عناصر الخطبة
1/ طبيعة الصراع بين الخير والشر 2/ شناعة القتل وضرره على القاتل والمقتول والمجتمع 3/ عاقبة القتل والوعيد عليه 4/ وفاة الدكتور عبد الرحمن السميط 5/ بعض من أخباره وسيرته الحسنة 6/ دعوته إلى الله في إفريقيااهداف الخطبة
اقتباس
وترسم الجريمة المنكرة التي يرتكبها الشر والعدوان الصارخ وهو القتل، الذي يثير الضمير والشعور بالحاجة إلى شريعة نافذة بالقصاص العادل، تكف النموذج الشرير المعتدي عن الاعتداء؛ وتخوفه وتردعه عن الإقدام على الجريمة؛ فإذا ارتكبها على الرغم من ذلك وجد الجزاء العادل، المكافئ للفعلة المنكرة، كما تصون النموذج الطيب الخير وتحفظ حرمة دمه، فمثل هذه النفوس يجب أن تعيش، وأن تصان وأن تأمن في ظل شريعة عادلة رادعة.
الخطبة الأولى:
أيها الإخوة: يقول الله تعالى في كتابه العزيز: (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [يوسف:111]، ومما قص الله سبحانه علينا في كتابه العزيز قصةَ ابني آدم -عليه السلام- فقال: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ * فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ)، نعم خسر نفسه فأوردها موارد الهلاك، وخسر أخاه ففقد الناصر والرفيق والمعين، وخسر دنياه فما تهنأ للقاتل حياة، وخسر آخرته فباء بإثمه الأول وإثمه الأخير، (فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ * مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ) [المائدة:27 -32].
أيها الإخوة: هذه القصة تقدم نموذجاً لطبيعة الشر والعدوان الصارخ الذي لا مبرر له، كما تقدم نموذجاً لطبيعة الخير والسماحة والطيبة والوداعة، وتوقفهما وجهاً لوجه يتصرف كل منهما وفق طبيعته.
وترسم الجريمة المنكرة التي يرتكبها الشر والعدوان الصارخ وهو القتل، الذي يثير الضمير والشعور بالحاجة إلى شريعة نافذة بالقصاص العادل، تكف النموذج الشرير المعتدي عن الاعتداء؛ وتخوفه وتردعه عن الإقدام على الجريمة؛ فإذا ارتكبها على الرغم من ذلك وجد الجزاء العادل، المكافئ للفعلة المنكرة، كما تصون النموذج الطيب الخير وتحفظ حرمة دمه، فمثل هذه النفوس يجب أن تعيش، وأن تصان وأن تأمن في ظل شريعة عادلة رادعة.
أيها الأحبة: ولم يذكر القرآن زمنًا ولا مكاناً ولا أسماءَ في القصة وسأبقيها كما وردت مجملة بدون تحديد؛ لأن الروايات الواردة ليس فيها حديث صحيح.
أحبتي: مجرد سماع هذه القصة بسياقها القرآني البديع يوقع في النفس والقلب والعقل شناعة القتل وضرره على القاتل والمقتول والمجتمع بأسره.
وقول الله تعالى بعد بيان القصة: (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ)، أي من أجل وجود هذه النماذج في البشرية، ومن أجل الاعتداء على المسالمين الوادعين الخيرين الطيبين، الذين لا يريدون شراً ولا عدواناً، فجعل جريمةَ قتلِ نفس واحدة كبيرة تعدل جريمة قتل الناس جميعاً، وجعل العمل على دفع القتل وإحياء نفس واحدة عملاً عظيماً يعدل إنقاذ الناسِ جميعاً، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الْأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ". متفق عليه. "كفل": الكفل الجزاء والنصيب.
وكتبنا ذلك على بني إسرائيل فيما شرعنا لهم من الشريعة بأن قتل نفس واحدة في غير قصاص لقتل، وفي غير دفع فساد في الأرض يعدل قتل الناس جميعاً؛ لأن كل نفس ككل نفس، وحق الحياة واحد ثابت لكل نفس، فقتل واحدة من هذه النفوس هو اعتداء على حق الحياة ذاته، الحق الذي تشترك فيه كل النفوس.
كذلك من دفع القتل عن نفس وأحياها بدفع السوء عنها إحياء للنفوس جميعاً؛ لأنه صيانة لحق الحياة الذي تشترك فيه النفوس جميعاً.
أيها المؤمنون بالله ورسوله: يقول الحق -تبارك وتعالى-: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً...) الآية [النساء:92]، أي: يمتنع ويستحيل أن يصدر من مؤمنٍ قتل مؤمنٍ متعمداً؛ ذلك أن القتلَ إعدامٌ لنفسٍ محترمةٍ، وإخراجٌ لها من الوجودِ إلى العدم، وفي هذا الإخبارُ بشدة تحريمه وأنه مناف للإيمان أشد منافاة، وإنما يصدر ذلك إما من كافرٍ، أو من فاسقٍ قد نقصَ إيمانه نقصاً عظيماً، ويُخشى عليه ما هو أكبر من ذلك، فإن الإيمان الصحيح يمنع المؤمن من قتلِ أخيه الذي قد عقد الله بينهما الأخوة الإيمانية التي من مقتضاها محبته وموالاته، وإزالة ما يعرض لأخيه من الأذى، وأي أذى أشد من القتل؟! ويؤكد هذا ما رواه ابْنُ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: "وَيْلَكُمْ أَوْ وَيْحَكُمْ؛ لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ". رواه البخاري.
فعلم أن القتل من الكفر العملي وأكبرِ الكبائر بعد الشرك بالله، سواء أكان المقتول ذكرًا أم أنثى، صغيرًا أم كبيرًا.
وقد توعد الله عليه وعيداً شديداً ترجُفُ له القلوبُ وتنصدعُ له الأفئدة، وتنزعج منه أولو العقول، فلم يرد في أنواعِ الكبائرِ أعظمُ من هذا الوعيد، بل ولا مثلُه، ألا وهو الإخبارُ بأنَّ جزاءَه جهنَّم، أي: فهذا الذنب العظيم قد انتهض وحدَه أن يجازى صاحبَهُ بجهنَّم، بما فيها من العذاب العظيم، والخزي المهين، وسخط الجبار، وفوات الفوز والفلاح، وحصول الخيبة والخسار، إضافة إلى غضبه ولعنه، فعياذًا بالله من كلِّ سبب يُبعد عن رحمته، فقال الله تعالى: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) [النساء:93].
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ. النسائي وصححه الألباني. وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "يَجِيءُ الرَّجُلُ آخِذًا بِيَدِ الرَّجُلِ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ: هَذَا قَتَلَنِي، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: لِمَ قَتَلْتَهُ؟! فَيَقُولُ: قَتَلْتُهُ لِتَكُونَ الْعِزَّةُ لَكَ، فَيَقُولُ: فَإِنَّهَا لِي. وَيَجِيءُ الرَّجُلُ آخِذًا بِيَدِ الرَّجُلِ فَيَقُولُ: إِنَّ هَذَا قَتَلَنِي، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: لِمَ قَتَلْتَهُ؟! فَيَقُولُ: لِتَكُونَ الْعِزَّةُ لِفُلَانٍ، فَيَقُولُ: إِنَّهَا لَيْسَتْ لِفُلَانٍ، فَيَبُوءُ بِإِثْمِهِ". النسائي وصححه الألباني.
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "يَجِيءُ المَقْتُولُ بِالقَاتِلِ يَوْمَ القِيَامَةِ نَاصِيَتُهُ وَرَأْسُهُ بِيَدِهِ وَأَوْدَاجُهُ تَشْخَبُ دَمًا، يَقُولُ: يَا رَبِّ: قَتَلَنِي هَذَا، حَتَّى يُدْنِيَهُ مِنَ العَرْشِ". رواه الترمذي وصححه الألباني.
وقال رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا فَاعْتَبَطَ بِقَتْلِهِ -فسعد وسر- لَمْ يَقْبَلْ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا". أي: الصرف التوبة والعدل الفدية. أبو داود عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وصححه الألباني.
أحبتي: ولعظم أمر الدماء وكثير خطرها جعلها الله أول ما يقضى فيه بين الناس؛ فعَنْ عَبْدِ اللهِ بن مسعودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الدِّمَاءِ". متفق عليه. وعَنِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَنْ يَزَالَ المُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ، مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا". رواه البخاري. والفسحة: السِّعَة. أي: لا يزال في رجاء رحمة من الله على ما ارتكبه من الذنوب، فإذا أصاب الدم الحرام ضاقت عليه المسالك.
وعن ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قال: سَمِعْتُ نَبِيَّكُمْ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "يَجِيءُ -المقتول- مُتَعَلِّقًا بِالْقَاتِلِ تَشْخَبُ أَوْدَاجُهُ دَمًا. فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ: سَلْ هَذَا فِيمَ قَتَلَنِي؟!". رواه النسائي وهو صحيح الإسناد.
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: "إِنَّ مِنْ وَرَطَاتِ الأُمُورِ، الَّتِي لاَ مَخْرَجَ لِمَنْ أَوْقَعَ نَفْسَهُ فِيهَا، سَفْكَ الدَّمِ الحَرَامِ بِغَيْرِ حِلِّهِ". رواه البخاري. (ورطات): جمع ورطة، وهي الهلاك، يقال: وقع فلان في ورطة أي في شيء لا ينجو منه، وقد فسرها في الخبر بقوله: "التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها".
أيها الإخوة: القتل بغير حقّ جريمة بشعة، ومن أكبر الكبائر، وهو اعتداء على المجتمع كلّه، وسبب لجلب سخط الرّبّ -تبارك وتعالى-، وسبب من أسباب الضيق في الدنيا والآخرة، أسأل الله أن يطهر أيدينا من قتل المؤمنين، ويطهر قلوبنا من الفرح بذلك أو إقراره، وأن يجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين.
الخطبة الثانية:
في خضم هذه الأحداث المؤلمة التي تعيشها الأمة، فجعنا بفجيعة أخرى ألا وهي وفاة علم من أعلام الدعوة الإسلامية الدكتور عبد الرحمن بن حمود السميط -رحمه الله رحمة واسعة-، الذي ووري الثرى صباح اليوم، إنه رجل بأمة، وقدم ما لا تقدمه دولة لدينه وأمته فليبشر بخير.
هذا الرجل الفذ الذي أسلم على يديه الملايين -أكثر من 11 مليون إنسان-، هذا الرجل الذي قدم بوقته وماله وعياله وقضى عمره في القارة السمراء، ينشر الإسلام بكل ما استطاع من جهد.
رجل أحبته القلوب ورأت فيه كل الخير، ولمن لا يعرف من هو هذا الفذ، هذه بعض سيرته وإنجازاته، وأسأل الله أن يمن عليه بالقبول.
قبل أن يصبح أحد فرسان العمل الخيري، كان طبيبًا متخصصًا في الأمراض الباطنية والجهاز الهضمي، لم يكن طبيبًا عاديًا، بل طبيبًا فوق العادة؛ إذ بعد أن ينتهي من عمله المهني، كان يتفقد أحوال المرضى، في أجنحة مستشفى الصباح -أشهر مستشفيات الكويت-، ويسألهم عن ظروفهم وأحوالهم الأسرية والاجتماعية والاقتصادية، ويسعى في قضاء حوائجهم، ويطمئنهم على حالاتهم الصحية.
واستمر حرصه على الوقوف إلى حال المعوزين وأصحاب الحاجة، وحينما شعر بخطر المجاعة يهدد المسلمين في إفريقيا، وأدرك خطورة حملات التنصير التي تجتاح صفوف فقرائهم في أدغال القارة السوداء.
أيها الإخوة: هنا تغيرت حياته وآثر أن يترك عمله الطبي طواعية، ليجسد مشروعًا خيريًا رائدًا في مواجهة غول الفقر وخطر التنصير، واستقطب معه فريقًا من المخلصين الذين انخرطوا في تدشين هذا المشروع الإنساني، الذي تتمثل معالمه في مداواة المرضى، وتضميد جراح المنكوبين، ومواساة الفقراء والمحتاجين، والمسح على رأس اليتيم، وإطعام الجائعين، وإغاثة الملهوفين.
أيها الأحبة: تركز جل نشاط السميط من خلال لجنة مسلمي إفريقيا بعد أن وُضعت أهداف خيرية تنطلق من أجل أن تمسح دمعة يتيم مسلم، أو رعاية قرية مسلمة تعليميًا أو صحيًا أو اجتماعيًا، من أجل حفر بئر مياه للشرب أو صيانتها، من أجل بناء مدرسة أو صيانتها، كذلك رعاية الآلاف من المشردين، ومن أجل مواجهة الخطر التنصيري الزاحف، واستمرارية العمل الخيري الإسلامي.
وكان اهتمامه بإفريقيا بعد أن أكدت دراسات ميدانية للجنة أن ملايين المسلمين في القارة السوداء لا يعرفون من الإسلام إلا خرافات وأساطير لا أساس لها من الصحة انتشرت بينهم لقلة أهل العلم، وأصبح غالبيتهم خاصة أطفالهم في المدارس عرضة لخطر التنصير، ووُجِدَ هذا واقعًا، فقد تنصر عشرات الآلاف في تنزانيا وملاوي ومدغشقر وجنوب السودان وكينيا والنيجر وغيرها من الدول الإفريقية، بينما آباؤهم وأمهاتهم من المسلمين.
أيها الإخوة: الحديث عن الدكتور السميط حديث طويل، فقد قضى ربع قرن في إفريقيا، وكان يأتي للكويت فقط للزيارة أو العلاج، كانت سلسلة رحلاته في أدغال إفريقيا وأهوال التنقل في غاباتها محفوفة بالمخاطر، وعرض نفسه للخطر لأجل أن يحمل الإسلام والغوث لإفريقيا، فَيَدٌ فيها رغيف ويَدٌ فيها مصباحُ نورٍ وكتاب، ويقوم بذلك بجسد مثخن بالضغط والسكر والجلطات، لكن إيمانه برسالته ودينه وأنه حق ويجب أن يصل للعالمين.
أدعوكم جميعًا أن تبحثوا عن سيرته وتطلعوا على إنجازاته، ولو لم يكن من ذلك إلا بث الأمل فيكم، وأن الخير والنماذج الكبيرة موجودة، فما زالت رحم الأمة ولودًا بحمد الله، ثم ما ينوبه من دعوات خالصة له من قلوبكم.
أحبتي: هذه إشارة عابرة ونماذج من إنجازاته فقد أسلم على يده أكثر من أحد عشر مليون نصراني ووثني، وبنى أكثر من 5700 مسجد، ووزع عشرات الآلاف من المصاحف وكفل أكثر من 50 ألف يتيم وأنشأ أكثر من 840 منشأة تعليمية فيها أكثر من 500 ألف طاب وطالبة و4 جامعات و204 مراكز إسلامية وحفر أكثر من 12 ألف بئر وأطلق أكثر من عشر إذاعات، وغيرها كثير.
نسأل الله أن يتقبله في أوليائه المخلصين، ويرفعه في فردوسه في أعلى عليين، إنه جواد كريم.
التعليقات