اقتباس
وصار التنافس بين هؤلاء في البحث عن المساجد التي في توفر لهم سكنا، بل وصل الأمر بالبعض إلى البحث عن التوظف في مساجد الأحياء الراقية، التي تضمن لهم الاحتكاك برجال المال والأعمال، حتى صارت ظاهرة؛ تسببت في فجوة حقيقية بين عموم المسلمين والكثير من الخطباء بعد أن لطخت سمعتهم الدعوية والأخلاقية.
تُرجّح كتابات علماء القرن 6 هـ -وخاصة ما ذهب إليه أبو حامد الغزالي- على أن العالم الإسلامي دخل في هذا القرن مرحلة الركود المعرفي، والضعف العلمي، ما جعل مختلف العلوم والمجالات المعرفية تتأثر بذلك تأثرا مباشرا.
وقد كان ميدان الخطابة من الميادين التي نالها الضعف في كل جوانبها، حتى وصلت إلى مرحلة الانحطاط في القرن 7 للهجرة، وهذا ما أكده كتاب تاريخ الأدبي العربي: "ظلت الخَطابة في أول هذا العصر على ما كانت عليه في آخر العصر العباسي لا تتعدى الجوامع والبيع، ولا يقوم بها إلا فئة جاهلة ناقلة"، حيث دخلت الخطابة نفق الانحطاط الشديد في العصر الذي سقطت فيه الخلافة العباسية سنة 656ه.
ولعل ما يؤيد هذا الطرح، أنّ الخطابة ظلّت عبر التاريخ الوسيلة التي يُلتجأ إليها عند المحن والخطوب؛ لأجل تشجيع الناس وتحريضهم على الدفاع والمقاومة، وكم أنقذ الخطباء الصادقون المهرة دولا ومجتمعات من عدو متربص يريد أن يفنيها.. والذي يرويه المؤرخون عن سقوط بغداد أن الخطباء لم يؤدوا دورهم، ولم يرو عنهم أي دور في تشجيع الناس على الثبات ورد الصائل الباغي، ودليل ذلك تسليم أفراد الجيش العباسي -الذي بلغ 80 ألفا جندي- رقابهم للذبح على يد جيش بلغ تعداده 95 ألف جندي وفي روايات 150 ألف جندي، هذا الجيش الذي حاصر مدينة فاق عدد سكانها 2 مليون لم يجد مقاومة تذكر، فقتل الرجال ذبحا، وانتهك أعراض المسلمات وسباهن، وأهلك العلماء والقادة والأعيان والوجهاء ذبحا وبطريقة لم تحدث من قبل في التاريخ.
إذن السؤال الذي يحتاج إلى إجابة: أين كان الخطباء وقتها؟ أين كانت المساجد حينها؟ لماذا لم يدرك الخطباء يومها أن الأمة الإسلامية تعلق آمالها على بغداد؟ والسؤال الأهم لماذا لم يرصد الخطباء الخوف والجبن الذي سكن قلوب المسلمين فأورثهم ذلا وعجزا؟ أين كان الخطباء من الخطب العظيم الذي كان يتربص بالمسلمين في بغداد؟
هذه الأسئلة هامة، والإجابة عليها ستحدد لنا أجوبة نحتاجها في عصرنا الحالي، وإلا ستتكرر هذه الأسئلة مرفوقة باللعنات من الأجيال اللاحقة.
والجواب هو: أن الهوان الذي أصاب أغلب خطباء العالم الإسلامي اليوم هو الذي يجعلهم أبعد الناس عن نصرة قضايا المسلمين، فالذلة التي لحقت بالخطباء، هي التي تفسر الصمت الرهيب الذي يقف عليه المسلمون اليوم.
إن عدد المسلمين اليوم يقترب من ملياري مسلم، ومع ذلك فإنهم لا يتفاعلون مع قضاياهم، ولا يخيفون عدوا، ولا يبعثون في المنكوبين والملهوفين والمظلومين أملا، ويتوافقون تمام التوافق مع الحالة التي كان عليها مسلمو بغداد سنة 1258 ميلادية.
وقد رأينا في عصرنا هذا كيف سقطت بغداد سنة 2003، وشاهدنا كيف احتلها الصليبيون، وكيف نهبوها وشردوا أهلها، واستحلوا أعراض المسلمات، وقصفوا المساجد والأسواق، ثم حرقوا بساتينها ومدنها، ولم يتحرك العالم الإسلامي، وتحركت بالمقابل المجتمعات الغربية، في مشهد يحمل مفارقة عجيبة مؤلمة.
ومن أسباب عدم تحرك العالم الإسلامي يومها بل وإلى اليوم: السبات الذي كان يغط فيه أغلب خطباء العالم الإسلامي، والتيه الخطابي الذي ضاع فيه من كانوا أحد آمال المستضعفين في الأرض.
وجاء الفرس الصفويون إلى الشام المبارك، إلى سوريا الحبيبة، غزاة محتلين، فقتلوا ونهبوا، وانتهكوا أعراض حرائر أمة محمد –صلى الله عليه وسلم- حتى صارت المسلمة تموت رعبا وتنتحر حتى لا يلمسها فارسي صفوي لعين، والأمة نائمة راقدة لا تحرك ساكنا، وقصفت حمص ودمرت، وانتهبت قذارات الرافضة الذين استقدموا من أفغانستان والعراق ولبنان حلب الشهباء، التي سميت حلب من أيام الخليل إبراهيم -عليه السلام-، يوم كان يحلب للفقراء، فيتنادون حَلبْ حَلبْ، حلب الشهباء لم تجد من الأمة سندا ولا نصيرا، بل كانت الأمة فعلا مشغولة بمباريات الألمان والإسبان، يتزاحم شبابها على مشاهدة مباريات لا تقدم ولا تؤخر، بل تضر وتفسد، وتضيع أوقاتهم ودينهم، حين يضيعون الصلاة، ويتبادلون الشتائم الفاحشة.. كما كان الكثير من الخطباء يتجنب الحديث فيما يحدث لحلب الغالية خوفا على رزقه ومنصبه، فكان صمتهم ضوءً أخضر تلقاه الروس الأرثوذكس بفرح وسعة، فشردوا أهلها بعد أن دمروا أحد أعظم حواضر الإسلام والمسلمين.
ثم غزا الرافضة اليمن، وحولوا عقيدة الحوثيين إلى عقيدة رافضية، بلغ بها الأمر حد قصف المساجد، وانتهاك الأعراض، وهتك حرمات البيوت، وقتل الصالحين، وتجويع المسلمين وحصارهم، وقصف مكة المكرمة، ولم نر هبة قوية من خطباء العالم الإسلامي، توقظ الغافلين من المسلمين، وترد بهم عادية المجرمين وتفتح بصيرة المسلمين على ما يحدث لأمتهم.
إن الجواب عن هذه الأسئلة سهل ويسير، وجوابها هو نفس جواب الأسئلة التي طرحناها بحق خطباء الفترة الأخيرة من الخلافة العباسية.
والجواب لا يختلف كثيرا عما ذهب إليه صاحب كتاب تاريخ الأدب العربي، فقد هيمن على ميدان الخطابة من مذهبهم الخبز، وهذا ليس سرا ولا بلغز، ولا يحار في إدراكه أبسط ناظر في أسباب الخذلان والعجز، لقد صارت الخطابة في العالم الإسلامي وظيفة، بعد أن كانت رسالة شريفة، وصار المسجد يسمى مؤسسة حكومية، بعد أن كان بيت الله منذ أول مسجد عرفته المدينة النبوية، وصار الإمام الخطيب تابعا وذَنَبَاً، بعد أن كان قائدا للمسلمين وعلى أعدائهم سوطا، يلهب ظهور الفجار، ويخشى هزيم منبره الكفار، لم يعد للأمة صوت فخم ترهب به أعداء الله من العرب والعجم، فقد صار المسجد محلا للاسترزاق، وصار منبر رسول الله –صلى الله عليه وسلم- مكانا يرتاده من يخشى في قول الحق أن تصيبه فاقة وإملاق.
.
لقد تسلط على المنابر قوم يقدمون مصلحتهم الشخصية على مصلحة الأمة الإسلامية، وتسلط الخوف على قلوب الكثير من الخطباء حتى صار يحذر صيحة المنافقين إن هو قال في أعياد الكفار كلمة حق، وصار البعض يتحاشى الحديث في أحكام قطعية؛ خشية أن تناله سهام أهل الباطل التي يرميها كل ناعق خبيث.
لم يعد يؤدي الخطباء دورهم بسبب توجه بعضهم نحو اعتبار الخطابة أداة للاسترزاق، وبعضهم يراها وسيلة لتوفير ما يسمى في عصرنا بالسكن الوظيفي، حيث أعجزتهم الحياة عن مطاولتها ولم يجدوا إلا المسجد والخطابة كمخرج؛ ليغطوا به عجزهم، ويكونوا في المقابل جثة تحبس أنفاس الأمة، وتخمد أمالها.
لم يعد يؤدي الكثير من الخطباء أدوارهم؛ لأن النظم الوضعية في العالم الإسلامي، والعربي خاصة شرّعت تشريعات تفتح الأبواب للجهلة والبطالين، ومن لا يحق لهم أصلا وعرفا وشرعا اعتلاء منبر رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، وضيّقت على أهل الكفاءة والعلم، حتى صار سماع عزل المئات في بلد أو الآلاف في العالم الإسلامي أمرا عاديا؛ لسبب بسيط، وهو أنهم يقفون حجر عثرة في وجه الأنظمة الوضعية التي ترى المسجد خطرا كبيرا عليها ويجب تدجينه.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه أيضا- هو: من يقف وراء رداءة الخطبة في عصرنا؟ ومن يقف وراء اعتلاء المنابر من طرف الكثير ممن لا يقدرونها حق قدرها، ولا يعرفون لأي سبب ورسالة شرعها الإسلام العظيم.
الخطباء في المغرب العربي الكبير نموذجا
قبل الحديث في هذا الموضوع والإجابة عن سؤاله، يحسن بنا أن نقرر هذه الحقيقة الهامة؛ وهي أن عدد المسلمين في المغرب العربي الكبير يصل إلى 100 مليون مسلم أو يزيد عنه، وهذه كتلة بشرية هائلة في إطار العالم العربي، وكتلة بشرية لها تاريخها الجهادي ضد الاحتلال الفرنسي الصليبي، وتعرف قيمة المسجد والخطابة والخطباء؛ ولذلك تستحق أن تكون نموذجا للحديث عن أسباب رداء الخطابة في عصرنا.
ففي تونس أسندت الخطابة في العقود الأخيرة -قبل سقوط نظامها العلماني الذي حارب الإسلام حربا لا هوادة فيها- إلى الجهلة غالبا، وإلى من صار يعمل مخبرا لا خطيبا، يشي برواد المساجد، ويترصد الشباب، ويبلغ التقارير فيمن ثبتت في حقه المواظبة على صلاة الفجر أو الجمعة.. وقد كان المسلمون في تونس يتخوفون من الصلاة يوم الجمعة، ويتخوفون من المداومة عليها؛ بسبب القمع الذي عانوا منه لأكثر من عقدين من الزمن، وفي هذه الظروف الرهيبة التي مارسها النظام العلماني المتوحش تم إيقاف وطرد الخطباء الأكفاء، حتى انحطت الخطابة انحطاطا رهيبا، ولم تعد تؤدي دورها.
وأما في الجزائر التي يؤم مساجدها -التي تبلغ الآلاف- حوالي 20 مليون من المصلين، في بلد بلغ عدد سكانه 41 مليون نسمة، فقد كانت التشريعات تسهل لأبناء الطرق الصوفية الحصول على منصب الإمامة في المساجد، فيكفي أن يحفظ القرآن ليحصل على منصب خطيب، مع أن الغالبية العظمى ممن تولت الخطابة لا تملك أي مستوى علمي عالي وحقيقي، ولا جامعي، فالعادة في الجزائر أن أغلب من يقصدون الزوايا –كتاتيب تحفيظ القرآن- يكونون عادة ممن تركوا مقاعد الدراسة.
ومقابل التسهيلات التي حصل عليها هؤلاء فإن طلبة الشريعة لا يجدون الطريق نحو الإمامة ميسرا أمامهم، فيلجأ الكثير منهم إلى احتراف أمور أخرى -للأسف الشديد-، حيث يجدون الواقع يقول لهم ليس من حقكم الخطابة إلا بعد تحقيق شروط تعجيزية للكثير منهم، من بينها أن يحفظ القرآن الكريم كاملا، وأن يدرس سنتين في أحد معاهد الوزارة البعيدة عادة عن مقر سكناه، ما يوجب عليه ترك ما في يده من شغل أو وظيفة إن كان يشتغل في شغل آخر، مع العلم أن المناصب التي كانت تفتح شحيحة قليلة، تكثر الوساطات فيها، طلبا للحصول عليها، فهمش آلاف المتخرجين من كليات الشريعة، وفتح المجال لرواد الزوايا، من الذين يصنفون ضمن الجهلة بالعلم الشرعي، والذين لا يحسن الواحد فيهم إعراب اسمه، ويعجز عن تدبيج خطبة بسيطة في صياغتها.
وصار التنافس بين هؤلاء في البحث عن المساجد التي في توفر لهم سكنا، بل وصل الأمر بالبعض إلى البحث عن التوظف في مساجد الأحياء الراقية، التي تضمن لهم الاحتكاك برجال المال والأعمال، حتى صارت ظاهرة؛ تسببت في فجوة حقيقية بين عموم المسلمين والكثير من الخطباء بعد أن لطخت سمعتهم الدعوية والأخلاقية.
ومع ذلك يجب الإقرار بوجود فئة رائعة فاضلة من الخطباء، تؤدي دورها قدر الإمكان، مع كل التضييقات التي تتعرض إليها.
إذن نجد بالفعل أن وصول الجهلة إلى الهيمنة على المساجد وعلى منبر رسول الله –صلى الله عليه وسلم- سببها القوانين الوضعية، التي تكرس الرداءة، وتمكن لأهل الخبز على حساب أهل الإصلاح، وتراكمات هذا الواقع صارت عبئا ثقيلا جدا على الأمة، ليس من السهل الفكاك منه، بل يحتاج ذلك إلى ما يشبه معجزة لإصلاحه، فالكلام هنا عن عقود هيمنت فيها السلبية والرداءة على ميدان الخطاب بالمسجد.
المساجد والقيود القاتلة
لم تعد المساجد مستقلة كما كانت، بل صارت مؤسسة رسمية كما يزعمون، يتحكم فيها النظام الوضعي تحكما يهيمن على رسالتها، ويقيدها حريتها، ويخنقها حركتها، ويقلل مساحة تأثيرها، فمثلا تم خنق أصوات الكثير من الخطباء –وهذا في كافة العالم الإسلامي- عندما قررت الأنظمة الوضعية وضع مفتشين ومخبرين يكتبون تقارير أسبوعية عن الخطبة التي ألقاها الخطيب، وكانت بعض الجهات تطلب من الخطباء إرسال مواضيع الخطب التي سيتناولونها في خطبهم، بينما كان بعض رجال الأمن وللأسف الشديد يتولون التحقيق فورا مع الإمام إذا ورد في الخطبة ما يرونه بالمفهوم العلماني تطرفا وتشددا، فالحديث عن مآسي المسلمين في سوريا أو العراق أو اليمن يكاد يرتقي إلى جناية مكتملة الأركان، والحديث عن إيران ممنوع منعا باتا في بعض الدول، والحديث عن الحجاب والدعوة إليه، أو البنوك وغيرها ممنوع منعا باتا، والحديث في السياسة وقضايا الساعة كقضايا الفساد ممنوع أيضا.
بالتالي لم يعد الإمام يؤدي دوره كما كان في السابق، بسبب هذه المضايقات الشديدة والخطيرة التي يتعرض إليها، خاصة في التضييق عليه في قضايا السياسة والفساد، بزعم أن المساجد لم توضع لهذا، بينما يستبيحون حرمتها، ويطلبون من الإمام أن يجعلها لصالح الحزب الفلاني، أو صالح فلان من الناس، أو لحث الناس على حدث سياسي، ما يعني أن المنع لم يكن فعلا بسبب ما يقولون إنها لوازم العلمانية، بل كان لغرض في نفس القوم، وهو تعطيل المساجد عن دورها، فلو أطلق المسجد، وتركت له الحرية؛ لتغيرت الأمة الإسلامية في سنة واحدة، حتى مع قلة الخطباء الأكفاء فيها، فالصلاح يعدي، والخير ينتقل بالتقليد والمحاكاة.
وفي الختام نصل إلى بعض الحقائق وهي:
-أن تنظيم شؤون المسجد في الجوانب المادية والمالية أمر لا مفر منه، مادامت الأوقاف ملغاة في العالم الإسلامي –تقريبا- وحتى ما وقف منها لا يترك للمسلمين، بل تتسلط عليه الوزارات التي تدعي تسييرها للأوقاف، لكنه تسيير لا يقترب من الهدف الذي شُرعت له.
-كما أن تنظيم وتحديد صفات الخطيب أمر هام جدا، فحديثنا لا يعني أبدا أن تترك المساجد لمن هب ودب، ولكن بالمقابل يجب أن يقتصر دور الوزارات على الجانب المادي والهيكلة، ويترك أمر التعيين لأهل الحل والعقد والعلم في المجالس العلمية أو هيئات الفتوى أو مجالس العلماء في كل مدينة وقرية، وأن تعطى للمساجد حصانة وقدسية كانت دوما لصيقة بها قبل أن يتسلط العلمانيون على بيوت الله، وإلا فستبقى المساجد بعيدة عن دورها ورسالتها.
-ويجب التنويه في الأخير أن الظروف الاجتماعية الصعبة للخطباء أمر معروف مشهور، فأحسن دولة مسلمة في الرواتب تهمل هذا القطاع، وتعطي بسخاء على وزارات أخرى، وإذا وصل الأمر إلى المساجد أمسكت يدها، وهذا مقصود، فجعل الخطيب والإمام -عموما- محتاجا من أسباب عدم تفرغه للدعوة والاهتمام بشؤونها.
إن توصيف الواقع لا يمكن أن تحفل به هذه المساحة الصغيرة، بل يحتاج إلى مزيد بسط، بعيدا عن المجاملات والرسميات التي أهلكت من قبلنا وستفسد الأمة أيما إفساد، فالتقصير واضح جدا، والرداءة ظاهرة للعيان، فعلام نتبنى خطاب المجاملات؟
-إن عدم وقوف الخطباء مع الأمة وتحريكها يوم غزاها المغول ويوم أحاط بها الصليبيون في عصرنا في كل بقاع العالم، من بورما إلى سوريا الثائرة، إلى العراق المنكوب الذي تسلطت عليه حثالات القتل والنهب من كل العالم، سبب هام جدا لعدم تحرك الأمة الإسلامية وبقائها ساكنة بلا حراك أمام عشرات المجازر التي تشهدها الأمة كل سنة، لمجازر، حتى صار سكون الناس عند رؤيتها في نشرات الأخبار والمواقع يوحي أن الأمة صارت جثة هامدة أمام ما يقع لها.
-إن الحالة الخطيرة التي وصل إليها ميدان الخطابة المقدس المبجل في الإسلامي يستدعي منا وقفة حقيقية، وفتحا مبصرا لهذا الموضوع، وتناول الكوارث والسلبيات التي تعصف بالخطابة في العالم الإسلامي كله، وحتى في ديار الكفر، إن الأمر جاد وجد، ويحتاج وقفات أخرى تبصرة وتذكيرا لنا ولغيرنا ممن ابتلوا بالخطابة، حتى يعطوها حقها ومستحقها ويؤدي رسالتهم فيها، في عصر صار للأمة الإسلامية في كل ركن حرة تغتصب، وكل في زاوية طفل يقتل، وفي كل مكان حرمات تنتهك.
أيها الخطيب إن الأمل معقود عليك في نهضة هذه الأمة نهضة شاملة قوية حقيقية، تُجابه بها أخطار تهدد وجودها وحاضرها ومستقبلها، إنك الأمل المنتظر الذي يمكن أن يؤدي دوره في الإصلاح والتغيير، فلا تخيب رجاء أمة تنتظر منك الكثير، وإن كنت أعجز عن ذلك فدع المنبر لغيرك، فأرض الله واسعة وباب التجارة أوسع.
التعليقات