عناصر الخطبة
1/انتهاء مواسم الخيرات 2/انتهاء أعمال الحج 3/فضائل الحج وآثاره الإيمانية 4/رسائل للحجيج بعد أداء المناسك 5/المداومة على الطاعة بعد مواسم الخيرات.اقتباس
إنَّ مَوسِم الحَجِّ مَحَطةٌ مِنْ مَحَطاتِ التّغييرِ الإيمَانِيةِ، وفُرصَةٌ مِنْ فُرصِ التوبَةِ وَالإنَابةِ؛ قَالَ الحَسنُ البَصرِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ-: "الحَجُّ المبرُورُ؛ أنْ يرجِعَ زَاهِدًا فِي الدُنيَا، رَاغِبًا فِي الآخِرةِ"، فَهنيئًا لِمَنْ وُفِّقَ للعَملِ الصَالِحِ، فَصَامَ وَصَلى، وَحَجَّ وَضحَّى؛ هنيئًا للحُجَاجِ حَجهُم، وَللعُبَّادِ عِبَادتهُم وَاجتهَادهُم...
الخطبةُ الأولَى:
الْحَمْدُ لِلَّهِ؛ أنعَمَ عَلى عِبادِهِ بموَاسِمِ الخَيرَاتِ، أحمَدُهُ وَأشكرُهُ عَلى نِعَمِهِ وَآلائِهِ السَابِغَاتِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أولُ سَابِقٍ إلى الخَيرَاتِ، صَلى اللهُ عَليهِ وَعَلى آلِهِ وَصحبِهِ، وَأتباعِهِ المُسارِعينَ فِي الصَالِحَاتِ، وَسلمَ تسليماً مَزيداً إلى يومِ الدِينِ.
أمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ -مَعَاشِرَ المُؤمنينَ-؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)[آل عمران: 102]، وَاغتنموا أعمَارَكُم؛ فإنَّهَا تنقَضِي سَرِيعَة، فهَا هِي أوقات الفَضَائِلِ، وَمَوَاسِم الخيرَاتِ مَرَّتْ بِكُم؛ فَالسَعِيدُ مَنْ اغْتنمَهَا، وَالشَقِيُّ مَنْ غَفَلَ عَنهَا، وَضيَّع نَفْسَهُ، وَالكيِّسُ مَنْ دَانَ نفسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعدَ الموتِ، وَالعَاجِزُ مَنْ أتْبَعَ نَفسَهُ هَوَاهَا وَتمنَّى عَلى اللهِ الأمَانِيَّ.
وَهَا هُم حُجَّاج بَيتِ اللهِ الحَرَامِ أتمُّوا حَجَّهُم، وَقضَوا تَفَثَهُم، وَوفُّوا نُذورَهم، وَأدَّوا نُسكَهُم رَغَبًا وَرَهَبًا، وَكُلهُم يَرجُو أنْ يَكُونَ قدْ غُفِرَ ذَنبُهُ، وَرَجعَ مِنْ حَجِّه نقيًّا مِن الذُّنوبِ، فَهنيئًا للحُجَّاجِ بِعَظيمِ الأجُورِ، وَبُشْرَاهُمُ السُرور وَالحُبُور بِقولِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: "الْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّة"(مُتَفَقٌ عَليهِ)، وَقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "الحَجُّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ"(رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
إنَّ مَوسِم الحَجِّ مَحَطةٌ مِنْ مَحَطاتِ التّغييرِ الإيمَانِيةِ، وفُرصَةٌ مِنْ فُرصِ التوبَةِ وَالإنَابةِ؛ قَالَ الحَسنُ البَصرِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ-: "الحَجُّ المبرُورُ؛ أنْ يرجِعَ زَاهِدًا فِي الدُنيَا، رَاغِبًا فِي الآخِرةِ"، فَهنيئًا لِمَنْ وُفِّقَ للعَملِ الصَالِحِ، فَصَامَ وَصَلى، وَحَجَّ وَضحَّى؛ هنيئًا للحُجَاجِ حَجهُم، وَللعُبَّادِ عِبَادتهُم وَاجتهَادهُم، فقدْ قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كيَومَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ"(مُتَفَقٌ عَليهِ).
هَذِي ضُيوفُكَ يَا إلهِي تَبتغِي *** عَفوًا وَترجُو سَابِغَ البرَكَاتِ
فَاقبلْ إلهَ العَرشِ كُلَّ ضَرَاعَةٍ *** وامْحُ الذنوبَ وَكفِّرِ الزَّلَّاتِ
هَا أنتُمُ -عِبادَ اللهِ- عُدتُم إلى دِيَارَكُمُ، فَاحْذَرُوا العَودَةَ إلى الذُنُوبِ، وَلا تَهدِمُوا مَا بنيتُم، وَتبدِّدُوا مَا جَمَعتُم، وَتنقضُوا مَا أحْكَمْتُم؛ فَمَا أحْسَنَ الحَسَنةَ تتبعُهَا الحَسَنَةَ! وَمَا أقبحَ السَيئةَ بَعدَ الحَسَنةِ!
يَا مَنْ فَتحتُمُ صَفْحَةً بيضَاءَ نقيةً فِي حَيَاتِكُم، وَلبستُم بَعدَ حَجِّكُم ثيابًا نقيةً مِنَ الأدنَاسِ، حَذَارِ حَذَارِ مِنَ الرِدَةِ وَالانتِكَاسِ.
يَا مَنْ تقلَّبتم فِي رِيَاضِ الطَاعَةِ وَبسَاتِينِ العِبَادَةِ، ابْقوا عَلى العَهْدِ، وَاحذَرُوا مِنْ مُحبِطَاتِ الأعمَالِ؛ وَمِنْ أخطرِهَا: الشركُ بِالله، وَالعُجب، وَالريَاء؛ فَرُبَّ عَمَلٍ صَغيرٍ تُعَظِّمُهُ النَّيَةُ، وَرُبَّ عَملٍ كَبيرٍ تُصَغِّرُهُ النَّيَةُ.
فَاتقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- وَالزَمُوا طَرَيقَ الاستِقامَةِ، فَلسْتمُ بِدَارِ إقامَةٍ، وَاجْعَلوا نُصْبَ أعْينَكُم وَصِيَّة نَبيكمُ -صلى الله عليه وسلم-: "قُلْ: آمَنْتُ بِاللَّهِ، ثُمَّ اسْتَقِمْ"؛ وَالمُسلمُ إذَا فَرَغَ مِنْ عِبَادَةٍ أعْقَبَهَا بعِبَادَةٍ أُخرَى؛ (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ)[الشرح: 7]، وَلا تَنْقَطِعُ العِبَادَةُ إلا بالمَوتِ (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)[الحجر: 99].
الَّلهُمَّ وَفِّقنَا لمَا يُرضِيكَ، وَقرِّبنَا مِمَنْ يَوالِيكَ، وَاجْعلْ غَايَةَ حُبِّنَا وَبُغضِنَا فيكَ، وَأدِمْ عَلينَا نِعَمَكَ، وَلا تُنْسِنَا ذِكْرَكَ، وَألهِمَنَا شُكرَكَ.
أقوُلُ قَوْلِي هَذَا، وَأسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلكُم وَلسَائرِ المُسلِمينَ مِنْ كُلِّ ذنبٍ وخطيئةٍ، فاستغفِرُوهُ، إنَّهُ هوَ الغفورُ الرَحِيمُ.
الخُطبةُ الثَّانية:
الحَمْدُ للَّهِ وَكَفَى، وَسَلامٌ عَلى عِبَادِهِ الذينَ اصْطَفى، وَبَعدُ:
فَاتقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التقوَى، وَجَاهِدُوا أنْفُسَكُم، وَسَلوا اللهَ الثباتَ عَلى الطَاعَةِ وَالهُدَى، وَجَانِبُوا سُبلَ الضَّلالِ وَالهُدَى، فَالآخِرةُ خَيرٌ وَأبقَى.
الَّلهُمَّ أعِزَّ الإسْلامَ وَالمُسلِمينَ، وَاجْعلْ هَذَا البلدَ آمنًا مُطمَئنًا وَسَائرَ بِلادِ المُسْلِمينَ.
الَّلهُمَّ وَفِّقْ خَادِمَ الحَرَمينِ الشَرِيفَينِ، وَولِيَ عَهدِهِ لمَا تُحبُ وترْضَى، يَا ذَا الجَلالِ والإكْرامِ.
التعليقات