عناصر الخطبة
1/ فتية الكهف يفرون بدينهم من الوثنية 2/ تثبيتهم من قبل الله على أمرهم 3/ معجزات في شأنهم 4/ دلالات على البعث بعد الموتاهداف الخطبة
اقتباس
وهكذا أخبر الله تعالى عن أصحاب الكهف أنهم كانوا فتية شبابًا، وقد روي عن هؤلاء الفتية روايات مضطربة أوثقها أن هؤلاء كان قدم إلى مدينتهم من يدعو إلى الإيمان بالله تعالى وبما جاء به عيسى -عليه السلام- ممن كان على قدم الحواريين، فاستجاب لذلك الفتية المنوه عنهم، وخلعوا الوثنية التي عليها قومهم، وفروا بدينهم خشية أن ..
الحمد لله القائل: (فَقَالُوا رَبَّنَا آَتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا) [الكهف:10]، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أجمعين، وعلى التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله- الذي قصّ علينا أعظم القصص في كتابه الكريم لنتعظ بها ونطيعه -سبحانه وتعالى-.
عباد الله: الحديث عن قصة أصحاب الكهف: كما قص الله -عز وجل- قصتهم في سورة الكهف في الآيات من الآية 9 حتى الآية 26، أمر مؤثر، بل وعظيم على النفوس والعقول.
قال الله تعالى موجهًا الخطاب لنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-: (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آَيَاتِنَا عَجَبًا) [الكهف:9] ، والكهف هو الغار الواسع في الجبل، والرقيم: اسم كلبهم، وقيل: لوح رقم فيه حديثهم وجعل على باب الكهف، (إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آَتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا) [الكهف:10]، أي أووا إلى الكهف خوفًا من إيذاء الملك لهم بسبب تركهم لعبادة الأوثان والذبح لها، فدعوا الله -عز وجل- أن يؤتيهم من خزائن رحمته، وهي المغفرة والرزق والأمن من الأعداء، وأن ييسر لهم -بسبب اختيارهم للكهف مقرًا لمفارقتهم الكفر- رشدًا، وهو توحيد الله وعبادته، (فَضَرَبْنَا عَلَى آَذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا) [الكهف:11]، أي أنمناهم نومة ثقيلة لا ينبههم صفير الخبر، ولا دعوة الداعي الخبير، وبقوا نائمين في الكهف سنين ذوات عدد كثير، (ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا) [الكهف:12]، أي أيقظناهم إيقاظًا يشبه بعث الموتى، لنعلم أي الحزبين المختلفين في مدة نومهم أشد إحصاءً أي: إحاطة وضبطًا لغاية مدة لبثهم نائمين، فيعلموا قدر ما حفظهم الله تعالى بلا طعام ولا شراب، وآمنهم من العدو، فيتم لهم رشدهم في شكر الله، وتكون لهم آية تبعثهم على عبادته؛ قال تعالى: (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى) [الكهف:13] ، أي نقص عليك -يا محمد- قصتهم المطابقة للواقع.
قال ابن كثير -رحمه الله-: "الفتية هم الشباب، فهم أقبل للحق وأهدى للسبيل من الشيوخ الذين قد عتوا وانغمسوا في دين الباطل".
وهكذا أخبر الله تعالى عن أصحاب الكهف أنهم كانوا فتية شبابًا، وقد روي عن هؤلاء الفتية روايات مضطربة أوثقها أن هؤلاء كان قدم إلى مدينتهم من يدعو إلى الإيمان بالله تعالى وبما جاء به عيسى -عليه السلام- ممن كان على قدم الحواريين، فاستجاب لذلك الفتية المنوه عنهم، وخلعوا الوثنية التي عليها قومهم، وفروا بدينهم خشية أن يفتنهم ملكهم عن دينهم أو يقتلهم، فاستخفوا عنه في الكهف، واعتزلوا فيه يعبدون الله تعالى وحده، ثم روي أن الملك طلبهم فقيل: دخلوا هذا الكهف، فقال قومهم: لا نريد لهم عقوبة ولا عذابًا أشد من أن نردم عليهم هذا الكهف، فبنوه عليهم ثم ردموه، ثم إن الله بعث ملكًا على دين عيسى -عليه السلام-، فرفع ذلك البناء الذي كان ردم عليهم، فقال بعضهم لبعض: كم لبثتم؟! فقالوا: لبثنا يومًا أو بعض يوم حتى بلغ (فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ) [الكهف:19]، الوَرِق هنا يراد به العملة من الفضة، فأرسلوا أحدهم يأتيهم بطعام، فلما ذهب ليخرج رأى على باب الكهف شيئًا أنكره، فأراد أن يرجع، ثم مضى حتى دخل المدينة، فأنكر ما رأى، ثم أخرج درهمًا فنظروا إليه فأنكروه وأنكروا الدرهم، وقالوا: من أين لك هذا؟! هذا من وَرِق غير هذا الزمان، واجتمعوا عليه يسألونه، فلم يزالوا به حتى انطلقوا به إلى ملكهم، فأخبرهم بأمره، فاستبشروا به وبأصحابه، وقيل له: انطلق فأرنا أصحابك، فانطلق وانطلقوا معه ليريهم، فدخل قبل القوم فضرب الله على آذانهم: (قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا) [الكهف:21].
وقد قيل: إنها مدينة يقال لها: (طرسوس) من أعمال طرابلس الشام، وفيها من الآثار القديمة العهد في جبل بها، ما يزعم أهلها زعمًا متوارثًا أنه لأصحاب الكهف -والله أعلم-.
وقد بيّن الله تعالى صبرهم على مخالفة قومهم ومدينتهم ومفارقة ما كانوا فيه من العيش الرغيد بقوله سبحانه: (وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا) [الكهف:14]، أي قوينا قلوبهم بالصبر على المجاهدة، وشجعناهم على الفرار بدينهم، والربط يأتي بمعنى الشد، فقالوا: ربنا إله واحد هو الله، لن نعبد من دونه أحدًا، و(شططًا) أي ذا بعد عن الحق مفرط في الظلم.
ثم قالوا: (هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا) [الكهف:15]، ثم خاطب بعضهم بعضًا بقولهم: (وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا) [الكهف:16]، أي يترك من بعثهم من إفراط ظلمهم وهو موجب بغضهم، واعتزلتم معبوداتهم غير الله، فإنهم كانوا يعبدونهم صراحةً أو في ضمن معبوداتهم، فأووا إلى الكهف الذي لا يطلعون عليكم فيه فلا يؤذونكم، يعطيكم الله من رحمته، ويهيئ لكم مما تنتفعون به.
ثم قال الله تعالى عنه: (وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا) [الكهف:17] ، تزاور: أي تميل، فالشمس عند طلوعها تميل عن باب كهفهم جهة اليمين، وإذا غربت هبطت وعدلت عن سمت رؤوسهم إلى جهة الشمال، وهم في سعة من الكهف يصل إليهم الهواء من كل جانب دون أذى الشمس، ثم قال الله تعالى: (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا) [الكهف:18]، أي يظن من يراهم أنهم غير نائمين؛ لأن أعينهم مفتحة لا تنطبق لئلا يسرع إليها البلى، فإذا بقيت ظاهرة للهواء كان أبقى لها، ويتقلبون في نومهم يمينًا وشمالاً لئلا تتلف الأرض أجسادهم، وكلبهم مادّ يديه بالباب، وقد شملت بركتهم كلبهم فأصابه ما أصابهم من النوم على تلك الحال، قال ابن كثير: وهذه فائدة صحبة الأخيار، فإنه صار لهذا الكلب ذكر وخبر وشأن.
لو نظرت إليهم مع غاية قوتك لامتلأ صدرك خوفًا لما ألبسوا من الهيبة، فلا يقع نظر أحد عليهم إلا هابهم وخافهم، ثم قال الله تعالى: (وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا) [الكهف:19]، أي بعد أن أنمناهم تلك النومة بعثناهم صحيحة أبدانهم وأشعارهم وأبشارهم، لم يفقدوا من هيئاتهم وأحوالهم شيئًا، تذكيرًا بقدرة الله سبحانه على الإنامة والبعث جميعًا، ليسأل بعضهم بعضًا عن مدة نومهم، ليعتبروا ويستدلوا على عظمة قدرة الله تعالى، ويزدادوا يقينًا ويشكروا ما أنعم الله عليهم وكرموا به، فاختلفوا في مدة نومهم حتى قالوا: لبثنا يومًا أو بعض يوم، قال ابن كثير: كأنه كان دخولهم في أول نهار، واستيقاظهم كان في آخر نهار، ثم أنكروا على بعضهم على بعض وقالوا: إن الله أعلم بمدة لبثهم، فقد علموا بإلهام من الله أنهم ناموا مدة طويلة، وأن مقدارها مبهم، فأحالوا تعينها على الله ربهم، فأرسلوا أحدهم متخفيًا إلى المدينة حتى لا يراه أحد ليشتري لهم طعامًا طيبًا دون أن يشعر بهم أحد من الناس، ثم قال الله تعالى عنهم وهو من قولهم: (إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا) [الكهف:20]، أي أن يطلع الكفار السابقين على مكانكم يقتلوكم بالحجارة أو يعيدوكم بالإكراه والقوة إلى دينهم، ولن تفلحوا أبدًا إذا عدتم إلى ملتهم.
ونكمل في الخطبة الثانية -إن شاء الله-.
نفعني الله وإياكم بهدي كتابه وسنة خاتم رسله، أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله عالم غيب السماوات والأرض، ولا يشرك في قضائه وحكمه أحدًا من خلقه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أجمعين، وعلى التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فاتقوا الله -عباد الله- وأطيعوه واحمدوه سبحانه واشكروه.
عباد الله: إكمالاً للحديث عن أصحاب الكهف قال الله تعالى: (وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا) [الكهف:21]، أي أطلعنا عليهم أهل المدينة رغم كل حرصهم على التخفي وأن لا يعلم أحد عنهم، فالذي دخل المدينة لشراء الطعام وعند إخراجه أوراقهم المتقادمة العهد كشف أمرهم، وذلك ليعلم الذين أطلعناهم على حالهم أن وعد الله بالبعث حق، وأن البعث بعد الموت لابد منه ولا شك فيه، ثم إن الله بعدما أماتهم أراد القوم أن يعتنوا بهم بأن يبنوا على باب كهفهم بنيانًا عظيمًا ليصبح كالمزارات، ثم قال أصحاب الغلبة ونفوذ الكلمة منهم: (لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا)، أي لنصلي فيه تبركًا بهم وبمكانهم، وهذا غير جائز؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد". البخاري.
ثم بعد ذلك قال الله تعالى: (سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا) [الكهف:22]، أي يقول الخائضون في قصتهم على عهد النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- من أهل الكتاب الذين لا علم لهم بالحقيقة هذه المقالة في عددهم، وكل ذلك رميًا وتلفظًا بما غاب عنهم حقيقته، فقل -يا محمد-: الله أعلم بعددهم، فلا تجادل أهل الكتاب في شأن أصحاب الكهف إلا جدالاً ظاهرًا لينًا غير متعمق فيه، ففوض العلم إلى الله -عز وجل- من غير تجهيل لهم، لا تعنف بهم في الرد عليهم، ولا تسأل أحدًا منهم عن نبئهم، والمعنى: جاءك الحق الذي لا مرية ولا جدال فيه، ثم قال الله تعالى: (وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا)، أي اربط كل شيء تفعله بمشيئة الله تعالى، واذكر الله إذا نسيت وادعه واسأله أن يهديك للخير والمنفعة، وأن يهديك إلى الرشد، وخاصة في النبأ المتحاور فيه وهو شأن أصحاب الكهف، ثم قال تعالى مبينًا مدة لبثهم نائمين: (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا * قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا) [الكهف23 :24] .
فعلمهم عند الله -عز وجل- عالم الغيب والشهادة، له عظمته، لا ولي له من دونه، ولا يشرك في قضائه أحدًا في خلقه.
وصلوا -عباد الله- وسلموا على خاتم رسل الله نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-.
التعليقات