عناصر الخطبة
1/آثار الدَين واستعاذة النبي صلى الله عليه وسلم منه 2/وجوب كتابة الدين والحكمة من ذلك 3/كل الذنوب تغفر بالتوبة والأعمال الصالحة إلا الدَين 4/من الأحكام المترتبة على الدَين وصاحبه حال وفاته وبعدها 5/عون الله للمستدِين الذي يريد إرجاع مال صاحبه وعقوبة من نوى إتلاف مال من استدان منه 6/وجوب الوفاء بالعقود.اقتباس
تَعَجَّلْ فِي سَدادِ دَينِكَ ولو كَانَ قَليلاً؛ فَإنَّهُ حَقٌّ لا يَسقُطُ بَينَ العِبَادِ .. هَلْ تَتَصَوَّرُونَ أنَّ رَسُولَ اللهِ وَهُو الرَّحِيمُ بِأُمَّتِهِ, المُحِبُّ لِصَحَابَتِهِ, يَمْتَنِعُ مِن الصَّلاةِ على أَحَدِ أصْحَابهِ.. تَفَقَّدْ حتى أَصْحَابَ الدُّيونِ القَلِيلَةِ وَلَو كَانَ صَاحِبَ بَقَالَةٍ أو مَحَلَّ خُضَارٍ, وَلو كَانَتْ أُجْرَةَ عَامِلٍ! فَأعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، وَكُنْ كَمَا...
الخطبة الأولى:
إِنَّ الْحَمْدَ لله نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِيْنُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوْذُ باللهِ مِنْ شُرُوْرِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ الله؛ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنْ لَا إله إلا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ, صلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عليهِ وَعلى آلِهِ وَأصْحَابِهِ وَأتْبَاعِهِ بِإحْسَانٍ إلى يَومِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102].
عِبَادَ اللهِ: نَقِفُ اليومَ مَعَ رَجُلٍ باتَ يتقلَّبُ على فراشِه طَوَالَ اللِّيلِ، قد علاهُ الهمُّ، وكساهُ الغمُّ، حَاصَرَتْهُ الأَفْكَارُ؛ فَهو مُكتَئِبٌ مُحْتَارٌ، إنْ جَلَسَ في بَيتِهِ فهو وَجِلٌ مُرتابٌ، وَإنْ خَرَجَ مِنْهُ ارْتَدَى ثَوبَ الذُّلِّ الهَوَانِ، يَشْعُرُ دَومَاً أنَّ عَلَيهِ مِن النَّاسِ رَقِيبٌ، إذا وعدَ أخلَفَ وإذا حدَّثَ؛ فَهُوَ عِنْدَ النَّاسِ كَذَّابٌ، لَعَلَّكُمْ عَرَفْتُمُوهُ؟!نَعَمْ إنَّهُ صَاحِبُ الدَّينِ، وَقَدْ يَكْثُرُونَ فِي زَمَنِنَا مَعَ تَقَلُّبَاتِ الأوضَاعِ الاقْتِصَادِيَّةِ, وَكَثْرَةِ النَّفَقَاتِ، وَتَسْدِيدِ الفَواتِيرِ والطَّلَبَاتِ.
لَقَدْ نَصَحَ رَسُولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ- لَنَا حِينَ قَالَ: "لا تُخِيفُوا أَنفُسَكُم بَعدَ أَمنِهَا"، قَالُوا: وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قال: "الدَّينُ"، ولذلكَ؛ كانَ رَسُولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ- كثيراً ما يتعوذُّ من الدَّينِ، قَالَ أَنَسٌ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: "كُنْتُ أَخْدُمُ رَسُولَ اللَّهِ -صلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ-؛ فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ"، وضَلعُ الدَّينِ هو شِدَّتَه وغلبَتَه وثِقلَه.
عِبَادَ اللهِ: نَعْلَمُ يَقِينَاً أنَّ كُلَّ أحَدٍ قَدْ يَمُرُّ عليهِ أزَمَاتٌ يحْتَاجُ أنْ يَسْتَدِينَ بِسبَبِهَا! لَكِنَّ مِنْ غَيرِ المَقْبُولِ ولا المَعْقُولِ أنْ يَكُونَ سَبَبُ الدَّينِ تَرْمِيمُ مَنْزِلٍ, أو شِرَاءُ سيَّارَةٍ بِأغْلى الأثْمَانِ, أو لأجل سَفَرٍ وَتَجَوُّلٍ بينَ البُلْدَانِ!
ألا تَعْلَمُونَ -يا رَعَاكُمُ اللهُ- أنَّ الدَّينَ يُؤثِّرُ على إيمَانِ الرَّجُلِ وَصَدْقِهِ؟! لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ- يَدْعُو فِي صَلاَتِهِ، فَيَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ"؛ فَقَالَ رَجُلٌ: "مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنَ الْمَغْرَمِ"! أيْ: من الدَّيْنِ، فَقَالَ: "إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ، وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ".
يا عبدَ اللهِ: إنَّكَ لَنْ تَزَالَ كَريِمَاً صَدِيقَاً, مُحتَرَمَاً مُكَرَّمَاً، مَا دُمْتَ غَنِيَّاً عَمَّا فِي أَيدِي النَّاسِ، وَصَدَقَ مَنْ قَالَ: "مَنْ احْتَجْتَ إليهِ، هُنتَ عليه"!.
فانظرْ إلى من تملِّكُه أمرَك؛ فإنْ اضْطَرَّتَكَ الظُّرُوفُ وَاحْتَجْتَ دَيْناً فَاخْتَرْ مَن هُوَ كَريمُ النَّفْسِ غيرَ مَنَّانٍ، يَحتَسِبُ الأَجرَ والجَزَاءَ مِن المَلِكِ الدَّيانِ، وَلا تَنْسَ أَنَّ أَطْوَلَ آيةٍ فِي القُرَآنِ هِيَ آيَةُ الدَّينِ، التي قَالَ عَنْهَا الشَّيخُ السَّعْدِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ-: "وَقَد اشْتَمَلَتْ آيَةُ الدَّينِ على أَحكَامٍ عَظِيمَةٍ جَلِيلةِ المَنْفَعَةِ وَالمِقْدَارِ فَمِنْهَا، الأَمْرُ بِكِتَابَةِ جَمِيعِ عُقُودِ المُدَايَنَاتِ لِشِدَّةِ الحَاجَةِ إلى كِتَابَتِهَا، وَبِدُونِها يَدْخُلُ الغَلَطُ وَالنِّسْيَانُ وَالمُنَازَعاتُ وَالمُشَاجَرَاتُ وَهَذا شَرٌّ عَظِيمٌ".
أيُّها الأخُ المُؤمِنُ: تَعَجَّلْ فِي سَدادِ دَينِكَ ولو كَانَ قَليلاً؛ فَإنَّهُ حَقٌّ لا يَسقُطُ بَينَ العِبَادِ، "فِي يَومٍ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ- يُذَكِّرُ أصْحَابَهُ فِي فَضْلِ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأنَّهُ مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ؛ فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؛ تُكَفَّرُ عَنِّي خَطَايَايَ؟ قَالَ لَهُ: "نَعَمْ، إِنْ قُتِلْتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأَنْتَ صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ مُقْبِلٌ غَيْرُ مُدْبِرٍ, إِلَّا الدَّيْنَ؛ فَإِنَّ جِبْرِيلَ -عَلَيْهِ السَّلَام- قَالَ لِي ذَلِكَ".
إخْوَتي الأكَارِمْ: هَلْ تَتَصَوَّرُونَ أنَّ رَسُولَ اللهِ وَهُو الرَّحِيمُ بِأُمَّتِهِ, المُحِبُّ لِصَحَابَتِهِ, يَمْتَنِعُ مِن الصَّلاةِ على أَحَدِ أصْحَابهِ؟ هَلْ هُوَ سَارِقٌ؟ لا، هَلْ هُوَ زَانٍ؟ لا، أتَدْرُونَ استَمِعُوا إلى جَابِرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَهُوَ يَقُولُ: "تُوُفِّيَ رَجُلٌ فَغَسَّلْنَاهُ، وَحَنَّطْنَاهُ، وَكَفَّنَّاهُ، ثُمَّ أَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُصَلِّي عَلَيْهِ، فَقُلْنَا: تُصَلِّي عَلَيْهِ؛ فَخَطَا خُطًى، ثُمَّ: قَالَ: أَعَلَيْهِ دَيْنٌ؟ قُلْنَا: دِينَارَانِ، فَانْصَرَفَ, يعني تَرَكَ الصَّلاةَ عليه! فَتَحَمَّلَهُمَا أَبُو قَتَادَةَ، فَقَالَ: الدِّينَارَانِ عَلَيَّ يا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أُحِقَّ الْغَرِيمُ، وَبَرِئَ مِنْهُمَا الْمَيِّتُ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ يَوْمٍ: "مَا فَعَلَ الدِّينَارَانِ؟ فَقَالَ: إِنَّمَا مَاتَ أَمْسِ، قَالَ: فَعَادَ إِلَيْهِ مِنْ الْغَدِ فَقَالَ: لَقَدْ قَضَيْتُهُمَا يا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: الْآنَ بَرَدَتْ عَلَيْهِ جِلْدُهُ"؛ فيا ويلَ مَنْ يُمَاطِلُونَ ولا يُوفُونُ! يَا ويلَ مَنْ يَخْفُرُونَ العَهْدَ والوَعْدَ والمِيثَاقَ وَهُمْ يَستَطِيعُونَ!.
فَاللهمَّ مِن قَهْرِ الرِّجَالِ وَغَلَبَةِ الدَّينِ سَلامَاً سَلامَاً! اجْعَلْ قُبُورَنا عَلينَا بَرْدَاً وَسَلامَاً!
باركَ اللهُ لي ولكم في القرآنِ العظيمِ، ونفعني وإياكم بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيمِ؛ أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ من كلِ ذنبٍ؛ فاستغفروه؛ إنه هو الغفورُ الرحيمُ.
الخطبة الثانية:
الحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ نَشْهَدُ الَّا إلهَ الَّا اللهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ, لَهُ المُلكُ ولهُ الحَمدُ وَهُوَ على كُلِّ شيءٍ قديرٌ, وَنشهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُ اللهِ ورَسُولُهُ البَشِيرُ النَّذِيرُ, صلَّى اللهُ وسلَّمَ وبارَكَ عليهِ وعلى آلِهِ وَأَصحَابهِ وَمَنْ اهتدى بهمْ إلى يَومِ المَصِيرِ، أَمَّا بَعدُ.
فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ-، وَأَدْرِكُوا حَجْمَ المَسؤُولِيَّةِ المُلْقَاةِ عَلَى عَاتِقِكُمْ، تُجَاهَ حُقُوقِ إخْوَانِكُمْ: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) [الأنفال: 28].
عِبَادَ اللهِ: يَومُ القِيامةِ لا دُخولَ لِلجَنَّةِ ولا فِداءَ حَتَّى تُسدَّدَ حُقُوقُ الغُرَمَاءِ؛ "صَلَّى النَّبِيُّ -صلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ- يَومَاً الْفَجْرَ بِأصْحَابِهِ فَقَالَ: "هَاهُنَا مِنْ بَنِي فُلَانٍ أَحَدٌ؟" مَرَّتَيْنِ", فَقَالَ رَجُلٌ: "أَنَا يا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: "إِنَّ صَاحِبَكُمْ مَحْبُوسٌ عَنِ الْجَنَّةِ بِدَيْنِهِ؛ فَإِنْ شِئْتُمْ فافدوه، وَإِنْ شِئْتُمْ فَأَسْلِمُوهُ"؛ سُبْحَانَ اللهِ: مَحْبُوسٌ عَنِ الْجَنَّةِ بِدَيْنِهِ! أي: تَهْدِيدٍ وَوَعِيدٍ لِمَنْ يَتَهَاونُونَ, وَيَكْذِبُونَ, ولا يُوفُونَ!!.
أيُّها الأَخُ المَدِينُ: إنِّي واللهِ لَكَ مُحِبٌّ وَلَكَ نَاصِحٌ وَعَليكَ مُشْفِقٌ وَإنِّي مُبَشِّرُكَ بِبِشَارَةِ رَسُولِ اللهِ لَكَ, وَوَعْدِهِ لَكَ! بِشَرْطٍ: إنْ صَدَقَتْ نِيَّتُكَ، وَحَسُنَ قَصْدُكَ، استَمِعْ لِقَولِ مَنْ لا يَنْطِقُ عَنْ الهَوى -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: "مَنْ أَخَذَ أمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أدَاءَهَا أدَّى اللهُ عنهُ، ومَنْ أخَذَ يُرِيدُ إتْلافَها أتْلَفَهُ اللهُ"! فَقُلْ لي باللهِ عليكَ مِنْ أيِّ الفَريقَينِ أنتَ؟.
أيُّها الأَخُ المَدِينُ: نُذَكِّرُكَ ألَّا تَنْسَ فَضْلَ مَنْ أحْسَنَ إليكَ وَأَقْرَضَكَ, أَتَذْكُرُ حِينَ جِئتَهَ مَدِينَاً حَزِينَاً مَهْمُومَاً مَغْمُومَاً، تَشْكُو إليهِ حَالَكَ، وَتُثْنِيِ عَلَيهِ بِأنْبَلِ الخِصَالِ، وَتَعدِهُ بِسُرْعَةِ الوَفَاءِ، وتُشهدُ على ذَلِكَ مَنْ فِي السَّماءِ؟ فَمَا حَالُكَ مَعَهُ الآنَ بَعْدَ مَا أخَذْتَ مَا تُرِيدُ وَحَانَ وَقْتُ الوَفَاءِ؟ هلْ اتَّقَيتَ اللهَ -تَعالىَ- فيهِ واجْتَهَدتَّ في ذلِكَ؟ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) [المائدة: 1]؛ فكُنْ مِنْ: (الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ) [الرعد: 20].
اعتذر له عن التأخير، وابعثْ إليه بالمعاذيرِ، أجِبْ على اتصالاتِهِ، وَأَعْطِه مَا تيَّسرَ، -وَإنْ كَانَ دَخْلُكَ قَليلاً-، وإيَّاكَ وَنُكْرَانَ الجَمِيلِ! فَهَذِهِ صِفَةُ الُّلؤمَاءِ، وَحَاشَاكَ أنْ تَكُونَ مِنْهُمْ! وَإيَّاكَ ونيَّةَ السُّوءِ والخِدَاعِ! فَأنَا أَعْلَمُ يَقِينَاً أنَّكَ لاَ تَرْضَى أنْ تُوصَفَ بِالسَّارِقِ بَينَ النَّاسِ! فَإنَّ نَبِيَّنَا -صلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ- وَصَفَ مَنْ هَذِهِ حَالُهُ بِذلِكَ، فَقَالَ: "وَمَنِ أدَّانَ دَيْنًا وَهُوَ يَنْوِي أَنْ لَا يُؤَدِّيَهُ إِلَى صَاحِبِهِ فَهُوَ سَارِقٌ".
تَفَقَّدْ حتى أَصْحَابَ الدُّيونِ القَلِيلَةِ وَلَو كَانَ صَاحِبَ بَقَالَةٍ أو مَحَلَّ خُضَارٍ, وَلو كَانَتْ أُجْرَةَ عَامِلٍ! فَأعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، وَكُنْ كَمَا كَانَ نَبِيَّنَا -صلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ- كَرِيمَاً حَالَ الوفَاءِ! أمَّا أنْتَ أيُّها الدَّائِنُ المُحسنُ فَلَنا مَعَكَ وَقْفَةٌ -بِإذنِ اللهِ تَعالى-.
فَالَّلهُمَّ لا تَجعلِ الدٌّنيا أكبرَ همِّنا، ولا مَبلَغَ عِلمِنا، ولا إلى النَّارِ مَصِيرَنَا، الَّلهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّن بَرَّ واتَّقى، وَصَدَّقَ بِالحُسْنَى فَيَسَّرتَهُ لليُسرَى.
اللَّهُمَّ وَبَارِكْ لَنَا في أَرزَاقِنَا يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
اللهمَّ إنَّا نَعُوذُ بكَ مِنْ غَلبَةِ الدِّينِ وَقَهْرِ الرجَال.
(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار) [البقرة: 201].
(رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) [آل عمران:8].
(وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) [العنكبوت: 45].
التعليقات