عناصر الخطبة
1/وقوف العباد بين يدي الله 2/سؤال الله لعباده 3/بعض مخازي العباد يوم القيامة 4/سوق الملائكة للظالمين5/حمل بعض الناس ذنوب بعض 6/دعوة لمحاسبة النفس 7/فضل التمسك بالإسلام 8/مظاهر حفظ الإسلام لعفة المرأةاهداف الخطبة
اقتباس
سنرسل اليوم الطرف سريعا مع هذا السؤال، ومع مشاهد الحشر الأخير، يوم تختلط أوراق الحق مع تزيين الباطل، يوم يصبح في المجتمع المعروف منكرا، وتزين مواقع التواصل الباطل فيصبح معروفا، يوم تنقلب موازين الحياة، وتنخرق سفينة المجتمع، وينهار سياج العفة والحياء، يوم يتفاجأ كل من حاد عن طريق الهداية، واتبع شهوته، ووقع في مستنقع الغواية؛ بالنداء الذي يخلع القلوب! ليس نداء ملك الدنيا، ليس أمر وزارة الداخلية فقط، بل أمر ملك الذي يملك الأرض ومن عليها، ماذا؟!...
الخطبة الأولى:
الحمد لله نحمده كل المحامد على كل النعم، ونستعينه على منع البلايا ودفع النقم، ونستهديه إذا ادلهمت الخطوب، وتلاطمت على الناس أمواج الفتن، ونعوذ بالله أن تحتار على الصراط أو تزل يوم العرض قدم.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي النعم، ونشهد أن محمدا عبده ورسوله خير من سار على الثرى قدم.
أما بعد:
معاشر المؤمنين: فاتقوا الله، فإن تقواه عاصم من كل المحن، وملجأ من كل النقم، وملاذ إذا زينت في مواقع التواصل أصناف الفتن.
واعلموا علم اليقين: أنه ما من أحد إلا وسينادى من الواحد الأحد فردا وحيدا يوم يسقط ملك كل أحد، ولا يبقى إلا ملك الواحد الأحد: (وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ * فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنبَاء يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءلُونَ)[القصص: 65-66].
إنه السؤال الكبير الذي يشمل جميع مناحي الحياة أكانت وفقً لشرع الله وهديه؟!
سنرسل اليوم الطرف سريعا مع هذا السؤال، ومع مشاهد الحشر الأخير، يوم تختلط أوراق الحق مع تزيين الباطل، يوم يصبح في المجتمع المعروف منكرا، وتزين مواقع التواصل الباطل فيصبح معروفا، يوم تنقلب موازين الحياة، وتنخرق سفينة المجتمع، وينهار سياج العفة والحياء، يوم يتفاجأ كل من حاد عن طريق الهداية، واتبع شهوته، ووقع في مستنقع الغواية؛ بالنداء الذي يخلع القلوب! ليس نداء ملك الدنيا، ليس أمر وزارة الداخلية فقط، بل أمر ملك الذي يملك الأرض ومن عليها، ماذا؟!: (مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ)؟
نحى جميع العلماء والمفتين، وأهل الأقلام والمشوهين، ماذا فعلتم أنتم بشرع رب العالمين؟
إنه السؤال الذي يجعل النفس تضيع كل حججها أن حجة إن كانت لها يوم تحتار النفس، ويتلعثم اللسان أمام الذي يعلم ما سينقطه ذلك الإنسان.
تضيع أمامه -سبحانه- كل بيان ويسقط كل صاحب قلم فاسد أمام العيان، إنه السؤال الذي يعيد العبد لمصدر الشرع لا لمصدر الإفتاء، يعيده لمصدر الشرع الصادق وهم المرسلين الذين لم يحرفوا شرع رب العالمين، لا يقبل الله عنهم إجابة إلا الشرع الذي كان عليه المرسلين.
فليعلم -أيها الأحبة- كل أحد أن عمله سيعرض على الواحد الأحد، فتنكشف الأستار، ويعلو بين العباد صوت الواحد القهار: (مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ) [القصص: 65]؟.
إنه الموقف المخزي بين يدي رب العالمين تلمح بطرفك تراهم واقفين: (اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) [آل عمران: 106]؟
أغيرتم طريق رسلكم؟ أشوهتم حياتكم؟ أبدلتم: (فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنبَاء) [القصص: 66].
اختلطت أوراق إجابتهم، وعميت عن الحق أبصارهم، وتحجرت ألسنتهم، ووقفوا صامدون، ساكتون لا يملكون سؤالا ولا إجابة، لا يملكون موقعا يتواصلون به، انقطع شبكات المعلومات؛ ليسألوا من كان عن الحراض طريقهم عن المرسلين: (فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنبَاء يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءلُونَ) [القصص: 66].
عندها يصدر رب العالمين قراره: (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ * مِن دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ)[الصافات: 22-23].
تسوق الملائكة الظالمين رجالا ونساء لأنفسهم وأهليهم إلى النار، الزوجات متقدمات عما كان يعبد من دون الله؛ لأنها كانت أفسد لدين الرجل من الشياطين، تدفعه لتغيير حياته، وتحرير شرع ربه، لتصل هي لمتعتها، ولتخرج من دين ربها، فيفعل الرجل ما تريده زوجته، أو أخته؛ طلبا لمرضاتها، عندها قبح الله - تعالى- الزوجات يوم القيامة، وعلى مشهد من خلقه جميعا، وهم واقفون.
واقفون في مشهد الحشر ينظرون، فيصدر الأمر الذي لا يغير، والقرار الذي لا يبدل للملائكة: (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ) [الصافات: 22].
أن يحشر الرجل الضعيف الذي فقد قيادة بيته، وسلمه لزوجته، يحشر ذلك الرجل الذي رضي بخروجها من نفسها.
(احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ) وقفوهم في مكان واحد، ليسألوا عما فعلوا! ما أبشع المشهد، والزوج وأهله يسحبون في سلسلة واحدة إلى النار؟!.
انظر هناك ترى أناس تصدروا مواقع الإعلام؛ نشروا الفساد في المواقع، يجرون بناتهم لهتك حجابها، ويصورها ليرسل للناس مقاطعها، أو يتركها، وقد خرجت سافرة لحجابها، تقود سيارتها، يتباهون بها.
أين أولئك؟! يوم القيامة إذا حجب الله عنهم نوره، وتوارى عنهم وجهه، وأصدر أمراً أن لا يكلموه كلما ناداهم أسكتهم، كلما توسلوا إليه أخرسهم، كلما توسلوا إليه دفعتهم الملائكة، احتجب الله عنهم؟!
عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة حرم الله –تعالى- عليهم الجنة، لا يكلمهم الله، ولا ينظر إليهم: مُدْمِنُ الخمر، والعاقّ، والدّيّوثُ الذي يُقِرُّ في أَهْلِهِ الخُبْثَ"[رواه أحمد].
وفي رواية للبخاري: "ثلاثة لا يكلمهم الله، ولا ينظر إليهم: المرأة المسترجلة التي تفعل أعمال الرجال، والديوث، والعاق لوالديه"[رواه البخاري].
وعن علي -رضي الله عنه-: "أما تغارون أن تخرج نساؤكم؟ فإنه بلغني أن نساءكم يخرجن في الأسواق يزاحمن العلوج" أي يزاحمن الرجال [رواه أحمد في المسند].
انظر هناك انظر إلى أولئك الذين زينوا الباطل، يصدر الله أمره: (لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ) [النحل: 25].
فكم من إنسان أغراه وأضله، وحاربوه عن شرع رب العالمين، كلما فعل تلك المعصية التي زينها له حمل إثمه، نعم من يحمل الإثم اليوم؟
احمل أثقال المعاصي والذنوب، إنه ثقل عظيم ثقل على ظهورهم كما خرجوا في مواقع التواصل يزينون للناس الباطل، هيا احملوا لي! احملوا جريرة ما فعلتم.
يجرون خطاهم؛ كأن كل خطوة بعد الأخرى، يئن ظهره من الأحمال، يزحف من ثقل ما يحمله على ظهره، حتى يهوي به في النار، عندها يستنجد بالأقارب وممن كان معه في الدنيا زين معه الباطل، فيناديهم الله: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى) [فاطر: 18].
إنها الفاجعة الكبرى والسؤال الذي يشمل جميع مناحي الحياة: (مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ) [القصص: 65]؟
أعدوا للسؤال إجابة يوم تقفون بين يدي رب العالمين ليسألكم عن كل شيء في مجال حياتكم: أكان وفقا لشرع ربكم وهدي المرسلين أم كان من النفس وهواها واتباع الباطل ومن زينه؟.
ألا وأيها الناس ما من أحد منا إلا وسيقف أمام الله، فيسأله في نفسه خاصة: (مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ) [القصص: 65]؟
اللهم يا حبي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، يا واحد يا أحد يا فرد يا صمد؛ أجرنا يا عظيم أجرنا يا كريم أجرنا يا أرحم الراحمين من كل داع إلى الضلالة.
اللهم أجرنا من كل داع إلى الضلالة، اللهم أجرنا من كل داع إلى الضلالة برحمتك يا أرحم الرحمين.
أقول ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على عظيم امتنانه، نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، ونشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه.
أما بعد:
أحبتي: إننا في مجتمع واحد وفي سفينة واحدة شراعها الإيمان تتلاطم في بحار الفتن، إن لم يمسك منا كل منا بيته وأهله وإلا خرق الكل سفينة الأمان: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ)[الأنعام: 82].
والله -أيها الأحبة-: ما أمننا ولا اقتصادنا ولا راحتنا ولا اطمئناننا في هذه البلد إلا بفضل حفظ ديننا، ليس بفضل ما نحمله في خزائننا من أموال، أو بفضل النفط الذي حولنا، أو بفضل حماية جيش، أو غيره.
والله ما يحمينا الله ولا يحفظ سفينة هذه البلد إلا الإيمان، فإذا خرقت سفينة الإيمان رحل معها الأمان، وتلاطمت بنا الفتن، في كل مكان.
أيها الكرام: إن الله عذر المرأة أن تصلي في الجماعة عذرها، وعفا عنها أن تأخذ سبعة وعشرين درجة في المساجد، وأعطاها سبعة وعشرين درجة بصلاتها في بيتها، حفظا لعفافها، ووقاية لحياتها، وألا تختلط بالرجال من حولها.
فيكف يعفيها ربها من صلاة مفروضة عليها في الجماعة لحفظها ونخرجها تقود السيارة بين الناس؟!
أين هذا الفكر المنكوس، وأين هذا الفكر الذي لا يعرف حق ولا يقره؟
بل يريد إخراجها في شهوة في نفسه، فإذا كان الله -تعالى- جعلها ملكة في بيتها، وإذا بنا نريدها سائقة تقود سيارتها، تهتك حجابها وتخرج بين الناس تهتك حياءها.
الله كرمها بحفظها في بيتها جوهرة مكنونة، ودرة مصونة فنسأل الله الذي لا إله إلا هو الذي يرانا ولا نراه، والذي يعلم عدد مثاقيل الجبال، وعدد قطرات الأمطار، وما تكن الدور، وما تخفيه البحار أن من يحاول إخراج المرأة من بيتها، وهتك حجابها، وقيادتها، اللهم أفسد عليه عقله.
اللهم أرنا فيه يوما أسودا...
التعليقات