رواه ابن ماجه وغيره).
أَيُّهَا الْمُقْتَدُونَ بِهَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: لَقَدْ كَانَ صلى الله عليه وسلم رَفِيقًا بِالْأَطْفَالِ، حَكِيمًا فِي تَعْلِيمِهِمْ، رَحِيمًا فِي تَرْبِيَتِهِمْ، حَرِيصًا عَلَى تَحْفِيظِهِمُ الْآيَاتِ الْكَرِيمَةَ؛ لِيَنْشَؤُوا عَلَى الْفِطْرَةِ السَّلِيمَةِ؛ فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّهُ حَفِظَ بَعْضَ سُوَرِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ صَغِيرٌ"(رواه البخاري)، وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ فَقَدْ أُوتِيَ الْحُكْمَ صَبِيًّا"(رواه البيهقي في شعب الإيمان).
وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُقَوِّي صِلَةَ الْأَطْفَالِ بِرَبِّهِمْ، وَيُحَبِّبُهُمْ فِي خَالِقِهِمْ، وَيُعَلِّمُهُمْ أَنَّهُ تَعَالَى هُوَ الَّذِي يَحْفَظُهُمْ وَيَرْعَاهُمْ، وَيَرْحَمُهُمْ وَيَتَوَلَّاهُمْ، فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-: "أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ لَهُ: "يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ"(رواه الترمذي).
وَحَثَّ صلى الله عليه وسلم الْآبَاءَ عَلَى تَعْلِيمِ الْأَطْفَالِ الصَّلَاةَ: "وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ" لِتَتَعَلَّقَ بِهَا قُلُوبُهُمْ، وَتَعْتَادَ عَلَيْهَا نُفُوسُهُمْ، فَيُحَافِظُوا عَلَيْهَا طِيلَةَ حَيَاتِهِمْ. فَمَا أَجْمَلَ أَنْ نُقَدِّمَ لِأَطْفَالِنَا الْوَصَايَا الْغَالِيَةَ، وَنُعَلِّمَهُمُ الْقِيَمَ السَّامِيَةَ، وَنُحَصِّنَ عُقُولَهُمْ مِنَ الْأَفْكَارِ الْخَاطِئَةِ، وَنُعَوِّدَهُمْ عَلَى فِعْلِ الْخَيْرَاتِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "الْخَيْرُ عَادَةٌ"(ابن حبان وغيره).
وَلَقَدْ كَانَ مِنْ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- تَنْشِئَةُ الْأَطْفَالِ عَلَى الْأَخْلَاقِ الْفَاضِلَةِ، وَتَرْسِيخُهَا فِي نُفُوسِهِمْ، وَتَعْزِيزُهَا فِي أَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِأَنَسٍ -رضي الله عنه-: "يَا بُنَيَّ إِذَا دَخَلْتَ عَلَى أَهْلِكَ فَسَلِّمْ يَكُونُ بَرَكَةً عَلَيْكَ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ"(رواه الترمذي).
وَمِنْ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: تَوْجِيهُ الْأَطْفَالِ إِلَى السُّلُوكِيَّاتِ الْحَسَنَةِ، فَعَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ -رضي الله عنهمَا- قَالَ: "كُنْتُ غُلاَمًا فِي حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ، فَقَالَ لِي صلى الله عليه وسلم: "يَا غُلاَمُ سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ"(متفق عليه).
أَيُّهَا الْآبَاءُ الْفُضَلَاءُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يُقِرُّ مُشَارَكَةَ الْأَطْفَالِ فِي الْمُنَاسَبَاتِ الْمُجْتَمَعِيَّةِ؛ تَنْمِيَةً لِشَخْصِيَّاتِهِمْ، وَرَفْعًا لِمَعْنَوِيَّاتِهِمْ؛ فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ -رضي الله عنهمَا-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ تَلَقَّاهُ صِبْيَانُ أَهْلِ بَيْتِهِ، قَالَ: وَإِنَّهُ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَسُبِقَ بِي إِلَيْهِ، فَحَمَلَنِي بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ جِيءَ بِأَحَدِ ابْنَيْ فَاطِمَةَ فَأَرْدَفَهُ خَلْفَهُ"(رواه مسلم).
كَمَا كَانَ صلى الله عليه وسلم يُشَجِّعُ عَلَى اصْطِحَابِ الْأَطْفَالِ إِلَى الْمَجَالِسِ النَّافِعَةِ؛ لِيَنْهَلُوا مِنْهَا العلمَ والْحِكْمَةَ، وَيَكْتَسِبُوا فِيهَا الْخِبْرَةَ، وَيَتَعَلَّمُوا الْعَادَاتِ النَّبِيلَةَ، وَالتَّقَالِيدَ الْأَصِيلَةَ، فَقَدِ اصْطَحَبَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ -رضي الله عنه- ابْنَتَهُ وَهِيَ صَغِيرَةٌ إِلَى مَجْلِسِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَدَعَا لَهَا بِطُولِ الْعُمُرِ (رواه البخاري).
إخوة الإيمان: إِنَّ الدُّعَاءَ لِلْأَطْفَالِ لَهُ أَثَرٌ كَبِيرٌ فِي هِدَايَتِهِمْ وَاسْتِقَامَتِهِمْ، وَتَمَيُّزِهِمْ وَتَفَوُّقِهِمْ، وَهُوَ مِنْ هَدْيِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَعَنْ أَسْمَاءَ -رضي الله عنها-: "أَنَهَّا أَتَتِ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- بِمَوْلُودٍ لَهَا، فَدَعَا لَهُ"(متفق عليه).
وإِنَّ مِنَ الدُّعَاءِ لِلْأَطْفَالِ: تَحْصِينَهُمْ مِنْ كُلِّ سُوءٍ، وَتَعْوِيذَهُمْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، فَذَلِكَ هَدْيٌ نَبَوِيٌّ كَرِيمٌ، قَالَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ عَبَّاسٍ -رضي الله عنه-: كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ، وَيَقُولُ: "إِنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ"(رواه البخاري).
ألا فاتقوا الله -عباد الله-، ولْنَحْرِصْ جميعاً عَلَى اتِّبَاعِ هَدْيِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي التَّعَامُلِ مَعَ أَطْفَالِنَا لِتَسْعَدَ بِهِمْ أُسَرُهُمْ، وَيَنْتَفِعَ بِهِمْ مُجْتَمَعُهُمْ، فَهُمْ شَبَابُ الْغَدِ وَرِجَالُ الْمُسْتَقْبَلِ -بإذن الله-: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا)[الفرقان: 74].
نَسْأَلُ اللَّهَ -تَعَالَى- أَنْ يُوَفِّقَ أَبْنَاءَنَا وَبَنَاتِنَا، وَيَجْعَلَهُمْ مَصْدَرَ سَعَادَةٍ لَنَا، وَيُبَارِكَ لَنَا فِيهِمْ، وَأَنْ يُوَفِّقَنَا جَمِيعًا لِطَاعَتِهِ.
بارك الله لي...
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ...
أَيُّهَا الْمُصَلُّونَ: إن مِنْ وَاجِبِ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَالْمُعَلِّمِينَ وَالْمُعَلِّمَاتِ: أَنْ يَعْتَنُوا بِالْأَطْفَالِ تَرْبِيَةً وَتَعْلِيمًا وَتَأْدِيبًا، وَأَنْ يَلْجَؤوا إِلَى اللَّهِ -تَعَالَى- بِالدُّعَاءِ أَنْ يُوَفِّقَهُمْ، وَيُبَارِكَ فِيهِمْ وَيَحْفَظَهُمْ، وَيَحْمِيَهُمْ وَيَتَوَلَّاهُمُ.
وعلى الجميعِ أَنْ يَقْتَدُوا بِهَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَيَرْحَمُوا الْأَطْفَالَ، وَيَعْطِفُوا عَلَيْهِمْ، وَيَتَجَنَّبُوا تَعْنِيفَهُمْ، وَالْقَسْوَةَ عَلَيْهِمْ، وَيَمْلَؤُوا بِالْخَيْرِ أَوْقَاتَهُمْ، وَيَغْمُرُوهُمْ بِالْمَحَبَّةِ وَالْحَنَانِ، وَيَمْنَحُوهُمُ الثِّقَةَ وَالْأَمَانَ، قال صلى الله عليه وسلم: "نِساءُ قُرَيْشٍ خَيْرُ نِساءٍ رَكِبْنَ الإبِلَ أَحْنَاهُ على طِفْلٍ، وأَرْعاهُ على زَوْجٍ في ذاتِ يَدِهِ"(متفق عليه).
أيها الإخوة: إنَّ مِنَ الأُسُسِ التربويةِ التِي يجبُ أَنْ نَسْلُكَهَا فِي تربيةِ أطفالِنَا: أَنْ نُتابِعَ شؤونَهُمْ بأَنْفُسِنَا، ولاَ نعتَمِدَ اعتمادًا كاملاً علَى الآخرينَ فِي ذلكَ، وأَنْ نحرصَ علَى زرعِ المراقبة لله -جل وعلا- في قلوبهم، ووجوب طاعة الله ورسوله، وعلى وجوب إقامة الصلاة، والمحافظةِ عليها، وأن نحرص كذلك على زرعِ القيمِ الجميلةِ، والأخلاقِ الحميدةِ، والأعرافِ النبيلةِ، والعاداتِ والتقاليدِ الأصيلةِ، فَنُرَبِّيَهُمْ علَى البذلِ والعطاءِ، وحُسنِ إكرامِ الضيفِ، وتوقيرِ الكبيرِ، والتعبيرِ بالكلامِ الجميلِ والصدقِ، ومُساعدةِ المحتاجِ، والرحمةِ والتسامُحِ والبرِ، وغيرها من أخلاق الإسلام.
ويجدر بالآباءِ والأمهاتِ: متابعةُ الأبناءِ والبناتِ، وتفقُّدُهُمْ والتعَرُّفُ علَى مَا يُطالِعُونَ -فِي ظِلِّ عَالَمٍ مُتَسارِعٍ فِي التَّقْنِيَةِ- عبْرَ وسائلِ الإعلامِ، ومواقعِ الإنترنتِ، والتواصلِ الاجتماعِيِّ، خاصةً معَ انتشارِ الهواتفِ الذكيةِ.
عِبَادَ اللَّهِ: إِنَّ مِمَّا يَحْسُنُ الْحَدِيْثُ عَنْهُ فِي هَذهِ الأيَّامِ: الالتِزَامُ بِالتَّوْجِيهَاتِ وَالتَّعْلِيمَاتِ الصَّادِرَةِ مِنْ الْجِهَاتِ الْمَسْؤُولَةِ، وَعَلَى الْأُسَرِ ومَنْسُوبِيِّ الْتَّعْلِيمِ مِنْ أَعْضَاءِ هَيْئَةِ الْتَّدْرِيسِ وَالْطُّلَاَّبِ وَالْطَّالِبَاتِ ضَرُورَةُ الْاِلْتِزَامِ بِمَا يَصْدُرُ مِنْ وِزَارَتِي الْتَّعْلِيمِ وَالْصِّحَّةِ مِنْ تَعْلِيمَاتٍ، وَإِجْرَاءَاتٍ احْترَازِيَّةٍ، حَتَّى يَتَحَقَّقَ لأَبْنَائِنَا وَبَنَاتِنَا طَلَبَةِ رِيَاضِ الْأَطْفَالِ وَالْمَرْحَلَةِ الْاِبْتِدَائِيَّةِ، عَوْدَةٌ آمِنَةٌ -بِإِذْنِ اللهِ- إِلَى الْمَقَاعِدِ الدِّرَاسِيَّةِ.
حفظ الله الجميع من كل سوء ومكروه...
هَذَا، وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا...
التعليقات