عناصر الخطبة
1/من علامات الساعة الصغرى والكبرى.اقتباس
ومِنْ الأَشراطِ الصُّغْرَى للسَّاعَةِ، عَدَمُ التَّوَرُّعِ عَنْ أَخْذِ المالِ الحَرَامِ، روى البخاري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لاَ يُبَالِي الْمَرْءُ بِمَا أَخَذَ الْمَالَ أَمِنْ حَلاَلٍ أَمْ مِنْ حَرَامٍ"(رواه البخاري)....
الخطبة الأولى:
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أَمَّا بَعْدُ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)،
أيها المسلمون: أَقامَ اللهُ هذا الكًوْنَ وَجَعَلَهَ مِيقاتاً لهذهِ الحياةِ الدنيا، فأَبْدَعَ فيهِ صُنْعَهُ، وأَتْقَنَ فيهِ نِظَامَهُ، وَجَعَلَ فيهِ آياتٍ لقومٍ يتفكرون، وقدْ حَكَمَ اللهُ على هَذَا الكَوْنِ بِالنهايةِ، وقَضَى عليه بالزَّوال، وَجَعَلَ لِهذه الحَياةِ أَمداً تَنتهي إِليه.
تَنْتَهي هذه الحياةُ، لِتَبْدَأَ بَعدها الحياةُ الأُخرى، حياةُ الحِسابِ والجزاءَ، حياةُ الخُلودِ والبقاءَ، حياةٌ فيها السعادَةُ الأَبديةُ أَو الشقاءُ السَّرْمَدِي؛ (فَمِنْهُم شَقِيٌّ وَسَعِيْ).
تَنتَهي هَذِهِ الحَيَاةُ بِقِيامِ الساعَةِ، والسَّاعَةُ أَمرُها عَظِيمٌ، ووَقْعُها جَسِيْمٌ، وخَطْبُها عَمِيْم؛ (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ).
كَفَرَ بالساعَةِ قَومٌ فاسْتَخَفُّوا بِها، وآمَنَ بِها آخَرونَ فاسْتَعَدُّوا لها؛ (يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ)؛ إِنه الوَعْدُ الحَقُّ، وإِنهُ اليومُ المَشْهُوُد؛ (ذَٰلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَٰلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ * وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ).
ولَمَّا كَانَ أَمْرُ السَّاعَةِ أَمْرٌ عَسِيْرٌ، وَوُقُوْعُها وَقْعٌ خَطِيْرٌ، تَوَالت الأَسْئِلَةُ على رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-: متى الساعةُ؟ متى الساعةُ؟ فكانَ الجوابُ مِنْ رَبِّ العالَمِينْ: (يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا)، أَخفى الله عِلْمُها عن العَالَمِيْن، فَلا يَعْلَمُ مِيْقاتَها، مَلَكٌ مُقَرَّبٌ ولا نَبِيٌّ مُرْسَل؛ (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْإِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ).
أَخْفَى اللهُ عِلْمَ السَّاعةِ، وجَعَلَ لِقُرْبِ حُلُولِها عَلامَاتٌ وأَمَاراتٌ وأَشْراطٌ، فَكُلما ظَهَرَتْ عَلامَةٌ مِنَ عَلامَاتِها، ازْدَادَتْ الدَّلائلُ على اقترابِ وُقُوْعِها؛ قال الله -جَلَّ شَأَنُه-: (فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ).
وللساعةِ أَشْرَاطٌ وعلاماتٌ كُبْرى، وأَشراطٌ وعلاماتُ صُغْرى؛ فالأَشْراطُ الكُبرى للسَّاعَةِ، لها وَقَائعُ عَظيمةٌ لَيسَتْ مما يأْلَفُهُ الناسُ، كخروجِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبها، وخُرُوجِ الدَّابَّةِ، وخُرُوجِ الدَّجَّالِ، ونُزولِ عِيسى بنِ مَرْيمَ -عليه السلام- مِنَ السَّماء، وخَرُوجِ يَأَجُوجَ ومأَجوج؛ (حَتَّىٰ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ * وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ).
وهي علاماتٌ تَتَقَدمُ الساعةَ بزمنٍ يَسِيْرٍ جِداً، فإذا وقَعَتْ هذه الأَشراطُ الكُبرى، قامتْ الساعةُ بَعدها مُباشَرَةً، وأَذِنَ اللهُ لهذا العَالمِ بالخرابْ، السماءُ تَتَشَقق، والأَرضُ تُدَك، والنجومُ تتناثَرْ، والبحارُ تُسَجَّر، والجبالُ تُسَيَّر، في أَصواتٍ مَهُوْلَة، وحالَةٍ مُفْزِعَة؛ (يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ).
وأَما الأَشْرَاطُ الصُغْرَى للساعةِ؛ فَهِيَ ما يَسْبِقُ الأَشْراطَ الكُبرى وهي مُقدماتُ لها، فَمِنها ما تَحققَ وُقُوْعُه، ومنها ما لَمْ يَقَعْ بعدُ، وهو -وأَيْمُ اللهِ- واقعٌ لا ريبَ فِيه.
والأشراطُ الصُّغرى للساعةِ كَثيرةٌ، تَكاثرتِ فيها النُّصوصُ عن النبيِ -صلى الله عليه- وسلم أَولُها، بِعْثة ُ النبيِ -صلى الله عليه وسلم- قال عليه الصلاةُ والسلامُ: «بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ»، وَضَمَّ السَّبَّابَةَ وَالْوُسْطَى،(رواه مسلم).
ومِن الأشراطِ الصُّغرى للساعةِ، ما جاءَ في حَدِيْثِ جِبريلَ المشهورِ؛ قالَ جبريلُ لرسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-: فأخبرني عَنِ السَّاعَةِ؟ قَالَ «مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ» قَالَ فأخبرني عَنْ أَمَارَتِهَا، -أي علاماتها- قَالَ: «أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ في الْبُنْيَانِ»(رواه مسلم)؛ قال ابن حجر -رحمه الله-: "ومعنى التطاوُلُ في البُنْيَانِ: أَنَّ كُلَّ مَنْ يَبني بَيْتاً يُريدُ أَنْ يَكُونَ ارتفاعُهُ أَعْلَى مِنَ ارتِفَاعِ الآخرِ، وَيُحْتَملُ أَنْ يَكُونَ المرادُ: المباهاةُ في الزِّيْنَةِ والزَّخْرَفَةِ أَو أَعَمُّ مِنْ ذلك، ثم قال رحمه الله: وَقَدْ وُجِدَ الكثيرُ مِنْ ذَلكَ وهو في ازدياد".
ومِنَ العلاماتِ الصغْرى للساعةِ، ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يُقْبَضَ العِلْمُ، وتَكْثُرَ الزَّلَازِلُ، ويَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وتَظْهَرَ الفِتَنُ، ويَكْثُرَ الهَرْجُ -وهو القَتْلُ القَتْلُ- حتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ المَالُ فَيَفِيضَ"(رواه البخاري ومسلم).
ومنها: ما جاءَ في حديثِ عوفِ بنِ مالكٍ -رضي الله عنه- أَن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: "اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ مَوْتِي، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ مُوتَانٌ -أي موتٌ كثيرٌ- يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الْغَنَمِ، ثمَّ اسْتِفَاضَةُ الْمَالِ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِئَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا، ثُمَّ فِتْنَةٌ لاَ يَبْقَى بَيْتٌ مِنَ الْعَرَبِ إِلاَّ دَخَلَتْهُ، ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الأَصْفَرِ فَيَغْدِرُونَ فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا"(رواه البخاري).
ومِنْ الأَشراطِ الصُّغْرَى للساعةِ، إِضَاعةُ الأَمانَة؛ قال أَعْرابيٌ يا رسول الله: مَتَى السَّاعَةُ؟ قال: "إذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ"؛ قال: كَيفَ إضَاعَتُهَا؟ قال: "إذَا وُسِّدَ الأَمْرُ إلى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ"(رواه البخاري).
ومِنْ الأَشراطِ الصُّغْرَى للسَّاعَةِ، عَدَمُ التَّوَرُّعِ عَنْ أَخْذِ المالِ الحَرَامِ، روى البخاري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لاَ يُبَالِي الْمَرْءُ بِمَا أَخَذَ الْمَالَ أَمِنْ حَلاَلٍ أَمْ مِنْ حَرَامٍ"(رواه البخاري).
ومِن العلاماتِ الصغرى للساعةِ، قتالُ المسلمينَ لليهودِ "حَتَّى يَخْتَبِئَ اليَهُودِيُّ مِنْ وَرَاء الحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الحَجَرُ وَالشَّجَرُ يَا مُسْلِمُ هذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي تَعَالَ فَاقْتُلْهُ؛ إلاَّ الغَرْقَدَ فإنَّهُ مِنْ شَجَرِ اليَهُودِ»(متفق عليه).
ولن تقومَ الساعةُ، حتى يكونَ في النساءِ تَبرجٌ وسفورٌ لم يُعهد مِنْ قَبلُ، وَيَظْهُرْنَ نِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ، مَائِلاتٌ مُمِيْلات، وَلَنْ تَقُوْمَ السَّاعةُ حَتى يَحْسِرَ نهرُ الفُرَاتِ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ يَقْتتلُ الناسُ عليه، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "فَمنْ أَدْركَهُ فَلا يأخذْ مِنْهُ شَيئاً"(متفق عليه)، (وَلِلّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
بارك الله لي ولكم،
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، وعنده مفاتحُ الغيب لا يعلمها إلا هو، أَحاطَ بِكُلِّ شيءٍ علماً، وهو الله لا إله إلا هو، وأشهدُ أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه إلى يوم الدين وسلم تسليما؛ أما بعد: فاتقوا الله -أيها المسلمون-؛ (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ).
عباد الله: ولَنْ تَقومَ الساعةُ حَتَّى "يُخَرِّبَ الكَعْبَةَ ذو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنَ الحبشةِ"(متفق عليه)، ولَنْ تَقُومَ الساعةُ حتى "تَعُوْدَ جَزِيْرَةُ العَرَبِ مُرُوجاً وأنهاراً"(رواه مسلم)، مُرُوْجاً خَضْراءَ فيها الزراعةُ والمياهُ جَارِية، و "لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ رَجُلٌ مِنْ قَحْطَانَ يَسُوقُ النَّاسَ بِعَصَاهُ"(متفق عليه)، ولنَ تَقُومَ السَّاعَةُ حَتَّى يتشبهَ كثيرٌ من المسلمينَ باليهود والنصارى في كثير من شؤونهم «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا فِي جُحْرِ ضَبٍّ لاَتَّبَعْتُمُوهُمْ»قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ آلْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قَالَ «فَمَنْ»(متفق عليه) آمنا بالله وبِرَسُوْلِه، آمنا بالله وبرسوله، آمنا بما جاءَ عن اللهِ وعن رَسُوْلِه.
أيها المسلمون: وإِنْ تَساءَلَ مُتَسَائِلٌ: أَيُّ فائدةٍ تُرجَى مِنْ مَعْرِفَةِ أَشْراطِ الساعةِ وأَماراتِها؟
فإِنَّ أَشْفَى جَوابٍ سَيُطَمْئِنُه: إِنَّ معرِفَةِ أَشْرَاطِ الساعةِ يُقَوِيّ الإِيمانَ باللهِ، ويُطَمْئِنُ القَلْبَ بِصِدْقِ مَوْعُودِ الله، فالمؤمنُ، يَرىَ صِدْقَ ما أَخبَرَ بِه اللهُ ورَسُولُهُ مَنْ عِلْمِ الغَيْبِ يَتَحَقق، فَيَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ ما أَخبَرَ بِه اللهُ ورَسُولُهُ مِنْ عِلْمِ الغَيْبِ واقِعٌ متَحَقِّقُ لا محالَة، فَيَعْظُمُ إِيمانُهُ باليَوْمِ الآخِرِ وبالحِسابِ والجزاءِ والجنةِ والنار، ويَعْظُمُ إِيمانُهُ بِرِسالَةِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم وأَنه لا يَنْطِقُ عَن الهوى إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى.
ومَنْ آمَن بِوعْدِ اللهِ استَعدَّ للقائِه؛ (مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
عباد الله: والأَشْرَاطُ الصُّغْرَى للسَّاعَةِ، كَثيرةٌ جِدّاً، فَمِنْهَا مَا هُوَ في غَايَةِ الذَّمِّ كاتِّبَاعِ سَننَ مَنْ كان قَبْلنا مِنَ اليهودِ والنصارى والتَّشَبُّهِ بِهِم، ومِنْهَا مَا هُوَ في غَايَةِ المدْحِ كَبِعْثَةِ النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومنها ما هو عُقُوْبةٌ، ومِنْهَا ما هُوَ ابْتِلاءٌ وامْتِحَان.
وتَفْسِيْرَ معاني بَعْضِ نُصُوصِ أَشْرَاطِ الساعَةِ، وتَنْزِيْلُها على بَعضَ الوَقائِعِ والأَحداثِ، مَزْلَقٌ خَطِيْرٌ، يَجِبُ أَنْ يُوكَلَ إِلى أَهلِ العِلْمِ الراسِخِين.
اللهم قَوِّ إيماننا، وثَبتْ قُلُوبنا، وأَحسِنْ خِتامنا،
التعليقات