عناصر الخطبة
1/ انتصار غزة 2/ وقفات مع انتصار غزةاهداف الخطبة
اقتباس
إن أهل غزة بثباتهم واستشهادهم أيقظوا الأمة بدمائهم، وأحيوا قضية فلسطين المحتلة، ولسان حالهم: بسم الله، رب الغلام ورب أطفال وشهداء غزة، تحيى الأمة بإذن الله, حتى خرجت كاتبة علمانية مع المظاهرات في المغرب، وقالت: أنا علمانية، لكني أقول اليوم حي على الجهاد ونعم للمقاومة, وهذا والله ما يقلق العدو ..
الحمد لله وحده، نصر جنده، وهزم الأحزاب وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
(وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيمًا * مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً * لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا * وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا) [22-25].
تحية انتصار وعزة إلى المجاهدين المرابطين على أرض غزة, تحية إجلال وإباء إلى أرواح الشهداء، بل الأحياء عند ربهم يرزقون, تحية إلى أصحاب الجراح والتضحيات، تحية إلى أمة استنارت من الظلمات، واستفاقت من عالم الأموات.
وبعد انكشاف الغمة، واندحار عدوّ الأمة، هذه بعض الوقفات المهمة:
1/ معالم الانتصار:
السؤال الكبير: كيف نقول انتصرت غزة, رغم هذه الخسائر الكبيرة من الآلاف من الشهداء والجرحى وتدمير الحياة في غزة؟.
إن انتصار غزة لا يعتمد فقط على النصوص الشرعية المبشرة بالنصر, بل يعتمد على العديد من المعالم الواقعية ومنها:
1/ انتصار الصمود والثبات على المبادئ والحقوق:
إن قيمة تحرير الأرض وطرد المحتل أعظم من خسائر بعض الأرواح، ولذا لا تجد من يلوم الجزائريين على التضحية بمليون شخص منهم, للتحرر من الاستعمار ولا تجد من يلوم الشعب الليبي على التضحية بنصف الشعب -700ألف- ولا تجد من يلوم الشعب الفيتنامي على التضحية بثلاثة ملايين فيتنامي, فليس غريبًا في مفهوم المقاومة إصابة بضعة آلاف من الشهداء والجرحى في حرب أكرهوا عليها؟.
هذا من منظار سياسي، ونقول من منظار رباني: إن الشهادة في حد ذاتها مكسب عظيم، وهي الدرجة الثالثة في الجنة بعد درجتي الأنبياء والصديقين، كما قال تعالى: (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) [آل عمران:169] وقال تعالى (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ) [التوبة:52] نعم, سنتربص وننتظر عقاب الله لهذه العصابة الصهيونية المجرمة، إن الله حكم عدل، وما رأيناه من جرائم بشعة هو استحقاق لما ينتظر اليهود من العذاب والقتل العظيم، وإذا أمد الله في أعمارنا أو أعمار ذرياتنا، ونطق الحجر والشجر وقال: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي تعال فاقتله، إذا حدث ذلك، ثم قال قائل: لم هذا القتل؟ فاذكروا هذه المجازر وغيرها من أفعال اليهود (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) [الحج:47].
فشل العدو في تحقيق أهدافه:
إن عدد الضحايا والتدمير ليس دليلاً على انتصار العدو، ونحن لا ننتظر أن يخرج المجرم أولمرت ليعلن هزيمته وانتصار المقاومة، ولكن هل انتصر هو؟.
يجب أن نعلم أن النصر نوعان: الأول: نصر خاص على المستوى الفوري في المعركة، الثاني: نصر عام بالنظر إلى نتائج المعركة، فقد يهزم الجيش أو يموت الجند، لكنه يعد منتصرًا من حيث القضية وعدم تحقيق العدو للهدف، وتفادي الخسائر الأكبر.
نعم, سقوط الشهداء والجرحى وتدمير المباني خسارة، لكن الخسارة الأكبر هي الاستسلام للعدو وسقوط المقاومة.
قال العدو: سوف نوقف الصواريخ وننهي حكم حماس ونغير الوضع، كما قالت المجرمة ليفني، بل قالت: إنها أبلغت أحد الرؤساء في المنطقة أن مدة الحرب ستكون ثلاثة أيام فقط, يوم لقطع الرؤوس بالقصف ويومان للاجتياح البري.
فأخزاها الله وخيب أملها، وعجز العدو عن الوصول لقادة حماس المدنيين فضلا عن العسكريين حتى قال بعضهم: إن حماس قد بنت مدننا تحت الأرض، ولم يصلوا خلال ثلاثة أسابيع إلا إلى مسؤول واحد وهو المجاهد سعيد صيام -رحمه الله- إضافة لقائد وعالم في بيته وهو الشيخ الدكتور نزار ريان، ليقتلوه مع 13 طفلا وامرأة من أهله، ويحققوا له ما تمناه في رسالته الماجستير عندما دعا الله أن يستشهد هو وأهله وأولاده، حتى قيل لزوجته: كيف تسألين الله الشهادة وأنت لا تقاتلين؟ فكان الجواب عبر الطائرات الصهيونية.
ورغم الطيران اليهودي المكثف، استمر إطلاق الصواريخ يوميًّا وبمعدل كبير, ومع بساطة تلك الصواريخ وقلة أثرها من حيث عدد القتلى, فقد كان لها أثر عظيم في مستوى الرعب وتعطيل الحياة, ثم فرضت الصواريخ معادلة رعب جديدة، حينما حدد المجرم بارك مداها بالأربعين كيلو متر، لتصل قاعدة "بلماخيم" العسكرية التي تبعد عن غزة خمسين كيلو مترًا، على بعد عشرة كيلو مترات فقط من تل أبيب.
وبعد أيام طويلة لم يستطع الجيش الوصول لشيء، حتى قال بعض اليهود: إن الجيش يراوح مكانه دون هدف سوى قتل المدنيين، ثم حاولوا فرض شروط استسلام على المبادرة المصرية، وفصائل الجهاد يرفضونها في عزة وإصرار على حقوقهم، (وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا) [الأحزاب:25].
وبعيدًا عن التكتيم اليهودي، مني العدو بخسائر بشرية من الضباط والجنود تقدر ب80 قتيلاً، وتدمير لقرابة الخمسين آلية ودبابة، وخسائر مالية كبيرة في نفقات الحرب، الأمر الذي أوقع الفشل والخلاف بين قادة هذا العدوان الثلاثي النجس أولمرت وباراك وليفني كما قال الله: (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى) [الحشر:14] ولا تزال الصحف الإسرائيلية تكتب عن فشل الجيش إلا في قتل المدنيين، وفي أول يوم لإطلاق النار 40% من اليهود يرون أن الحرب فاشلة، فالحمد لله.
2/ ومن أعظم ملامح النصر: حماية قضية فلسطين والقدس بعدما كادت مبادرات السلام أن تبيع فلسطين مقابل جزء صغير منها، والله يعلم كم أبطلت المقاومة من الخطر العظيم والكيد الجسيم على المنطقة.
تعجبت كثيرًا وأنا أقرأ كلامًا كتب قبل سبع سنوات وفيه: "عندما أخفق شارون في القضاء على الانتفاضة، وأخفق عرفات والعرب في إيقافها، وارتفعت وتيرة القلق في إسرائيل، أصبح الحديث عن تدخل أمريكا المباشر علنيًّا، ولم يعد شارون وغيره يخفون إلحاحهم على أمريكا بضرب العراق, وبدون تردد يجب أن نعلم أن وراء ذلك مشروعًا صهيونيًّا يراد تنفيذه في غمرة انشغال المنطقة بالشأن العراقي أو بعده مباشرة, هذا المشروع قد يكون التهجير الجبري إلى الوطن البديل، وقد يكون عملية إبادة فظيعة -قيل إنها قد تقع في نابلس أو غزة- وقد يكون المشروع متجهًا إلى عرب الداخل، وهو على أي حال مرتبط بالخريطة الجديدة التي يراد رسمها بعد احتلال العراق، وتشمل الجوانب السياسية والسكانية والاقتصادية وغيرها لكل المنطقة"اهـ الشيخ الدكتور سفر الحوالي -شفاه الله- في كتاب الانتفاضة والتتار الجدد.
3/ ومن ملامح النصر: فشل المنافقين في استثمار الحرب لإسقاط حماس وضم غزة إلى حلفاء إسرائيل في الضفة, فعلى الرغم من المؤتمرات والحصارات والحرب، لقتل الجهاد والمقاومة، نجحت المقاومة في غزة دينيًّا وسياسيًّا واجتماعيًّا، واكتست شعبية عارمة داخل وخارج فلسطين, وازداد الكره والنبذ لما يسمى بالسلطة، حتى بدأ المتحدثون باسمها يتخبطون في اتهامات مفضوحة وأكاذيب مكشوفة على المقاومة (هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) [المنافقون:4].
لقد افتضح أمر هؤلاء المنبوذين -بحمد الله- ولن يحسن صورتهم تأييد اليهود ولا الأمريكان ولا غيرهم.
2/ عوامل النصر في غزة:
إذا تقرر ما سبق من انتصار المقاومة واندحار العدو، فإن هذا له أسبابًا وعوامل عدة:
1/ المقاومة الباسلة من فصائل الجهاد:
إنها المعجزة أن تحشد دولة جيشها الرابع على مستوى العالم، وعشرات الآلاف من جنوده المدربين، وتتصدى له منظمة محدودة السلاح، محاصرة في رقعة صغيرة، وتشتبك مع جنوده، وتجبره مرارًا على التراجع وعدم التوغل في المدن.
حتى قال ضابط يهودي: "إنها حرب أشباح، لا نرى مقاتلين، إنهم سرعان ما يندفعون علينا من باطن الأرض فينقضون علينا، لقد دبّ الذعر في جنودنا من هؤلاء الأشباح".
فتحية إكبار وإجلال لهؤلاء المجاهدين على أرض فلسطين:
تحيةٌ لفتيةٍ كأسودِ الغابِ ليس لهم *** إلا الرماحُ إذا احمرّ الوغى أجموا
كالبرقِ إن عزموا، والرعد إن صدموا *** والغيثِ إن وهبوا، والسيل إن هجموا
2/ الثبات والصمود الشعبي من أهل غزة في محرقة الأخدود الثانية, تأمل كيف يتحدثون عبر القنوات بكل عزة وثبات وقد قتل لهم قبل ساعات قليلة عدة قتلى، إذا كان هذا حال العوام فكيف بحال المجاهدين؟.
مذيع قناة دليل يخرج على الهواء وقد قصف بيته واستشهد أخوه، فيبكي من هول الموقف، ثم يقول بثبات وإيمان: أنا أجاهد هنا لأنقل الصورة للعالم، غيري قدم الشهداء وأنا لم أقدم إلا واحدًا فقط, ومواطن استشهدت بناته الخمس، فيخرج للعالم بثبات يقول: بناتي, الله يرضى عليهن ويدخلهن الجنة, وطفلة فقدت أمها وإخوتها تتحدث بعزة وصمود عن الاستشهاد, وأسرة استشهد عدد من أبنائها، فيعزيهم رئيس الحكومة هنية فتخرج له أم الشهداء ومعها زوجاتهم، فتقول: اسمع -يا أبا العبد- والله لن نقول لك كما قالت اليهود لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، ونفديك بدمائنا وأبنائنا.
بالله عليكم، كيف لشعب هؤلاء أمهاتهم وأطفالهم لا أبطالهم أن ينكسر أو يهزم.
يقول اللواء محمود شيت خطاب رحمه الله: إن الصمود كان ولا يزال وسيبقى أقوى سلاح في الحرب، وقد أثبتت حوادث التاريخ العسكري أن خسائر الصامدين في الأرواح أقل من واحد بالمائة من خسائر الذين لا يصمدون. اهـ
إن أهل غزة بثباتهم واستشهادهم أيقظوا الأمة بدمائهم، وأحيوا قضية فلسطين المحتلة، ولسان حالهم: بسم الله، رب الغلام ورب أطفال وشهداء غزة، تحيى الأمة بإذن الله, حتى خرجت كاتبة علمانية مع المظاهرات في المغرب، وقالت: أنا علمانية، لكني أقول اليوم حي على الجهاد ونعم للمقاومة, وهذا والله ما يقلق العدو.
3/ ومن عوامل النصر: تضامن الشعوب ووحدتها ودعاؤها، من الرباط إلى جاكرتا، ومن إسطنبول إلى الخرطوم، خرج مليون متظاهر في المغرب، ومليون ثان في تركيا بعد 80 عاما من التغريب، ومئات الآلاف في اليمن وغيرها، فأمتنا بدأت تصحو من رقدتها وبدأت تنادي بالجهاد وبدأت تحول عواطفها لبرامج عملية تغير الواقع البائس,
حتى حذر وزير القضاء الصهيوني السابق من تحويل مئات الملايين من مشاهدي المجازر إلى متطرفين مناصرين لحماس.
4/ الجهاد الإعلامي الذي فضح جرائم اليهود ونقلها بالصورة للعالم، وشجع منظمات حقوقية لإعداد لائحة اتهامات بجرائم حرب واستخدام أسلحة محظورة ضد القادة الصهاينة، ومع علمنا أن هذه الاتهامات ربما لن تحقق كل أهدافها، لكنها مؤثرة، وقد بدأ العدو بمنع نشر أسماء القادة المشاركين في الحرب التي رأى العالم كله بشاعتها.
أين هذا من مجزرة صبرا وشاتيلا التي بلغ قتلاها 1700 ولم يعلم بها العالم إلا بعد انقضائها.
إن من الإعلام المؤثر والمشرف ما قامت به القنوات الإسلامية أو القنوات الحرة، وما قام به قادة الفصائل بامتياز في بياناتهم وحواراتهم في القنوات الفضائية العربية والإنجليزية وكانوا -بحمد الله- أكثر إقناعًا من بعض الخونة والمرجفين الذين لا يزالون يفضحون أنفسهم بكذبهم وتناقضهم، وصدق الله: (أمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ * وَلَوْ نَشَاء لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ) [محمد:29-30].
أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم.
الخطبة الثانية
3/ المؤامرة على المقاومة والجهاد:
بعد هذا الانتصار والصمود، ثَمَّت مؤامرة عالمية تحاك ضد المقاومة والجهاد, رجوعًا إلى الحصار وغلق المعابر، وابتزازًا لسكان غزة بالإعاقة والتحكم في إعادة إعمار غزة، كما صرح وزير العمل في غزة أن المساعدات الغذائية لا تدخل من مصر فورًا إلى غزة، بل تأخذ دورة طويلة وتدخل عبر معبر العوجا، عن طريق اليهود أو تسلم لسلطة رام الله.
لقد رأينا المسارعة الدولية لضرب المقاومة وإنقاذ بني صهيون من مأزقهم بعد فشلهم, أمريكا توقع اتفاق أمني مع اليهود، ودول أوربا تتعهد في شرم الشيخ وفي تل أبيب بأمن إسرائيل، وضرب المقاومة باسم منع تهريب السلاح.
الرئيس الفرنسي الذي تدخل سريعًا لإنقاذ جورجيا من روسيا يتباطأ ويماطل في غزة، ثم ينحاز لليهود بعد مجازرهم البشعة، وصدق الله: (بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) [المائدة:51] ولاسيما إذا كان عدوهم المقابل هو الإرهاب المتمثل في الجهاد.
ليس سرًّا، أنه في الوقت الذي تبحر السفن الأمريكية بالأسلحة للصهاينة، تتعهد أمريكا وأوربا بمنع دخول السلاح وتهريبه لأهل غزة، حتى يتسنى لإسرائيل أن تقتل الفلسطينيين في حرب أخرى بلا سلاح ولا مقاومة؛ كما هو واقع الآن في الضفة الغربية حيث لا توجد صواريخ، ولا تطلق رصاصة، والسلطة الفلسطينية راضخة للاحتلال، ومع هذا فالناس في إذلال دائم، ومئات الحواجز، واعتقالات وكتم للأنفاس، وهو ما تريده إسرائيل: احتلال نظيف وهادئ، دون ضجيج أو شكوى.
ونقول: لن تضعف المقاومة -بإذن الله- غزة كلها مقاومة، ولن يستطيع هؤلاء أن يمنعوا عنها السلاح، نقول هذا ثقة بالله أولاً، ثم من خلال ما تحقق على أرض الواقع بحمد الله.
4/ نظرة وأمل في المستقبل:
هل من أمل في خضمّ هذه الأحداث التي تغلي بها المنطقة؟.
الأمر لله وحده, وإن أملنا ليس بهيئة الأمم، ولا مبادرات السلام، ولا بالأنظمة العربية التي أصبحت ما بين خائن متواطئ مع العدو أو ضعيف متخاذل عن المقاومة إلا ما رحم الله، ولا في أوباما الأسود لونًا، الأبيض تربية ومنهجًا المسلم أصولاً، النصراني دينًا وواقعًا، الذي تحدث يوم أمس في قضية فلسطين بلغة بوش مع اختلاف اللون فقط, الأمر لله، وسيشغله الله –تعالى- بالانهيار المتراكم الذي ورثه من سلفه سيء الذكر الذي ذهب إلى مزبلة التاريخ ومرمى الأحذية، الذي سيلقى الله بدماء المسلمين في فلسطين والعراق وأفغانستان، وعذاب الأبرياء في غوانتانامو وأبي غريب.
أقول: إن أملنا بالله تعالى أولاً، ثم بالمقاومة وصمودها، ثم بوقوف الشعوب المسلمة معها، وعودة أمة الإسلام إلى دين الله –تعالى- والجهاد بأنواعه قدر الاستطاعة.
ومع ضعف وتفرق النظام العربي، لا بد أن نذكر الموقف المشرف لولي أمرنا حفظه الله في كلمته المؤثرة في قمة الكويت، ومبادرته بالمصالحة العربية، وتبرعه السخي باسم شعب المملكة لإعمار غزة، وهذا ليس بغريب عليه -حفظه الله- في دعم قضايا المسلمين، ونسأل الله أن يجزيه الخير، ويبرم على يديه الحق، وأن يهيئ السبل الأمينة لوصول هذا الدعم لأهلنا وأسرنا وأطفالنا في غزة، بعيدًا عن غيرهم.
بل نقول: إن المأمول من حكامنا ودولنا العربية والإسلامية أكبر من هذا، ليس أملنا فقط في فتح معبر أو إرسال غذاء ودواء، أو فكّ حصار عن مليون ونصف مسلم، مع أن هذا مهم، بل أملنا في اتخاذ مواقف موحدة وقوية في نصرة القضية وإنهاء الاحتلال في فلسطين قدر الاستطاعة.
ويبقى الدور الأعظم علينا بالعمل للدين كما ذكرت في الأسبوع الماضية، ولأهلنا في غزة أقول: لا تهنوا ولا تحزنوا، النصر قادم -بإذن الله- متى ما نصرنا الله، وأقول شعرًا:
كَفكِفي دمعَكِ يا غزة عن *** عينِكِ العَبرى ولَبِّي اللهَ نَصْرا
وارفعي رأسَك أختَ العِزِّ مِن *** أُمَّةٍ قد نُصِرَت بالرُّعبِ شَهْرا
واهتِكِي سِتْر دَعِيٍّ جَعَلَ *** السِّلْمَ والإرهابَ للإرهابِ سِتْرا
واذكري مجد الفُتوحَات الَّتي *** خَلَّد التَاريخ للإسلام فَخْرا
اسألي التَاريخ يَروي لِلمَلا *** عَينَ جَالوتَ ويرموكَ وبَدْرا
أحرفٌ مِن شُهُبٍ كَمْ أَحرقَت *** قيصَرَ الرُّومِ وتِيجانًا لِكسرى
أَينَ سعدٌ أينَ قَعقَاعٌ أَمَا *** في إمَاء الله مَن تُنجِبُ عَمْرا
لا يُعِيدُ المجدَ شَجبٌ بَاردٌ *** بل سُيُوفٌ تُنْهِك البَاغِين نَحْرا
غزة الإيمان عُذْرًا إنَّنَا *** لِهَوى النَّفْسِ وللشَّيطَان أَسْرى
ألفُ مِليُونٍ وزدنا كثرةً *** في سباتٍ، وتَخالُ القومَ سَكْرى
يا رياحَ النَّصر سيري وابعَثِي *** في رُكام اليَأس بالتمكينِ بُشرى
يا دماءَ الشُّهداءِ انتثري *** وانشُري من مسْكِكِ الأذْفَرِ عطرا
إِنْ يطُلْ ليلُ المآسي إنَّ في *** غَلَس الظلمةِ في الآفَاقِ فَجْرا
اللهم صل على محمد.
التعليقات