عناصر الخطبة
1/ نورانية الصلاة في الدنيا والآخرة 2/ أثر الإتقان في إقامة الصلاة على صاحبها .

اقتباس

وإن مما يستمد به العبد نورانية في الدنيا والآخرة إقامة الصلاة وأدائها على الوجه الأكمل، وإن من أعظم إقامتها ملاحظة إقامة الركوع والسجود فيها بإتمام فإن الركوع والسجود من أعظم أفعال الصلاة؛ فليس من إقامة الركوع أن يرفع المرء ظهره حتى لا يكاد يلامس ركبتيه بيديه بل يحسر ظهره حتى يضع يديه على ركبتيه ولا يصوب رأسه ولا يرفعه؛ فهو لا يخفضه خفضا شديدا، حتى يكاد...

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، -صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم-.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102].

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71]، أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد --صلى الله عليه وسلم--، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

أيها المؤمنون: اتقوا ربكم حق التقوى وتمسكم من دينكم  بالعروة الوثقى والزموا جماعة المسلمين؛ فإن رحمة الله مع الجماعة، ثم اعلموا رحمكم الله أن من خير أعمالكم الصلاة فمن حسنت صلاته كملت أعماله ومن ساءت صلاته ساءت أعماله.

 

وإن الصلاة من أعظم أسباب النورانية في الدنيا والآخرة فالنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول "الصلاة نور"؛ فالصلاة نور في الحياة الدنيا والصلاة نور في الآخرة؛ فأحدنا مفتقر إلى نور من الله يهتدي به في الدنيا، قال تعالى: (أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا) [الأنعام:122].

 

وهو مفتقر إلى نور يهتدي به في الآخرة، قال تعالى (يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [التحريم:8].

 

وإن مما يستمد به العبد نورانية في الدنيا والآخرة إقامة الصلاة وأدائها على الوجه الأكمل، وإن من أعظم إقامتها ملاحظة إقامة الركوع والسجود فيها بإتمام فإن الركوع والسجود من أعظم أفعال الصلاة، قال تعالى: (وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ) [البقرة:43]، وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [الحج:77]؛ فإقامة هذين الأمرين العظيمين في الصلاة هما من أعظم تقوية النور بها الذي ينتفع به العبد في العاجل والآجل فإقامة الركوع بأن يهوي العبد حتى يأخذ بركبتيه ويضع كفيه عليهما.

 

فليس من إقامة الركوع أن يرفع المرء ظهره حتى لا يكاد يلامس ركبتيه بيديه بل يحسر ظهره حتى يضع يديه على ركبتيه ولا يصوب رأسه ولا يرفعه؛ فهو لا يخفضه خفضا شديدا، حتى يكاد يقع على وجهه ولا هو يرفعه رفعا شديدا، حتى كأنه قائم، بل هو متوسط بينهما جاعلا ظهره مستويا مع رأسه؛ فإذا كان كذلك؛ فهو مقيم للركوع.

 

وأما إقامة السجود؛ فبأن يهوي خارا على الأرض حتى يضع عليها أعضائه السبعة وهما القدمان والركبتان واليدان والجبهة مع الأنف؛ فإذا استوى على هذه الأركان السبعة لم ينبسط انبساطا شديدا بركوعه ولا انطوى انطوائا شديدا فيه، بل كان بين ذلك متوسطا؛ فإذا كان العبد على هذين الحاليين في ركوعه وسجوده صار مقيما لهما وقويت نورانية الصلاة له وإذا أخل بهما فقد صار من السراق، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- "إن من أسوأ الناس سرقة من يسرق صلاته" قالوا يا رسول الله وكيف يسرق صلاته؟ قال "لا يتم ركوعها ولا سجودها"؛ فإذا فات العبد إتمام ركوعه وسجوده صار من سراق الصلاة وأنا لسراق الصلاة ونورانيتها.

 

فاحفظوا حق الله في سجودكم وركوعكم بإقامتها على الوجه الذي يحبه الله منكم كما كان نبيكم -صلى الله عليه وسلم- ركع وسجد على الوصف الذي قدمنا وقال لنا "صلوا كما رأيتموني أصلي".

 

أقول ما تسمعون وأستغفر الله العلي العظيم لي ولكم؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله رب العالمين رب السماوات ورب الأرض رب العرش العظيم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له هو الحق المبين، وأشهد أن محمد عبده ورسوله رحمة للعالمين اللهم -صلي على محمد وعلى آل محمد- كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، أما بعد:

 

أيها المؤمنون: إن صلاتكم من أسباب نورانيتكم في الدنيا والآخرة فاحذروا أن تضيعوا هذا الأصل العظيم من أسباب النورانية قال تعالى (وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ) [النور:40].

 

فإياكم أن تكونوا ممن مسلوبي الأنوار المحرمون منها في الدنيا والآخرة، واحفظوا حق صلاتكم وقوة نورانيتها بامتثال هدي نبيكم -صلى الله عليه وسلم- في صلاته ركوعا وسجودا وفي سائر أحوالها.

اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها.

 

المرفقات
من-نورانية-الصلاة.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life