اقتباس
إلى هذا الحد! لا يمس الحصى، ولا يعبث بالقلم، ولا يشتغل بالسجاد يخطط عليه، ولا يكلم صاحبه، ولا يأمر بالمعروف، ولا ينهى عن المنكر أثناء خطبة الجمعة. إذا قلت لصاحبك: "أنصت" فقط فقد لغوت، ومن لغا فلا جمعة له"؛ فهذا الإنصات، وهذا التهيب من أجل ماذا...
الوصية الأولى
الوصية الثانية
الوصية الثالثة
الوصية الرابعة
الوصية الأولى:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة، والسلام على أشرف الأنبياء، والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين، أما بعد:
فهذه الكلمة بعنوان: "كيف نستفيد من خطبة الجمعة؟"
والحديث تحت هذا العنوان تارة يوجه إلى الخطباء، ويراد به كيف نوظف خطبة الجمعة في نفع الناس، وتوجيههم، وإصلاح المجتمع، والدعوة إلى الله -تبارك وتعالى-؟ وهذا الحديث إنما يوجه للخطباء، ومن يعتلون المنابر، فهم المعنيون بذلك، وهذا له مجاله حيث يُطرح في دورة خاصة بهم، أو كتاب، أو مقال، أو غير ذلك.
وقد كتب كاتبون عن هذه القضية فأجادوا، وأفادوا، ولست أعني بحديثي هذا الجانب، وإنما أعني ما يتصل بنا ممن يرتادون المساجد، ويحضرون الجمع، ويسمعون الخطب، كيف يستفيدون منها، وينتفعون، ويتأثرون، وتكون هذه الخطب سبباً لتغيير حياتهم، ونقلهم من طور إلى طور في سلم العبودية، فيخرج الإنسان بعد الخطبة بحال مغايرة لحاله قبل أن يدخل.
وهذا هو المقصود من شرع الله -تبارك وتعالى- هذه الخطب في كل أسبوع؛ فالله -تبارك وتعالى- أمر المؤمنين بالسعي لحضور الخطبة، وسماع الذكر، وحضور الصلاة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ)[الجمعة: 9]، والمراد به الخطبة مع الصلاة على القول الراجح من أقوال أهل العلم.
ونهاهم عن الاشتغال بالصوارف، والمعوقات: (وَذَرُوا الْبَيْعَ)[الجمعة: 9]، وذلك لا يختص بالبيع كما هو معلوم، وإنما ذكر البيع -والله تعالى أعلم- لأنه غالب ما يشغل الناس عن الحضور إلى الجمعة في ذلك الحين، الناس يبيعون، ويشترون.
وعثمان -رضي الله عنه- حينما وضع الأذان الأول وضعه في السوق؛ لأن الناس لما اتسع بنيان المدينة، وكثر الناس فيها كانوا يتبايعون، ولربما لم يسمعوا النداء الذي يكون بين يدي الخطبة؛ فوضع هذا النداء في السوق، فكان الناس يتبايعون قبل الصلاة؛ فالله -عز وجل- قال لهم: (وَذَرُوا الْبَيْعَ).
ويدخل في هذا سائر ألوان الاشتغال، ولهذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقص أظفاره يوم الخميس، وقد ذكر بعض أهل العلم أن العلة في ذلك كالإمام النووي -رحمه الله-: لئلا يشتغل المسلم بقص أظفاره، أو غير ذلك مما يؤخره عن الحضور، والتبكير في يوم الجمعة.
وإن كان النبي -صلى الله عليه وسلم- لكونه الخطيب إنما يدخل حينما يريد أن يخطب، لكنه -صلى الله عليه وسلم- مشرِّع.
وهكذا الاشتغال بسائر العقود الراجح أن ذلك جميعاً لا يصح، يبطل به العقد، البيع بعد نداء الجمعة الثاني، وعقد الإجارة، وعقود الشركات، والمضاربات، وكذلك من باب أولى ما لا طائل تحته مما قد يشتغل به الإنسان.
كالذي ينشغل عنها بنوم، أو ينشغل عنها بقراءة صحيفة، أو عبث لا يُجدي له نفعاً، فالمقصود أن الله -سبحانه- أمر عباده المؤمنين أن يسعوا، والمقصود هنا بالسعي ليس الإسراع في المشي؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ولا تأتوها -يعني الصلاة- وأنتم تسعون"(1).
فهو منهي عنه، وإنما المقصود الاشتغال، والعمل على حضورها، فهذا هو السعي المطلوب؛ لأن السعي يطلق على الإسراع في المشي، ويطلق -أيضاً- على العمل: وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى)[النجم: 39 - 40]؛ يعني أنه ليس له إلا ما عمل، وأن عمله سوف يرى، هل هو صحيح، أو فاسد، هل هو كامل، أو ناقص.
فهذه الخطبة التي حث الشارع على الإسراع من أجل إدراكها، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: مثل المُهجِّر كمثل الذي يهدي بدنة -يعني المبكر في حضور الجمعة- ثم كالذي يهدي بقرة، ثم كالذي يهدي الكبش، ثم كالذي يهدي الدجاجة، ثم كالذي يهدي البيضة(2).
كما أمرنا -تبارك وتعالى- بالاغتسال، والتهيؤ على لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم-. فالنبي -صلى الله عليه وسلم- أمر صراحة من جاء الجمعة أن يغتسل، وقال: "غسل الجمعة واجب على كل محتلم"(3).
وقال -عليه الصلاة، والسلام-: "من غسّل، واغتسل، وبكّر، وابتكر..."(4) إلى آخر الحديث؛ فغسّل قيل: بمعنى اغتسل، غسّل رأسه، واغتسل في سائر جسده.
هذا الذي عليه عامة أهل العلم في تفسيره، ومعناه، وفسره الإمام أحمد -رحمه الله- ومال إليه أبو عبد الله القرطبي -صاحب التفسير- أن المراد بذلك غسل الجنابة.
من غسّل أي: كان متسبباً في غسل غيره من زوجة، أو أمة، واغتسل هو.
واحتجوا لذلك -أيضاً- بما جاء في الحديث الآخر: "من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة.."(5)(متفق عليه).
فقالوا: المراد بذلك أن يغتسل بسبب الجنابة.
وبينوا وجه هذا، قالوا: لأن الإنسان إذا قضى وطره فإن ذلك يتسبب عنه حضور القلب، ودفع المشوشات، فيكون ذهنه في غاية الصفاء.
الإنسان إذا قضى وطره بالحلال فإن قلبه يكون متهيئاً للسماع، وذهنه يكون في غاية الحضور، والمشوشات مندفعة عنه تماماً، فهي أصفى ما يمر على الإنسان من اللحظات الذهنية، بعد قضاء الوطر.
فقالوا: هذه هي العلة - والله تعالى أعلم - في قوله -صلى الله عليه وسلم-: "من غسّل، واغتسل".
ولهذا ذهب الإمام أحمد -رحمه الله- ومن وافقه على هذا أنه يسن الوطء صبيحة يوم الجمعة؛ فالمقصود سواء كان هذا المعنى، أو كان المعنى الأول أن المراد غسّل يعني غسّل رأسه؛ لأن شعورهم كانت طويلة تحتاج إلى كلفة، وعمل بغسلها، واغتسل في سائر البدن، فلا شك أن الغسل يهيئ النفس، ويجد الإنسان معه من النشاط، والخفة، والراحة ما لا يخفى على أحد.
ولذلك تجد الإنسان إذا كان قد قدم من برية، أو من رحلة، أو من سفر، أو في أثناء الحج في يوم النحر، وقد قضى عامة أعمال الحج، فإذا حلق رأسه، وذبح هديه، ورمى الجمار، واغتسل ليتحلل فإنه يجد خفة، ونشاطاً، وراحة لا تذكر.
الإنسان الذي يحمل درناً إذا اغتسل يجد فرقاً كبيراً بين حالته قبل الاغتسال، وحالته بعد الاغتسال، وهكذا حينما يلبس الإنسان أحسن الثياب، فقد حث النبي -صلى الله عليه وسلم- على ذلك، وكان يفعله -عليه الصلاة، والسلام- فهو يوم عيد، فإن هذه الثياب التي يلبسها المسلم مع الاغتسال تسبب له من راحة القلب، ونشاط النفس شيئاً كثيراً.
وقد جُرّب هذا، أثر الاغتسال، وأثر اللباس النظيف الأبيض، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم(6).
جُرّب هذا في بعض السجون في أمريكا، فكانوا يطالبون المساجين -السجون التي يدخل فيها مجرمون- كانوا يطالبونهم بالاغتسال صبيحة كل يوم، وأعطوهم ثياباً نظيفة بيضاء، كل يوم يلبسون ثيابًا نظيفة، فوجدوا تغيراً، وأثراً لذلك على سلوكهم.
وهذا مشاهد، وإذا أردت أن تعرف أثر هذا جرب من الغد، إذا أردت أن تذهب إلى العمل اغتسل قبل أن تذهب، ثم انظر الفرق بين ذهابك بعد الاغتسال، وبين سائر الأيام، ستجد فرقاً لا يقادر.
فالحاصل أن الشارع أمر بالاغتسال، والتهيؤ، والتطيب -أيضاً-؛ لأن الطيب يبعث الانشراح في النفس، وهو من المفرحات؛ كما قال الحافظ ابن القيم -رحمه الله-(7)؛ يعني الأمور التي تبعث الإنسان على السرور، والراحة إذا شم الروائح -الطيب- فيتطيب الإنسان، كل هذا من أجل أن يكون متهيئاً.
ثم هو مأمور بالقرب من الإمام "ثم دنا إذا تكلم الإمام" واستقبله بوجهه كما دل على ذلك حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- من أنه كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا خطب استقبلوه بوجوههم"(8).
فهذا لا شك أنه مظهر يدل على إقبال المسلم على ما يقوله الخطيب دون أن يكون معرضاً عنه ينظر إلى شيء آخر، ولربما نام، والخطيب يخطب كأنه لا يُعنَى بهذه الخطبة، ولا يُخاطَب بها، ولا يُحدَّث بها، وإنما هي لغيره.
وهذا حال الكثيرين، فيفوت عليهم مقصود الشارع من شرع خطبة الجمعة، بل إن الشارع نهى عن أدنى الأشياء مما يكون فيه الاشتغال عن الخطيب "إذا قلت لصاحبك، والإمام يخطب يوم الجمعة: أنصت، فقد لغوت"(9).
والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من مس الحصى فقد لغا(10) ومن لغا فلا جمعة له"(11).
وأحسن ما يفسر بهذا -والله تعالى أعلم- ما صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من أن جمعته تكون ظهراً، يعني لا يكون له أجر الجمعة التي تكون كفارة إلى الجمعة الأخرى، وإنما تكون ظهراً.
وقصة أبيِّ بن كعب -رضي الله عنه- مع ابن مسعود معروفة، حينما جلس بجانبه، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب، فسمع النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- يقرأ من سورة براءة، فقال: متى أنزلت هذه السورة؟
فأبي -رضي الله عنه- لم يجبه، وتجهم له.
يعني ظهر عليه أثر العبوس، والكراهة للسؤال، والإنكار، وما قال له: أنصت؛ لأنه سيكون مشاركاً له في هذا.
فأعاد عليه السؤال ثلاثاً، ثم سأله بعد ذلك، بعد الصلاة: لماذا لم تجبني حيث سألتك ثلاثاً؟
فأخبره أنه لم يحضر معهم الجمعة، فذهب ابن مسعود -رضي الله عنه- إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وسأل عن هذا، فأقر أبيًّا، وصوّب قوله.
إلى هذا الحد! لا يمس الحصى، ولا يعبث بالقلم، ولا يشتغل بالسجاد يخطط عليه، ولا يكلم صاحبه، ولا يأمر بالمعروف، ولا ينهى عن المنكر أثناء خطبة الجمعة. إذا قلت لصاحبك: "أنصت" فقط فقد لغوت، ومن لغا فلا جمعة له"؛ فهذا الإنصات، وهذا التهيب من أجل ماذا؟
نحن نحضر في الشهر أربع خطب، والسنة تشتمل على اثني عشر شهراً. وإذا حسبتها 4 × 12= 48 خطبة، فما تأثيرها؟
هذا الخطيب يتكلم عن البر، والصلة، والصدق، وأكل الحرام، وحقوق الجار، والخوف من الله -سبحانه- والجنة، والنار، إلى غير ذلك من الموضوعات في الأبواب المتفرقة حتى إن الخطباء ليعانون معاناة شديدة كما هو معلوم، ومن مارس الخطابة عرف هذا.
يعانون من نضوب الموضوعات عندهم، يقول لك: خطبنا عن كل شيء، عشر سنوات، وأنا على هذا المنبر، أعطوني موضوعات، ماذا تقترحون؟
وإذا نظرت في بعض الخطباء، والأشياء التي خطب عنها تقول: ما ترك شيئاً؛ فأين أثر هذه الخطب على الناس؟ أين أثرها؟ نحن لا نتكلم عن أناس بعيدين، نحن نتكلم عن أنفسنا، ما هي أثر هذه الخطب علينا؟
لا شك أن الغفلة موجودة، والنقص موجود، والجهل موجود، وتعدي، وتجاوز حدود الله -سبحانه- موجود لدى الجميع، لكن الناس في هذا بين مقلّ، ومكثر.
فهذه الخطب التي نسمعها لو أن أحداً لا يسمع محاضرة قط، ولا يحضر كلمة في مسجد، ولا موعظة إلا الخطبة فقط، وأكثر الناس لا يفرطون فيها، أكثر الناس يأتون يوم الجمعة، ولو كان الواحد منهم لا يصلي الفروض الخمسة في المسجد.
ولذلك تمتلئ المساجد يوم الجمعة، بل في بعض البلاد تجد أن جميع المساجد تصلي الجمعة، لا يوجد عندهم جوامع، كل المساجد مكتظة، وهذا موجود في مثل: مصر، ما عندهم هذا مسجد جامع، وهذا مسجد فروض، المساجد مليئة، إلا أن الفرق أن بعض الخطباء المرموقين يحتشد الناس خلفهم في الشوارع، ولربما في بعض البنايات المجاورة، والتي لم ينته بناؤها بعد، فيتجمهرون عند هذا الخطيب، لكن جميع المساجد تمتلئ.
فأين أثر هذه الخطب على الناس؟ لماذا لا نتأثر كثيراً، ونحن نسمع؟
لابد من إعادة النظر، ومراجعة النفس، والقصد، والنية، والتصور، وتصحيح ذلك جميعاً.
إذا تهيأت يوم الجمعة، وأتيت إلى المسجد مبكراً لابد أن تعمل بوصايا أربع، من أجل أن تستفيد من هذه الخطبة التي هي موجهة لي، ولك، الخطيب لا يكلم أناساً خارج المسجد إنما يكلم من في المسجد، فلابد من التفطن لأمور أربعة:
الأول: وهو أصل الانتفاع دائماً: حضور القلب.
أحضر قلبك، كثير من الناس يأتي، وإذا نظرت فيهم، وتلفّت تجد هذا، وهذا، وذاك يغط في نوم عميق، فهذا لا يمكن أن ينتفع، ومن الناس من قد تسلط عليه الشيطان، لا يتسلط عليه النوم إلا في مجالس الذكر.
أما إذا كان في مجالس لهو، أو غيبة، أو حديث لا قيمة له فهو من أنشط الناس، متيقظ تماماً، فهذه بلية، ورزية، والله -سبحانه- قال عن النوم: (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ)[الأنفال: 11].
النوم في أرض المعركة، والنعاس في أرض المعركة أمنة؛ لأنه يحصل به طمأنينة القلب، فتذهب عنه بواعث الخوف، ويحصل به راحة البدن، وأما النوم أثناء الخطبة فهو مذموم، وهكذا في مجالس العلم.
بل قال بعض السلف حينما سئل عمن ينام في مجلس العلم، قال كلمة شديدة، قال: "ذاك كذا في مسلاخ إنسان.(12)؛ يعني كلمة يصعب أن أقولها عمن ينام في مجالس العلم.
يعني حدد نوعًا من الحيوانات التي عرفت بالبلادة، ذاك كذا في مسلاخ إنسان، يعني في صورة إنسان.
الإنسان لا ينام حيث يقسم ميراث النبوة، وإنما يقسم ميراث النبوة في رياض الجنة، ورياض الجنة هي مجالس الذكر.
لو أن الإنسان إذا حضر مجالس لا فائدة فيها غلبه النوم، ونام، وتركهم، فهذا يمدح به، أن قلبه منصرف عن مجالس اللغو، لكن من الذي ينام في مجالس اللهو؟ هذا نادر، الشيطان يبعث النشاط، ويحدوه، ويحثه على المشاركة فيها، أن يكون له دِلاء في هذا الحديث، ولا يكتفي بدلو واحد، فأحضر قلبك عند سماع الموعظة، والله -سبحانه- يقول: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ)[ق: 37].
والإنسان الذي لا يحضر قلبه لا يمكن أن ينتفع؛ لأن القلب هو موضع التعقل، والتفكر، ومستقر الإرادات، والمعتقدات، وإذا كان القلب منصرفاً فإن الإنسان لا يعقل بيده، ولا يعقل برجله، ولا يعقل بكتفه، وإنما يعقل بقلبه، فإذا شُغل هذا القلب فهو كالمكتوف الذي يريد أن يأخذ شيئاً بيده، ولا يستطيع.
اليد للقبض، والبطش، فإذا كان الإنسان مكتوفاً فإنه لا يستطيع أن ينتفع بها، فالقلب إنما يكون مكتوفاً إذا كان معطلاً من الفكر، والتعقل، والانتفاع، فلا يكون حاضرًا عند الموعظة، فلا يحصل مقصوده حينما يحضر لخطبة الجمعة، حضر بدنه، ولم يحضر قلبه.
القلب مشغول بشيء آخر، القلب في الأسهم، في الشاشة، في برامج تلفزيونية، في المعارض، في الغداء الذي سيأكله بعد الصلاة، مشغول به.
______
1. أخرجه مسلم، كتاب المساجد، ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار، وسكينة، والنهي عن إتيانها سعيًا، برقم (601).
2. أخرجه البخاري، كتاب الجمعة، باب الاستماع إلى الخطبة، برقم (929)، ومسلم، كتاب الجمعة، باب فضل التهجير يوم الجمعة، برقم (850).
3. أخرجه البخاري، كتاب الجمعة، باب الطيب للجمعة، برقم (880)، ومسلم، كتاب الجمعة، باب، وجوب غسل الجمعة على كل بالغ من الرجال، وبيان ما أمروا به، برقم (846).
4. أخرجه الترمذي، أبواب الجمعة، باب ما جاء في فضل الغسل يوم الجمعة، برقم (496)، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلوات، والسنة فيها، باب ما جاء في الغسل يوم الجمعة، برقم (1087)، وصححه الألباني في تحقيق مشكاة المصابيح، برقم (1388).
5. أخرجه البخاري، كتاب الجمعة، باب فضل الجمعة، برقم (881)، ومسلم، كتاب الجمعة، باب الطيب، والسواك يوم الجمعة، برقم (850).
6. أخرجه أبو داود، كتاب الطب، باب في الأمر بالكحل، برقم (3878)، وبرقم (4061)، كتاب اللباس، باب في البياض، والترمذي، أبواب الجنائز عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- باب ما يستحب من الأكفان، برقم (994)، والنسائي، كتاب الزينة، باب الأمر بلبس البيض من الثياب، برقم (5322)، وصححه الألباني في صحيح الجامع، برقم (1236).
7. زاد المعاد في هدي خير العباد (4/ 363)، والطب النبوي لابن القيم (ص: 300).
8. أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، برقم (5713).
9. أخرجه البخاري، كتاب الجمعة، باب الإنصات يوم الجمعة، والإمام يخطب، برقم (934)، ومسلم، كتاب الجمعة، باب في الإنصات يوم الجمعة في الخطبة، برقم (851).
10. أخرجه مسلم، كتاب الجمعة، باب فضل من استمع، وأنصت في الخطبة، برقم (857).
11. أخرجه أحمد في المسند، برقم (719)، وقال محققوه: "إسناده ضعيف لجهالة مولى امرأة عطاء".
12. أدب الإملاء، والاستملاء (ص: 142).
يتبع المقال الثاني إن شاء الله تعالى.
التعليقات